logo

أرجوكم ساعدوني أخاف ان أكون قد كفرت


بتاريخ : الأحد ، 1 شعبان ، 1445 الموافق 11 فبراير 2024
أرجوكم ساعدوني أخاف ان أكون قد كفرت

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

 

أنا بنت عمري 20 سنة، مصابة بالوسواس القهري منذ فترة، أتاني في الكثير من الأشياء، وأحاول التغلب عليه لكن دون جدوى، المشكلة أنني عانيت كثيرًا من حديث النفس الداخلي بسب الله ورسوله، أكثر ما يحب أي مسلم على وجه هذه الأرض.
لا أدري أعقلي طار؟ لأنني أشك في كل كلمة أقولها، لا أتذكر أقلت أم لم أقل، المصيبة أنني أحاول أن أتذكر ولا أتذكر شيئًا .
هذا الصباح صدرت مني كلمة قبيحة لا أعرف هل نطقتها أم حدثت بها نفسي، وأحسست في داخلي أنني سببت بها الله تعالى، والعياذ بالله، المشكلة الآن أنني لا أتذكر هل نطقت بالسب علانية أم لا، في تلك اللحظة أحس أنني لست في وعيي، و أخاف أيضًا أن أكون قد سببت الرسول علانية، والعياذ بالله، وأكون قد صرت حلال الدم ويجب قتلي.
مع أنني عندما تأتيني هذه الحالة لا تكون عندي النية سابقًا في هذا، أكون عادية حتى تأتيني هاته الحالة، كلما سمعت أو قلت أو تذكرت كلمة قبيحة يحدث كل شيء بسرعة، ولا أستطيع استرجاع ما حصل لأرى ماذا اقترفت.
عندما تأتيني الحالة فجأة لا تكون لي القدرة على التأكد من شيء، وطبعًا نفسي تقول لي أنني فعلت.
ماذا لو حدثت ونطقت بالفعل؟  يا إلهي!!!! هل مرضي يكون عذرًا لي؟ أم أنني سأحاسب مثل أي انسان وأقتل؟
أخاف أن يكون قلبي مات، وأن تكون هاته الأشياء تصدر مني  أنا عن طيب خاطر، والعياذ بالله.

هذه هي حياتي الآن؛ خوف، وشك، وألم نفسي، وانعدام راحة، واحساس بالذنب، لا أريد أن تأتي علي أيام وأصير أنطق بهذا الذنب وأنا أعي بذلك، أخاف أخاف جدًا.

عافانا الله إيانا وإياكم.

 

الحمد لله.

الوسواس القهري نوع من المرض، ينبغي لمن أصيب به أن يتداوى بأمور:

-1 الفزع إلى الله تعالى واللجوء إليه، فإنه سبحانه يجيب المضطر إذا دعاه، ويكشف السوء، وليقل كما قال أيوب عليه السلام: {وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} [الأنبياء:83]، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ما أنزل الله عز وجل داءً إلا أنزل له دواءً، علمه من علمه، وجهله من جهله» [رواه أحمد (3727)، وحسنه الألباني في غاية المرام، برقم (292)].

فالدواء من عنده سبحانه، والشفاء بيده، فَأَلِحِّي على الله بالدعاء، واغتنمي أوقات السحر، فإن الله تعالى ينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول: «من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له» [رواه البخاري (6321)، ومسلم (758)].

-2 الإعراض عن الوسواس وما يدعو إليه، والانشغال عنه بالعبادة والطاعة ما أمكن، ولهذا أرشد النبي صلى الله عليه وسلم من يأتيه الوسواس بقوله: «فليستعذ بالله، ولينته» [رواه البخاري (3276)، ومسلم (134)].

فإذا جاءتكِ الرغبة في السب أو اللعن، فاستعيذي بالله من الشيطان الرجيم، وانشغلي بذكر الله تعالى وتسبيحه، أو ارفعي صوتكِ بالقرآن، أو الكلام مع صديقتكِ ونحو ذلك.

-3 الإكثار من ذكر الله تعالى، لا سيما الاستغفار، فإن الوسواس من الشيطان، أو له مدخل فيه، والشيطان إذا ذُكِر اللهُ تعالى خنس، وفر وأدبر، قال الله تعالى: {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [فصلت:36].

قال ابن ‏كثير رحمه الله في تفسيره: فأما شيطان الجن فإنه لا حيلة فيه إذا وسوس إلا الاستعاذة بخالقه الذي سلطه عليك، فإذا استعذت بالله والتجأت إليه كفه عنك ورد كيده، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة يقول: «أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، من همزه ونفخه ونفثه».اهـ.

وروى مسلم (2203) أن عثمان بن أبي العاص أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي وقراءتي يلبسها علي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ذاك شيطان يقال له خنزب، فإذا أحسسته فتعوذ بالله منه، واتفل على يسارك ثلاثًا»، قال: ففعلتُ ذلك فأذهبه الله عني.

وفي وصية يحيى عليه السلام لأصحابه: «وآمركم أن تذكروا الله، فإن مثل ذلك كمثل رجل خرج العدو في أثره سراعًا، حتى إذا أتى على حصن حصين فأحرز نفسه منهم، كذلك العبد لا يحرز نفسه من الشيطان إلا بذكر الله» [رواه الترمذي (2863)، وصححه الألباني في صحيح الترمذي].

-4 الذهاب إلى الطبيبة المسلمة الثقة؛ فإن هذا الوسواس نوع من المرض كما سبق، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «تداووا، فإن الله عز وجل لم يضع داءً إلا وضع له دواءً، غير داء واحد: الهَرَم» [رواه أحمد (17726)، وأبو داود (3855)، والترمذي (2038)، وابن ماجه (3436)، وصححه الألباني في صحيح أبي داود].

-5 أن تعلمي أن من ابتلي بهذا المرض فهو معذور فيما يتلفظ به؛ لعدم إرادته له، وكراهته له؛ بل هو مأجور مثاب، إن شاء الله، إذا صبر واحتسب، ومأجور على كراهته للوسوسة، وفراره منها؛ ولهذا لما جاء ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه: إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به، قال: «وقد وجدتموه؟!»، قالوا: نعم، قال: «ذاك صريح الإيمان» [رواه مسلم (132) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه].

قال النووي في شرح مسلم: «معناه: استعظامكم الكلام به هو صريح الإيمان, فإن استعظام هذا، وشدة الخوف منه ومن النطق به، فضلًا عن اعتقاده إنما يكون لمن استكمل الإيمان استكمالًا محققًا، وانتفت عنه الريبة والشكوك».اهـ.

نسأل الله لكِ الشفاء والعافية.

والله أعلم.