logo

مفهوم الجدارة الإدارية


بتاريخ : السبت ، 6 شوّال ، 1435 الموافق 02 أغسطس 2014
بقلم : أحمد السيد كردي
مفهوم الجدارة الإدارية

أسلوب الجدارة هو مدخل حديث نسبيًا لإدارة الموارد البشرية، ارتبط مولده بحل مشكلة صادفتها وزارة الخارجية الأمريكية، تتعلق باختبارات القبول لشغل إحدى الوظائف الحساسة، كانت اختبارات القبول لشغل هذه الوظيفة، على دقة هذه الاختبارات وتعقيدها، غير كافية لعمل اختيارات صحيحة بين المتقدمين لشغل الوظيفة، حيث ثبت، بعد استخدامها لسنوات عديدة، عدم وجود علاقة بين نتائج اختبارات المتقدمين لشغل الوظيفة ومستوى الأداء الفعلي للناجحين منهم، بعد التعيين، في ميدان العمل.

 

 لذا، لجأت الخارجية الأمريكية إلى الخبير الإداري (ماك ماكيلاند) للمساعدة في حل المشكلة، التي تمت صياغتها على الصورة التالية: "إذا لم تكن تلك الاختبارات كافية للتعرف على ذوي الأداء الطيب قبل التعيين، فكيف يمكننا إذن أن نتعرف على ذلك؟".

 

طلب (ماك ماكيلاند) قائمتين بأسماء بعض شاغلي الوظيفة، على أن تقتصر القائمة الأولى على أسماء الموظفين المشهود لهم بالتفوق الفعلي، بغض النظر عن نتائجهم في اختبارات القبول، بينما تشتمل الثانية على أسماء ذوي الأداء المتدني فقط، ثم قام بعقد دراسة ميدانية بهدف التعرف على الخصائص المشتركة، التي يتمتع بها المتفوقون في العمل ولا يتمتع بها الآخرون.

 

وبذلك استنبط (ماكيلاند) قائمة الخصائص (الجدارات) التي تُميز المتفوقين عن الباقين، والتي أطلق عليها لاحقًا "نموذج الجدارة" لتلك الوظيفة، وقد توسعت الدراسات بعد ذلك في أساليب تبيّن الجدارات، وتطبيق "نماذج الجدارة" في إدارة الموارد البشرية، ومنها جهود فولي 1980، وبلانك 1982، وبويتزيز 1982، وزمك 1982، ومارلو ووينبرج 1985، ومكلاجان 1990، وكولويز بجسيك 1991، والطريف أن أكثرهم من علماء النفس والتربويين.

 

 

وهناك عدة تعريفات للجدارة الإدارية، منها ما يلي:

 

في مؤتمر عقد في جوهانسبرج عام 1995م، تم تعريف الجدارة الوظيفية بأنها: "مجموعة من السمات والمؤهلات الشخصية والعلمية والعملية، والتي تمكن الموظف من تحقيق معدلات أداء متميزة وقياسية، تفوق المعدلات العادية".

 

ويرى آخرون أن الجدارة الوظيفية تعني: "أداء العمل الصحيح، وبطريقة صحيحة، ومن قبل الشخص الصحيح".

 

ويرى كلًا من Fen & Tsue أن الجدارة الوظيفية هي: "القدرة على الأداء بكفاءة داخل بيئة العمل، وكذلك القدرة على الاستجابة للتحديات في نطاق بيئة العمل".

 

بينما أكد ماركوس على ثلاثة مداخل لتحديد الجدارة الوظيفية:

 

الأول: المدخل العلمي:

حيث إن الجدارة تستند أساسًا إلى تحليل وتوصيف الدور، وتكون نتائج هذا التحليل والتوصيف هو تحديد المهارات، والمعارف، والاتجاهات المطلوبة لأداء الدور، وتقيم هذه الجدارات بمعايير غالبًا ما تكون معايير سلوكية.

 

الثاني: المدخل النفسي:

حيث إن الجدارة تستند إلى مميزات الشخصية، بما تمتلكه من ذخيرة فنية وسلوكية، ودوافع ومعامل ذكاء، حيث تعتبر أفضل الوسائل لتوقع النجاح المهني.

 

الثالث: مدخل الأعمال:

حيث إن الجدارة ميزة تنافسية، فالأداء الأعلى هو الذي يحدد الجدارات الوظيفية.

 

أما (فرانك لاند) فيرى أن الجدارة هي: "مجموعة من السلوكيات المتعلمة والمكتسبة، والمطلوبة لأداء العمل في الأنشطة المختلفة".

 

ويرى (ربيعي) أن الجدارة الوظيفية هي: "مجموعة من المعارف والمهارات والقيم والاتجاهات والتي يمتلكها الموظف، والتي تتحد معًا لتشكيل سلوك معين، مطلوب لأداء مجموعة من المهام الوظيفية بكفاءة وفاعلية، ويعد تجديد المعارف، وتنمية المهارات، والتمسك بالقيم البناءة والاتجاهات الملائمة للتنظيم، من أساسيات تمتع الموظف بالجدارة الوظيفية بصفة مستمرة".

 

ويرى (كردي) أن الجدارة الإدارية هي: "مجموعة من العوامل الإيجابية تجعل الفرد المناسب جدير بالعمل في المكان المناسب، وهذه العوامل، منها شخصية ومنها مكتسبة بالخبرة العملية، لها تأثير مباشر وغير مباشر على كفاءة وفاعلية كلًا من العمل والعاملين والعملاء".

 

ويرى (أشتيوي) أنه بالمفهوم البسيط فإن مصطلح الجدارة يقترن بمصطلح الجدير، والجدير بالشيء هو من يستحقه، ومن يستحق الشيء يفترض أن يمتلك مقومات استحقاقه، فالجدير بجائزة معينة يفترض أن يكون ممتلكًا لمتطلبات الحصول على تلك الجائزة.

 

والجدارة عند الأفراد تأتي ضمن مفهوم التميز لفرد دون الآخرين، ولا يأتي ذلك التميز إلا اعتمادًا على الحصول على عناصر التميز، أي امتلاك القدرات والإمكانات التي لا يمتلكها الآخرون.

 

وفي ضوء هذا المفهوم حري بنا التركيز على عناصر المتميزين في منظمات الأعمال، والجديرين بنيل الأشياء التي لا يحق للآخرين نيلها، سواءً ماديًا أو معنويًا.

 

في ضوء ذلك يرى (أشتيوي) أن عامل الجدارة والتميز عند الأفراد له مجموعة من الخصائص، التي يجب أن تتوفر في الفرد الجدير، يمكن الإشارة إليها على النحو التالي:

 

أولًا: المعرفة:

هي تعبير عن كم المعارف التي يمتلكها الفرد في تخصص معين.

 

ثانيًا: الصفات الشخصية:

تمثل الخصائص الشخصية التي تميز الفرد عن غيره؛ مثل: سرعة البديهة، والذكاء، وبعد النظر، والكياسة، والقدرة على إدارة المواقف.

 

ثالثًا: الاتجاهات:

هي تعبير عن قناعات ومعتقدات الفرد التي تحكم وتضبط سلوكه.

 

رابعًا: المهارات:

قدرة الفرد على استغلال المعارف التي اكتسبها، وتوظيفها في الجانب التطبيقي العملي.

 

خامسًا: الدافعية:

تعبر عن مستوى القوة الداخلية التي تدفع الفرد باتجاه ممارسة سلوك معين.

 

جميع الخصائص المذكورة من شأنها أن تجعل الفرد مميزًا من بين الآخرين، اعتمادًا على مستوى اكتسابه لهذه الخصائص، والجدير ذكره بأن الشخص الجدير أو المميز بالشيء غالبًا ما يتجه نحو المستويات العليا في إدارة المنظمات، فالمستوى الإداري الذي يستحقه الفرد الجدير هو مستوى الإدارة الأعلى من المستوى الذي هو فيه، اعتمادًا على تميزه، وامتلاكه الخصائص والصفات التي لا يمتلكها الآخرون.

______________

المصدر:موقع: كنانة أونلاين.