الاعتماد على النفس
لقد حثنا ديننا على علو الهمة، وعلى الاعتماد على النفس، ونهانا عن سفاسف الأمور وسقطاتها، وعن الاعتماد على الآخرين؛ لذا فقد نهى عن مسألة الناس وتكففهم، وحذر من ذلك وقبّحه، ورتّب عليه العقاب في الآخرة، فالمسألة إراقة لماء الوجه، وسكب لحياء النفس، وتذلل للعباد، وقد بين الشرع من تحل له المسألة، فإذا قضى حاجته فليستعفف.
من وسائل الفوز والنجاح للأفراد والجماعات في مقاصدها وغاياتها الاعتماد على النفس، وعدم الاتكال على الغير في قضاء المصالح.
فإن الاتكال كما قيل وسادة لينة يتطلبها من يميل إلى النعاس، وأي فرد أو شعب تربى تربية استقلالية إلا وتجد النصر حليفه، والظفر أليفه، في جميع ما يتجه إليه من الأعمال، فعاش حرًا شهمًا عزيزًا محترمًا في أعين الناس.
المقصود بالاعتماد على النفس:
إن المراد من الاعتماد على النفس، الذي شاع في الآونة الأخيرة بين الناس، ويلوح للعين في الكتب النفسية والتربوية دائمًا، هو أن يعتمد كل فرد في ضمان سعادته المادية والمعنوية على نفسه، ويستند إلى إرادته وعمله، فيقطع الأمل عن الجار والصديق وجميع الناس، ولا يلتجئ إلى أحد في ذلك.
الاعتماد على النفس عبارة عن أن يرى كل فرد نفسه مسئولًا عن أعماله، فيقوم بواجباته خير قيام، ويعلم أن مثابرته وجهده، ومواصلته واستمراريته، كل ذلك أساس نجاحه وتقدمه، وعلى العكس؛ فإن تسامحه وكسله ويأسه وتهاونه أساس شقائه وتعاسته.
إن الاعتماد على النفس، والاستناد الى الجهد الشخصي، والسعي وراء تحقيق السعادة المادية والمعنوية أسس استقلال الشخصية والحب عند الله والناس، وعلى العكس؛ فإن الاعتماد على الناس، والطفيلية، وانتظر العون والمساعدة من الآخرين أساس الحرمان المادي والمعنوي للشخص، ويسبب الذل والهوان عند الله، وفي أنظار الناس.
ما الاعتماد على النفس؟
أن يستيقن الإنسان أنه هو وحده مسئول عن أعماله وعن الواجبات الملقاة عليه، الدينية والدنيوية، وأن نجاحه في هذه الحياة مرتبط بأداء هذه الواجبات بنفسه لا بواسطة غيره(1).
إن الاعتماد على النفس درجة لا بد منها في سلم الرقي والنهوض والإصلاح، فإن الاعتماد على الغير في خدمة القضايا الهامة وتسيير دفة الإصلاح مظنة الخيبة والإخفاق، فإذا كسل الإنسان عن قضاء مصالحه، ووهن عن مباشرة شئونه بنفسه؛ فغيره أكسل وأوهن، ولا سيما في هذا العصر، عصر المادة وعباد المادة.
وما نجاح المسلمين في العصر الذهبي، عصر النبوة، إلا بعملهم بذلك المبدأ الإسلامي العالي {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} [النجم:39]، وما إخفاقهم الآن في مواقع كثيرة إلا بتركهم لذلك المبدأ واعتمادهم على غيرهم، الذي كان السبب في هلاكهم وخرابهم.
وهل خاب من خاب وخسر من خسر إلا بالوهن والفشل والاعتماد على الغير؟ ولا تكثر المصائب وتتوالى الهزائم إلا في الأوساط التي سادت فيها فكرة أصحاب الطرق، التي تعتمد في حياتها على الزيارات والنذور، وحلول أوان الجذاذ والحصاد، لا على السعي والعمل والإنتاج.
نشأ عن هذا المرض صفات ذميمة؛ كالطمع، وسقوط النفس، والخنوع للأشخاص والهياكل لا للمبادئ والقواعد، ينشأ عنها مد الرقاب للصفع، وموت الإحساس، وجهل ذاتية النفس، وتعطيل المواهب والاستعداد، وعلى قاعدة الاعتماد على النفس يجب أن يؤسس منهاج التعليم؛ بل يجب أن يشربها الأطفال مع اللبن حتى يشبوا على الهمة والعزة والشهامة، غير واهين ولا وكلين ولا معتمدين على الوظائف والمرتبات والحقوق والزيارات والنذور.
يحيا المعتمد على نفسه حياة عز واستقلال، سالمًا من كل إهانة واحتقار؛ كالنخلة باعتمادها على نفسها واستقامتها على جذعها، تعيش في مأمن من دوس الأقدام ونيل الحيوانات منها.
ويعيش المتكل على غيره معيشة ذل وصغار، حياته معلقة بخيط من رضاء سيده المعتمد على ظله؛ كشجرة العنب لا تنمو وتمتد أغصانها إلا بامتدادها على غيرها، واعتمادها على سواها، فإن حياتها تدوم ما دامت مستندة على غيرها، فحينما ينفصل عنها تصبح عرضة للجوائح ودوس الأقدام ونهبة الحيوانات.
إن الاعتماد على النفس لا ينافي التوكل على الله سبحانه لانفكاك جهتيهما، فإن الاعتماد على النفس فيما هو داخل ضمن الطوق البشرى؛ كاتخاذ الأسباب والاحتياطات اللازمة، التي هي داخلة ضمن قدرة المخلوق.
وأما التوكل على الله ففيما هو خارج عن طاقة البشر؛ كالحفظ من الآفات، ومنع الجوائح؛ كإنزال الأمطار، وإنبات الأرض، والتوفيق والتسديد والتأييد والنصر.
وترك اتخاذ الأسباب التي اقتضت سنته تعالى بارتباط المسببات بها، وترك اتخاذ الاحتياطات اللازمة، وكل ما هو من وظيفة المخلوق، بدعوى التوكل على الله في جلبها للإنسان وتمكينه منها إنما هو خور وسخافة وعبث مع الله سبحانه.
كما أنه لا يتنافى التعاون مع الخبير في المهمات ما دام يستشعر المرء من نفسه أنه يعتمد عليها في كل ماله وحده قدرة عليه بدون عسر أو حرج، وكذلك لا ينافي استشارة الغير واستمداد الرأي منه ما دام هو يُعْمِل فكره ورأيه.
وقد تسرب الغلط في معنى التوكل لكثير من الكسالى والعاجزين، فحملوه على معنى القعود عن العمل، وعدم اتخاذ الأسباب وإعداد المعدات اللازمة لمواجهة الطوارئ، مما هو داخل في طوق البشر، تبريرًا لميلهم إلى الدعة وإخلادهم إلى الراحة، وعدم كفاءتهم للقيام بالعظائم، ففشلوا بذلك العامة، وشلوا أعضاءها عن العمل، فعجزت عن إشادة المشاريع الكبيرة والمؤسسات العظيمة، ففشا فيها الفقر، وحاق بها الذل والمسكنة، واستثمر حالها هذه ذوو المطامع والغايات.
فظن أعداؤنا من هذه المظاهر البائسة العامة بين المسلمين أن الإسلام نفسه هو دين التواكل والكسل والقعود، فحكمت على الإسلام، ذلك الصراط المستقيم صراط الله، بما رأته وتراه من المسلمين غلطًا أو تغليطًا لإفساد الإسلام وتشويهه، وتزهيد الناس فيه، وترغيبهم في مدنيتها وحضارتها، حتى تبتلعهم وتهضمهم، فكانوا لها حجة على الإسلام في الشرق والغرب(2).
الشعور بالمسئولية:
إن الشعور بالمسئولية والاعتماد على النفس أحد الأركان المهمة لسعادة الفرد والمجتمع، إن الانتصارات العظيمة، التي أحرزها الرجال الأفذاذ في العالم، والترقيات العلمية والاجتماعية والاقتصادية التي حصلوا عليها، مدينة إلى وعي المسئولية الفردية من قِبَلهم، وما يستتبع ذلك من نشاط دائب وجهد متواصل.
إن الانتصارات العلمية إنما تنال الأشخاص الذين يطمئنون إلى أنفسهم بالمواصلة والسهر والجد والجهد، والطالب الذي لم يدرس جيدًا، ولم يجهد نفسه بالمقدار الكافي، ثم يدخل قاعة الامتحان معتمدًا على الآخرين، ومستندًا على مساعدة المصحّح، وتسامح المراقب لا ينال المدارج العلمية الراقية.
وهكذا، فالتقدم الاقتصادي يكون من حصة أولئك الذين يعتمدون على جهودهم فقط، ولا يتوقعون المساعدة من أحد، إن من يفقد الاعتماد على النفس ويكون عالة على غيره، ويرتزق من حصيلة غيره لا يستطيع أن ينال التقدم الاقتصادي مطلقًا.
الاعتماد على النفس أساس كل تقدم وترقٍ، فإن اتصف أكثر أفراد الشعب بهذه الفضيلة كان ذلك الشعب قويًا وعظيمًا، وكان السرّ في ارتقائه وتقدمه وقدرته هو تلك الخصلة فقط؛ لأنّه في هذه الصورة يكون عزم الإنسان قويًا، وفي صورة الاعتماد على الآخرين ضعيفًا.
المسئولية الفردية:
إن هذا الدين يعلمنا الاعتماد على النفس؛ لأن المسئولية يوم القيامة فردية، وسيقف كل إنسان وحده يسأل عما اقترفته يداه، ولا يسأل أحد سواه عن أعماله التي قام بها، وتجرى محاورات كثيرة يوم القيامة بين من يلقون المسئولية على غيرهم، في ظل الهم بالرغم من الحرية التي منحها الله لهم في الاختيار، وبين من عرضوا عليهم الضلال، ومن هذه الحوارات ما ذكره الله تعالى في سورة سبأ، بقوله تعالى عنهم: { وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ الْقَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلَا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ (31) قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ الْهُدَى بَعْدَ إِذْ جَاءَكُمْ بَلْ كُنْتُمْ مُجْرِمِينَ (32)} [سبأ:31-32].
ربما ظن أولئك الفاشلون أنهم يستطيعون النجاة من العذاب بإلقاء المسئولية على الذين اتبعوهم، كعادتهم في الدنيا بالتهرب الدائم من تحمل المسئولية، ولكن المستكبرين يذكرونهم بحقيقة الحرية التي منحها الله لهم، وتخليهم عن تلك الحرية.
كل نفس بما كسبت رهينة:
يقول تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ} [المدثر:38]، يقول الإمام ابن جرير الطبري في تفسيره: «كل نفس رهن بكسبها عند الله غير مفكوك»(3).
يقول سيد قطب معلقًا: «فكل فرد يحمل هم نفسه وتبعتها، ويضع نفسه حيث شاء أن يضعها، يتقدم بها أو يتأخر، ويكرمها أو يهينها، فهي رهينة بما تكسب، مقيدة بما تفعل، وقد بين الله للنفوس طريقه لتسلك إليه على بصيرة»(4).
الاعتماد على النفس فطرة:
إن من طبيعة الطفل في بداية عمره وفطرته التي فطره الله عليها الاعتماد على النفس، وهذا ليس في الطفل من بني آدم؛ بل في كل الصغار من بقية المخلوقات، فأنت تشاهد تكالب الطفل على الأكل بيده دون مساعدة أبويه، ورفضه التناول من أيدي الآخرين، ولكن البيئة التي حوله هي التي تقتل فيه هذه الفطرة، فيتعود على هذا النمط من الاعتمادية في حياته حتى البلوغ، ويكون بعد ذلك أحد الملايين الذين يعتمدون على غيرهم، فيتعثرون في حياتهم، ويكون الفشل هو الملازم لهم على الدوام.
إن النجاح في هذه الحياة له سنن، ومن أبرزها الاعتماد على النفس؛ ولذلك لا ترى ناجحًا إلا وتكون صفة الاعتماد على النفس بارزة فيه.
تجربة عملية:
كتب أحد العلماء تجربة فريدة، حيث رأى حشرة في شرنقتها تحاول تمزيق الشرنقة، فمد يده لمساعدتها على تمزيق الشرنقة، فما كان منها إلا أن ماتت عندما خرجت منها، وكأن حركات أيديها وأرجلها لتمزيق الشرنقة هي القوة التي تحتاجها لتبدأ حياتها بقوة على هذه الأرض.
ولئن ماتت هذه الحشرة بسبب مد يد العون لها في عملٍ, كان من المفروض أن تقوم هي به، فإن أطفالنا تموت فيهم الهمم والإبداع والتألق والتميز والانطلاق عندما نقوم عنهم بما يفترض أن يقوموا هم به.
إن الآباء والأمهات الذين يدركون أهمية الاعتماد على النفس يتركون مساحة كبيرة لأبنائهم منذ السنين الأولى من حياتهم، للاعتماد على النفس في كل شيء، مع شيء من المراقبة والمتابعة والنصح والإرشاد ليقوى عودهم.
ما حك جلدك مثل ظفرك:
إنه من أفضل الأمثلة العربية على الإطلاق؛ لأنه أحد الأسس البارزة للنجاح في هذه الحياة، وهو أحد السمات الرئيسة للناجحين.
ويعني: أنه لا يمكن لأحد أن يقوم بعملك مثلما تريد إلا نفسك.
ومهما كانت النتيجة رائعة للعمل الذي قام به الغير، تبقى من غير طعم، وليس بها ذلك الطعم الخاص الذي ينتج عن عمل الإنسان بنفسه، وإن كانت النتيجة ليست على ما يرام، ولكنه الافتخار والفرح بالإحساس بالقدرة على فعل الشيء(5).
والفطرة تدلنا بالوجدان الذي هو أقوى البراهين أننا نعمل باختيارنا، والاختبار والاستقراء الصحيحان يثبتان لنا أن سعادة الإنسان في أفراده ومجموعه نتيجة أعماله، وأن شقاءه من آثار كسبه، وأنه متى استوفى الأسباب الطبيعية، لأمر من الأمور، بلغه وأدركه، وأنه لا يخيب أمله ويخفق سعيه إلا لأسباب أخرى تحول بين المبدأ والغاية، وأنه قلما تتعاصى هذه الأسباب الحائلة عن قدرة الإنسان.
وجاء الإسلام موافقًا للفطرة، فصرح كتابه الحكيم بقوله: {وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُم} [الشورى:30]، وبقوله: {وَأَن لَّيْسَ لِلإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى (39) وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى (40)} [النجم:39-40]، وبقوله: {مَن يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} [النساء:123] الآية، والآيات والأحاديث في هذا المعنى كثيرة، وأكثرها عام لأعمال الدنيا وأعمال الآخرة.
وأما قوله تعالى: {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللهِ وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ} [النساء:79]، وقوله تعالى: {قُلْ كُلٌّ مِّنْ عِندِ اللهِ} [النساء:78]، فلا ينافيان ما تقدم؛ لأن الثاني بيان لأن الله تعالى خالق كل شيء، وقد جاء ردًّا على الذين {وَإِن تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِندِ اللهِ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِندِك} [النساء:78]، وهم اليهود، وكانوا يقولون ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، ومعنى: {مِنْ عِندِك} [النساء:78]، بشؤمك علينا، فنفى القرآن اعتقاد الشؤم، وأثبت أن الأشياء إذا أضيفت إلى غير أسبابها الظاهرة فلا تضاف إلا إلى خالق الأكوان، الذي يرجع إليه الأمر كله، وأما الأولى فمعناها أن جميع ما خلقه الله تعالى للإنسان، من الحسنات والنعم، فهو فضل منه وإحسان، لا في مقابلة عبادتهم له؛ لأن العبادة لا تنفعه، وعدمها لا يضره، ومهما بلغ العبد من العبادة فلا يكافئ نعمة الوجود، فكيف يقتضي غيره؟
وأن جميع ما يصيبه من السيئات فهو من نفسه؛ لأن الله تعالى بيّن له أسبابها بما هداه إليه من سنن الكون وأحكام الشرع، التي تؤدب النفس وتقف بها عند حدود الاعتدال في الأعمال والمعاملات كلها، فمن استرشد بسنن الكون، ووقف عند حدود الشرع لا يضل ولا يشقى، ومن أعرض عن ذكر الله المبين لها فإن له معيشة ضنكًا في هذه الحياة الدنيا، ولَعذابُ الآخرة أشد وأبقى.
إذا علمنا هذا، فعلينا أن نرجع على أنفسنا بالتعنيف، وننحّي عليها بالعذل والتوبيخ، ونطالبها بجميع ما نزل بنا من البلاء، وحل في أمتنا من الأرزاء، لا أن نعتب الأقدار، ونحيل على الأغيار؛ فإن الله تعالى ما ظلمنا ولكن ظلمنا أنفسنا، أليس قد هدانا النجدين، وبيَّن لنا السبيلين، وجعل لنا السمع والأبصار والأفئدة لعلنا نشكره باستعمالها فيما خُلقت له.
ألم يخبرنا بأن لهذا الكون سننًا لا تتبدل ولا تتحول، فَلِمَ نُعرض عن مراعاتها؟! ألم نقرأ في كتابه: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكُ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ} [فصلت:46]، فعلامَ لا نعتمد على أنفسنا ونتكل، بعد الثقة بالله، على أعمالنا؟ ألم يأمرنا بالسير في الأرض والاعتبار بأحوال الأمم، وها نحن أولاء نشاهد الأمم النشيطة في الكسب، العظيمة الهمة، المعتمدة أفرادها على أنفسهم مع مراعاة نواميس الخليقة قد سادوا على العالم، واستخدموا الأمم، واستأثروا بالسلطان، وأصبح أضعف أفرادهم أكبر همة وأعز نفسًا من أعظم الأمراء والملوك(6).
***
_______________
(1) الاعتماد على النفس، موقع: مداد.
(2) دع الاتكال والنعاس، الاعتماد على الذات سر النجاح، موقع: محيط.
(3) تفسير القرطبي (19/ 86).
(4) في ظلال القرآن (6/ 3761).
(5) الاعتماد على النفس، موقع: مداد.
(6) الاعتماد على النفس، مجلة المنار، محرم 1317هـ.