مواجهة الأسرة العربية لضعف الميزانية في ظل الغلاء وتراكم الأعباء والاحتياجات
من المعروف لدينا جميعًا أن من المشاكل الأساسية، لدى المجتمع البشري، مشكلةَ الدخل الفردي والجماعي، وتحقيق التكافؤ بين الدخل والإنفاق، وبالطبع تنعكس تلك المشكلة على الأسرة بصورةٍ مباشرة، لكن الأمر يختلف بين أسرة تعيش في مجتمع يتمتع بمزيد من الرفاهية، وأسرة تعيش في مجتمع يقع تحت ضغوط سياسية واقتصادية ومعيشية يومية؛ كمجتمعنا العربي.
فلقد أصبح من المعتاد علينا أن نسمع أخبارًا متسلسلة لزيادة في الأسعار، وغلاء في السلع اليومية، وهذا بالطبع يضيف نوعًا من الإرهاق على كاهل أرباب الأسر العربية؛ مما يتسبب في مشاكل اقتصادية واجتماعية عدة.
إذًا الأغلبية العظمى من الأسر العربية تُعاني عجزًا حادًا في الميزانية، ويرجع هذا لأسباب كثيرة؛ منها تدني مستوى الدخل، والارتفاع الدائم في الأسعار، إلى جانب العديد من الأسباب، وبالطبع تلك الضغوط المعيشية تؤثر على استقرار الأسرة وسعادتها؛ لذلك فإننا نطرح مجموعة من الأفكار والحلول، التي قد تساعد الأسرة العربية على مواجهة التحدي القائم بينها وبين ضعف الميزانية.
1- المصارحة بين الزوج والزوجة في إدارة البيت والإنفاق:
المصارحة تشمل دخْل الزوج مُفصلًا ودخل الزوجة إن وُجد، وتشمل أيضًا أساليب وطرق الإنفاق، تلك المصارحة تستطيع تأمينَ مستقبل مادي جيد للأسرة العربية، وذلك وَفْق العديد من الدراسات الحديثة، التي تؤكد على أن المصارحة والشراكة الاقتصادية بين الزوج والزوجة تعيد البيت إلى قوامه الصحيح، وتصنع مستقبلًا جيدًا للأسرة.
2- مصدر إنفاق واحد داخل الأسرة:
لا بد وأن يأتي مصدر الإنفاق من طرف دون الطرف الآخر، فإما الزوج وإما الزوجة؛ حتى لا يتشتت الإنفاق، أو يتم شراء أشياء ليس للأسرة حاجة إليها في الوقت الحالي، ولا يتكرر شراء أشياء قد تم شراؤها سلفًا، وذلك كله يعتبر إهدارًا للميزانية بالطبع.
3- تدبير الميزانية:
علينا أن ننتبه لعدة أشياء عندما نتطلع لوضع ميزانية لأسرة عربية؛ مثل: عمل إحصاء كامل للوازم إنفاق الأسرة، ومعرفة أولويات الشراء والإنفاق، وأخيرًا نظرة على المستقبل.
إذًا لماذا علينا وضع ميزانية؟
الميزانية تتيح للأسرة فرصةً للتعرف على وضعها المالي الحالي، وبالتالي تفتح الطريق لاتخاذ القرارات الصائبة، بالإضافة إلى أن الميزانية تساعد الأسرة للوقوف على المستجدات المالية المنتظر وقوعها، ومعالجتها ببعض الحلول؛ كالادخار على سبيل المثال.
والميزانية تنقسم إلى قسمين:
الأول منها: الموارد، وتتمثل الموارد في جمع الأموال من مصادرها؛ كالرواتب الشهرية، والمعاشات، والمستحقات، والمدخرات، وما إلى ذلك.
الثاني: النفقات، وتأتي النفقات على ثلاثة أشكال:
- نفقات أساسية؛ كالسكن، والمياه، والكهرباء.
- نفقات جارية؛ كالطعام والشراب، والتعليم، والصحة.
- نفقات عارضة؛ كصيانة المنزل، والهدايا، والسفر.
ومن أجل ذلك لا بد من تحديد أولويات الإنفاق، ومعرفة كيفية إدارة وتنظيم النفقات.
فالميزانية تتيح للأسرة العربية بناء بعض العناصر الهامة، وهي:
- المعيشة حسب الدخل المتاح.
- رؤية واضحة للقدرة الشرائية.
- تلاشي الديون قدر الإمكان.
- الادخار للمستقبل.
4- التخلص من النزعة الاستهلاكية الخاطئة:
من الطبيعي جدًا أن يُقبل الإنسان على الاستهلاك بصفته سلوكًا عاديًا وطبيعيًا لأي إنسان؛ وذلك للمحافظة على وجوده وتلبية حاجاته، ولكن إذا تعدى الاستهلاك الاحتياجات المطلوبة يكون بذلك استهلاكًا سلبيًا، تعدَّى مرحلة الحاجة المعقولة والمبررة، من سلع وخدمات أساسية إلى سلع أخرى كَمَالية وترفيهية، وبكميات وأنواع كثيرة، ويعد بذلك تبذيرًا وخطأً محظورًا، وبالتالي من الواجب على الأسرة العربية التفرقة بين الحاجات الضرورية والرغبات غير الضرورية؛ وذلك لمنع إنفاق الأسرة مالَها في غير ما ينفع، وللحد من النزعة الاستهلاكية الخاطئة.
ويتمثل علاج الاستهلاك السلبي في ترشيد الاستهلاك ذاته، وهو ما يُعرف بتنظيم الاستهلاك؛ لذلك على الأسرة العربية أن تترك عاداتها الاقتصادية الخاطئة، وأن تتحكم في نفقاتها، ولتبدأ بشراء الضروريات، وتستغن عن الكماليات حتى يغنيها الله من فضله ومن كرمه.
أخيرًا: إليكم بعض النصائح الاقتصادية المهمة الخاصة بتدبير الميزانية للأسرة العربية:
- كتابة ما تم صرفه خلال اليوم الواحد؛ وذلك لاكتشاف المصروفات الزائدة أولًا بأول.
- معرفة دخل الأسرة، وبيان ما يستوجب إنفاقه وما يستوجب توفيره.
- مراعاة وجود جزء، ولو بسيطًا، كل شهر؛ وذلك للمستجدات والضروريات.
- تقسيم احتياجات الأسرة للملابس وَفْقًا لموسم الصيف والشتاء فقط.
- تقسيم المبلغ المخصص للمواد الغذائية كل أسبوع، وليس كل شهر.
- تدوين بيان شهري يتضمن الدخل والاحتياجات الضرورية.
- تدوين شهري للمصروفات الخاصة بتعليم الأبناء.
موقع: الألوكة