المربي الناجح
سواء كنت يا أخي في البيت أبًا، أو مُعلِّمًا في المدرسة، أو مُحفِّظًا في المسجد، وسواء كنتِ يا أُختي أُمًّا، أو مُعلِّمةً، أو مُحَفِّظةً، لكم جميعًا نُوَجِّه حديثنا؛ من أجل تربية إسلامية صحيحة لأبنائنا، نتحدث معًا وبإجمال أقربَ منه إلى التفصيل عن صفات المربِّي الناجح، وما يجب عليه أن يتحلَّى به، وما يجب عليه أن يتخلى عنه، ومن تلك الصفات:
1 – القدوة:
وهي عُمدة الصفات كلِّها؛ بل تَنبني عليها جميعُ صِفات المُربِّي، فيكون قدوةً في سُلوكه، قدوةً في مَلْبَسِه، قدوة في حديثه، قدوة في عبادته، قدوة في أخلاقه وآدابه، قدوة في حياته كلها.
ولقد سَبَقَ أنْ تَحَدَّثْنَا فِي الجُزْءِ الأوَّل عن ذلك تحت عنوان (الاستنساخ)، وقلنا إن الطفل إذا ما افتقد القُدوة فيمَنْ يُرَبِّيهِ، فسوف يفتَقِدُ إلى كلِّ شيء، ولن يُفلِح معه وَعْظ، ولا عقاب، ولا ثواب، كيف لا وقد رأى الكبير يفْعَلُ ما يَنهاهُ عنه؟! وقلنا كذلك إنَّ عَيْنَ الطفل لكَ كالميكروسكوب ترى فيه الشيء الصغير واضحًا تمامًا، فالنظرة الحرام التي تختلسها، والكلمة القصيرة السريعة الَّتي تنطِقُ بِها وغيرُها، يستقبلها الصغير فيُخَزِّنها، ويفعل مثلها إن لم يكن أسوأَ، ولا تستطيع أن تنهاه، وإلا قال لك: أنتَ فَعَلْتَ ذلِك، وأنا أفْعَلُ مِثْلَك!! طبعًا هو لا يعانِد – غالبًا – في مثل هذه المواقف؛ ولكنه يُقلِّدُكَ، فأنت الكبير وهو يُحِبِّكَ، ويحب أن يفعل مثلما تفعل ليتشبَّهَ بكَ.
فإن غضبتَ فشتمتَ فإنَّه سيشتُمُ عندما يغضَب، وإن طلبت منه شراء الدخان أو رَمْيَ باقي السيجارة، فسيشرب منها بعد ذلك ولو خِلْسَةً؛ حتَّى يتمكَّن مِن شُرْبِها بِحُرِّيَّة في أقربِ فرصة، فَهُو يُقَلِّدك وأنت الكبير، وإن خرجتِ الأمُّ مُتَبرِّجَةً فلن تستطيعَ إقناعَ ابْنَتِها بعد ذلك بارْتِداء الحجاب، وإن نادى المؤذِّن للصلاة وصلَّيْتَ في البيت فسيصلي في البيت، وإن ذهبت إلى المسجد فسوف يُحِبُّ الذَّهاب إلى المسجد، وإن غَفَلْتَ عنِ الصلاة ساهيًا أو عامدًا فسوف يقلِّدُكَ؛ فأنت القدوة.
وهكذا إن طلبت منه أن يخبِرَكَ بسِرِّ أحد، أو لعبت أمامه بدون حذاء أو بغير الملابس الرياضية، وكذا إن رآك (تُبَحْلِقُ) في صور العاريات، أو فِي الفيديو، أوِ التليفزيون، أو عاكستَ أحدًا في الهاتف... إلخ.
2 – حسن الصلة بالله:
وهي منَ الصفات التي لا غنى للمربي عنها، وقد كنا نقصر في صلتنا بالله، فلا نرى قلوبًا مفتوحة لنا، ولا آذانًا صاغيةً، تَستَقْبِلُ بِحُبّ ما نقولُه وما نفعلُه، والعكس عندما كنا نحسن الصلة بالله، فكان الله - عز وجل - يُبارِكُ في القليل، فيستجيب الصغار لنا أسرعَ مِمَّا نتخيَّل، يُصَلُّون، ويُذَاكِرون، ويحفظون القرآن الكريم، ويظهَرُ مِنْهُم حُسن خلق أثناء اللعب، وأثناء الفسح.
إن الصلاة في جماعة، خاصة صلاةَ الفجر، والمداومة على ورد القرآن، وأذكار الصباح، وأذكار المساء، وكثرة الاستغفار، والبُعْد عن المحرَّمات والشُّبُهات، خاصَّةً غضَّ البَصَر، والوَرَع لَفِيهَا جميعًا الخيرُ والبركة في هذا المجال، فإرضاءُ اللَّه غايةٌ، ما مِن أحد إلاَّ ويتمنَّاها ويسعى إليها؛ لِينالَ الجنَّة في الآخرة والسعادة في الدنيا، ومَن أسعد في الدنيا مِن رجل له أبناء صالحون، يحسن تربيتهم فينالُ مِنْهُم بِرًّا ودعوةً صالحةً، نسأل الله ألا يَحْرِمَنا من هذه النعمة العظيمة.
3 – نفس عظيمة وهِمَّة عالية:
المُربي لا بد أن يكون عظيمَ النَّفس، هِمَّتُه عالية، وإرادته قوية، ونَفَسُه طويل، لا يطلب سفاسفَ الأُمُورِ، يعلم أن تربية الأولاد في الإسلام فنٌّ له عقبات؛ كما له حلاوة، وأجر عظيم. لذلك يسعى جاهدًا أن يجعلها لِلَّه، ويُضَحّي من أجلها بِراحَتِه وبماله، وبكل شيء عنده، ويصل طموحه به إلى أن يتمنَّى أن يكون ابنه؛ كمُحَمَّد الفاتح، الَّذي علَّمه شيخُه وهو صغير أنَّ القسطنطينية سيفْتَحُها اللَّه على يد أمير مسلم، يرجو أن يكون هو، فقد قال عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((فَلَنِعْمَ الأميرُ أميرُها، ولنِعْمَ الجيشُ ذلك الجيش))، ومن نماذج المربين وأصحاب الهمم والطموحات الكثير والكثير.
4 – يألف ويؤلف:
نعم مِن صفات المُرَبِّي أن يألف ويؤلف، يألف الصغار ويحبهم، ولا يأنف الجلوس معهم، يتبسط في حديثه ويتواضع، يمزح ويلعب، يلين ولا يشتد، يعطي كثيرًا بلا مقابل، ولا تفارقه الابتسامة، وكذلك يُؤْلَف عند الصغار، وإلا فلا يتصدَّى للتعليم ولا التربية، فهي مهمة ليس هو أهلاً لها، إذ إنه دائمُ التجهُّم، شديد، عنيف، لا تعرف الرحمة طريقًا إلى قلبه، فويل لأبنائه منه تمامًا؛ كمن قال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ لي عَشْرَةً منَ الولد ما قَبَّلْتُ منهم أحدًا"، فقال له الحبيب المُرَبّي - صلى الله عليه وسلم -: ((مَن لا يَرحم لا يُرْحَم))، وعمر بن الخطاب عَزَل مثل ذلك الرجل عن ولاية المسلمين، فمن لا يألفه أبناؤه، لا يألفه المسلمون، وهو بالتالي لن يرحمهم.
5 – ضبط النفس:
شَتَمَ الصغيرُ أخاه، غَضِبَ الأبُ، وقام لِيضرِبَ الصغير، فبكى الصغير معتذِرًا عما فَعَلَ؛ لكن الأب ظلَّ غاضبًا متجَهِّمًا طوال اليوم، ورَفَضَ أن يتحدث معه.
وفي الفصل أخطأ التلميذ فعاقبه المدرِّس وظلَّ غاضبًا طوال الحِصَّةِ، لم يبتسمِ ابتسامَةً واحدة رغم اعتذار التلميذ عمَّا فعل، أوِ اعترافه بخطئه، هذا هو ما قصدناه بضبط النفس أن تغضب ولكن ليس من قلبك، وتُعاقِبَ بمزاجك، تُعاقِبُ وأنت تهدُف من وراء العقاب شيئًا، وهو التربية؛ أي تَغْيِير السلوك؛ ولكن لا تكتشف بعد العقاب أنَّك غضبت كثيرًا، وعاقبت بشدة أكثر مما يستحقُّ السلوكُ الخطأ الذي فَعَلَهُ الصغير، وأنك عاقبتَ أصلاً كردِّ فعلٍ سريعٍ للخطأ ولم تنوِ قبل العقاب أن تغير من سلوك الصغير، وبالتالي فقد عاقبتَ بالغضب والصِّيَاح بدلاً من التصحيح الهادئ أوَّلاً، أو ضربتَ وكان الأَوْلَى أن تُظْهِر الغضب فقط، ليس هذا فحسب؛ بل مِن ضبط النفس أيضًا أن تغضب فإذا ما اعترف الصغير بخَطَئِهِ فيتلاشى غضبكَ على وجه السرعة، ويتحوَّل إلى ابتسامة رقيقة، وكذلك تتحوَّل الابتسامةُ إلى تَجَهُّم عند الخطأ، وسرعان ما يزول التجهُّم، وهكذا دون أن يُؤَثِّرَ ذلك في القلب؛ لِيُرَبِّيَ الكبيرُ الصغير، وليس العكس، فيتحكَّم الصغير في حركاته وسكناته، ابتسامِهِ وتَجَهُّمِهِ، جِدِّهِ ولَعِبِهِ.
6 – سَعَةُ الاطلاع:
يجب على المربِّي الاطلاعُ عامَّةً، وعلى الإصدارات في مجال الطفولة بشكل خاص؛ فالمسلم مثقَّف الفِكر، والمربِّي أَوْلَى بذلك؛ ليستطيع تعليم الصغار، وتغذيتهم أولاً بأول بالمعلومات الجديدة والمفيدة في التفسير، وفي الحديث، وفي الفقه، وفي السيرة، وفي العقيدة، وفي أخبار المسلمين، وفي الآداب والأخلاق، وفي المعلومات الإسلامية والعامة.. إلخ.
الصغار يسألون في كل شيء، وفي أيّ شيء، فإن عجز المربي عن الإجابة، أو تَكرر تَهَرُّبُهُ منهم سقط من نظرهم، ولجؤوا لغيره؛ يسْتَقُونَ مِنْهُ معلوماتِهم، قد يكون التليفزيون، وقد يكون شخصًا سيئًا، وقد يكون مجلة داعرة، أو كتابًا فاسدًا، أو غيرَهُ.
7 – الثقافة التخصصية:
فالمربِّي لكي يُحسِنَ التعامل مع الصغار؛ لا بد أن يعرف خصائص كل مرحلة سِنِّية، وأن يقرأ عن أساليب التربية ومجالاتها، وكذلك يقرأ في وسائل جذب الأطفال، ويقرأ عن المشكلات النفسية والسلوكية، التي قد يُعاني منها بعض الأطفال، وقد حرصت في هذا الكتاب بجزأيه التيسير على المربي في هذا المجال بشكل عملي، لا ينقصه التنظير أيضًا، وإن كنا ننصح المربين بدوام الاطلاع على الإصدارات المطبوعة في هذا المجال، ومتابعة هذا الموضوع في الجرائد والمجلات، وببعض المواقع على شبكة الإنترنت لِمَنْ تَيَسَّر له ذلك، وإنَّ هذا الموضوعَ لَمِنَ الأهمّيَّة بمكان، بحيثُ إنَّ افتقادَه، أو ضَعْفَ المربِّي فيه، يجلب المشاكل الَّتي هو في غِنًى عنها أثناء العملية التربوية، عندما يَجِدُ طِفلاً عنيدًا ويظن أنه يفعل معه ذلك لأنَّه يكرهه، والواقع أنَّ هذه سِمَةٌ للطفل، وطبيعة فيه في مرحلة معينة، وكذلك التعرُّف من خلال الثقافة التخصصية على أن هناك فروقًا بين الأطفال، فهذا يحب القيادة، وذلك اجتماعي، والآخر كسول، وهكذا فلا تكون التربية في كُتَلٍ ثابتة؛ بل تختلف مِن طفل لآخَرَ، لذا فنحن ننصح المربي بدوام القراءة في مجال تربية الأولاد؛ من أجل الثقافة التخصصية.
8 – الحنان:
والمربي الذي ينقصه الحنان لا يصلح للتربية، الذي يغلب عليه التجهم، الذي يبخل بالابتسامة، الذي لا يمسح على رأس الطفل، الذي لا يعرف إلا العقاب، أما الثواب فلا حاجة به إليه، ليعلم كل هؤلاء أنه ((ليس منا من لم يرحم صغيرنا))، و((من لا يَرحم لا يُرحم))، وأنه بذلك مخالف لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مزاحه مع الصبيان، وتلطفه معهم.
9 – التصابي:
المربي الناجح يتصابَى للصغير، فينزل إلى مستواهم، فيُلاعبهم، ويمازحهم، ويحادثهم، لا يتكبر عليهم، ولا يطرُدُهم من مجالسه، يمشي معهم ولا يأنف ذلك، تأخذ البنت الصغيرة بيد النبي - صلى الله عليه وسلم - فتنطلق به في طرقات المدينة، فلا يمنعها، ويأذن للأخرى أن تفي بنذرها فتضرب بالدف بين يديه، ويعقِدُ المسابقات بين الأطفال، ويمشي على يديه ورِجْلَيْهِ - صلى الله عليه وسلم - ويركب الحسن والحسين فوق ظهره فلا يمنعهم، يأكل معهم ويعلمهم آداب الطعام، ويُرْدِفهم خلفَهُ على الحمار؛ كما فعل مع عبدالله بن عباس، وغير ذلك مما نتعلمه منَ النبي - صلى الله عليه وسلم - فلا يصح أبدًا أن نُبعِدَ أبناءنا عنا، ونتجنبهم كالجَرْبَى نقول لهم: (ابعد عني)، (هل ستُصَاحِبُنِي؟)، (أنسيت نفسك؟)، (لست في سِنِّي لتتحدث معي)؛ لكن لنُلاعِبْ أبناءنا، ونلعبْ معهم، ونذاكرْ لهم، ونجلسْ معهم، ونخاطِبْهُم على قَدْر عقولهم، وبما يفهمون هم لا بما نَفْهَمُ نَحْنُ، وإنَّ هذا لا يُنافِي الوقارَ والهَيْبَة والإجلال؛ بل يَزِيدُها - إن شاء الله - بما يلقاه من أبنائه وتلاميذه حينما يكبرون، ويجد أمامه ثمرةَ تَعَبِهِ، وكيف أنهم يكونون مع أبيهم وأمهم؛ كالأصحاب يُصارِحُونَهم بِمَشاكِلِهِمْ، وما يدور في نفوسهم وما يَشْغَلُهُم، فيسهل حلُّ مشكلاتهم، أمَّا الذي يهابُهُ أولاده، ويصبُّ عَلَيْهِم كل يوم وابلاً كثيفًا من الشتائم، ومختلِف أنواع العقوبات إلى جانب الفظاظة والغِلْظة، الَّتي يتحلَّى بِها، فَهَذَا يتمنَّى مِنْ أولاده حينما يكبرون أن يصارحوه ويحادثوه ويصاحبوه؛ ولكن هيهاتَ، فقد وضع الحاجز بينه وبينهم منذ زمن، ناهيك عن تمنِّيهِم لموته؛ ليستريحوا منه بعد طول عَناء؛ وربما يدعون عليه بعد موته فيحرم نفسه من خير كثير، وهو إحدى الباقيات الثلاث الصالحات للإنسان بعد موته ألا وهي ((ولد صالح يدعو له)).
10 – الاتصال بأولياء الأمور:
فالمعلِّم لابد أن يجلس مع وليِّ الأمر أو يتصل به تليفونيًّا؛ ليطمئن على ابنه، ويُنَسِّقَ معه طُرُقَ التربية، وليَعرفْ عن قُرب بيئة الصغير، ومَنِ المسيطر في البيت الأب أو الأم، وهل هناك مشاجرات بينهما أم لا؟ وهل الأب متفرغ للتربية أم لا؟ وهل الأم لا تجلس مع ابنها إلا على مائدة الطعام أم تجلس معه في غير ذلك لتطمئنَّ عليه وتتعرَّف أخبارَهُ؟ إنَّ كُلَّ ذلك سيؤثر بالطبع على الصغير بشكلٍ أوْ بِآخَرَ، فإنَّ المشاكل الأُسْرِيَّة مثلاً لها آثار جانبية تظهر في سلوك الطفل بالسلب غالبًا، فإذا ما عرف المربي هذا فلا يعاقب الطفل إلاَّ بقدر؛ لِمَا يعلم من أسباب لتلك المشكلة.
ومن فوائد الاتصال بالبيت التنسيق مع ولي الأمر، فإذا عاقب المعلِّم تلميذه فحَرَمَهُ من رحلة مثلاً فلا يصح للأب أو الأم أن تخرج ابنها في ذات الأسبوع في نزهة مماثلة، فلا يصبح لعقاب المعلِّم جدوى، وكذلك المعلم والذي يكون تربويًّا في الغالب، فإنه يُعْلِم ولي الأمر بوسائل التربية، وطرقها ليستفيد منها في تربية ابنه، فمن هنا نعلم أهمية اتِّصال أولياء الأمور والمربين معًا؛ لتنجح العملية التربوية وتتكامل.
11 – وضوح الهدف:
المربّي الناجح يضع أمامه دومًا الهدف من التربية، والفوائد الدينية، والدنيوية العائدة عليه؛ بل عليه أن يضع له أهدافًا جزئية كل فترة زمنية، فيقول مثلاً: في خلال هذا العام سيحفظ أبنائي جُزأين من القرآن، ويتعلمون ثلاثة أخلاق إسلامية، ويتعلمون ثلاثة آداب يومية، ويتقنون مهارة الإنشاد أو الكتابة على الكمبيوتر، ويعرفون كل شيء عن الأزهر، والمُتْحَف الإسلاميِّ مَثَلاً، ويعرفون أعداءهم اليهود، وما فعلوا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويعرفون أجدادهم العَشَرَةَ المُبَشَّرِينَ بالجنة، وكذا يعرفون خطأين شائعينِ في المجتمع، وهكذا يضع المربِّي أمامَهُ هَدَفًا عامًّا، وهو تَرْبِية الطفل تربيةً إسلاميَّةً صحيحةً، وتحته أهداف جزئية كما سبق.
12 – تحصيل الثمرة:
فالمربي الناجح ليس هو الذي يَظَلُّ أعوامًا طويلةً يجلس مع الأطفال، ويَبْذُلُ معهمُ المجهود في أشياء لا طائل منها، ولا يأخذ منهم ثمرة أولاً بأوَّلَ، فقد يعطيهم زادًا ثقافيًّا، وقد يُحَفِّظُهُم نصف القرآن؛ ولكن أخلاقَهُم سيئةٌ في أول مباراة يلعبونها مع بعضهم بعضًا، تظهر الأنانية والسَّبُّ واللَّعْن والتباغُضُ فيما بينهم، فالتربية كانتْ ثقافيَّةً لم تتعدَّ ذلك، أما الجانب التطبيقيُّ أو الجانب العمليُّ فقد تَنَحَّى جانبًا، وهو المهمُّ في العملية التربويَّة، فلْنطلُبِ الثمرةَ؛ ولكن لا نَسْتَعْجِلْها، فكلٌّ بقَدَرٍ، والزمن جزءٌ منَ العلاج.
المصدر: موقع الألوكة.