جزء في أحكام نزلاء الفنادق
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده
وبعد
فلقد انطلق الناس قبل أيام مشرقين ومغتربين في نواحي الأرض مسافرين، سائحين ، وكل له فيه قصد ومبتغى ، وعلى قدر نياتهم يؤجرون ، ومن عادة المسافرين نزولهم في الفنادق طلباً للراحة والأنس ، لذا أقدم لكم رسالة اليوم مستعيناً بالله ومن بغيره استعان لا يعان ، وأسميتها:
( جزء في أحكام نزلاء الفنادق ) .
والتي تشكل على كثير من الناس، وتغيب عن آخرين، وإليكم إياها مختصرة تناسب الحال والمقال، ومن أراد الاستزادة في الأدلة والأقوال فلينظر كتاب المختصر في أحكام السفر ، وعددها ( ثلاثون مسألة) ، اجتززتها قطعة منه ، نزولاً عند رغبة بعض الأخوة ، لتسهل قراءتها ونشرها والانتفاع بها في زمن الخلاصات الفقهية والزبد العلمية .
واعلموا رحمكم الله : أن الشريعة الإسلامية صالحة لكل زمان ومكان ، وتحكم بين الناس في كل صغير وكبير .
ومصادر الشريعة الإسلامية هي القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة وما يتفرع عنهما من مصادر وأصول مرتبطة بهما ، وهي محددة في كتب الأصول والكتاب والسنة بما تضمناه من نصوص وأحكام ، جاءت على قدر كبير من الدقة والأحكام الموروثة والمبادئ العامة والقواعد المقررة ، مما يجعل هذه الشريعة صالحة لكل زمان ومكان ، تتسع لكل تطور وتتطور الحياة في ظلها بلا أي توقف أو وقوع حرج أو ضيق ، بل إنها تحفظ للإنسان توازنه في بنائه وتكوينه وتلبية مطالب حياته في شكل متكامل واضح ومرن .
وعلماء الشريعة قاموا بالتصدي للنوازل في كل باب من مناحي الحياة المرتبطة بالشريعة ، وأبدعوا أينما إبداع بالاشتراك مع أهل الاختصاص للوصول إلى الحل الأمثل الموافق القواعد الشرع وضروراته دون إفراط أوتفريط بل في وسطية واعتدال
والعجيب أن تتهم الشريعة بالجمود وعدم الصلاحية من بعض بني الإسلام لأنهم لم يعرفوا الإسلام ونصوصه وحقائقه وأحكامه وقواعده وأصوله أو جعلوا أنفسهم خصوماً للإسلام وحينئذ فلا غرابة في عدم العدل
والاعتراف بالحق حين الخصومة ، في الوقت الذي ترى فيه من فلاسفة الغرب وأصحاب الرأي فيه من يشيد بهذه الشريعة، ويشهد لها بالخلود والحيوية والتفوق : وهي دعوى عارية عن الدليل وإن قدمت حججاً فهي زائفة ساقطة ، وهي قائمة منذ أربعة عشر قرناً لم تتوقف حتى يومنا وإلى يوم القيامة .
وها هي بلاد الحرمين أنموذج وشاهد على الأمم ، وهي قائمة بالشريعة في كل مناحي الحياة وهي تتقدم العالم في كل مجالات الحياة ، فهل كانت الشريعة يوماً منذ قيامها سبباً في تأخر الأمة وشقائها ، كلا وألف كلا.
وإليك هذا الشاهد : ففي أسبوع الفقه الإسلامي الذي عقد باريس، وقدمت فيه بعض البحوث الفقهية الم يلبث أحد الحضور وكان نقيبا للمحامين أن أعلن دهشته وعجبه قائلاً: "أنا لا أعرف كيف أوفق بين ما كان يحكى لنا عن جمود الفقه الإسلامي، وعدم صلاحيته أساسا تشريعيا يفي بحاجات المجتمع العصري المتطور، وبين ما تسمعه الآن في المحاضرات ومناقشاتها، مما يثبت خلاف ذلك تماما براهين النصوص والمبادئ.
وإن ما يميز نظرة الإسلام للعقل هو أن هذا العقل تابع للنقل، يجب أن يحتكم إليه حال الخلاف بين العقول، وليس العكس، وذلك لأن جميع العقول مخلوقة، والمخلوق ناقص قاصر، والوحي كامل معصوم فيكون التحاكم للكامل المعصوم، وليس الناقص القاصر، وكيف يعترض المخلوق على الخالق ؟!
ومن أعجب العجائب أن يرتضي أناس الاحتكام إلى فلسفات أرضية، لعقول ناقصة قاصرة، وتألف من الاحتكام إلى وحي سماوي كامل معصوم، وهنا التناقض الكبير، الذي ينتشر ويشيع كتيار في أوساط بعض المسلمين وخاصة الجيل بحجة الحرية الزائفة، والعقلانية المزعومة، هكذا زعموا
سائلاً الله التوفيق والسداد والهدى والرشاد والثبات لأنفسنا وأمتنا، وأن يحيينا جميعا على العلم النافع والعمل الصالح، وأن يمتعنا متاعا حسنا ، وأن يتقبل وينفع بهذه الرسالة العباد والبلاد ، والحاضر والباد ، وأن يعفو ويصفح عما كان من خطأ وزلل في الدنيا ويوم التناد، إنه سميع قريب مجيب للعباد وأن يجعلها عملاً صالحاً وصدقة جارية لوالدي وأهل بيتي ومشايخي وطلابي، وأن يحيينا جميعا على العلم النافع والعمل الصالح وأن يمتعنا متاع الصالحين، وأن ينصر عباده المؤمنين، هو خير مسؤول وأكرم مأمول.
وإليكموها رحمكم الله، وعين الرضا عن كل عيب كليلة...
والعلم يحيا بالمذاكرة والفكرة والدرس والمناقشة، والعيش مع العلم من أعظم العيش والده وأمتعه وأسماء وأسناه لمن حسنت نيته وصفت روحه ، ونسأل الله ذلك .
من حاز العلم وذاكره فادم للعلم مذاكرة
صلحت دنياه وآخرته فحياة العلم مذاكرته
وما أهدى المرء لأخيه المسلم هدية أفضل من حكمة يزيده الله بما هدى أو يرده بها عن ردى.
وإذا الإخوان فالهم التلاقي فما صلة بأحسن من كتاب
أولاً : المقدمة :
1 - الفنادق جمع فندق، وهو في لغة العرب يسمى النزل: وهو المكان المهياً الإقامة المسافرين بأجر معلوم.
الفندق: كلمة ليست عربية، وهي لغة يونانية ، وقيل : لاتينية.
- الفنادق المجانية : وهي تسمى الضيافة المجانية ، وقد وجدت في العصور قبل الإسلام عند العرب وغير العرب .
- الفنادق التجارية : وتأتي أحكامها .
ثانياً : الأحكام الفقهية:
المسألة الأولى : العقد بين النزيل والفندق عقد إجارة ، لا يحق لأحد الطرفين فسخه إلا برضا الآخر ،
لأن الإجارة من العقود اللازمة ، ولذا لو عقد النزيل العقد مدة أربعة أيام ونحوها ثم أراد أن يقلل مدة الإجارة ويريد يسترجع باقي الأجرة أو يرفض دفعها فلا يحق له ذلك إلا برضا الفندق ، لقوله تعالى :(أوفوا بالعقود ) ..
المسألة الثانية : حكم إبرام العقد في استئجار الفندق بعد الأذان الثاني يوم الجمعة له حالتان:
الأولى : إن كان المؤجر المبرم للعقد مقيماً فيحرم عليه وإن كان المستأجر مسافراً فيكره له ذلك ، للنهي عن البيع بعد نداء الجمعة قال تعالى : ( إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ).
الثانية : إن كان كل منهما مسافراً فيجوز .
المسألة الثالثة : حكم أخذ ما يوضع في غرف النزلاء حين المغادرة له حالات:
الأولى : ما يستهلك كأدوات النظافة والنعال والكيس والورق يجوز أخذها، لأن بعض الفنادق تجعلها من قيمة الأجرة، وبعض الفنادق تجعلها خدمة مجانية.
الثانية : ما لا يستهلك كالسجادة وقياس الوزن والبطانيات والساعة فلا يجوز أخذه، لأنه لا يدخل ضمن ما سبق.
الثالثة : الأقلام تختلف الفنادق فيها، فبعضها يلحقها بالأول والبعض يلحقها بالثاني، والبعض يجعل الأفلام الزهيدة الثمن هدايا والأفلام غالية الثمن لا تؤخذ، وعليه إذا أراد الأخذ يسأل الفندق.
المسألة الرابعة : الأكل من ما يسمى البوفيه المفتوح محل خلاف بين العلماء رحمهم الله :
القول الأول: يجوز ، وذهب إليه بعض المعاصرين، لأن الأصل في البيوع الإباحة، ولأن الجهالة اليسيرة في البيع ، لا تضر ، و معتفرة ، ومثله بيع البطيخ و البطاطا والثمر الذي في باطن الأرض مجهول ، و الاغتسال في الحمام عند الفقهاء بأجرة محددة جائز ، و لا يعرف مقدار المكث فيه ، وكمية الماء المستهلك و نحوه ، و بيع الصيرة وغيرها و استئجار المرضعة لإرضاع الطفل ، و لا يعلم مقدار اللبن. و عدم معرفة دقائق ما يكون في أساسات البيوت و في الغالب أن الإنسان يعرف قدر ما يأكل و قيمته ، والعرف في هذه المسائل معتبر ، والعادة محكمة .
القول الثاني: التحريم ، وإليه ذهب بعض المعاصرين الجهالة مقدار الأكل ، و من شروط البيع : معرفة المبيع و مقدرات ووصفه ، و نوقش بما سبق .
الراجح : الأول ، لما تقدم .
المسألة الخامسة : أخذ بعض الأكل من مطعم الفندق وإخراجه خارج المطعم دون إذن المسؤول له حالات
الأولى : أخذ ما بقى من الطعام مما جهزه الأكله.
الثانية : أخذ شيء من الطعام من مكانه لأكله في الغرفة أو خارج المطعم فهل تجوز هاتان الحالتان؟ الأقرب : أن الأمر مرتبط حسب الاتفاق بين النزيل وإدارة الفندق، قال : ( المسلمون على شروطهم) رواه البخاري معلقاً ، ولأن ذلك يترتب عليه ضرر ومفاسد تلحق بالفندق والنزلاء الآخرين .
المسألة السادسة : لا يجوز أخذ ما يوضع بالثلاجات داخل غرف الفنادق و وضع مثله مكانه لأنه أقل سعراً دون محاسبة الفندق أو إخباره؛ لأن البيع هنا بالنقد لا مقايضة و لعدم رضا البائع بذلك ، والأخذ بهذه الطريقة نوع من الاعتداء والغصب على ملك الغير بغير رضا ، وهذا متقرر شرعاً بأنه لا يجوز ، وإبطال المقصد الفندق من الربح وتغطية التكلفة ، و هو محرم وفاعله آثم، قال ابن قدامة : ( فإن أتلفه المشتري استقر عليه الثمن كما لو قبضه ) ، وأما الدفع : بالغلاء ، فهذا لا يبيح الأخذ ، ورد المثل ، لأن البيع عن تراض .
المسألة السابعة: بذل نزيل الفندق خدمة البوفيه لضيوفه من غير أن يدفع قيمة أكلهم أو الإذن لا يجوز لأنه غير مأذون فيه ، واعتداء بغير وجه حق ...
المسألة الثامنة : تسكين النزيل ضيوفه معه في غرفة الفندق جائز، لأنه ملك المنفعة ما لم يترتب على ذلك مفسدة وضرر كما قال الإمام أحمد، وأما إذا شرط الفندق عدم إسكان غيره فمن الأدب الوفاء بذلك وللحديث السابق، وخروجاً من الخلاف الفقهي.
المسألة التاسعة : انتفاع ضيف النزيل من الخدمات الفندقية جائز من الخدمة المبذولة للمنزيل فقط، وأما ما عداد فلا إذا كان مما يستهلك إلا بإذن.
المسألة العاشرة : استخدام بطاقات التخفيض الفندقية إذا كانت مجانية فجائز، وإذا كانت بمقابل فلا يجوز للجهالة والغرر والرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الغرر رواه مسلم.
المسألة الحادية عشرة : لا يجوز الاجتماع بين الرجل والمرأة في المصعد المغلق من جميع جوانبه دون أحد معهما ، لأنه خلوة.
والخلوة: هي الانفراد بالنفس وغيرها في مكان تغلق فيه الأبواب ، والمصعد مكان ضيق لا يرى من بداخله غالباً، ويمثل مكاناً تتحقق فيه شروط الحلوة ، و قصر زمن الانتقال في المصعد لا يلغى كونها مظنة فتنة ، يحضر الشيطان فيها، ولأن الفتنة الحاصلة بالخلوة لا تتقيد بزمن معين ، فقد يحصل للإنسان من الفتنة في دقيقة واحدة ما لا يحصل له في ساعة؛ لأن الأمر نسبي و للملك جاء الشرع بمنعها تماماً حسماً لمادة الفساد ، فوجود رجل وامرأة فقط في داخله و لا يراهما أحد أمر يدخل كلا الراكبين في الشبهات، والرسول يقول: (فمن اتقى الشبهات فقد استيراً لدينه و (عرضه) رواه البخاري ومسلم .
المسألة الثانية عشرة: فإذا كان رجل وامرأة بنتظران ليصعدا في المصعد و لا أحد معهما فعليه أن ينتظر الرجل حتى تصعد المرأة و يعود إليه المصعد ، فإن لم يفعل فلتمتنع المرأة حتى يصعد الرجل و يعود إليها المصعد.
المسألة الثالثة عشرة : و ترتفع الخلوة بما يلي:
أ- إذا دخل رجل ومعه امرأة أجنبية و في المصعد امرأة أو رجل و في المصعد امرأتان أجنبيتان فأكثر فترتفع الخلوة ، و هو مذهب المالكية. وقيل: يجوز إذا كانت الأخرى ثقة ، و هو مذهب الشافعية.
و قيل: لا ترتفع ، و يحرم ، و هو مذهب الحنفية والحنابلة ، والراجح : الأول ، لعدم تحقق الحلوة .
ب إذا دخل رجل ومعه امرأة من محارمه ارتفعت الحلوة.
ج إذا دخل رجلان فأكثر لا ترتفع الخلوة ، و هو مذهب الشافعية والحنابلة، وقيل: ترتفع ، و هو قول عند الحنفية والشافعية ووجه عند الحنابلة .
والأقرب أنها ترتفع إذا كان الرجال من الثقات المأمونين ، لما روى مسلم في صحيحه عن عبد الله ابن عمر مرفوعاً قال : (لا يدخلن رجل بعد يومي هذا على مغيبة، إلا ومعه رجل أو اثنان) .
المسألة الرابعة عشرة : ويستثنى من ذلك أهل الربية، فإن وجود عدد من الرجال الذين لا ثقة بدينهم و أخلاقهم لا يمنع الحلوة ، وكذلك وجود عدد من النساء سيئات السلوك لا يمنع الحلوة ، بل ربما ساعد العدد هؤلاء وهؤلاء على الفساد ، وقد وجد شيء من ذلك ، و الله المستعان .
المسألة الخامسة عشرة : هل كاميرات المراقبة التي تكون بالمصاعد لها تأثير بارتفاع الحلوة؟
لها حالتان :
الأولى : إن كانت المراقبة مباشرة ودائمة والجميع جهات المصعد فهذا لا يعد خلوة, و لكن أدباً و حياء عدم الانفراد بالمرأة ودفعاً لوسواس الشيطان ..
الثانية : إن كانت مجرد تسجيل فقط فلا يرفع الخلوة .
المسألة السادسة عشرة : هل المصعد الزجاجي المكشوف يرفع الخلوة؟
لا بعد خلوة ، و لكن أدباً و حياء عدم الانفراد بالمرأة ، ودفعاً لوسواس الشيطان.
د -الخلوة بالمرأة العجوز محل خلاف بين العلماء رحمهم الله:
القول الأول: لا يجوز ، و هو مذهب الجمهور، العموم أدلة المنع ، فلا فرق بين عجوز و شابة.
القول الثاني الجواز ، و هو قول للمالكية والحنابلة ، لأنهن من القواعد.
والمسألة محتملة والله أعلم .
هـ - الطفل الصغير لا يرفع الخلوة ، قال النووي رحمه الله : ( وكذا لو كان معهما من لا يستحي منه الصغره كاين سنتين و ثلاث ونحو ذلك فإن وجوده كالعدم) .
المسألة السابعة عشرة : دخول عامل النظافة إلى الغرفة للتنظيف ونحوه مع المرأة وهي وحدها لا يجوز، للخلوة المحرمة ، ولرفع الخلوة يكون الباب مفتوحاً ...
المسألة الثامنة عشرة : عدم جواز تقديم المحرم من خمر وخنزير سواء بيعاً أو ضيافة للمسلم وغير المسلم ، سواء في بلد الإسلام أم غير الإسلام ، في الأرض أو الجو، وهو مذهب جمهور الفقهاء ، ودار الكفر ليست ناسخة للمحرمات، وأن الحرمة لا تتغير بتغير الأماكن.
المسألة التاسعة عشرة : إعطاء العمال في الفنادق مبلغاً مالياً (بخشيش) له حالات:
الأولى : إن كان قصده من ذلك أن يمير في المعاملة كإعطائه زيادة ماء أو منظفات ونحوها فوق ما يحدد للنزيل فهذه رشوة لا تجوز
الثانية : إن كان قصده الإحسان والصدقة وخاصة إذا كان ذلك حين المغادرة فجائز.
الثالثة : إن قصد الأمرين فإذا اجتمع مبيح وحاظر فيغلب جانب الحظر وعليه فلا يجوز للقاعدة السابقة.
المسألة الموفية للعشرين متى تقبل إدارة الفندق إخراج المحرمات من مسكرات ونحوها من غرفة النزيل فيجب عليه إخراجه؛ لأنه من باب إزالة المنكر واجتنابه ومفارقته ، وأما إذا كانت مجاناً فتراق بشرط عدم إحداث ضرر للفندق أو ضرر على النفس ، العموم : لا ضرر ولا ضرار .
المسألة الواحدة والعشرون : لا يجوز للنزيل الذهاب إلى أماكن المحرمات في الفندق كالبارات ونحوها للنهي عن ذلك.
المسألة الثانية والعشرون : يجب على النزيل الالتزام بالشروط التي يشترطها الفندق ما لم تخالف الشرع
ومقتضى العقد ، قال تعالى: {أَوْفُوا بِالْعُقُودِ).
المسألة الثالثة والعشرون : يجب على النزيل إخبار الفندق في ما يتلفه بنفسه أو من تحت ولايته كاهل بيته ، لأنه أمين على المحتويات ، والأمين يضمن إذا تعدى أو فرط .
المسألة الرابعة والعشرون : يلزم تسليم مفتاح الغرفة سواء كانت بطاقة أو غيرها للفندق حين المغادرة لأن له قيمة، ويستعمل أخرى علماً أن الفنادق تختلف في هذا لكن الأصل التسليم، ومن نسيه معه
فليتصل بالفندق ويخبرهم بذلك.
المسألة الخامسة والعشرون : ينبغي للنزيل إخبار الفندق حين المغادرة ولو انتهت مدة الإجارة درءاً لبعض المفاسد، وتحقيقاً لمصلحة الطرفين، وخروجاً من الخلاف الفقهي.
المسألة السادسة والعشرون التخفيض للجهات الاعتبارية لها حالتان:
الأولى: إذا كان للجهة ولاية ورقابة على الفندق فلا يجوز لأنها رشوة، وسبب للمحاباة، وغير ذلك من المقاصد
الثانية: إذا كان ليس للجهة أي ولاية ورقابة على الفندق فجائز، لأن الأصل في المعاملات الحل.
المسألة السابعة والعشرون : التخفيضات في الفنادق أو ما يسمى بالعروض ، وهو التأجير بأقل من سعر السوق جائز سواء مشروطة كأن تسكن لينتين أم غير مشروطة، وهو مذهب جمهور الفقهاء ، لعدم المانع ، ولأن الهبة جائزة .
المسألة الثامنة والعشرون : بطاقات التخفيض لها حالتان :
أ- مجانية جائزة ، فالأصل في المعاملات الحل
ب غير مجانية ، وإنما بمبالغ معينة ، فلا يجوز ، لأنها تدور بين الغنم والعزم، والجهالة ، والغرر ، وهذه أمور محرمة ، مفضية للنزاع ، وبه أفتى المجمع الفقهي.
المسألة التاسعة والعشرون : الأكل في مطاعم الكفار إن كانت تشتمل على محرم - كالخنزير والخمر والمحرمات الأخرى فلا يجوز لعموم قوله تعالى : (ولا تعاونوا على الإلم وَالْعُدْوَانِ ) ، وإذا كان محتاجاً فجاز بشرط ألا يجلس على مائدة عليها الخمر ، لما روي : ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فلا يقعدن على مائدة يدار عليها الخمر) رواه الترمذي وحسنه ابن حجر ، ولوجوب مفارقة المنكر ومكانه
المسألة المتممة للثلاثين : لا يجوز الأكل من الأطعمة والحلويات التي تحتوي على عناصر مستخلصة من الخنزير والخمر إلا إذا استحالت وأصبح ليس لها وجود فيجوز ، وقد نص عليه جماعة من الفقهاء ، القاعدة الاستحالة
المسألة الواحدة والثلاثون : البول في الحوض المعلق واقعا يجوز، بشرط ألا تصاب الملابس بشيء من النجاسة.
اللهم فقهنا في الدين وفق سنة سيد المرسلين وثبتنا عليه ، واجعلنا من دعائه وأنصاره ، اللهم رضاك وصلاحاً وثباتاً لقلوبنا وطهارة النفوسنا وذرياتنا ، ونصراً وعزاً للإسلام والمسلمين وبلادنا وبلاد المسلمين وولاتها ، وجمعاً للمسلمين على هذاك ، وهلاكاً للظالمين المعتدين .
وإلى لقاء آخر يسره الله بمنه وكرمه على طريق العلم والهدى .
إنا على البعاد والتفرقي
لتلتقي بالذكر إن لم تلتق
كتبه / فهد بن يحيى العماري
البلد الحرام ١٤٤٢/١٠/١٧هـ