logo

المسئولية الأخلاقية للمنشأة


بتاريخ : الجمعة ، 9 ربيع الأول ، 1435 الموافق 10 يناير 2014
بقلم : أ.د. نبيهة جابر
المسئولية الأخلاقية للمنشأة

أولًا: المسئولية الأخلاقية تجاه الجمهور العام:

 

إن هذه المسئولية تشمل التعامل مع قضايا تتعلق بصحة الجمهور، وحماية البيئة، وتطوير جودة القوى العاملة،

بالإضافة إلى ذلك، سيطالب الكثيرون بأن المؤسسات عليها مسئولية دعم الهيئات الخيرية والاجتماعية للصالح العام، وبمعنى آخر أن ترد الجميل للمجتمع الذي يمنحها هذه الأرباح التي تكسبها، وهذا يسمى (الإحساس المتعاون).

 

قضايا صحة الجمهور:

 

وهي من القضايا المعقدة فيما يتعلق بأخلاقيات العمل، حتى الآن لم تستطع المؤسسات المنتجة للسجائر والخمور أن ترد على هذه المشكلة، بالرغم من توجيه كثير من النقد لصناعة السجائر والخمور التي تسبب أمراضًا خطيرة للجمهور؛ ولكن هناك كثير من المؤسسات تحذر العاملين فيها من استعمال السجائر؛ بل تمنعهم من التدخين داخل المنشأة.

 

حماية البيئة:

 

إن الصناعة تؤثر على البيئة بطرق كثيرة؛ منها: استهلاك كميات ضخمة من الطاقة التي تساعد على زيادة عادم الوقود؛ مثل: الفحم، والبترول المستخدم في إنتاج الطاقة، وهو بالتالي يؤثر على المناخ الذي يتغير مع مرور الوقت، كما أصبح الهواء غير صالح للآدميين، مع ضغط الحكومات والشعوب أصبحت كثير من المؤسسات حريصة على خفض التلوث، أو القضاء عليه، والأمانة في عمل ذلك، وعدم إخفاء الحقائق.

 

تطوير جودة القوى العاملة:

 

في الماضي كانت ثروة الأمة ترتكز على النقود، وإنتاج المعدات، والمصادر الطبيعية؛ ولكن مع التقدم أدركت هذه الأمة أن الثروة الحقيقية للأمة هي القوى العاملة بها؛ فإن القوى العاملة المتعلمة المدربة الماهرة هي التي تعطي الدافع القوي لتطور التكنولوجيا، وتحسن الإنتاجية، وتنافس في السوق العالمي؛ ولذلك أصبح من أهم واجبات العمل الأخلاقية هي: تطوير جودة القوى العاملة؛ بل والاهتمام بالمرأة العاملة، وتحسين ظروف العمل؛ من أهم القضايا الأخلاقية للمؤسسات التي يجب أن تلتزم بتحسين ظروف العمال المعيشية والعلمية والتدريب.

 

ثانيًا: المسئولية تجاه المستهلك:

 

إن رجال الأعمال عليهم مسئولية أخلاقية واجتماعية لمعاملة المستهلكين بأمانة، وأن يتصرفوا بسلوك لا يضر المستهلكين.

 

إن الجمهور يطالب المنتجين أن تكون حاجة ورغبة المستهلكين، عند اتخاذ القرار، موضع اعتبار؛ وبذلك ستحظى المنشأة بقبول واحترام الجمهور، ولجمهور المستهلكين حقوق تتمثل في الآتي:

 

الحق في أن يكون آمنًا: يجب أن يلتزم رجال الأعمال بالناحية الأخلاقية والقانونية لضمان التشغيل الآمن لمنتجاتهم، يجب أن يشعر المستهلك أنه متأكد من أن البضائع والخدمات التي يشتريها لن تسبب له ضرر في الاستخدام العادي.

 

إن الثقة في المنتج تشير إلى مسئولية الصانع عن أي أضرار أو تلف يسببه المنتج، فالمنتج الذي يؤدي إلى ضرر؛ سواء كان مباشر أو غير مباشر، يمكن أن يسبب عواقب وخيمة للصانع، وكثير من المصانع يخضع إنتاجها للرقابة المشددة؛ لتجنب مشاكل السلامة، وعلى الشركات أيضًا أن تضع التحذيرات المناسبة على أي منتج له آثار جانبية، وتوضيحها على غلاف المنتج.

 

إن أخلاقيات العمل تحتم على أي صانع ظهرت في منتجاته أي مشكلة قد تسبب ضرر، أن يعلن عن ذلك، ويسحب المنتج من السوق.

 

الحق في أن يعرف: إن المستهلك يجب أن توفر له المعلومات الكافية عن المنتج ومكوناته؛ ليستطيع أن يتخذ قرارًا مسئولًا بالشراء، وإن الرغبة القوية للمنشأة في البيع قد يجعلها تهمل تعريف المستهلك بكل البيانات الخاصة بالمنتج، أو تخدعه بمزايا لا توجد بالفعل في المنتج، وهذا السلوك اللاأخلاقي يعاقب عليه القانون.

 

إن المسئولية الأخلاقية لحفظ حق المستهلك في المعرفة لا تشمل فقط الخداع في الإعلان عن المنتج؛ ولكنها تتعدى ذلك لتشمل كل وسائل الاتصال بالمستهلك؛ من تعليقات البائعين شهادات الضمان والفواتير التي يجب أن تراقب بشدة؛ لتعطي صورة واضحة ودقيقة وصادقة عن المنتج.

 

إن البيع من خلال الإنترنت قد يعطي أيضًا صورة غير حقيقية عن المنتج، وقد يعطي معلومات غير كاملة للمشتري.

 

الحق في الاختيار: إن من حق المستهلك أن يختار المنتج أو الخدمة التي يحتاج ويريد أن يشتريها، والمؤسسات التي تلتزم بالمسئولية الاجتماعية تحاول أن تحافظ على هذا الحق، حتى لو انخفضت مبيعاتهم، وبالتالي أرباحهم، وهناك شركات أخرى ليست متمسكة بالأخلاقيات بخصوص حق المستهلك في الاختيار.

 

إن حق المستهلك في الاختيار يأتي نتيجة وضع معلومات كافية صادقة عن المنتج؛ بحيث يسهل اتخاذ قرار الشراء واختيار هذا المنتج أو غيره.

 

الحق في أن يسمع: إن المستهلك من حقه أن يعبر عن شكواه من المنتج للطرف الصحيح، وكثير من الشركات تحترم بشدة شكوى العميل؛ لذلك يحرصوا على الاتصال بالمشتري بعد فترة؛ ليتأكدوا من عدم وجود أي شكوى، وبعض الشركات تنشئ بها قسم لخدمة ما بعد البيع؛ لحل أي مشكلة، أو التحقيق في أي شكوى، وسرعة اتخاذ الإجراءات المعالجة.

 

المسئوليات تجاه الموظفين: إن أهم أصل من أصول أي منشأة هي القوى العاملة بها؛ ولذلك فإن كثيرًا من الشركات تتحمل مسئوليات العاملين، ومنها:

 

أمان مكان العمل:

 

إن أمان وصحة العاملين أثناء العمل مسئولية هامة جدًا؛ لذلك فإن كل القوانين التي وضعت حرصت على ضمان ذلك، فيجب مراعاة الإضاءة، والتهوية، واتساع المكان، وتزويده بوسائل الإطفاء، ووجود طبيب دائم، وتحديد ساعات العمل، ومنع الأطفال من العمل، كل هذه الأشياء وغيرها تعتبر مسئولية صاحب العمل.

 

مراعاة الظروف الحياتية:

 

يجب أن يعرف كل عامل ما يتقاضاه تمامًا، وأن يعرف أيضًا الساعات الإضافية والمقابل المادي لها، بعض الشركات تعطي وقتًا مرنًا، بحيث يستطيع العامل أن يختار الوردية التي تناسبه، أو ميعاد حضور متأخر ويعوض آخر اليوم، وهكذا، وبعض الأعمال تنشئ حضانة داخل المنشأة؛ حتى تحل مشاكل الأمهات العاملات؛ حتى يستطعن الإنتاج بكفاءة، كما تشرف المؤسسة على عمل الرحلات الترفيهية والمصايف بسعر مناسب للعاملين.

 

ضمان فرص عمل متكافئة:

 

يجب مراعاة المساواة بين المرأة والرجل في العمل، بحيث لا يحرم أي منهما من أي منصب بسبب النوع، أو بسبب المحسوبية، وتفضيل شخص على آخر، ويجب أن تكون الكفاءة والعلم هو أساس أي ترقية، وليس أي شيء آخر.

 

ثالثًا: المسئولية تجاه المستثمر والمجتمع المالي:

 

بالرغم من أن الهدف الأساسي لأي عمل هو أن يحقق مكسبًا لحملة الأسهم والمستثمرين والمجتمع المالي، إلا أن المطلب الأساسي هنا أيضًا هو التصرف بشكل أخلاقي وقانوني في تداول الصفقات المالية، وإذا فشلت المؤسسة في إدارة هذه الأموال بأمانة وصدق فإن آلاف المستثمرين والمستهلكين سيعانون بشدة، وقد تتعرض المؤسسة للتحقيق عندما تستعمل حسابات مغلوطة، أو تصور مصادرها المالية على غير الحقيقة للمستثمرين، وتعتبر المؤسسة غير أخلاقية إذا أخفت على المستثمر الفرص المالية المتوقعة.

 

المصدر: موقع د. نبيهة جابر على كنانة أونلاين