كيف تتعلم من الآخرين؟
انطلاقًا من الوصية الإلهية لنبيه الكريم صلى الله عليه وسلم الاستزادة من العلم، {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} [طه: 114]، فلو كان شي أشرف من العلم لأمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم أن يسأله المزيد منه كما أمر أن يستزيده من العلم (1).
وقال الرازي: وفيه أدل دليل على نفاسة العلم وعلو مرتبته، وفرط محبة الله تعالى إياه، حيث أمر نبيه بالازدياد منه خاصة دون غيره.
وقال قتادة: لو اكتفى أحد من العلم لاكتفى نبي الله موسى عليه السلام ولم يقل: {هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا} [الكهف: 66].
قال بعضهم الهدهد مع أنه في نهاية الضعف ومع أنه كان في موقف المعاتبة قال لسليمان: {أَحَطْتُ بِما لَمْ تُحِطْ بِهِ} [النمل: 22]، فلولا أن العلم أشرف الأشياء، وإلا فمن أين للهدهد أن يتكلم في مجلس سليمان بمثل هذا الكلام، ولذلك يرى الرجل الساقط إذا تعلم العلم صار نافذ القول عند السلاطين؛ وما ذاك إلا ببركة العلم (2).
ومن هنا ندرك أن قطار التعلم عند الإنسان لا يتوقف، بل لا يجب أن يتوقف، طالما في الإنسان بقية طاقة وقدرة على التعلم وطلب الاستزادة، أو هكذا نفهم الإشارات القرآنية الحاثة على العلم والتعلم.
ولا يمكن أن تتعلم وفي نفسك ذرة كبرياء لأي سبب كان، ولا يمكن أن تتعلم وأنت لا تحترم من يعلمك، ولا يمكن أن ترتقي بما تعلمته إذا اعتقدت لحظة أنك اكتفيت من العلم، ومن قال أنا عالم فقد أعلن عن جهالته، إذن تواضع لتتعلم، وكلما تواضعت تعلمت أكثر فأكثر.
نبي الله موسى عليه السلام خطب في حشد كبير من بني إسرائيل يومًا، فسأله سائل: هل هناك من هو أعلم منك يا موسى؟ فأجاب على الفور دون تردد: لا! قال ذلك لأنه لم يكن يعتقد أن هناك أحدًا في تلك الفترة غيره له صلة بالسماء يأتيه الوحي ليعرف ما لا يعرفه بقية البشر، لكن الله أوحى إليه فورًا أن هناك يا موسى من هو أعلم منك، فتعجب نبي الله موسى من ذلك، وسأل الله أن يدله على ذاك الذي هو أعلم منه، فأدرك أن هناك إنسانًا يعيش على هذه الأرض وهو يعرف ويعلم أكثر منه، وكان ذلك هو الخضر عليه السلام، وحدثت وقائع وأحداث مع النبي موسى والمذكورة في سورة الكهف، يمكن الرجوع إليها وتفسيراتها لمن أراد الاستزادة.
قال تعالى: {قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا (66) قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (67) وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا (68) قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا (69) قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا (70)} [الكهف: 66- 70].
الشاهد من القصة هو بيان عظمة النبي الكريم موسى عليه السلام وهو من هو يومئذ، كان الإنسان الوحيد الذي كلمه الله تكليمًا مباشرًا، يعلم ما لا يعمله أحد من البشر، ومع ذلك حين عرف بموضوع الخضر عليه السلام، أصر على السفر إليه حتى يبلغ مجمع البحرين أو يمضي حُقبًا في البحث عنه، حتى إذا جاء الوقت المعلوم وجده، لكنه لم يقل له من أنت ولم يسأله عن علمه وكيف حصل عليه، ولم يقل له إنه كليم الله؛ بل بكل تواضع طلب منه أن يتبعه على أن يعلمه مما عنده من علم، ووافق الخضر على طلبه، ولكن بشرط عدم الاستفسار أو توجيه الأسئلة إليه إن رأى ما لا يعجبه أو يثيره ويغيظه، مهما يكون نوع العمل أو الفعل وشكله، وهو أمر يصعب على أي إنسان أن يقبله.
كيف تقبل وتوافق على أمر غامض دون استفسار أو توضيح، لكن موسى عليه السلام ولأنه سافر لأجل العلم، وافق فورًا، على شروط معلمه؛ وفي هذا قمة الأدب والتواضع مع العلماء، بسبب موافقته وتواضعه في البداية تعلم أشياء كثيرة، ولولا غلبة الطبع البشري عليه لاستفاد كثيرًا من الخضر عليهما السلام، وقد ذكر ذلك حضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال: «يرحم الله موسى لوددنا لو صبر حتى يقص علينا من أمرهما» (3).
وإن كان هذا الأمر ليس بموضوعنا اليوم ولا يهمنا تفاصيل التفاصيل في القصة، بقدر ما يهمنا أن ندرك قيمة التواضع في طلب العلم، واحترام من يقدم لك العلم، بغض النظر عمن يكون هذا المعلم، صغيرًا كان أم كبيرًا، رجلًا أم امرأة، مسلمًا أم غير مسلم (4).
كما أنه لا يمكن لإنسان في هذا العصر الزعم بأنه اكتفى من العلم، أو ليس بحاجة لأن يتعلم أكثر مما تعلمه.
يقول تيموثي فيريس: نحتاج جميعًا إلى وقود، ولولا مساعدة ونصيحة وإلهام الآخرين لتوقف محرك عقولنا، ولعلقنا في مكان لا يوصلنا إلى شيء.
هكذا هي فائدة التعلم من الآخرين، فالأمر ليس متعلقًا برسم الطريق، أو تحديد معالمه؛ وإنما قد تكون تجربة الآخرين خير معين لك على مواصلة طريقك الخاص.
من هنا يتبين لنا أهمية الاستمرار في التعلم أو التعلم مدى الحياة، وهي مفاهيم انتشرت في السنوات الأخيرة، تفيد كما هو واضح دون كثير شروحات، أن المرء لا يجب أن يقف عند حدود معينة في العلم، إنما عليه الاستمرار في التعلم إلى الدقيقة الأخيرة من حياته -إن كان حينئذ على وعي وقدرة كافيتين- لكسب علم جديد.
وقد جاء عن الفاروق عمر رضي الله عنه قال: لا تتعلم العلم لثلاث، ولا تتركه لثلاث، لا تتعلم لتماري به، ولا ترائي به، ولا تباهي به، ولا تتركه حياء من طلبه، ولا زهادة فيه، ولا رضًا بجهالة (5).
ليس لرحلة التعلم نهاية:
حتى تتعلم من الآخرين، لا بد أن تتوفر في طالب العلم عدد من الصفات، أهمها، وجود شغف وحب مستمرين نحو التعلم.
كان شَغَفُ قيس بن الملوح بليلاه سببًا في جعل اسمه خالدًا في طريق العشق والغرام، بينما كان شغف الإمام الشافعي رحمه الله بالعلم حاملًا له أن يقول كلمة سارت بها الركبان: أسمع بالحرف –مما لم أسمعه- فتود أعضائي أن لها أسماعًا، تتنعم به مثل ما تنعمت الأذنان به؛ فقيل له: فكيف حرصك عليه؟ قال: حرص الجموع المنوع في بلوغ لذته للمال؛ فقيل له: فكيف طلبك له؟ قال: طلب المرأة المضلة ولدها، وليس لها ولد غيره (6).
الشغف في التعلم وحب العلوم، صفة لازمت علماء الأجيال الماضية، وحين تطالع تاريخ العرب والمسلمين او تقرأ سيرة أي عالم منهم، كابن الهيثم وابن سينا وجابر بن حيان والرازي وابن النفيس والطوسي وغيرهم الكثير، تجد أنه لم يقصر شغفه بالعلم والتعلم على جانب واحد فقط، بل تعداه الى طرق المزيد من الأبواب والاكتشافات في شتى صنوف العلم، فتجده الى جانب اهتمامه بالرياضيات –مثلًا- قدم عدة أبحاث وكتب في الفلك والفيزياء والطب والكيمياء، واكتشف أدوات وابتكارات ساهمت في رفد علوم ومهن أخرى كانت ستبدو اصعب لولا اختراعاتهم ومساهماتهم العلمية فيها.
مثلث الاستفادة من التعليم:
من الأشياء التي أقابلها دائمًا هي تقويم عمليّة التعلم في إطار المعلومات المستفادة فقط؛ فإمّا يحصل الشخص على المعلومات، فيرى أنّها تجربة جيدة، أو لا يحدث ذلك، فيقوّم تجربته سلبًا، وهذا الأمر يؤثر كثيرًا على قدرة الشخص في التفاعل مع الواقع، لأنّ المعرفة تقدم له صورة عن العالم، لكن ليس ضروريًا أن تساعده في الاحتكاك مع العالم.
وبالتالي، فإنّ هناك عناصر أخرى يحتاج إليها الشخص؛ وأرمز إليها جميعًا بـمثلث التعليم، حيث المعرفة أحد الأضلع الثلاثة، بجانب كلٍ من المهارة والسلوك:
1- المعرفة: فإنّ المعرفة تأخذ القدر الأكبر من تركيز الأشخاص عند الحديث عن التعلّم، نظرًا لأن المعلومات قابلة للتقييم بسهولة، يساعد في ذلك قدرة الشخص على الحفظ والإلمام بأكبر قدرٍ منها.
لكن المعرفة ليست كافية، ومن يتعامل معها من منطلق الامتحان فقط، من الصعب أن تجده يتذكر أيًا منها في الوقت الحالي.
2- المهارة: إذا تساءلنا عمّا يبحث عنه أي مسئول توظيف، سنتفق على أنّه يفكر دومًا في الحصول على شخص مؤهل في الجانب المعرفي والمهاري، وفي حين يبدو الجزء الأول سهل في تعلّمه، فإنّ المهارة ليست بالسهولة في تعلّمها.
لذلك يمكنك أن تقوم ببناء مهاراتك بالفعل أثناء الدراسة، فتجد أنّك تتعلم أشياءً جديدة، وتضم إلى إمكانياتك مهارات أخرى مع الوقت.
3- السلوك: الجانب الأخير للاستفادة من التعليم، يتمثل في جزء السلوك، وهو الأكثر صعوبة في ملاحظته أو إدراكه، لأنّه ليس سهلًا أن يغيّر الإنسان من سلوكه، فهي عملية تستمر لأوقات طويلة في الحياة في الكثير من الأحيان، لكنّه الجزء المفضل بالنسبة لي، والذي أرى أنّه في حاجة إلى التركيز على تنميته طوال الوقت.
كما ترى، فإنّ الحديث عن هذا المثلث يقدم لنا صورة بأنّ التعليم لا يُقيّم في إطار المعرفة فقط؛ بل في إطار المهارة والسلوك كذلك، فربما تخوض تجربة تعلّم بدون معلومات جديدة على الإطلاق، لكنّها تكون الأفضل بالنسبة لك، بسبب أثرها الإيجابي على مهاراتك وسلوكك.
فإذا لم تدرك أضلاع المثلث من البداية، ستجد أنّ هناك العديد من التفاصيل التعليمية المفيدة التي تفوّتها على نفسك، في حين أنّها قد تساعدك في بناء حياتك.
البعض منا قد يكتفي عند بلوغه نقطة معينة، وتحقيق هدفه من التعلم، أو بلوغ منصب معين، أو تحقيق نجاح وإنجاز كان يهدف الوصول إليه، فيلجأ بعد ذلك الإنجاز إلى ما يسمى بمنطقة الراحة عنده، فيتوقف عن التعلم، مكتفيًا بما اكتسبه، معتقدًا وصوله لنهاية رحلة العلم، ذلكم خطأ يرتكبه كثيرون، لأن رحلة العلم والتعلم في الأصل لا تتوقف، بل لا نهاية لها {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} [الإسراء: 85]، وهي إشارة قرآنية واضحة إلى أن رحلة العلم والبحث لا بد لها من الاستمرار، لأن مجال العلم أوسع مما يمكن تخيله، وبالتالي من يرغب في تطوير نفسه واستمرار نموه العقلي والذهني، عليه التنبه لهذه الحقيقة الكونية، وعدم ترك قافلة أو قطار التعلم أبدًا.
- من الصفات الأخرى المطلوبة في طالب العلم والراغب في استمرار التعلم، ضرورة تقدير الآخرين وعدم التقليل من شأنهم في مسائل التعلم، فقد تحضر مثلًا، ندوة ربما يكون المتحدثون فيها أقل خبرة وسنًا منك، فتعتقد أن حضورك مضيعة للوقت، فما الإضافة التي عند هؤلاء يقدمونها لك، أو هكذا يراودك شعور الفوقية ولو للحظات سريعة؛ لكن قد تتمالك نفسك وتضبطها فتدخل وتحضر وتستمع إليهم، فتذهلك معارفهم وخبراتهم، لتخرج بعدها وقد أضفت إلى حقيبة خبراتك الحياتية والعلمية الكثير الكثير، والسبب هو ضبطك لذاك الشعور السلبي، أو شعور التعالي على الآخرين ممن هم أقل خبرة وسنًا منك، وتواضعك في طلب العلم.
تمامًا كما حدث مع نبي الله موسى عليه السلام الذي دفعه تواضعه مع الخضر لتعلم حكم ودروس معينة قصيرة، وكان بالإمكان أن يزيد عددها لو كان قد تحلى ببعض الصبر على مشقة التعلم مع الخضر، كما ورد عن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم: «يرحم الله موسى لو كان صبر لقص علينا من أمرهما» (7).
التواضع والصبر:
مما سبق يتبين لنا أهمية التواضع في طلب العلم وأهمية الصبر أثناء التعلم، وهما دعامتان أساسيتان لأي رحلة تعلم ونمو مستمر ناجحة تريد القيام بها، والبحث عن أصحاب القدرات والمهارات التي لا تمتلكها، أو لم تحظ بفرصة لكسبها وتعلمها.
إن استطعت أن تتصل بصاحب مهارة أو علم محدد، ولو كان في سن أصغر منك، وطلبت أن تتعلم منه بصورة وأخرى، ووافق برحابة صدر على ذلك، فهذا إنجاز لا بد أن تتواضع وتصبر وتحرص عليه وتستمر فيه.
حاول إذن أن تتعلم من أي أحد، أي شيء مفيد، ولا تمنعك مشاعر المكانة الاجتماعية أو المادية أو حتى السن أن تتعالى وتتكبر، لأن الخاسر هاهنا هو أنت لا أحد غيرك، حتى تتعلم أو تكسب علمًا، لا بد أن تصفي نفسك من كل موانع عدم التعلم، وأهمها روح الكبرياء، كما أسلفنا، أو التعالي لأي سبب كان.
لا يمكن أن تتعلم وأنت لا تحترم وتوقر من يعلمك، بغض النظر عمن يكون هذا المعلم، ولن ترتقي بما تعلمته إذا اعتقدت لحظة واحدة أنك اكتفيت من العلم، وكلما تواضعت تعلمت أكثر فأكثر (8).
أخطاء يجب تلافيها:
هناك مساوئ كبيرة نحب أن نوضحها لك إن فكرت في أن تتبع نفسك ونفسك فقط في التعلم وأخذ الخبرة في الحياة
1- تعليمك لذاتك أمر صعب المنال، ويأخذ الكثير من الوقت بشكل كبير، ويمكن أن تجد حالك في النهاية لا تستفيد أي شيء أو سرت في الاتجاه الخاطئ من البداية وأنت لا تعلم، كما أن تعليمك لنفسك في الحياة يأخذ بجانب الكثير من الوقت الكثير من المجهود الصعب جدًا وتجد نفسك دومًا في حالة من الإرهاق الكبير، ولكن فكر كيف تستغل هذا الوقت الكبير المهدر لتتعلم بسهولة أكبر.
2- ستفشل أكثر من المتوقع، ويمكن بدل من أن يكون الفشل حافز لك لتتعلم الكثير ستجد من كثرة الفشل أنك تذهب للشعور باليأس والإحباط.
3- تعليمك من تجارب الآخرين مفيد لك؛ لأنه يقلل من المال المبذول، وأيضًا الوقت المهدر لك في قراءة كتاب لشخصية كبيرة في الحياة سيكون مفيد لك جدًا من اهدار أضعاف الوقت وأنت تحاول أن تتعلم من تجاربك فقط.
4- التعلم من الآخرين ليس حياتك بالكامل؛ ولكن لا بد وأن تتواجد فكرة التعلم من الآخرين دومًا في حياتك، فهو أمر مهم جدًا وخصوصًا وأنهم أكثر أشخاص تعرف جيدًا كيف تساعدك.
القراءة:
لا يوجد حل في هذا العالم إلا بالقراءة والاستفادة الكاملة من تجارب الآخرين، فكر منذ نشأت الأرض من سنوات كثيرة جدًا والعالم متواجد أفراد وأفراد وشخصيات ناجحة كثيرة جدًا في حياتنا، فكيف لك أن تترك هذا الكنز الثمين من تجارب كل هؤلاء الأشخاص حول العالم وتفكر في العمل فقط، أو تفكر في خوض الحياة بتجاربك أنت فقط، لا يوجد مبرر على وجه الأرض يجعلك تنشغل عن القراءة، فمهما كانت مشغوليتاك فالقراءة هي أساس حياتك لا تتركها أبدًا، فهي المفيد في كل مراحل الحياة، تجارب العظماء أمامك من كل مكان، استفد الآن من خبراتهم وحياتهم وتعلم واقرأ، ولا تقول أنا مشغول وتصبح جاهل مغلق العقل طوال الحياة.
الاستماع:
إن كنت لا تحب القراءة وحاولت مرارًا وتكرارًا أن تقرأ ولا يوجد أمل أمامك؛ استمع إلى كل شيء من حولك، من تجارب وأفكار وأحداث، استمع فقط وطور عقلك، فكر دومًا فيما تستمع هناك الآن في العصر الحالي الكثير من التجارب والكتب، أيضًا بالصوت، إذن لا توجد حجه أمامك الآن.
هناك الكثير من الطرق الأخرى التي تساعدك، فيمكنك أن تفكر في جلب شخص أمامك كبير وتفكر دومًا في متابعته والاستفادة من كافة تجاربه الشخصية والعملية التي يمر بها.
لا تنسى أبدًا أن تستفاد وبشكل كبير من كافة تجارب العظماء والآخرين من حولك فهو طريق خاص بمفرده لتحقيق النجاح (9).
كيف نستفيد من نجاحات الآخرين؟
عادة ما يضطر الأشخاص الناجحون لدفع فاتورة باهظة من المال، المشاعر، الصعوبات، والإحباطات؛ لتحقيق هدف محدّد، وعندما نقوم على دراسة نجاحاتهم ونتعلّم من خبراتهم، يمكننا أن نوفّر على أنفسنا قدرًا هائلًا من الوقت والصعوبات التي قد تواجهنا، فنجاحات الآخرين درس حي يمكننا الاستفادة منه وبأقل التكاليف والجهد. كيف نستفيد من إخفاقات الآخرين؟
كما ينبغي علينا أن نتعلّم من نجاحات الآخرين، فعلينا أيضًا أن نتعلّم من إخفاقاتهم، فنحن بإمكاننا أن نتعلّم من أخطاء الآخرين، بدلًا من أن نتورّط نحن في إخفاق ما، تكون نتائجه كارثية، فإذا لم نتعلّم من أخطاء غيرنا، فلا بدّ وأن نخطئ ونتعلّم من أخطائنا، ووقتها ندفع ثمن التعلّم غاليًا، فالعديد من النجاحات العظيمة التي حدثت عبر التاريخ، كانت نتيجة للدراسات العميقة للإخفاقات التي وقع بها الآخرون، في نفس المواقف الشبيهة والتعلّم منها، وتخطيها بأقل وقت وجهد ممكن.
تجارب الآخرين للتنوير لا للتقليد:
من الأشياء التي يجب أن تدركها أن الغرض من التجارب في الأساس هو عملية التنوير لا التقليد، أي أنني عندما أسمع تجربة معينة، فإنّ سعيي لا يجب أن يكون ناحية تقليده أو السير على نفس خطواته، فبالتأكيد لكل تجربة تفاصيلها الخاصة، وبالتالي، لا يجب أن يكون تقييم تجارب الآخرين معتمد على صلاحية تنفيذها لديك، لا سيّما مع اختلاف الظروف التي تتحكم في حياة كل شخص، بل يجب أن تفكر في الرسائل التي يمكنك الخروج بها من التجربة، مثلًا طريقة التعامل مع الصعوبات، رسائل تحفيزية.
بالتفكير فإنّ هذا الأمر منطقي تمامًا، ويجعلك قادرًا على الاستفادة بكل التجارب الأخرى والاستمتاع بها، لأنّك لا تحتاج للتفكير في خطوات الآخرين كنظام للسير عليه، بل كقصص ملهمة ومعاونة (10).
_______________
(1) تفسير القرطبي (4/ 41).
(2) تفسير الرازي (2/ 407).
(3) أخرجه البخاري (122).
(4) من قال أنا عالم فقد أعلن جهله/ إسلام أون لاين.
(5) تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي (2/ 593).
(6) مناقب الإمام الشافعي (ص: 227).
(7) أخرجه البخاري (3401).
(8) كيف تتعلم من الآخرين/ إسلام أون لاين.
(9) كيف تتعلم من خلال الأخرين/ إفني نت.
(10) كيف تستفيد من تجارب تعلّم الآخرين؟ / مؤسسة زدني للتعليم.