كيف تكون فريق عمل فعال؟
(إن الاكتشافات والإنجازات العظيمة تحتاج إلى تعاون الكثير من الأيدي)، إلكساندر جراهام بل.
هل تأملت كيف يعيش النمل في مملكته؟، إنه يعيش في تكاتف عجيب بين أفراده، تخرج أسرابه طالبة قُوتَها، فإذا
ظفرت بها، شرعت في نقلها على فرقتين اثنتين: فرقة تحمله إلى بيوتها ذاهبة، وأخرى خارجة من بيوتها إلى القوت، لا تخالط فرقة أخرى، ولا يقع بينها تزاحم ولا تدافع، الذاهبون في طريق، والراجعون في طريق، في تناسق عجيب.
ثم إن ثقل على إحداها حمل شيء؛ استغاثت بأخواتها فتعاونت معها على حمله، ثم خلوا بينها وبينه بلا أجرة، بل انظر كيف مكن التكاتف النمل من زراعة الأرض!.
لقد شاهد أحد العلماء في إحدى الغابات قطعة من الأرض، قد نما فيها أرز قصير من نوع بري، مساحة قطعة الأرض خمسة أقدام في ثلاثة، ويتراءى للناظر إلى هذه البقعة من الأرض، أن أحدًا لا بد أن يعتني بها، فالأرض الطينية مشققة، والأعشاب مستأصلة، والغريب أنه ليس هناك مناطق أرز حول ذلك المكان.
ولاحظ ذلك العالم أن طوائف من النمل تأتي إلى هذه المزرعة الصغيرة وتذهب، فانبطح على الأرض ذات يوم ليراقب ماذا يصنع النمل، فإذا به يفاجأ بأن النمل هو صاحب المزرعة، وأنه اتخذ الزراعة مهنة تشغل كل وقته؛ فبعضه يشق الأرض ويحرث، والبعض الآخر يزيل الأعشاب الضارة وينظف.
وبعد أن طال الأرز واستوى ونضج، وبدأ موسم الحصاد؛ شاهد صفًا من النمل في وقت الحصاد متسلقًا شجر الأرز إلى أن يصل إلى الحبوب، فتنتزع كل نملة حبة من تلك الحبوب، ثم تهبط سريعًا إلى الأرض، ثم تذهب به إلى مخازن تحت الأرض لتخزينها ثم تعود.
وطائفة أخرى أعجب من هذه؛ تتسلق مجموعة منها أعواد الأرز فتلتقط الحب وتلقي به، وبينما هي كذلك؛ إذ بمجموعة أخرى تحتها تتلقى هذا الحب وتذهب به إلى المخازن، ويعيش النمل هناك عيشة مدنية في بيوت ذات شقق وطوابق، أجزاء منها تحت الأرض، وأجزاء فوقها، وله حرس وخدم وعبيد، وهناك ممرضات تعتني بالمرضى ليلًا ونهارًا، وقسم آخر يرفع جثث الموتى ويشيعها ليدفنها.
إذًا فالعمل ضمن فريق ما هو إلا فطرة كونية، خلق الله، عز وجل، البشر عليها.
حاجة عصرية:
ففي عالمنا الحديث، أصبح بناء هياكل المؤسسات من خلال تقسيمها لفرق عمل متعددة ومتخصصة أمرًا واجبًا، وليس نوعًا من الترف، فكما يقول أبو الإدارة الحديثة "بيتر دراكر": "لا يمكن للهيئة الحديثة أن تتكون من الرئيس ومن تحته بقية الموظفين، لابد أن يكون تنظيمها على شكل فريق عمل".
وهذا بالتحديد ما حرص عليه عملاق الإبداع الياباني "ماسورا إيبوكا"، مؤسس شركة "سوني" العالمية، والتي بدأت رحلة إبداعه في عام 1945م، حيث كانت الحرب العالمية الثانية قد وضعت للتو أوزارها، وكانت اليابان قد دمرت كدولة، كانت لدى "إيبوكا" فلسفة مشجعة منذ البداية.
لقد أراد أن يبني شركة حيث يعمل الموظفون معًا كفريق واحد، وحيث يتم تطبيق التكنولوجيا المتقدمة على حياة الناس عامة، فقط في الثمانينيات من القرن العشرين، أي بعد أربعين سنة من مناداة "إيبوكا" بها، أصبحت كلمة "فرق العمل" شائعة في مجال الإدارة.
ورغم هذا؛ كانت أفكار هذه المنتجات نتيجة لجلسات العصف الذهني بين الموظفين، وهي من الأفكار الإدارية المتقدمة التي لم يدرك الناس قيمتها إلا بعد ذلك بكثير، وعندما التحق "أكيو موريتا" بشركة "سوني" وأصبح رئيسًا لها، استمر في فلسفة "إيبوكا" وأسماها "الروح الرائدة لسوني".
ولو تتبعت مسار نجاح الشركات العالمية، لوجدت أنها لم ترتبط بمدير فعال وحده، بل بمدير فعال استطاع أن يكون فريق عمل ناجح، ثم يديره إلى قمة النجاح وذروة التميز؛ لأنه في المؤسسات الناجحة الكبرى، يتبادل الجميع النصح والإرشاد بدون أنانية.
فمثلًا تضع شركة السيارات الأمريكية "جنرال موتورز" فرق العمل كوسيلة لنجاح الشركة، ولذا؛ تعلن عن رؤية الشركة بقولها: "نسعى دومًا للوصول إلى حماس عملائنا؛ من خلال تطوير مستمر، أساسه الاستقامة والعمل الجماعي والتجدد، وهذا ما يضعنا في موقع الريادة في عالم صناعة السيارات".
الاختيار الصعب:
وهو اختيار أعضاء فريق العمل، الذين سيشكلون فريق نجاح الشركة أو المؤسسة، ولهذا الاختيار أسس وضوابط، وأنماط الناس مختلفة متعددة، ولكن لابد أن تكون القاعدة الأولى للاختيار واضحة جلية في نظرك كمدير لفريق العمل، وهي خلاصة تجربة "روس بروت" حين يقول: "عندما أقوم ببناء فريق، فإني أبحث دائمًا عن أناس يحبون الفوز، فإذا لم أعثر على أي منهم، فأنني أبحث عن أناس يكرهون الهزيمة".
وهناك أنماط متعددة من البشر، كلما حوى فريقك تلك الأنماط كلها، كان أقرب إلى الفريق الناجح الفعال؛ فكل نمط ينظر للأمور من وجهة نظر مختلفة، ومن ثم يمكنك من خلال سماع آرائهم أن تخرج، بإذن الله، بقرار صائب، وهذه الأنماط هي:
1.الشخصية العملية:
وهي شخصية تهتم دائمًا بالعمل والوصول إلى النتيجة المنشودة، وتتخذ قرارات سريعة، وتتمتع بشخصية قوية، يحب المخاطرة ويكون فعالًا نشيطًا.
2.الشخصية الباحثة عن الحقيقة:
وهي الشخصية المحبة لجمع المعلومات ودراسة الموقف وتحليله، قبل إصدار القرارات، ويتميز بالصبر الشديد والحذر والدقة.
3. الشخصية المنفذة:
وهي الشخصية التي تحب اتباع العملية الإدارية، ومتابعة سير العمل، وكتابة التقارير والأعمال الورقية، والتأكد من التزام الجميع بالإجراءات والخطط والمعايير، وهو شخص قادر على معالجة أي انحراف ومقاومته.
4. الشخصية اللطيفة:
وهي الشخصية المحبة للآخرين، المهتمة بمشاعرهم والتي تتعامل معهم بلطف وحنان، وهو يعرف كيف يجعل أعضاء الفريق يظهرون أفضل ما لديهم، وفي نفس الوقت يتقبله الآخرون ويحبونه، كما أنه يضفي جوًا من المرح والألفة بين أعضاء الفريق.
5. الشخصية المبتكرة:
وهي الشخصية التي تتمتع بخيال واسع وقدرة على الرؤية المستقبلية والإبداع، ويعد مصدرًا للأفكار المثمرة الخلاقة، ومنبعًا للإبداع والابتكار، فهو لا يهتم بالتفاصيل الدقيقة، ولكن دائمًا ما يركز اهتمامه على الصورة الكلية وعلى المستقبل.
أهم المراجع:
1. أسرار قادة التميز، د.إبراهيم الفقي.
2. اكتشف القائد الذي بداخلك، ديل كارنيجي.
3. اضغط الزر وانطلق، روبين سبكيولاند.
4. أفضل ما قيل في الانتصار مع فريق العمل، كاثرين كارفيلاس.
5. موقع شركة جنرال موترز باللغة العربية www.gmarabia.com
6. دعوة للتأمل، على القرني.
المصدر: مفكرة الإسلام.
(إن الاكتشافات والإنجازات العظيمة تحتاج إلى تعاون الكثير من الأيدي)، إلكساندر جراهام بل.
هل تأملت كيف يعيش النمل في مملكته؟، إنه يعيش في تكاتف عجيب بين أفراده، تخرج أسرابه طالبة قُوتَها، فإذا ظفرت بها، شرعت في نقلها على فرقتين اثنتين: فرقة تحمله إلى بيوتها ذاهبة، وأخرى خارجة من بيوتها إلى القوت، لا تخالط فرقة أخرى، ولا يقع بينها تزاحم ولا تدافع، الذاهبون في طريق، والراجعون في طريق، في تناسق عجيب.
ثم إن ثقل على إحداها حمل شيء؛ استغاثت بأخواتها فتعاونت معها على حمله، ثم خلوا بينها وبينه بلا أجرة، بل انظر كيف مكن التكاتف النمل من زراعة الأرض!.
لقد شاهد أحد العلماء في إحدى الغابات قطعة من الأرض، قد نما فيها أرز قصير من نوع بري، مساحة قطعة الأرض خمسة أقدام في ثلاثة، ويتراءى للناظر إلى هذه البقعة من الأرض، أن أحدًا لا بد أن يعتني بها، فالأرض الطينية مشققة، والأعشاب مستأصلة، والغريب أنه ليس هناك مناطق أرز حول ذلك المكان.
ولاحظ ذلك العالم أن طوائف من النمل تأتي إلى هذه المزرعة الصغيرة وتذهب، فانبطح على الأرض ذات يوم ليراقب ماذا يصنع النمل، فإذا به يفاجأ بأن النمل هو صاحب المزرعة، وأنه اتخذ الزراعة مهنة تشغل كل وقته؛ فبعضه يشق الأرض ويحرث، والبعض الآخر يزيل الأعشاب الضارة وينظف.
وبعد أن طال الأرز واستوى ونضج، وبدأ موسم الحصاد؛ شاهد صفًا من النمل في وقت الحصاد متسلقًا شجر الأرز إلى أن يصل إلى الحبوب، فتنتزع كل نملة حبة من تلك الحبوب، ثم تهبط سريعًا إلى الأرض، ثم تذهب به إلى مخازن تحت الأرض لتخزينها ثم تعود.
وطائفة أخرى أعجب من هذه؛ تتسلق مجموعة منها أعواد الأرز فتلتقط الحب وتلقي به، وبينما هي كذلك؛ إذ بمجموعة أخرى تحتها تتلقى هذا الحب وتذهب به إلى المخازن، ويعيش النمل هناك عيشة مدنية في بيوت ذات شقق وطوابق، أجزاء منها تحت الأرض، وأجزاء فوقها، وله حرس وخدم وعبيد، وهناك ممرضات تعتني بالمرضى ليلًا ونهارًا، وقسم آخر يرفع جثث الموتى ويشيعها ليدفنها.
إذًا فالعمل ضمن فريق ما هو إلا فطرة كونية، خلق الله، عز وجل، البشر عليها.
حاجة عصرية:
ففي عالمنا الحديث، أصبح بناء هياكل المؤسسات من خلال تقسيمها لفرق عمل متعددة ومتخصصة أمرًا واجبًا، وليس نوعًا من الترف، فكما يقول أبو الإدارة الحديثة "بيتر دراكر": "لا يمكن للهيئة الحديثة أن تتكون من الرئيس ومن تحته بقية الموظفين، لابد أن يكون تنظيمها على شكل فريق عمل".
وهذا بالتحديد ما حرص عليه عملاق الإبداع الياباني "ماسورا إيبوكا"، مؤسس شركة "سوني" العالمية، والتي بدأت رحلة إبداعه في عام 1945م، حيث كانت الحرب العالمية الثانية قد وضعت للتو أوزارها، وكانت اليابان قد دمرت كدولة، كانت لدى "إيبوكا" فلسفة مشجعة منذ البداية.
لقد أراد أن يبني شركة حيث يعمل الموظفون معًا كفريق واحد، وحيث يتم تطبيق التكنولوجيا المتقدمة على حياة الناس عامة، فقط في الثمانينيات من القرن العشرين، أي بعد أربعين سنة من مناداة "إيبوكا" بها، أصبحت كلمة "فرق العمل" شائعة في مجال الإدارة.
ورغم هذا؛ كانت أفكار هذه المنتجات نتيجة لجلسات العصف الذهني بين الموظفين، وهي من الأفكار الإدارية المتقدمة التي لم يدرك الناس قيمتها إلا بعد ذلك بكثير، وعندما التحق "أكيو موريتا" بشركة "سوني" وأصبح رئيسًا لها، استمر في فلسفة "إيبوكا" وأسماها "الروح الرائدة لسوني".
ولو تتبعت مسار نجاح الشركات العالمية، لوجدت أنها لم ترتبط بمدير فعال وحده، بل بمدير فعال استطاع أن يكون فريق عمل ناجح، ثم يديره إلى قمة النجاح وذروة التميز؛ لأنه في المؤسسات الناجحة الكبرى، يتبادل الجميع النصح والإرشاد بدون أنانية.
فمثلًا تضع شركة السيارات الأمريكية "جنرال موتورز" فرق العمل كوسيلة لنجاح الشركة، ولذا؛ تعلن عن رؤية الشركة بقولها: "نسعى دومًا للوصول إلى حماس عملائنا؛ من خلال تطوير مستمر، أساسه الاستقامة والعمل الجماعي والتجدد، وهذا ما يضعنا في موقع الريادة في عالم صناعة السيارات".
الاختيار الصعب:
وهو اختيار أعضاء فريق العمل، الذين سيشكلون فريق نجاح الشركة أو المؤسسة، ولهذا الاختيار أسس وضوابط، وأنماط الناس مختلفة متعددة، ولكن لابد أن تكون القاعدة الأولى للاختيار واضحة جلية في نظرك كمدير لفريق العمل، وهي خلاصة تجربة "روس بروت" حين يقول: "عندما أقوم ببناء فريق، فإني أبحث دائمًا عن أناس يحبون الفوز، فإذا لم أعثر على أي منهم، فأنني أبحث عن أناس يكرهون الهزيمة".
وهناك أنماط متعددة من البشر، كلما حوى فريقك تلك الأنماط كلها، كان أقرب إلى الفريق الناجح الفعال؛ فكل نمط ينظر للأمور من وجهة نظر مختلفة، ومن ثم يمكنك من خلال سماع آرائهم أن تخرج، بإذن الله، بقرار صائب، وهذه الأنماط هي:
1.الشخصية العملية:
وهي شخصية تهتم دائمًا بالعمل والوصول إلى النتيجة المنشودة، وتتخذ قرارات سريعة، وتتمتع بشخصية قوية، يحب المخاطرة ويكون فعالًا نشيطًا.
2.الشخصية الباحثة عن الحقيقة:
وهي الشخصية المحبة لجمع المعلومات ودراسة الموقف وتحليله، قبل إصدار القرارات، ويتميز بالصبر الشديد والحذر والدقة.
3. الشخصية المنفذة:
وهي الشخصية التي تحب اتباع العملية الإدارية، ومتابعة سير العمل، وكتابة التقارير والأعمال الورقية، والتأكد من التزام الجميع بالإجراءات والخطط والمعايير، وهو شخص قادر على معالجة أي انحراف ومقاومته.
4. الشخصية اللطيفة:
وهي الشخصية المحبة للآخرين، المهتمة بمشاعرهم والتي تتعامل معهم بلطف وحنان، وهو يعرف كيف يجعل أعضاء الفريق يظهرون أفضل ما لديهم، وفي نفس الوقت يتقبله الآخرون ويحبونه، كما أنه يضفي جوًا من المرح والألفة بين أعضاء الفريق.
5. الشخصية المبتكرة:
وهي الشخصية التي تتمتع بخيال واسع وقدرة على الرؤية المستقبلية والإبداع، ويعد مصدرًا للأفكار المثمرة الخلاقة، ومنبعًا للإبداع والابتكار، فهو لا يهتم بالتفاصيل الدقيقة، ولكن دائمًا ما يركز اهتمامه على الصورة الكلية وعلى المستقبل.
أهم المراجع:
1. أسرار قادة التميز، د.إبراهيم الفقي.
2. اكتشف القائد الذي بداخلك، ديل كارنيجي.
3. اضغط الزر وانطلق، روبين سبكيولاند.
4. أفضل ما قيل في الانتصار مع فريق العمل، كاثرين كارفيلاس.
5. موقع شركة جنرال موترز باللغة العربية www.gmarabia.com
6. دعوة للتأمل، على القرني.
المصدر: مفكرة الإسلام.