أساسيات بناء فريق فعال
الأسس والأركان الرئيسية لأي فريق عمل فعال، تمثل جذور ذلك الفريق، مما يمنحه قوة وثباتًا واستقرارًا، ويثمر بعد ذلك نجاحًا وتقدمًا وتطورًا مستمرًا، ولذا؛ فإن لأي فريق ناجح أركان أربع، تمثل أساسات بناية الفريق الفعال.
أساسيات بناء فريق فعال:
1. المصداقية والأمانة:
وهو ركن أساسي من أركان المدير القائد، وكذلك قائد فريق العمل لابد له من التحلي بهاتين الصفتين بشكل مستمر؛ لأنه كما يقول "جايل هاميلتون"، من مؤسسة "باسيفيك" للغاز والكهرباء: (لا يمكن أن تنفذ تعليمات شخص يفتقد المصداقية ولا يؤمن حقًا بما يفعله وكيفية فعله)، ومن ثم لن يستمع أعضاء فريقك لما تقول، إلا إن رأوا لتلك المصداقية رصيدًا عمليًّا.
وهي ليست بالأمر الهين، فكما تصفها "ليلاس بروان"، مدير برامج العمل والقيادة في جامعة "ساسكاتشوان" فتقول: (إن عملية بناء المصداقية في أي مؤسسة تحتاج إلى وقت طويل، وعمل شاق، وتكريس وصبر).
* (روشتة) سريعة:
أ. اجعل أفعالك مطابقة لأقوالك، وكن قدوة لهم في كل أمر جيد، ولا تقطع على نفسك عهدًا لن تستطيع الوفاء به.
ب. شارك أعضاء فريقك عملهم، وأرشدهم إلى طريق النجاح، وأزل ما يعترضهم من عقبات ودرِّبهم على كيفية تجاوزها.
2. الاهتمام بأعضاء الفريق:
هناك حقيقة هامة لابد من إدراكها، وهي أن الموظفين بشر وليسوا آلات، ومن ثم لهم مشاعر وأحاسيس ورغبات ينبغي إشباعها، ولذا؛ عليك أن تعامل كل فرد من فريق عملك على أنه أخ لك في المقام الأول، قبل أن يكون موظفًا عندك.
وهذا عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، لما كان أمير المؤمنين، سأل ابنته أم المؤمنين حفصة، رضي الله عنها، فقال: (يا بنية، كم تصبر المرأة عن زوجها؟)، فقالت: (تصبر المرأة عن زوجها أربعة أشهر أو خمسة أشهر)، فجعل ذلك أجلًا لبعث الجندي من المسلمين في الغزو، فتأمل إحساس عمر بن الخطاب بجنوده وحاجتهم إلى زوجاتهم، ومشاعر الزوجة واحتياجها إلى زوجها، وحرصه على ذلك الأمر في خضم تلك المهام الجسيمة من نشر الدعوة، والجهاد في سبيل الله وتسيير أمور الدولة.
* (روشتة) سريعة:
أ. اظهر اهتمام بكل عضو في فريق عملك، وذلك من خلال السؤال عن حاله، وعن حال أسرته وأولاده.
ب. شارك أعضاء فريقك أفراحهم بتهنئتهم عليها، وواسيهم في أحزانهم.
3. الالتزام والانضباط:
وهذا هو الوقود الذي تسير به مركبة الفريق الناجح نحو تحقيق أهدافها، ونعني به الالتزام بأهداف الشركة أو المؤسسة، وفي نفس الوقت السير على القيم والقواعد التي بني عليها الفريق، وعليك أن تكون في ذلك قدوة يحتذي بها أعضاء فريقك.
ففي غزوة أحد، أشار النبي، صلى الله عليه وسلم، على الصحابة، رضوان الله عليهم، أن يقاتلوا الكفار من داخل المدينة المنورة، ولكن كان رأي بعض من صحابته على عكس ذلك، فنزل النبي، صلى الله عليه وسلم، على رأيهم، ولما همَّ بالخروج أشار الصحابة عليه بالمكوث في المدينة خوفًا عليه من شر المشركين وكيدهم، فأبى النبي، صلى الله عليه وسلم، إلا أن يلتزم بما اتفق عليه مع المسلمين، وقال: »ما ينبغي لنبي إذا لبس لأمته أن يرجع حتى يحكم الله له«.
* (روشتة) سريعة:
أ. كن مثالًا يُحتذى به في الالتزام والانضباط، بأن تأتي إلى العمل في الموعد دون أي تأخير.
ب. إن أراد أحد أعضاء فريق العمل التخلي عن أحد الأهداف أو تأخيره تكاسلًا منه، كن حازمًا معه، وتأكد من انتهائه من العمل في الوقت المحدد، ولا تتهاون في هذا الأمر بتاتًا.
4. التعاون:
اصنع روح التعاون بين أفراد الفريق، بحيث يشعر الجميع بأن النجاح في اتحادهم وتعاونهم، وليس هناك ثمة طريق غير ذلك.
وانظر إلى النبي، صلى الله عليه وسلم، كيف أوجد تلك الروح التعاونية بينه وبين جميع المسلمين، حتى صار الواحد منهم يبدي رأيه في جو من الشورى وحرية إبداء الرأي، ففي يوم بدر، انبرى الخباب بن المنذر، رضي الله عنه، بأدب جم واحترام وتقدير للنبي، صلى الله عليه وسلم، وأشار عليه أن ينزل الجيش عند آبار بدر، فيمنعون المشركين من الماء، وكان تلك مشورة مبتكرة، كانت من ضمن أسباب الانتصار على المشركين يومها.
* (روشتة) سريعة:
أ. انسب نجاح العمل للفريق كله، ولا تختص بذلك النجاح أي فرد منه، ولا تنسبه إلى نفسك فقط.
ب. اسعَ دائمًا أن تنمي صفة التعاون بين أعضاء الفريق، بأن تجعل الأعضاء الخبراء يقومون بتدريب الأعضاء الجدد؛ مما ينمي روح التعاون والتكاتف.
حتى أراك على القمة:
فبعد أن اخترت فريق عملك، وأرسيت القواعد الرئيسية لنجاحه، فلا يبقى سوى أن يحلق هذا الفريق في سماء النجاح، ليحط في محطة الناجحين، ومطار المتميزين، ولكن دونك والوصول إلى القمة جهد وعمل دائب، نرسم لك في السطور التالية الطريق إلى هذه القمة، في مجموعة من الشعارات تجعلها نبراسًا لفريق عملك:
1. العمل الدائب هدفنا:
فمن المفيد أن توجِد جوًّا من الشعور الدائم بضرورة إتمام الأهداف وحتمية إنجازها في أسرع وقت وأفضل كفاءة؛ وأن تجعل ذلك ثقافة سائدة بين أعضاء فريقك، فمهما كانت الظروف، فلن يتخلَ أي منهم عن إنجاز هدفه في الوقت المحدد.
2. التحديات متعتنا:
وذلك بأن تجمع الفريق قبل كل تحدٍ، وتخبرهم بذلك الهدف أو التحدي، وتجعلهم يفكرون في الطرق التي تُمكن الفريق من تحقيق هذا الهدف، واذكر لهم الفوائد التي ستعود عليهم من إنجاز ذلك التحدي في أسرع وقت، وعندها سيصل حماسهم إلى ذروته، ومن ثم قم بتحديد الإطار الزمني المخطط له مسبقًا، والذي كان بالنسبة لهم من قبل مستحيلًا أما الآن، فيصبح ممكنًا بعد كل هذا التحفيز.
3. النجاح لنا جميعًا، والفشل أيضًا:
فإن أنجز أحدهم الجزء الخاص به من الهدف، ولكن مجموع الفريق لم ينجز الهدف الكلي، فهذا لا يعني نجاح ذلك الفرد؛ لأن الفريق فشل في إنجاز ما خطط له، وفي نفس الوقت، إن نجح الفريق في إنجاز هدفه، فهذا بفضل الله، ثم بفضل مجهوداتنا جميعًا، وليس بذكاء فرد واحد، أو مجهود عضو واحد.
وماذا بعد الكلام؟:
والآن إليك بعضًا من النصائح، من أجل جعل فريق عملك منتجًا وفعالًا، ومن أهم تلك النصائح ما يلي:
1. ابدأ حملة (فكرة الأسبوع)، بأن تطلب من كل عضو في فريق عملك أن يفكر في فكرة أو فكرتين؛ لتطوير منتج ما، أو لاستحداث خدمة جديدة، وامنحهم لذلك أسبوعًا، وقم بجمع تلك الأفكار في الاجتماع التالي، وأعلن عن جائزة لأفضل فكرة، وقم بتنفيذها.
2. اصطحب فريق عملك بين وقت وآخر إلى رحلة أو نزهة خلوية؛ فإن ذلك يُقوي من الصلات بينك وبين فريق عملك من جهة، وبين أفراد فريق عملك من جهة أخرى.
3. اعقد احتفالًا بعد الإنجازات الهامة التي ينجح فريق عملك في إتمامها، كأن تدعو الفريق على الغذاء أو العشاء في منزلك أو على كوب من القهوة وبعضًا من الحلوى في مكتبك.
أهم المراجع:
1. القيادة تحد، كوزوس وبوسنور.
2. أسرار قادة التميز، د.إبراهيم الفقي.
3. اكتشف القائد الذي بداخلك، ديل كارنيجي.
4. اضغط الزر وانطلق، روبين سبكيولاند.
5. تاريخ المدينة، محمد بن الحسن.
6. فقه السيرة، الألباني.
المصدر: مفكرة الإسلام.