logo

المواقع الإباحية


بتاريخ : الأحد ، 19 جمادى الآخر ، 1440 الموافق 24 فبراير 2019
بقلم : تيار الاصلاح
المواقع الإباحية

أنا شاب أبلغ من العمر تسع عشرة سنة، وكنت أمارس العادة السرية منذ أن بلغت، ولم أكن أعلم بحرمتها ولا مضارها إلا منذ زمن قريب، وبعد ذلك حاولت التخلص منها بشتى الوسائل، ولكن دون جدوى، فكرت في الزواج، ولكن حالتي المادية لم تسمح بذلك فأنا أمتلك القوة الجسمية أما المالية فلا.

بدأت أبحث عن المواقع الإباحية في الإنترنت، وكلما خرجت منها أو استخدمت العادة السرية بكيت ودعوت الله بالمغفرة، ولكن سرعان ما أرجع إليها في اليوم التالي، مستواي الدراسي انخفض، وآثار العادة بدأت تظهر علىَّ، وأملي فيك كبير بعد الله أن تخلصني من هذه المشكلة، وجزاك الله خيرًا.

أسئلة متكررة، وحالات محيرة، دبت فيها الأخلاق الفاسدة، وتمكنت منها الطباع السيئة، حتى أصبحت ضحية ناشري الفاحشة ومروجي الفجور.

كانت البداية شهوة فأصبحت عادة مالكة يقوم بها بلا لذة، فأصبح عبدًا لها، فهل يفعل العاقل ما يضره ولا ينفعه؟ كان يمارسها وهو ثائر تغالبه الشهوة، واليوم عادة تسيره فيمارسها فتدفعه إلى مثلها، وهكذا يدور في حلقة مفرغة.

انتشر العري والتهتك والإباحية، وألوان الشهوة التي لا يردعها خُلُق ولا حياء ولا دين، حتى غدت أجساد النساء أرخص سلعة، وأهون بضاعة، ولم تكد بيوت المسلمين تسلم من شررها ولا خطرها، فهي موجودة في التلفاز والإنترنت، وفي الشوارع والطرقات، وفي الكتب والصحف والمجلات والجوالات، تتنافس في قلة الحياء، وتتسابق إلى استحواذ قلوب الناس والتأثير فيها.

ولعل مِن أعظمها خطرًا وأشدها ضررًا مواقع الإنترنت الإباحية؛ لسهولة الوصول إليها، ولكثرتها وتنوعها وزيادة أعدادها المخيفة، مما ينبئ عن خطر عظيم يهدد البشرية كلها، حين تغدو الخطيئة ديدنها، وتضيع قيم الحياء والعقل والإيمان في أودية الفاحشة، فلتستعد حينئذ للعقاب الإلهي، أو للهلاك الكوني الذي تقضي به سنة الله لكل من انحرف عن الفطرة وأوغل في الطغيان.

يقول الله عز وجل: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [الروم:41].

قال أبو العالية: «من عصى الله في الأرض فقد أفسد في الأرض؛ لأن صلاح الأرض والسماء بالطاعة»(1).

كانت البداية بإطلاق العنان للبصر يتجول في الصور المحرمة والأجساد العارية، ونسي قول ربنا: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذلِكَ أَزْكى لَهُمْ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِما يَصْنَعُونَ} [النور:30].

وغض البصر من جانب الرجال أدب نفسي، ومحاولة للاستعلاء على الرغبة في الاطلاع على المحاسن والمفاتن في الوجوه والأجسام، كما أن فيه إغلاقًا للنافذة الأولى من نوافذ الفتنة والغواية، ومحاولة عملية للحيلولة دون وصول السهم المسموم! وحفظ الفرج هو الثمرة الطبيعية لغض البصر، أو هو الخطوة التالية لتحكيم الإرادة، ويقظة الرقابة، والاستعلاء على الرغبة في مراحلها الأولى، ومن ثم يجمع بينهما في آية واحدة بوصفهما سببًا ونتيجة، أو باعتبارهما خطوتين متواليتين في عالم الضمير وعالم الواقع، كلتاهما قريب من قريب(2).

قال شجاع الكرماني رحمه الله تعالى: «من عمَّر ظاهره باتباع السنة، وباطنه بدوام المراقبة، وغض بصره عن المحارم، وكف نفسه عن الشهوات وأكل من الحلال، لم تخطئ فراسته»، وكان شجاع لا تخطئ له فراسة، فإن الله سبحانه يجزي العبد من جنس عمله، فمن غض بصره عن المحارم عوضه الله سبحانه إطلاق نور بصيرته، فلما حبس بصره له تعالى، أطلق له بصيرته جزاء وفاقًا(3).

عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «اضمنوا لي ستًا من أنفسكم أضمن لكم الجنة، اصدقوا إذا حدثتم، وأوفوا إذا وعدتم، وأدوا إذا اؤتمنتم، واحفظوا فروجكم، وغضوا أبصاركم، وكفوا أيديكم»(4).

وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة :«على المسلم أن يغض بصره عن النظر في تلك المجلات الفاسدة؛ طاعة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم، وبعدًا عن الفتنة ومواقعها، وعلى الإنسان ألا يدعي العصمة لنفسه، فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، وقال الإمام أحمد رحمه الله تعالى: كم نظرة ألقت في قلب صاحبها البلاء»(5).

مع دخول عصر الإنترنت إلى المجتمعات كافة أصبح مفهوم الحريات ينتشر وبطريقة متسارعة، بحيث أصبح هذا المفهوم يغالط من يرغبون بفهمه، فكما انتشرت العديد من المواقع التي تتحدث بحرية في السياسة وتكشف الخبايا، أصبحت تنتشر مواقع أخرى تروج لكثير من المنتجات غير الأخلاقية، وغير المقبولة دينيًا،  فيكفي أن يدخل الشخص كلمة واحدة لتظهر له مئات المواقع، ويبدأ بتصفحها حسبما يرغب ويشاء، ودون رقيب أو حسيب،  وخاصة المواقع الإباحية (الجنسية)، وبالطبع فإن الغريزة البشرية تدفع الإنسان لتصفح هذه المواقع، ومن ثم الإكثار من تصفحها، حتى يتحول الأمر إلى الإدمان.

أسباب الإدمان على المواد الإباحية:

نحن لا ننكر وجود مشكلة إدمان الأفلام الإباحية قبل الثورة التكنولوجية التي يشهدها العالم الآن، ولكن لا بد أن نعترف أن إدمان الأفلام الإباحية كان سائدًا بين فئات عمرية معينة في مرحلة المراهقة، ولكن بصور مختلفة وبدائية بالمقارنة بما يحدث الآن، وكان ذلك يحدث بين فئة الشباب المراهقين كنوع من الفضول وحب استكشاف أسرار عالم الجنس، كما كانت الصور الجنسية إحدى الوسائل المحببة لدى الشباب للتنفيس عن الرغبات الجنسية، وقد كانت حينذاك لا تقل أهمية عن الأفلام الإباحية التي يشاهدها الشباب على شرائط الفيديو سرًا وفى غفلة عن الجميع، ومن الأسباب التي تدعوهم لمشاهدة تلك المواد الإباحية:

1- الفضول: تبدأ رحلة الإنسان مع هذه المواقع من الفضول، فهو يحاول استكشاف أشياء لا يستطيع رؤيتها في الواقع أولًا، أو لا يستطيع تجربتها في الواقع ثانيًا، وهذا الأمر ما يجعل إدمان هذه المواقع حاصلًا حتى في الدول التي تتمتع بالحرية الفردية والجنسية بصورة كبيرة، مساواة مع تلك المجتمعات التي تعاني من الكبت الجنسي، وبين المتزوجين والعزاب، فالإنسان يصاب بالملل من تكرار ذات الفعل في العادة، ويبحث عما لا يعرفه، بعد أن يلف الفضول هذا الإنسان بصورة كبيرة، يتحول الأمر إلى ما يشبه الإدمان، فهو يرغب بمشاهدة هذه المواقع دائمًا، وفي مختلف الأوقات، ولا يطيق أن يفترق عنها لفترات طويلة، ومما يزيد من إدمانه عليها البحث المتواصل عن مواقع جديدة، وأفكار إباحية جديدة، وهذا ما يفهمه أيضًا أصحاب هذه المواقع، والذين يسعون إلى تقديم كل ما هو جديد.

2- تَوَفُّر أوقات الفراغ: وهو من أهم الأسباب، فعندما لا يجد الإنسان ما يقوم به يوميًا، وتتوفر له الساعات دون عمل، ينزع إلى القيام بمثل هذه الأمور، والتي توفر له شيئين، توفر إشباع الغريزة الجنسية، ومن ثم القضاء على الوقت.

3- البحث عن المتعة الزائفة: وجود أشخاص أصبح نشر الأفلام الإباحية يمثل لهم متعة، ويقوم البعض منهم بتبادلها حتى بين الناس الذين لا تربطهم أي صلة بهم، وقد بينت إحصائية حديثة أنه في كل 39 ثانية يتم إنتاج فيلم إباحي في العالم، وفي كل شهر يتم سحب مليار ونصف مليار فيلم إباحي من الإنترنت؛ لأن مثل هذه الأفلام مربحة، والطلب عليها يزداد بشكل كبير.

4- الهروب من المشاكل والأزمات، فتجده حين تكثر عليه المشاكل في العمل أو حين يحس بحزن وغضب يتوجه إلى المواقع الإباحية كوسيلة لتخفيف الضغوطات عليه ولا يدري أنه يزيد بهذا الأمر سوءًا، وهذه الحالة هي نفسها في كثير من حالات الإدمان، فمدمن المخدرات والقمار أو حتى الطعام ما أن يحزنه أمر حتى يتوجه إلى المادة التي يدمنها ليخفف عن نفسه.

5- سهولة الوصول إليها: فتوافر الإنترنت في كل بيت تقريبًا، وسهولة الوصول إلى تلك المواد، حتى التي يتم نشرها في مواقع محظورة، وذلك بعد توفير الكثير من البرامج التي تلغي الحظر على تلك المواقع، وتجعل محتواها متاحًا للجميع بشكل مجاني وفي أي وقت(6).

أضرار المواقع الإباحية:

قال ابن القيم رحمه الله: «مفاسد العشق [يعني المحرم طبعًا] من وجوه:

أحدها: الاشتغال بذكر المخلوق وحبه عن حب الرب تعالى وذكره، فلا يجتمع في القلب هذا وهذا إلا ويقهر أحدهما صاحبه، ويكون السلطان والغلبة له .

الثاني: عذاب قلبه بمعشوقه، فإن من أحب شيئًا غير الله عذب به ولا بد، كما قيل:

فما في الأرض أشقى من محب       وإن وجد الهوى حلو المذاق

تــــــــــراه باكــــــــــــــــــيًا في كـــــــــل وقـــــت       مخـــــــــــــافة فرقــــة أو لاشتياق

فيبـــــــكي إن نـــأى شــــــــــــوقًا إليــهـــم       ويبكي إن دنوا خوف الفـراق

فتســـــــــــــخن عـــــــــــينه عــــند التنائي       وتســـخن عيـــــنه عنـــد التلاق

الثالث: أن العاشق قلبه أسير في قبضة معشوقه يسومه الهوان، ولكن لسكرة العشق لا يشعر بمصابه، فقلبه كالعصفورة في كف الطفل؛ يسومها حياض الردى، والطفل يلهو ويلعب، فيعيش العاشق عيش الأسير الموثق، ويعيش الْخَلِيِّ عيش الْمُسَيَّب الْمُطْلَق.

طليق بــرأي العـــــين وهـــــــــــو أســــــــير       عليل على قطب الهلاك يدور

وميت يرى في صورة الحي غاديًا       ولــيس له حتى النــــــشور نشور

أخــــــــو غـــــــــمرات ضاع فيــهن قلبه       فليس له حتى الممات حضور

الرابع: أنه يشتغل به عن مصالح دينه ودنياه، فليس شيء أضيع لمصالح الدين والدنيا من العشق، أما مصالح الدين فإنها منوطة بلم شعث القلب وإقباله على الله، وعشق الصور أعظم شيء تشعيثًا وتشتيتًا له.

وأما مصالح الدنيا فهي تابعة في الحقيقة لمصالح الدين، فمن انفرطت عليه مصالح دينه وضاعت عليه فمصالح دنياه أضيع وأضيع.

الخامس: أن آفات الدنيا والآخرة أسرع إلى العشاق من النار في يابس الحطب، وسبب ذلك أن القلب كلما قَرُب من العشق وقوي اتصاله به بَعُد من الله، فأبعد القلوب من الله قلوب عشاق الصور، وإذا بعد القلب من الله طرقته الآفات، وتولاه الشيطان من كل ناحية، ولم يدع أذى يمكنه إيصاله إليه إلا أوصله، فما الظن من قلب تمكن منه عدوه، وأحرص الخلق على عيبه وفساده وبعده من وليه، ومن لا سعادة له ولا فلاح ولا سرور إلا بقربه وولايته.

السادس: أنه إذا تمكن من القلب واستحكم وقوي سلطانه أفسد الذهن وأحدث الوساوس، وربما التحق صاحبه بالمجانين الذين فسدت عقولهم فلا ينتفعون به، وأخبار العشاق في ذلك موجودة في مواضعها؛ بل بعضها يشاهد بالعيان، وأشرف ما في الإنسان عقله، وبه يتميز عن سائر الحيوانات، فإذا عدم عقله التحق بالبهائم؛ بل ربما كان حال الحيوان أصلح من حاله، وهل أذهب عقل مجنون ليلى وأضرابه إلا العشق، وربما زاد جنونه على جنون غيره كما قيل:

قالوا جننت بمن تهوى فقلت لهم       العشق أعظم مما بالمجانين

العشق لا يستفيق الدهر صاحبه       وإنما يصرع المجنـون بالحين

السابع: أنه ربما أفسد الحواس أو نقصها، إما فسادًا معنويًا أو صوريًا، أما الفساد المعنوي فهو تابع لفساد القلب، فإن القلب إذا فسد فسدت العين والأذن واللسان، فيرى القبيح حسنًا منه ومن معشوقه.

والداخل في الشيء لا يرى عيوبه، والخارج منه الذي لم يدخل فيه لا يرى عيوبه، ولا يرى عيوبه إلا من دخل فيه ثم خرج منه.

ولهذا كان الصحابة الذين دخلوا في الإسلام بعد الكفر خير من الذين ولدوا في الإسلام، قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: «إنما تُنقض عرى الإسلام عروة عروة إذا ولد في الإسلام من لا يعرف الجاهلية»، وأما فساده للحواس ظاهرًا فإنه يُمْرِضُ البدن وينهكه، وربما أدى إلى تلفه كما هو المعروف في أخبار من قتله العشق» .

ثم ذكر أن العشق يترقى من حال إلى أسوء، كما قيل:

الحـــــــــب أول ما يكـــــــــون لجاجـــــــــة       يأتي بهــــــــا وتسوقـه الأقدار

حتى إذا خاض الفتى لجج الهوى       جاءت أمور لا تطاق كبار

والعشق مباديه سهلة حلوة، وأوسطه هم وشغل قلب وسقم، وآخره عطب وقتل، إن لم يتداركه عناية من الله، كما قيل:

وعش خاليًا فالحب أوله عنا       وأوسطه سقم وآخره قتل(7)

أضرار مشاهدة المواقع الإباحية:

1- الوصول لحالة الإدمان: بحيث تصبح المشاهدة ركنًا مهمًا في الجدول اليومي، وتزداد الرغبة الجنسية عند الشخص حتى تصبح تهديدًا أكبر لحياته كلها، كما شبهها أحد العلماء بمن يشرب ماء مالحًا بسبب عطشه فيزداد العطش، وكلما شرب كلما زادت حاجته للماء.

2- الرغبة في التفريغ الجنسي على أي صورة: فيكون ذلك من خلال العادة السرية، وهي بالغة الضرر على الصحة والحالة النفسية، وربما وصل الأمر إلى الزنا إن هيئت السبل إليه.

3- تضييع أوقات ضخمة: فالجلوس لهذه المشاهدة يسحب وقتًا كبيرًا، فيبدأ بمشاهدة صورة أو فيلم ثم تزداد المشاهدة تدريجيًا، والأخطر من إهدار الوقت ملء العقل بعدد ضخم من الملفات والمستندات الضارة، كمن يضع على جهازه ملفات مليئة بالفيروسات، وهنا ضرران كبيران لم يكونا في الحسبان.

4- إهدار الصحة والجهد: وذلك بسبب كثرة السهر، وفقد الكثير من الطاقة، والتسليم لشبح الجنس؛ مما يطبع على شخصية الفرد ويؤدي إلى ذبوله ونزول كفاءته الصحية والاجتماعية تدريجيًا.

5- تكوين أفكار خاطئة عن الجنس: مما يؤدي إلى عدم القدرة على الممارسة الزوجية السليمة أو عدم الرضا بالزوجة، فالأفلام والصور التي تمتلئ بها المواقع الجنسية إما مبالغ فيها، فهي تمثيل لا يتطابق مع الواقع، أو تحمل ممارسات شاذة وغريبة؛ ويظن مشاهد المواقع الإباحية أن مشكلته ستنتهي بالزواج، ليصحو على الواقع الأكثر ألمًا، وهو بداية مشكلة أكثر خطورة.

6- الانصراف عن القيم الإيجابية وتضاؤلها أمام الجنس: كالعلم والطهر والعمل والإنجاز و... إلخ؛ فيهمل العلم لانشغال ذهنه بأمور أخرى، وتنحدر أخلاقه، وتقل إنتاجيته، ويصبح عالة على مجتمعه لا يسهم في تقدمه؛ بل هو مجرد مستهلك للجنس، وإن حاول ألا يكون كذلك فإن معنى هذا أنه قادر على أن يكون أكثر فاعلية وأطهر لو لم يغزه فيروس الجنس الخطير.

7- تدهور العلاقات الاجتماعية: بسبب الانعزال والوحدة وانشغال التفكير الدائم، وهذا يجعل موقفه غريبًا أمام القريبين منه، الذين يلاحظون تغير شخصيته وأدائه.

8- الترجمة اللاشعورية لكل شيء ليئول في النهاية للمعنى الجنسي: فقد ينظر إلى زميلاته نظرة جنسية، وربما إخوته!!، وربما أمه!!، فدعوات جنس المحارم أو الثورة الجنسية تملأ هذه المواقع، وتغير في العقل الباطن والخلفيات لتجعله يقبل أشياء لم يكن يتخيلها قبل ذلك.

9- إهمال الصلاة وانفراط منظومة القيم الدينية واحدة تلو الأخرى: هذا له ارتباط بحاجته إلى التطهر بشكل دائم، وهو أمر شاق، وإهمال الصلاة بداية لإهمال أشياء أخرى.

10- احتقار الذات: للإحساس الدائم بالسرقة والهرب من مواجهة الآخرين، مع شناعة الفعل، والشعور بالتأنيب الدائم قد يجر إلى شعور آخر، وهو فقدان الأمل في النفس، وإلف الذنوب.

11- سقوط الشخص من نظر الآخرين في حالة افتضاح أمره: وهذا تهديد يلاحق من ستر الله عليه مرات ومرات فلم يتغير.

12- اقتراف الكثير من الذنوب: فكل الأضرار السابقة أضرار صحية ونفسية واجتماعية، بينما الضرر في الدين أكبر من كل ذلك، وأكبر من مجرد اقتراف الذنب عدم الانتباه لعين الله التي ترى المذنب، وكما يقال: لا تجعل الله أهون الناظرين إليك.

13- الوقوع في خطر سوء الخاتمة: فماذا يفعل من يموت على هذه الحالة، إن سوء الخاتمة يكون عقابًا من الله لمن لم يتب وقد أتيحت له الفرصة مرات كثيرة فلم يغتنمها، ولن تجدي في هذه الحالة متعة ساعة يقضيها الشخص أمام موقع جنسي؛ بل تكون حسرة الدنيا والأخرة.

قصة لعبد الحق الإشبيلي رحمه الله قال: «إن رجلًا كان واقفًا على باب داره، وكان بابها يشبه باب حمام مجاور له، فمرت به جارية لها منظر، وهي تقول: أين الطريق إلى حمام منجاب؟

فقال لها: هذا حمام منجاب، وأشار إلى داره، فدخلت الدار، فدخل وراءها، فلما رأت نفسها معه في داره وليست بحمام علمت أنه خدعها، فأظهرت له البشر والفرح باجتماعها معه على تلك الخلوة في تلك الدار، وقالت له: يصلح أن يكون عندنا ما يطيب به عيشنا وتقر به عيوننا.

فقال لها: الساعة آتيك بكل ما تريدين وبكل ما تشتهين، وخرج فتركها في الدار، ولم يغلقها، وتركها مفتوحة على حالها ومضى.

فأخذ ما يصلح لهما ورجع، ودخل الدار فوجدها قد خرجت وذهبت، ولم يجد لها أثرًا، فهام الرجل بها، وأكثر الذكر لها، والجزع عليها، وجعل يمشي في الطرق والأزقة وهو يقول :

يا رب قائلة يومًا وقد تعبت       أين الطريق إلى حمام منجاب

وبعد أشهر مر في بعض الأزقة وهو ينشد هذا البيت، وإذا بجارية تجاوبه من طاق وهي تقول:

هلا جعلت لها إذ ظفرت بها       حرزًا على الدار أو قــفلًا على الباب؟

فزاد هيمانه، واشتد هيجانه، ولم يزل كذلك حتى كان من أمره أنه لما نزل به الموت وجاءت ساعة احتضاره، فقيل له قل: لا إله إلا الله، فلا يستطيع، إنما جعل يقول: أين الطريق إلى حمام منجاب»(8)؟

هذه أغلب الأضرار الناجمة عن مشاهدة المواقع الجنسية، وهي ليست أضرارًا هينة، والوقوف على هذه الأضرار والاستحضار الدائم لها مدخل مهم للتوقف عن المشاهدة .

لقد أثبتت الدراسات النفسية أن من يشاهدون الأفلام الإباحية تتأثر نظرتهم للعلاقة الجسدية، ولا يحصلون على الإشباع الذي يحصل عليه من لا يشاهدون هذه الأفلام.

ويحصل هذا مع الكثير من الشباب الذين أدمنوا الأفلام الإباحية، ومعها العادة المحرمة، ففي الأيام الأولى من الزواج يفاجأ الشاب بأنه، وبعد أن أصبحت عنده امرأة في الحلال، لا يجد الرغبة والاستمتاع الذي كان يتوقعه.

هنالك العديد من الحوادث التي أثبتت أن الإباحية المصورة قد تغير في سلوك المتلقي، وتدفعه أحيانًا إلى العنف الجنسي أو الشذوذ الجنسي أو الاغتصاب أو العزلة أحيانًا، ومن الشائع تسمية هؤلاء باسم (ضحايا الفكر الجنسي)، لا يوجد سبب واضح لهذه الحالة سوى سهولة الوصول إلى تلك المصادر في الوقت الحالي، وخصوصًا عن طريق الإنترنت.

توضح هذه المقارنة، جنبًا إلى جنب، الفرق بين إدمان المواد المخدرة وإدمان المواد الإباحية، حيث أظهر العلم الحديث أن ردة فعل الدماغ والجسم عندما يصير شخص ما مدمنًا على الإباحية هي مشابهة، إلى حدٍ كبير، لردة فعل الجسم للإدمان على المخدرات.

إدمان المخدرات

إدمان المواد الإباحية

عند استخدام المخدرات القوية؛ مثل الكوكايين أو الهيروين، ويتم الإفراج عن كميات كبيرة من الدوبامين، وغيرها من المواد الكيميائية الطبيعية في الجسم في الدماغ عند تناول الدواء، هذا يمنحك إحساس بالنشوة؛ لأنها تضغط بشكل زائد عن الحد على مركز اللذة في الدماغ.

عندما يتم عرض المواد الإباحية فإن كميات كبيرة من الدوبامين، وغيرها من المواد الكيميائية الطبيعية في الدماغ، يتم إفرازها عند رؤية الصورة (المحفز)؛ مما يمنح الإحساس بالنشوة بسبب الكميات الهائلة من الدوبامين المرسلة إلى الدماغ في تلك اللحظة.

يتكيف الدماغ مع هذه الكمية الزائدة بسبب المخدرات؛ لذا تحتاج في المرات المقبلة لكميات أكبر، ومزيد من التنوع خلال فترة زمنية أقل للحصول على نفس الاندفاع والنشوة.

يتمكن الدماغ من التكييف (التسامح للمحفز الخارجي)؛ لذا  يحتاج الشخص إلى المزيد من الصور والمزيد من التنوع،  بشكل أكثر تواترًا للحصول على الاندفاع نفسه.

 

خروج استهلاك المواد الإباحية عن السيطرة:

كما أن الصبر هو سر الصياد الماهر في اصطياد فريسته، فإن صانعي المواد الإباحية يدركون هذا جيِّدًا بطبيعة الحال، الطُّعم صورة أو اثنتين على شاشة الكمبيوتر على أمل أن نلقي نظرة خاطفة عليها، قد لا يحصل الإدمان مع نظرة واحدة، ولكن مروجي الإباحية يعرفون أنه بعد نقرة واحدة فقط احتمال أن تعود الفريسة كبير، وهم يعرفون أيضًا أنه إذا واصلتم العودة يومًا بعد يومًا، هنا قد حصلوا على بغيتهم، ماذا سيحدث بعد ذلك؟ عليك أن تذهب إلى مدى أبعد من أجل تلبية الحاجة، تشعر أنك بحاجة لعرض مزيد من المواد الإباحية، بشكل تدريجي، كل تلك الأشياء، التي هي مهمة جدًّا في حياتك الآن، عائلتك، الأصدقاء، المدرسة، والرياضة، والعمل، وحريتك؟ سوف تأخذ تلك، ببطء، المقعد الخلفي لتحل محلها إدمان الإباحية؛ ذلك كي يحاول الدماغ أن يرضي الشغف الخاص به.

عند بدء تشغيل أول عرض للمواد الإباحية يبدو الأمر أسهل على التوقف، ولكن بسبب التفاعلات الكيميائية التي تحدث في الدماغ، والتي يتشابه تأثيرها، إلى حد كبير، بـالمواد المخدرة، كلما زاد الاستهلاك كان من الصعب كسر هذه العادات إلى درجة يجعل الإنسان يتلهف إلى الإباحية، إلى النقطة التي يفقد السيطرة على نفسه، ويسمى هذا السلوك (الإدمان القهري)، وهو فقدان الحرية في اختيار وقف أو الانخراط في السلوك.

الناس الذين لديهم هذا السلوك القهري غالبًا ما ينفقون قدرًا كبيرًا من الوقت في التخيل، والتخطيط، أو التفكير في السلوك الجنسي، وقد يتحول إلى هوس بهذا النشاط والطقوس المحيطة به.

غالبًا ما يدرك المدمن أن ما يفعله ضار، ولكن عندما يسقط في فخ الإدمان يكون خارج سيطرتك، كل ما يمكن التفكير فيه هو إرضاء الشغف الخاص به، يظهر عليه تأثير الانسحاب، مثلما لو كانت المحاولة لإنهاء استخدام المخدرات الكيميائية.

وغالبًا ما يدرك المدمن خطر هذا على حياته الاجتماعية والأسرية والمهنية، ولكنه لا يستطيع مقاومة إغراء الاندفاع والنشوة المؤقتة التي تمنحه إياها المواد الإباحية.

مراحل الإدمان وفقدان الأمل:

يشير الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية إلى مجموعة من السلوكيات، التي من شأنها أن تؤهل الفرد أن يكون ممن يعانون اضطراب الإفراط الجنسي في الأساس، يشير الدليل أنه، وفقًا للخبراء، إذا وجُد ما يلي:

  • استخدام المواد الإباحية يؤثر على الوقت، الذي كان ينفق عادة على الأنشطة الهامة؛ مثل: الهوايات، والرياضة، والواجبات المنزلية، والوقت مع الأصدقاء أو العائلة، إلخ.
  • استخدام المواد الإباحية بشدة عند الشعور بالحزن، القلق، الملل، أو الغضب.
  • استخدام المواد الإباحية كوسيلة لإدارة وتخفيف الضغط العصبي.
  • المحاولة المستمرة والفشل في إيقاف استخدام المواد الإباحية.
  • الإصرار على الاستمرار في استخدام المواد الإباحية، حتى عند التأكد من أنه قد يؤذي الشخص نفسه أو الآخرين، وفقدان فرص العمل، والسلوكيات الجنسية الخطرة، إلخ.
  • استخدامك للمواد الإباحية يسبب الضيق لنفسك أو الآخرين(9).

إذا كان الشخص يعاني هذه الأعراض فلا بد أن يطلب العون والمساعدة، الإنكار يلعب دورًا هامًّا في السماح للسلوكيات السلبية للتطور.

يصبح الفرد، في كثير من الأحيان، غير قادر على رؤية التطور التدريجي لمشكلة السلوك بسبب التدرج؛ لذلك طلب المعلومات من مصادر مطلعة؛ مثل شريك، يكون من المهم جدًّا في تقييم سلوك الإنسان.

علاج الإدمان على المواد الإباحية:

بمقارنة هذا النوع من الإدمان بإدمان الكوكايين مثلًا، فإن الأول أخطر لأنه لا قيود عليه، ولا يمكن التعرف على من يتعاطاه، كما أن أثره لا يمكن أن يمحى من أدمغة المصابين به؛ إذ تظل المشاهد الإباحية عالقة بمخيلة من شاهدوها، بينما يمكن أن تمحى بصورة نهائية تقريبًا آثار الكوكايين من جسم المدمن بعد مضي بعض الوقت، وكون نسبة كبيرة من المدمنين على مشاهدة المواد الإباحية هم المراهقين، فإن النصائح التي يقدمها الباحثون والمختصون ستكون موجهة للأهل؛ حتى يساعدوا أبناءهم على التخلص من هذا الإدمان.

1- التربية السليمة منذ الصغر: هي اللبنة الأولى في تقويم سلوك الأبناء بزرع الوازع الديني والأخلاقي وخلق الضمير لديهم.

2- القدوة الحسنة: فلا معنى أن ينهى الأب ابنه عن الجلوس لساعات أمام الكمبيوتر، والأب يفعل ذلك.

3- وضع جهاز الكمبيوتر في مكان عام، وفي حال وجود جهاز خاص بالابن فيجب أن تكون هناك رقابة من بعيد، ولا يُشعِر الأب ابنه بأنه يراقبه؛ كأن يدعي أن جهاز البيت به عطل، ويجلس لحاسوب الابن؛ لإنجاز بعض الأعمال، فهذه فرصة لتنبيه الابن بأن خصوصيته يمكن أن تخترق، وسيشعر بالعار والخزي لو اكتشف والده بأنه يشاهد مواقع إباحية.

4- إغلاق هذه المواقع: ويمكن عمل قفل لهذه المواقع على الحاسوب الذي يعمل عليه المدمن، فهناك العديد من البرامج التي يمكن استخدامها لهذه الغاية، والتي تساعد على إغلاق وقفل هذه المواقع الإباحية، ويمكن لأي شخص أن يبحث عبر الإنترنت عن برامج لهذه الغاية، ولضمان عدم فتح مثل هذا الموقع.

5- النية والعزم: على الشخص الراغب بالإقلاع عن هذه المواقع أن يكون صادقًا في عزمه على ذلك، وبالتالي عدم سقوطه في فخ الضعف بين الحين والآخر، وتجاوز تلك الفترات من الضعف؛ بل أن يكون متماسكًا وجادًا في سعيه نحو الغاية التي يرغب بها.

6- ملء أوقات الفراغ: وحتى يبقى هذا الشخص جادًا في مشروعه نحو الخلاص من هذا الإدمان، عليه أن يجد الوسيلة لملء الفراغ، إن كان بواسطة إيجاد الوظيفة المناسبة له، أو إيجاد الهوايات الصحية والمناسبة؛ كممارسة الرياضة، وعليه أن يرافق من الأصدقاء مَن يملكون الأخلاق الحميدة، والتي تساعده على التخلص من إدمانه.

7- الوازع الديني والأخلاقي: يلعب الدين والأخلاق والقيم دورًا كبيرًا في مثل هذه الغايات، فهي تساعد على بناء الأركان السليمة للتفكير، وبالتالي فرز الأمور الصائبة من تلك غير الصائبة، وهي تساعده على إدراك رغباته وأحلامه ضمن طريق سوي، وتبعده عن تلك السلوكيات غير الرشيدة(10).

علاجات قرآنية:

وحيث إنه لكل مشكلة حل أو عدة حلول، فأنجع الحلول هو ما جاء في القرآن والسُّنة، وأُحب أن ألقيَ الضوء على حل هذه المشكلة من خلال القرآن والسنة:

1- {مَعَاذَ اللهِ إِنَّهُ رَبِّي} [يوسف:23]، هذا سلاحك الأساسي ضد الشيطان، وهي الاستعاذة بالله، وتَكرارُها، خاصة عند وسوسة الشيطان، وأن تستعيذ بالله يوميًّا من شر بصرك.

2- {أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ} [محمد:24]، وتدبر القرآن يزيل الغشاوة، ويفتح النوافذ، ويسكب النور، ويحرك المشاعر، ويستجيش القلوب، ويخلص الضمير، وينشئ حياة للروح تنبض بها وتشرق وتستنير.

3- {إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ} [يوسف:90]، أن تتقيَ الله؛ حيث كلُّ شيء ممكن ومتاح، لكن اتَّقِ الله.

4- {وَيَصْبِرْ} هذا حل مهم، وهو الصبر، فإذا أتاك داعي الفساد، ووجدت نفسك تميل بشدة إلى هذا العمل، فاصبر ولا تفعل، اصبر قليلًا، وصابِرْ، تَنجَلِ الفتنة.

5- {وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ} [يوسف:33]، عليك بالدعاء.

6- {وَاسْتَبَقَا الْبَابَ} [يوسف:25]، هذا الإجراء مهم جدًا، وهو الهرب من موطن الفتنة؛ لأن النفس ضعيفة، والشيطان يوسوس، فالحزم هو الابتعاد، وأعني الابتعاد عن الإنترنت بشكل عام، والدخول إليه للأشياء الضرورية والمهمة.

7- {رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ} [يوسف:33]، أن تكره هذا العمل، وتتفكر في قُبحِه، والسجن أهونُ من الوقوع في الفاحشة، اسجن نفسك إذا لزم الأمر؛ أي: ابتعد عن النت، ولا تنفتح انفتاحًا كاملًا.

8- {فَاسْتَعْصَمَ} [يوسف:32]: جاء في تفسيرها: فامتنَعَ امتناعًا شديدًا وأبَى، وهذا ما ينبغي أن تفعله عند الفتنة.

9- {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء:3]، تزوَّج بنتًا صالحة تحبها، تُغنِك عن الحرام.

10- {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ} [الشورى:25]، استغفِرِ الله وتب إليه، إذا وقعتَ، وعما فعلته في الماضي؛ فإن ربي غفور رحيم.

11- {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا} [الإسراء:36] لا تنظر إلى النساء بشكل عام، فإذا اتَّقيتَ الصغائر فستتقي الكبائر.

12- {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ} [البقرة:235]، لا تسمح لنفسك التفكير في هذه الشهوات بتاتًا؛ لأن التفكير يورث الشهوةَ.

13-  {وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ} [يونس:57]، فتلاوة القرآن تَشفي الصدورَ من الشهوات والشبهات.

14- {إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} [العنكبوت:45].

15- {وَآتاهُمْ تَقْواهُمْ} [محمد:17] والتقوى حالة في القلب تجعله أبدًا واجفًا من هيبة الله، شاعرًا برقابته، خائفًا من غضبه، متطلعًا إلى رضاه، متحرجًا من أن يراه الله على هيئة أو في حالة لا يرضاها.

هذه الحساسية المرهفة هي التقوى، وهي مكافأة يؤتيها الله من يشاء من عباده حين يهتدون هم، ويرغبون في الوصول إلى رضا الله.

ولما دعا الله الذين آمنوا أن يدخلوا في السلم كافة، حذرهم أن يتبعوا خطوات الشيطان، فإنه ليس هناك إلا اتجاهان اثنان، إما الدخول في السلم كافة، وإما اتباع خطوات الشيطان، إما هدى وإما ضلال، إما إسلام وإما جاهلية، إما طريق الله وإما طريق الشيطان، وإما هدى الله وإما غواية الشيطان، وبمثل هذا الحسم ينبغي أن يدرك المسلم موقفه، فلا يتلجلج ولا يتردد ولا يتحير بين شتى السبل وشتى الاتجاهات.

إنه ليست هنالك مناهج متعددة للمؤمن أن يختار واحدًا منها، أو يخلط واحدًا منها بواحد، كلا! إنه من لا يدخل في السلم بكليته، ومن لا يسلم نفسه خالصة لقيادة الله وشريعته، ومن لا يتجرد من كل تصور آخر ومن كل منهج آخر ومن كل شرع آخر، إن هذا في سبيل الشيطان، سائر على خطوات الشيطان.

ليس هنالك حل وسط، ولا منهج بين بين، ولا خطة نصفها من هنا ونصفها من هناك! إنما هناك حق وباطل، هدى وضلال، إسلام وجاهلية، منهج الله أو غواية الشيطان، والله يدعو المؤمنين في الأولى إلى الدخول في السلم كافة، ويحذرهم في الثانية من اتباع خطوات الشيطان، ويستجيش ضمائرهم ومشاعرهم، ويستثير مخاوفهم بتذكيرهم بعداوة الشيطان لهم، تلك العداوة الواضحة البينة، التي لا ينساها إلا غافل(11).

أخيرًا: اسأل نفسك:

1- ما هو مقياس الخوف من الله عندك؟

2- ما هو السبب الذي يجعلك تبحث عن الجنس المحرم؟

3- هل تشعر بالسعادة برؤية المناظر القذرة؟

4- هل الجنس هو الغاية في نظرك الشخصي؟

5- هل تعلم أن النظر المحرم من سهام إبليس؟

6- هل جعلت نفسك في موقف رهيب مثل يوم القيامة؟

7- متى ستقضي على الشهوة في نظرك؟

8- هل جربت الصيام بقصد العفة عن الحرام؟

9- هل تشعر بضيق في نهاية النظر المحرم؟

وتذكر دائمًا أن الله يراك.

***

________________

(1) تفسير ابن كثير (6/ 320).

(2) في ظلال القرآن (4/ 2512).

(3) غذاء الألباب (1/ 88).

(4) أخرجه ابن حبان (271).

(5) فتاوى اللجنة الدائمة (17/ 121-122).

(6) الإباحية كوكايين العصر، موقع: كتابات في الميزان.

(7) الداء والدواء، ص495-498.

(8) العاقبة في ذكر الموت، ص179، بتصرف.

(9) إدمان الإباحية، ويكيبيديا، الموسوعة الحرة.

(10) نصائح للامتناع والتوقف عن مشاهدة المواقع الإباحية، موقع تسعة.

(11) في ظلال القرآن (1/ 211).