logo

حياتك من صنع أفكارك


بتاريخ : الخميس ، 4 رمضان ، 1440 الموافق 09 مايو 2019
بقلم : مشعل عبد العزيز الفلاحي
حياتك من صنع أفكارك

صدقني "أنت مجرد تفكيرك".

لا أدري إلى هذه الساعة التي أكتب فيها هذه الأحرف لماذا دائمًا تضع نفسك في ساحة الاتهام والقصور؟ لماذا تحكم على نفسك بالتأخر؟ لماذا هذه الأفكار البائسة تظل تلاحقك، وتكتب حرمانك من الخطوات الرائعة التي تنتظرك؟! تفكيرك هو الذي صنع منك تلك الروح الراكدة عن الآمال، والراقدة على الأرض!

لقد ثبت، بما لا يدع مجالًا للشك، مقولة القائل: من الأمور الثابتة في الحياة أنك إذا لم ترضَ إلّا بالأفضل فسوف تحصل عليه، وتصوُّراتك عن نفسك هي التي تصنع الفرق.

وإذا لم تصدق ما أقول لك فإليك هذه القصة لأحد الناجحين.

استقل دراجته في يوم من الأيام على أحد الطرق السريعة، وبينما هو في غاية السرعة على الطريق أدار رأسه إلى جانب الطريق لمشهد لفت نظره هناك، وما لبث أن عاد بنظره إلى الطريق فإذا به أمام الحدث الهائل؛ شاحنة تقف في منتصف الطريق، فلم يجد بدًّا من الارتطام بها، ونتيجة لقوة الاصطدام فقد اشتعلت الدراجة على صاحبها، ولم يخرج من غيبوبته إلا وهو على سرير المستشفى، تغطي جسمه حروق مفزعة، ويعاني آلامًا مبرحة، وصعوبة في الحركة...، وظل يخضع لعلاج داخل المستشفى زمنًا طويلًا، خرج بعده إلى الحياة من جديد، خرج وأجزاء من جسده مشوهة.

ثمّ تكرر عليه المشهد مرة أخرى لكن بصورة أكبر؛ حيث تعرّض لحادث تحطّم طائرة كان أحد ركابها؛ فكانت النتيجة شللًا في الجزء الأسفل من جسده، ومع ذلك كله لم تفلح هذه الأحداث مجتمعة في أن تثني ذلك الرجل عن تصوره عن نفسه، وثقته في ذاته؛ فقد تحوّل بعد ذلك الحادث إلى صورة وصلت به هذه الثقة إلى أن رشّح نفسه لرئاسة بلاده، على الرغم من تشوه صورته بشكل ملفت للنظر، وكان شعار حملته الانتخابية "أرسلوني إلى عاصمة بلادي، ولن أكون مجرد وجه جميل هناك".

وصدق ذلك الرجل حين جعل من السرقة مهنة، وكان يعيش على أموال الناس وجهودهم، ولمّا قُبض عليه في لحظة من اللحظات سأله بعضهم: «من هو يا ترى ذلك الشخص الذي سرقت منه أكثر شيء؟»، فقال ذلك اللص جوابًا يُكتب بماء الذهب: «أكثر رجل سرقت منه هو نفسي، كان بمقدوري أن أكون رجل أعمال ناجح، وعضوًا مساهمًا في مجتمعي، ومع ذلك اخترت أن أكون لصًّا، وقضيت ثلثًا من حياتي كشخص راشد ناضج وراء القضبان».

صدقني؛ إن أعظم ما يقذف بك إلى المعالي هو صورتك عن ذاتك، العجيب أن هذه النفس لن تجد مشجِّعًا لها مثلك، ومع ذلك قد يشهد كثيرون أنك سبب في نجاحهم، وتفوقهم، وتميزهم، ونفسك كم كانت بحاجة إلى شيء من التشجيع والثقة لتحلّق في عالم الناجحين.

هب أنك مريض أم معاق أو ضعيف الذاكرة، أو حاولت مرارًا ففشلت، هب أنك مجموعة من الأخطاء المتكررة، ورغم كل ذلك فإنه يمكنك الآن، ومن هذه اللحظة بالذات، أن تغيّر تلك الإيحاءات السلبية، وتكتب من خلالها روائع من النجاح، قد قلت لك سابقًا: إنه لا يوجد ناجح على الأرض إلا وقد ذاق طعم الإخفاق، أو عاندته مشكلة حالت دون تحقيق النجاح مبكرًا، لكن في النهاية طَمَس معالمها، وداس على ذكرياتها، وحلّق مع الراحلين إلى المعالي، كل ما أريده منك، عبر هذه المساحة التي تقضيها معي في قراءة هذه الأسطر، أن تطمس كل ما يتسلل إلى عقلك من ذكريات الماضي المشين، وأن تبني في نفسك وفي فكرك أنك قادر على بناء مستقبلك بالصورة التي تريدها أنت، وبالطريقة التي تختارها.

أجبني بصدق: أليس بإمكانك الآن أن تضع زمنًا للقراءة والتعلّم؟! أليس بمقدورك الآن وفي هذه اللحظة أن تختار أخلاءك من الناجحين على وجه الأرض، وترتبط بهم ارتباط الراغب في المعالي؟! أليست الفرصة سانحة الآن لك أن تبدأ مشوارك نحو التميّز ببعض الوقت الذي تقضيه في أهم أهدافك؟!

هل ترى شيئًا ممّا سألتك مستحيلًا؟ إذًا فلماذا تنتظر؟! لماذا تُميت نفسك والحياة تبتهج لك؟ لماذا تطمس معالم تميزك وهي أوضح من الشمس في رابعة النهار؟!

لم يمنع عنترةَ سوادُه، ولم يحل ذلك بينه وبين بناء مجده، حين طمس كل المعالم التي يراها الناس عيبًا يُعيَّر به، فإذا به يجعلها مجدًا يفاخر به حين قال:

واخــــتر لنفسك منزلًا تعــــــــلو بـــــه       أو مت كريمًا تحت ظل القسطل

فالموت لا ينجــــيك مـــن آفــــاته       حصــــنٌ ولــــــو شيــــــدته بالجــــــــندل

مــوت الفــــتى في عزة خير له       من أن يبيت أسير طرف أكحل

إن كنت في عدد العبيد فهمتي       فـــــوق الـــثريا والســــماك الأعـــــزل

أو أنكرت فرسان عبس نسبتي       فسنان رمحي والحسام يقر لي

لا تسقــــــني مــــــاء الحـــياة بذلة       بل فاسقني بالعز كأس الحنظل

مــاء الحـــــــياة بــــــذلة كجهـــــــنم       وجهــــــنم بالعـــــــز أطــــيب مــــــــنزل

إن بإمكانك أن تبدأ، كيف؟ لا تسأل أحدًا، في البداية ابدأ، حاول، ألح على الله تعالى في أن يفتح عليك طريق السعادة والتوفيق، وحاول، ولا يضيرك كم هي محاولاتك، لأنني أراك أقرب ما تكون إلى النجاح بعد هذا القرار.

وبإمكانك بعد الشهر الأول، أو العام الأول، أن تهاتفني لتخبرني بمقدار الأفراح التي تخالج قلبك، واللذة التي تخامر عقلك، ولو عرفت هذه النتائج وذقتها لما وسعك إلا أن ترى الأفراح بين ناظريك!

- إضاءة:

بمجرد إيمانك بذاتك وثقتك بها ستصبح إنسانًا آخر!!

________________

المصدر: موقع مهارات النجاح للتنمية البشرية