logo

حكاية العم عادي بن عادي


بتاريخ : الخميس ، 8 جمادى الأول ، 1439 الموافق 25 يناير 2018
حكاية العم عادي بن عادي

وُلِد العم عادي بن عادي من أم وأب عاديين، وتربى تربية عادية في طفولته، ومر من خلال رحلته التعليمية بمراحل عدة، تخرج منها بتقدير عادي وترتيب عادي!

ودخل عادي بن عادي الجامعة، وتخصص تخصصًا عاديًا، وتخرج منها بتقدير عادي، ومعدل عادي، وترتيب عادي!

ثم توظف السيد عادي وظيفة عادية، وتزوج فتاة عادية، وأنجب أطفالًا عاديين، وبعد زمن ختم عادي بن عادي حياته، وتوفي بعد رحلة حياتية عادية، لا فرق فيها ولا فريد.

عاش على الهامش، واكتفى بأن يكون متفرجًا على مجريات الأحداث ولا يشارك في صنعها.

مات ولم يعرفه أحد، ولا يدعو له أحد، ولا يذكره أحد.

مات ولم يبادر أو يطمح، لم يحلم ولم يَتُقْ أو يتفوق.

غادر الحياة مثلما جاء إليها بخفي حنين؛ بل كان عالة على من حوله بامتياز.

فلا هو شارك في عمارة الأرض، ولا تبليغ الرسالة، ولا خدمة البشرية، ولا نصح الأمة، ولا دفع المجتمع إلى الأمام، ولم يسهم في بناءٍ أو عملٍ خلّاق أو مبدع أو منتج؛ حيث جاء ولم يعرف لِمَ جاء ورحل، ولا يعرف ماذا صنع وماذا أبدع أو اخترع.

هام على وجه في الأرض، وتخبط في حياته، وكان ردة فعل بدل أن يكون فعلًا.

كم منا، بكل أسف، يعيش حياة أخينا عادي بن عادي، هو سؤال كبير يحتاج منا إلى أجوبة تجعلنا نعرض عقولنا وسلوكنا وممارساتنا اليومية وتاريخنا الماضي على منصة الحكم، وعلى قلم الحقيقة ورقعة التاريخ.

كم منا مَن هو صفر فعال على يمين العدد، وكم من هو صفر على شمال العدد، بلا قيمة أو دور أو مضمون!!

كم منا يحلم حلمًا يريد أن يفني عمره كله في تحقيقه، أو قضية عظيمة يريد أن ينبري لها، أو رسالة سامية يريد أن يتفرغ لها، أو هَمًا أو هاجسًا عزم على خدمته أو الدفاع عنه، أو مشروعًا فكريًا أو تجاريًا أو علميًا أو سياسيًا أو اقتصاديًا أو اجتماعيًا أو إعلاميًا أو خيريًا أو تنمويًا أو نهضويًا يكون توأم روحه ورفيق دربه على الدوام، يفكر فيه في اليقظة، ويحلم به في المنام، ويعيش معه في كل دقيقة، لا يفارقه ما دام في الجسد روح وفي الجسم قلب ينبض.

كم منا عرف مواهبه فاستثمرها، وقدراته فسخرها، ومهاراته فطورها، ورؤيته للحياة فبلورها، وانطلق يشق طريقة إلى المجد والعلياء، يسابق الصقور في عنان السماء، ينتقل من قمة إلى قمة، ومن نجاح إلى نجاح، ومن سمو إلى خلود.

إنه عالم العبقريات، التي يوجد في كل منكم أطراف خيط منها، حيث نريد أن نتتبعه ونستمر في طريقه؛ حتى نصل إلى منصات التتويج ومراتع الرقي والتحضر والتميز.

الحياة وملعب كرة القدم:

الحياة هي أشبه بملعب كرة القدم، فيه الجمهور يملئون المدرجات، واللاعبون ينتشرون في الميدان بعد نهاية المباراة وخروج النتيجة، الناس لا تهتم والعامة لا تتكلم والصحافة والإعلام لا يكتبون إلا عن جهود اللاعبين، وماذا صنعوا في الملعب، ولمن آلت إليه النتيجة، ومَن نجم اللقاء وصانع الفرق، ولا يكتب شيء عن أفعال الجمهور الذي أكثر الحديث والصراخ، ولكن كل ذلك غير مهم في ميزان الفعل وردود الفعل، فاللاعبون في الميدان هم محط أنظار الجميع، وهم صانعوا النصر والفوز بكل جدارة واستحقاق.

فهل أنت لاعب مهم وحاسم في الميدان، أم أحد أفراد الجمهور الذي اكتفى بالمشاهدة من الخارج؟ إنها حياتك، والحياة قرار واختيار، فالأمجاد ليست أقوالًا أو شعارات؛ بل أفعال وسجالات.

فأنت من يصنع السعادة وأنت من يجلب التعاسة، قال تعالى: {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ} [المدثر:37].

فبادروا من الآن لتكونوا القادة الفاعلين، الذين يرسمون لوحتهم الحياتية الجميلة لذواتهم ولأوطانهم ولأمتهم، بريشة الفنان المبدع المرهف الإحساس، والمستشرف لمستقبل مشرق بإذن الله تعالى.

قال المتنبي:

لا تحسبنَّ المجد تمرًا أنت آكله       لن تبلغ المجد حتى تلعق الصبرا

تخلص من 5 أشياء حتى تكون فعالًا ومتوقدًا ومنتجًا:

- السطحية في التفكير، والاستهتار في العمل والحياة.

- التسويف في القرار والتنفيذ، والتقاعس في الإنتاج.

- غياب الأهداف والرؤيا والرسالة، وعدم تحديد خطة العمل ودستور الحياة.

- السلبية في التفكير، والتشاؤم من المستقبل.

- عدم تقدير فرصة الحياة وهبة العيش ومساحة التحرك.

واكتسب 5 أشياء لتكون منطلقًا ومؤثرًا:

- آمن بالله ثم بقدراتك العظيمة، فأنت أفضل مخلوق على البسيطة.

- خطط ثم نفذ ثم أتقن ثم صوب الأخطاء، واستفد من الهفوات ولا تتراجع.

- كن صاحب قضية أو مشروع هو من وحي أفكارك واهتماماتك، وانطلق به للآفاق.

- آمن بالعمل الجماعي، وتخلص من الفردية والاجتهادات الشخصية، وكن شوريًا في قراراتك.

لا تكثر من الأماني والتنظير؛ بل ادخل في دائرة الفعل مباشرة، وشمر عن ساعديك واصنع أنت الفرق في المعادلة.

محبرة الحكيم:

العظماء وحدهم من يؤمنون بالأفعال والمبادرات، والفاشلون هم من يكثرون الأقوال والأمنيات.

تأصيل:

قال تعالى عز في علاه، مقسمًا الناس إلى ثلاث فئات، فانظر إلى أي فئة تنتمي: {فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ} [فاطر:32].

موقع: مهارات النجاح للتنمية البشرية