logo

القائد الذكي عاطفيًا


بتاريخ : الأربعاء ، 23 شعبان ، 1439 الموافق 09 مايو 2018
بقلم : ياسر العيشي
القائد الذكي عاطفيًا

في هذا الموضوع نذكر النصائح السريعة والمباشرة التي تفيد القائد في تطوير مهاراته العاطفية:

1- قبل القيام بأي فعل أو اتخاذ أي قرار.

تمهل – أدرك شعورك – اختر الفعل أو القرار المناسب:

إن الأشخاص الذين لا يتمتعون بنصيب وافر من الذكاء العاطفي تحركهم المؤثرات الخارجية، دون أن تترك لهم خيارًا ليحددوا ردة الفعل المناسبة، وهؤلاء غالبًا ما يقومون بأفعال أو يتخذون قرارات خاطئة، يندمون عليها فيما بعد.

مؤثر خارجي ← ردة فعل ← (ذكاء عاطفي منخفض)

أما الأشخاص الأذكياء عاطفيًا فلا تكون تصرفاتهم وقراراتهم ردود أفعال؛ بل يختارون التصرف الأفضل والقرار الأفضل في أي موقف يتعرضون له.

مؤثر خارجي ← اختيار ← ردة فعل (ذكاء عاطفي مرتفع)

عندما يجد الإنسان نفسه مندفعًا إلى فعلٍ ما فعليه أن يؤخر ذلك عدة لحظات، وخلال تلك اللحظات ينتقل إلى الخطوة التالية، وهي إدراك المشاعر؛ أي أن يسأل نفسه: ما الشعور الذي أحس به الآن؟ وما دوافع هذا الإحساس؟ من خلال هذين السؤالين سيتعرف الإنسان على نفسه أكثر، وسيعرف أسباب مشاعره، وسيساعده ذلك على التحكم في هذه المشاعر وقيادتها، بدلًا من أن تتحكم به وتقوده، وبعد إدراك المشاعر ينتقل الإنسان إلى التفكير في أفضل تصرف أو قرار ممكن.

وسأشرح ذلك من خلال مثال واقعي يبين كيف استخدم مدير ناجح هذه الثلاثية (تمهل – أدرك شعورك – اختر القرار أو الفعل المناسب) لاتخاذ قرار صحيح.

كان المدير علاء يهتم كثيرًا بالتفاصيل، ويحرص على راحة الزبائن والصدق معهم، ويعدُّ ذلك أساسًا لنجاح شركته في استقطاب أفضل الزبائن، وفي ذات يوم اتصل به أحد الزبائن غاضبًا وأخبره أنّ البضاعة لم تصل في الوقت المحدد، وذكر له اسم الموظف الذي سبب تأخيرًا في تسليم البضاعة.

انفعل علاء وهمَّ باتخاذ قرار بفصل الموظف، لكنه استخدم ثلاثية الذكاء العاطفي (تمهل – أدرك مشاعرك – اتخذ القرار المناسب)، فأجل قرار الفصل (تمهل)، وبدأ يفكر في المشاعر التي تدفعه إلى اتخاذ هذا القرار (أدرك مشاعرك)، فوجد أن هذا الموظف بالذات قد قصَّر في عمله في مناسبات سابقة، لكنه فكر في أنه موظف جديد، ومخلص في عمله، لكن تنقصه بعض المهارات، ويحتاج إلى بعض التدريب، ولم يقم أحد إلى الآن بإبلاغه بالسلبيات التي يجب عليه تداركها، كما أنه ربما لا يكون هو المسئول عن التأخير الحاصل، والأمر يحتاج إلى استقصاء وتحقيق، وبالتالي فإن قرار الفصل هو قرار متسرع، ربما لا يصب في مصلحة الشركة، والقرار الأفضل هو استدعاء هذا الموظف لاستبيان حقيقة الأمر، وإعطائه فرصة لصقل مهاراته (اتخذ القرار المناسب).

والذي حدث هو أن الموظف لم يكن وحده المسئول عن تأخير البضاعة في تلك الواقعة بالذات، وعندما أُبلغ بالسلبيات التي يجب عليه تداركها بدأ ينتبه إليها، ويدرب نفسه على تلافيها، وكانت النتيجة أن أصبح من أفضل موظفي الشركة.

2- إعادة تأطير المشكلة:

إن إعادة تأطير المشكلة يعني النظر إليها من زوايا مختلفة، ووضعها في سياق يؤدي إلى حلها، إنها ليست عملية خداع للنفس، يتم من خلالها تبسيط المشكلة أو التقليل من نتائجها السلبية؛ بل هي البحث عن نظرة جدية لموقف معين، بحيث تؤدي هذه النظرة إلى إيجاد الفرص.

حدثني صاحب لي يعمل في التجارة أنه مر في فترة ركدت فيها الأسواق، فاعتبر هذه الفترة فرصة ليقوي علاقاته مع زبائنه، وينشئ علاقات جديدة، في حين نظر إليها غيره على أنها مصيبة، وقضى وقته متحسرًا على سوء الأوضاع الاقتصادية في البلاد، فكانت النتيجة أنّه عندما تحركت الأسواق انطلق صاحبي بفاعلية أكبر، معتمدًا على علاقاته التي قوَّاها وكوَّنها في فترة الركود.

المشكلة هنا واحدة، هي ركود السوق، لكن الفرق بين صاحبي والآخرين هو أنّه وضعها في إطار مختلف، ونظر إليها على أنها فرصة، بدلًا من أن يعدها مصيبة، فكانت كما نظر إليها تمامًا.

"طريقة التفكير التي أوقعتك في المشكلة لا تصلح لإخراجك منها..."

السؤال الذهبي: عندما تجد نفسك في موقف صعب اسأل السؤال التالي: كيف يمكن أن أستفيد من هذا الموقف؟ وكيف أحوِّله لمصلحتي؟ ما الجانب الإيجابي في هذا الموقف؟ إن الذين يطرحون على أنفسهم هذا السؤال باستمرار يحققون اختراقات لا يستطيع غيرهم تحقيقها، وذلك كما فعل زوجان أمريكيان أسسا مشروعًا تجاريًا بمليون دولار، فخسراه في غضون أسبوع، فألفا كتابًا سمَّياه (كيف تخسر مليون دولار في أسبوع)، وحقق الكتاب مبيعات عوضت عن الخسارة، إضافة إلى الشهرة التي اكتسبها الزوجان، إنه فن تحويل الضعف إلى قوة، والفشل إلى نجاح، والهزيمة إلى نصر، وهو أمر ممكن إذا عوَّدنا أنفسنا دائمًا على هذا السؤال الذهبي: كيف نستفيد من المصاعب والأزمات، ونحولها إلى مصادر للقوة والنجاح؟

3- أكثر من خياراتك:

عندما يجد الإنسان نفسه تحت وطأة مشكلة ما فإنّه يرتاح عندما يجد حلًا سريعًا لها، لكن هذا الحل ربما لا يكون هو الأفضل، تذكر أن المنافسة شديدة، وأن الجميع يجابهون مشاكل متشابهة، وأن الذي يحرز السبق ويتفوق على منافسيه هو الذي يملك خيارات أكثر؛ فأنت لا تريد حلًا فقط وإنما تريد أفضل الحلول، وهذه بعض النقاط التي تكفل لك أكبر عدد من الخيارات والحلول:

أ‌- لا تحاول الظهور بمظهر الشخص الذي لا يخطئ أبدًا.

ب‌- لا تجعل حب السيطرة يمنعك من الإنصات إلى الآخرين.

ت‌- شجِّع الآخرين على إبداء آرائهم، ولا تنتقد الأفكار الغريبة، أو تلك التي لا تنجح عند تطبيقها.

ث‌- حاول الحصول على الآراء من أشخاص تشعر أنهم مختلفون عنك في تركيبتهم النفسية وطريقة تفكيرهم؛ لأن الأشخاص الذين يشبهونك قد يفكرون مثلك تمامًا؛ وبالتالي ربما لا يعطونك خيارات جديدة غير تلك التي وصلت إليها.

 4- حافظ على شعلة حماسك:

تحتاج القيادة إلى حماس متجدد لا تؤثر فيه المصاعب والعقبات، وهذه بعض النقاط التي تبقي جذوة حماسك في اتقاد دائم:

أ‌- ركِّز على فوائد المغامرة: لكل مغامرة فوائد وأخطار، إن التركيز على الأخطار فقط سيمنعك من الإقدام على أي مغامرة، والمتسلق الماهر لا ينظر وراءه؛ بل يركز نظره على القمة دائمًا.

ب‌- تحمل الغموض: ليست كل الطرق التي يسلكها الإنسان واضحة المعالم.

إن الطرق الواضحة هي الطرق التي اعتاد الناس على السير فيها، فإذا أردت أن تكون من الرواد، الذين يشقون طرقًا جديدة، فعليك أن تتعايش مع الإحساس بالقلق والغموض الذي يكتنف الدروب الجديدة.

ت‌- تخيل نفسك وقد وصلت إلى هدفك: إن هذا تمرين يتّبعه أبطال الرياضة والمتفوقون العظماء، وليس مجرد أحلام يقظة! تخيل نفسك وقد وصلت إلى هدفك فعلًا، تخيل الصورة بكل تفاصيلها، واجعلها حية واضحة مليئة بالحركة والأصوات والألوان والروائح والمذاقات.

إن الخيال هو البوصلة التي ستوجه عقلك الباطن إلى الجهة التي تريدها، وهو الشرارة التي تطلق طاقات هذا العقل وإمكاناته الهائلة.

في إحدى بطولات الغطس كُسِرت أصابع قدم أحد اللاعبين في أثناء التمرين، ولأنّه لم يعد بإمكانه متابعة التمرين صار يتخيل نفسه وهو يقوم بالقفزة بكل تفاصيلها، وبأفضل شكل ممكن، فلما جاء دوره في القفز قفز بالطريقة التي تخيلها تمامًا، على الرغم من آلامه.

أطلق العنان لخيالك ثلاث أو أربع مرات كل يوم عدّة دقائق في كل مرة، كلما كان هدفك واضحًا ومحددًا، وكلما رسَّخته في عقلك الباطن، عن طريق الخيال، ازداد احتمال وصولك إلى هذا الهدف.

"لا يهم ما يكمن خلفك أو أمامك، المهم ما يكمن داخلك".

المصدر:

موقع: مهارات النجاح للتنمية البشرية.