التخطيط الإستراتيجي
(سوف نظل على ما نحن عليه وفي المكان الذي نقف فيه، إذا كان هذا هو ما تخيلناه قبلًا)، دونالد كيرتس.
ما هي الإستراتيجية؟:
كلمة إستراتيجية مستمدة من العمليات العسكرية، وتعني في هذا الإطار تكوين التشكيلات، وتوزيع الموارد الحربية بصورة معينة، وتحريك الوحدات العسكرية؛ لمواجهة تحركات العدو، أو للخروج من مأزق، أو حصار، أو للانقضاض على العدو ومباغتته، أو لتحسين المواقع، أو لانتهاز فرص ضعف العدو.
ولا يختلف الأمر كثيرًا إذا انتقلنا إلى مشروعات الأعمال، فالعدو في المجال العسكري هو المنافس في بيئة الأعمال، وكذا الحال إذا تكلمنا عن التشكيلات، الموارد، المواقع، الحصار، وغيرها.
إذًاالإستراتيجية هي: أسلوب التحرك لتحقيق الميزة التنافسية ولمواجهة تهديدات أو فرصبيئية، والذي يأخذ في الحسبان نقاط الضعف والقوة الداخلية للمشروع؛ سعيًا لتحقيقرسالة ورؤية وأهداف المنظمة.
ولتقريب المعنى، إليك الأمثلة التالية، والتي تمثل تحركات إستراتيجية:
- الاندماج مع أقرب شركة في النشاط؛ للقضاء على المنافس الجديد في السوق.
- تصفية مصنع 3 تدريجيًا خلال 9 شهور.
- تعيين مساعدين لمديري الإنتاج والتسويق؛ لتهيئتهم لهذين المنصبين.
- إنزال سلعة جديدة في السوق ذات اسم وعلامة لامعة وغريبة.
- الاتفاق مع الشركات المجاورة بخصوص الأمن والسلامة والحريق.
- تجميد 50% من أرباح الشركة خلال العامين القادمين.
فالإستراتيجية تشمل جميع الأنشطة الحساسة للمنظمة، وتسهل التعامل مع التغيرات في بيئة الشركة، ولذلك هناك أبعاد أساسية يجب أن يتضمنها أي تعريف لمفهوم الإستراتيجية، وهي:
1. الإستراتيجية أسلوب مترابط وموحد وكامل للقرارات:
بمعنى أننا نتعامل مع الاستراتيجية، على أنها توفر الإطار الشامل والكامل للمنظمة، ومن خلالها يتم تحقيق الأهداف الرئيسية للمنظمة ككل بصورة واضحة، مع الربط بين تاريخ المنظمة ومستقبلها.
2. الإستراتيجية هي وسيلة لتحديد رسالة المنظمة في ظل أهدافها طويلة الأجل، والبرامج، وأولويات تخصيص الموارد:
بمعنى أننا ننظر للإستراتيجية، على أنها وسيلة لتشكيل الأهداف طويلة الأجل بوضوح، وكوسيلة لتحديد البرامج التي نحتاج إليها لتحقيق هذه الأهداف، وأيضًا تخصيص الموارد الكلية للمنظمة من موارد بشرية، مالية، تكنولوجية؛ وذلك لتحقيق الفعالية من الإستراتيجية.
3. الإستراتيجية هي وسيلة لتعريف المجال التنافسي للشركة:
من أهم النقاط الأساسية التي تتطلب من واضعي الإستراتيجية هي، تحديد النشاط الذي تعمل فيه المنظمة، تناول المجال الذي تتعامل فيه المنظمة مع المنافسين، وكيف تتعامل؟، وتحديد المركز الإستراتيجي، ومحفظة الأعمال، والقطاع الذي تتعامل فيه المنظمة، وحصتها السوقية.
4. الإستراتيجية هي استجابة للفرص والتحديات، ونقاط القوة والضعف الداخلية لتحقيق ميزة تنافسية:
فالهدف النهائي للمنظمة، هو تحقيق ميزة طويلة الأجل؛ لتتفوق على منافسيها في كل الأنشطة، وهذه الميزة التنافسية هي النتيجة النهائية لفهم القوى الداخلية والخارجية، والتي تؤثر بشدة على المنظمة، والإستراتيجية تسمح للمنظمة بتحقيق مقابلة بين البيئة الخارجية، والقدرات الداخلية.
5. الإستراتيجية هي نظام لتوزيع المهام والمسئوليات، على المستويات الإدارية للمنظمة:
ونعني بذلك أن هناك مستويات للإستراتيجية، وتساهم جميع المستويات الإدارية في تحديد الإستراتيجية، وهي:
المستوى الأول: للمنظمة ككل (الإستراتيجية الكلية).
المستوى الثاني: لوحدة النشاط (إستراتيجية النشاط).
المستوى الثالث: للإدارات الوظيفية (الإستراتيجية الوظيفية).
6. الإستراتيجية هي تعريف لكافة الأطراف المرتبطة بالمنظمة:
ونعني بذلك أن الإِستراتيجية، يجب أن تهتم بجميع العاملين في المنظمة، وليس حملة الأسهم فقط، فهناك من يساهم بصورة مباشرة أو غير مباشرة في أداء المنظمة، ويجب أن يلقوا اهتمامًا خاصًا، وهم الموردون، والعملاء، والحكومة، والمجتمع، والنظر إلى المنظمة من خلال الإستراتيجية على أنها مسئولة عن الحفاظ على شئون المتعاملين معها.
ومن خلال اكتمال الأبعاد الست السابقة في مفهوم الإستراتيجية، فإنها تصبح إطار عمل رئيسي من خلال المنظمة، التي تستطيع أن تؤكد استمرارها وتتكيف مع التغيرات البيئية؛ للحصول على ميزة تنافسية.
فك التشابك بين المفاهيم:
ترتبط نظرية الإدارة الإستراتيجية بالعديد من المفاهيم والمصطلحات، ويحتار المدير في الفروق بين هذه المفاهيم؛ وذلك لأنها متداخلة في علاقتها، بل ويضعها في نماذج ومقارنات تسهل فهمها وفهم العلاقات الكائنة بينها، وفيما يلي فك لهذا التشابك في المفاهيم:
1. الإدارة الإستراتيجية:
هو النظام الإداري الذي تستخدمه المنظمة في كل من التصميم، والتنفيذ والرقابة على الرسالة، والرؤية، والأهداف، والإستراتيجية.
2. الإستراتيجية:
هي أسلوب التحرك الذي تستخدمه المنظمة؛ لتحقيق المميزات التنافسية، من خلال مواجهة البيئة الخارجية، أخذًا في الحسبان حدود الأداء الداخلي؛ وذلك لتحقيق أهداف المنظمة بشكل أساسي، ورؤيتها، ورسالتها.
3. التخطيط الإستراتيجي:
هو ذلك التخطيط المستند على النظام الإستراتيجي المتبع في المنظمة، ويأخذ في الحسبان دراسة البيئة الخارجية (بما فيها من فرص وتهديدات)، ودراسة البيئة الداخلية (بما فيها من نقاط قوة ونقاط ضعف).
4. التخطيط:
تحديد ما يجب عمله في المستقبل، وتحديد أسلوب التنفيذ، ويستند كل هذا على عمليات التنبؤ.
5. التنبؤ:
تقدير قيم العناصر المؤثرة في مستقبل المنظمة، استنادًا على مبادئ علمية، وأهم هذه المبادئ، أن المستقبل هو امتداد طبيعي للماضي.
6. القرارات الإستراتيجية:
هي القرارات الإدارية، التي تستند على وجود إستراتيجية، أو هي القرارات التي تبنى على شكل الإستراتيجية.
7. الرسالة:
هي الغرض من وجود المنظمة، والرسالة تشرح لماذا توجد المنظمة، وأنشطتها، وأسلوب تنفيذ الأنشطة، والغرض، ولمن تقدم أنشطة وخدمات المنظمة، ولماذا؟.
8. الرؤية:
هي الصورة التي تأمل أن تحققها المنظمة لنفسها، أو هو الوضع المرغوب الذي يجب أن تسعى إليه المنظمة.
9. الأهداف:
هي النتائج التي تود المنظمة أن تحققها، وهي تتسم بالتحديد والوضوح والكمية والقابلية للقياس.
10. مؤشرات الإنجاز:
هي طريقة القياس المتبعة للتحقق من تنفيذ الأهداف، ويطلق عليها أيضًا معايير النجاح.
11. الفرص والتهديدات:
الفرص هي التغيرات المواتية في البيئة الخارجية للمنظمة، والتي تؤثر إيجابيًا عليها، والتهديدات هي التغيرات التي تحدث في البيئة الخارجية في غير صالح المنظمة وتؤثر سلبيًا، وتقاس الفرص والتهديدات بالنسبة لنقاط القوة والضعف للمنظمة.
12. نقاط القوة والضعف:
نقاط القوة هي المزايا والإمكانات التي تتمتع بها المنظمة بالمقارنة بما يتمتع به المنافسون، وتتمثل نقاط الضعف في قصور الإمكانات والمشكلات، التي تعوق المنظمة بفاعلية، كما أنها تقلل من رضاء المتعاملين معها.
13. البيئة الخارجية:
تتكون البيئة الخارجية من المؤسسات، والأفراد، والقوى الاجتماعية، والسياسية، والاقتصادية، والثقافية، والتكنولوجية، التي تؤثر على المنظمة، في حين أن المنظمة ليس لها تأثير عليها.
14. البيئة الداخلية:
تتكون من الخصائص المادية والمعنوية، التي تميز وحدات المنظمة الإدارية ومواردها البشرية والمادية، والتي تميز الحضارة السائدة فيها، والقيم والعادات التي تحكم الممارسات الإدارية والفنية والإنسانية.
15. السياسات:
هي مجموعة من العبارات الموجزة، التي توضع بقصد إرشاد المديرين عند تعاملهم مع المواقف المتكررة.
وأخيرًا:
تذكر ما قاله بريان تراسي: (إن المسئولية الأساسية للقيادة هي التفكير في المستقبل، فلا يوجد أحد آخر يمكنه عمل ذلك لك).
ــــــــــــــــــــــــــــ
أهم المراجع:
1. الإدارة الإستراتيجية، أحمد ماهر.
2. القيادة الفعالة، بريان تراسي.
3. قوة الأهداف، كاترين كاريفلاس.
4. الإدارة الإستراتيجية الأصول والأسس العلمية، محمد أحمد عوض.
المصدر: موقع مفكرة الإسلام