كيف تنمي فكرة ابتكارية؟
كان هناك رجل ضخم الجثة مفتول العضلات، واجه ثعبانًا طوله ستون قدمًا وله أسنان، وعندما حاول الرجل العملاق الهرب، التف حوله الثعبان وقتله، وبعد حين واجه الثعبان طفلًا ذا عينين زائغتين، وعندما اقترب الثعبان
ليقتل الطفل، حملق الطفل في عيني الثعبان الكبيرتين معجبًا بهذا الكائن الضخم ذي الرأسين، وحين رأى الثعبان صورته منعكسة في عيني الطفل، أصابه الخوف وانكمش على نفسه وهرب.
ولذا؛ لا بد أن نحملق في عيني كل مخاوفنا من الإبداع والابتكار، وأن نتغلب على معوقات الابتكار المختلفة.
والمتأمل لتاريخ الحضارة الإنسانية يجد سجلًا حافلًا بقدرة الإنسان الابتكارية، كما أن الحضارة الإنسانية ما هي إلا نتيجة أفكار الإنسان الابتكارية، فمن العربة والحنطور إلى السيارة والطائرة النفاثة، ومن القطارات إلى الاتصالات اللاسلكية والتلفزيون، ومن قنديل الغاز إلى الإضاءة بالكهرباء والطاقة الشمسية، ومن التصوير الصامت إلى التصوير المتحرك والرسوم المتحركة، والألوان والطاقة الذرية، كل ذلك كان بلا شك نتيجة تفكير ابتكاري عميق.
ولذا؛ لا بد على جميع المستويات أن نوفر البيئة المناسبة لتشجيع الإبداع وليس قتله؛ لصقل القدرات الابتكارية، وليس وأدها في مهدها، ولا بد أيضًا كما يقول "فرانك برنس" أن: «نجرب خيارات جديدة ومبتكرة في حياتنا، فقوانا حقيقة تكمن في أعماقنا، وأفضل طريقة لمواجهة الخوف هي أن تحملق في عينيه، فعندما كنا أطفالًا صغارًا كنا مبدعين ومغامرين، كنا نلعب ونجرب ونتساءل، ونستخدم خيالنا بشكل عجيب، وعندما كبرنا تعلمنا أن نسير جميعًا على نفس الطريق، وتجاهلنا طريق التميز الذي لم يطرقه أحد، والقوى الخفية التي تظل كامنة في أعماقنا، ويمكن أن نحركها في أي لحظة لتدفعنا نحو النجاح».
"هيلين كيلر" والإبداع:
هل تعرف "هيلين كيلر"؟ إنها السيدة التي فقدت بصرها وسمعها؛ ومن ثم قدرتها على النطق، ولكنها أعلنت أنها ستكون رقمًا مهمًا في العالم، وستتغلب على كل الصعوبات، وفكرت خارج الصندوق، سألت "هيلين" صديقتها عما لاحظته أثناء مشيها، فأجابتها الصديقة: «لا شيء على وجه التحديد»، فقالت "هيلين": «لقد تعجبت؛ كيف يمكن للإنسان أن يمشي لمدة ساعة في الغابة، ولا يرى شيئًا يستحق الملاحظة، أنا المحرومة من نعمة البصر أجد مئات الأشياء هناك؛ التناسق الناعم لورق الشجر، القشرة الناعمة لشجرة البتولا الفضية، لحاء شجر الصنوبر الأشعث الخشن، أنا العمياء سوف أعطي نصيحة للمبصرين، استخدم عينيك كما لو كنت ستصبح أعمى في الغد».
هيئ نفسك للإبداع:
1.اسأل نفسك أسئلة ماذا يحدث لو؟ قل لنفسك: ماذا لو حدث كذا وكذا؟ وستكون النتيجة، كما يسميها رجال الإدارة، بالسيناريوهات المتوقعة، ولكنك تفعلها بشكل أكثر بساطة، ماذا يحدث لو تسلمنا الراتب كل يوم؟ ماذا يحدث لو تسلمنا إدارة الشركة لمدة يوم واحد كل أسبوع؟ ماذا لو أطلقت لعقلك العنان، وفكرت في الأمور وما بعدها، وأصبحت قادرًا على استبصار ما قد يحدث، وتُعِد تخيلًا وتصورًا في كيفية التعامل معه.
2. اسأل نفسك ثم أجب عن السؤال: لِمَ لم نكن نتصرف دائمًا بهذا الشكل؟ وهل نبدأ الآن في التصرف بهذا الشكل؟
3. اكتب بعض الجمل المؤكِدة للإبداع، مثل: أنا أثق بقدرتي الإبداعية على حل المشكلات، وحدسي يوقن بوجود الحل الإبداعي لهذا الموقف، ثم اقرأها عدة مرات.
4. مارس لعبة الكلمات المتقاطعة والألغاز التي تنشط المخ.
5. مارس رياضة المشي في الصباح الباكر، وتأمل الطبيعة من حولك.
6. استخدم الرسومات والأشكال التوضيحية، بدلًا من الكتابة، في كتابة موضوعاتك أو دروسك أو التزاماتك اليومية.
7. اقرأ ثلاثة أرباع رواية ما، ثم توقف عن القراءة وتخيل نهاية لتلك الرواية.
8. تخيل نفسك رئيسًا لمجلس إدارة لمدة يوم واحد.
9. قبل أن تقرر أي شيء قم بإعداد الخيارات المتاحة.
10. جرب واختبر الأشياء وشجع على التجربة.
11. تبادل عملك مع زميل آخر ليوم واحد فقط.
12. غامر بحل مكلف لمشكلة ما، ثم حاول تحديد إيجابيات هذا الحل.
13. اقرأ قصصًا ومواقف عن الإبداع والمبدعين.
14. خصص دفترًا لكتابة الأفكار، ودوِّن فيه الأفكار الإبداعية مهما كانت هذه الأفكار صغيرة.
15. فكر بالمقلوب؛ أي: اقلب ما تراه في حياتك حتى تأتي بفكرة جديدة؛ مثل: الطلاب يذهبون إلى المدرسة، وعندما تعكسه تقول: المدرسة تأتي إلى الطلاب، وهذا ما حدث من خلال الدراسة بالإنترنت والمراسلة وغيرها.
16. الحذف؛ بمعنى أن تحذف جزءًا أو خطوة واحدة من جهاز أو نظام إداري، وقد يكون هذا الجزء لا فائدة له.
17. الإبداع بالأحلام، تخيل أنك أصبحت مديرًا لوزارة التعليم مثلًا، ما الذي ستفعله؟، أو تخيل أننا نعيش تحت الماء، كيف ستكون حياتنا؟
18. استخدم استراتيجية زاوية النظر الأخرى، انظر إلى مشكلة ما بشكل مختلف، وأبدع حلًا لها من خلال النظر إليها بطريقة مختلفة.
19. كيف يمكن أن ننجز كذا؟ استخدم هذا السؤال لإيجاد العديد من البدائل والإجابات.
20. طور باستمرار، ولا تتوقف عن التطوير والتعديل في عمل أي شيء.
نصيحة قبل الختام:
وقبل الختام تأمل هذه النصيحة، التي يخبرنا بها الأستاذ محمد أحمد عبد الجواد: «أفسح لنفسك مكانًا، زاحم، قوِّ إرادتك، اشحذ عزيمتك، لا تنتظر دفعًا من غيرك، ارسم لك منهجًا، تخيل لنفسك مستقبلًا، تفكر وتأمل، وأعد اكتشاف ذاتك من جديد، وانظر للأشياء من حولك بغير العين التي كنت تبصرها بها من قبل».
____________________
أهم المراجع:
(1) كيف تنمي مهارات الابتكار والإبداع، محمد عبد الجواد.
(2) الإبداع في العمل، د. كارول جومان.
(3) الخروج من الصندوق، فرانك برنس.
(4) الإدارة، الأصول والأسس العملية، د. سيد الهواري.
المصدر:
موقع: مفكرة الإسلام.