فن الإنصات والاستماع 2/2
استمعوا إلى أبنائكم:
يذكر »ستيفن كوفي« أن أبًا جاءه يشكو سوء العلاقة بينه وبين ابنه المراهق قائلًا: لا أستطيع أن أفهم هذا الولد،
إنه لا يسمعني، فقال له: هل يمكن أن تعيد علي ما قلته، فأعاد عليه ما قاله، فرد عليه الكاتب: أنا لا أفهم ما تقول، إذا أردت أن تفهمه لابد أن تستمع إليه أنت، لا أن يستمع إليك هو.
من أقوى الوسائل التي تقوي بها علاقتك بابنك أو ابنتك هو الاستماع إليهم، إلى أحلامهم، إلى مشاعرهم، أثناء حديثهم أظهر مشاعر التقدير لكل ما يقولونه، تحرك إلى الأمام في كرسيك، ضع يدك على كتفه، أحتضنه أثناء حديثه، وحرك رأسك تعبيرًا عن متابعة حديثه، وكن على اتصال بصري بعينيك معه طوال حديثه.
لكن الفعل الأهم من الاستماع هو أن تكبح جماح نفسك عن الحكم على ما يقولونه أو سرعة توجيههم وإبداء النصح إليهم، يفهم المراهق من هذا أنه تعرض إلى العقوبة بسبب حديثه إليك، حتى لو قلت له عكس ذلك.
احذر من الاستماع الانتقائي، أي أنت تسمع ما تريد أن تسمعه أنت، أو ما تتوقع أن يقوله المتحدث، لذا استمع بتأني لما يريد الآخر أن يوصله إليك، لو استطعنا تجنب هذا المحذور؛ فسنتجنب الكثير من الخلافات التي تحدث بين الأقران والأزواج بسبب سوء الفهم لما لم يسمعوه أصلًا.
اسأل عن أي غموض في حديث المتكلم، فهذا سيزيل أي لبس قد يبقى في قلبك، كما سيعطيه دليلًا على أنك مستمع مميز.
هذه بعض اللمحات السريعة التي ستساعدك على تطوير هذه المهارة البسيطة، والتي تعطي نتائج باهرة في تحسين علاقاتك بالناس، ويزيد من احترامهم وتقديرهم لك.
فوائد الإنصات الجيد:
أولًا: إتاحة الفرصة للعقل الباطن للمتحدث ليخرج ما به من مشاعر حقيقية.
ثانيًا: الإبقاء على أوراقنا غير مكشوفة؛ حتى نطمئن لمن نتحدث إليه.
ثالثًا: إن للإنصات فائدة عظيمة وهي أنه يساعدنا على فهم أنفسنا.
رابعًا: يساعدنا على التخلص لفترات معقولة من التمركز حول أنفسنا.
خامسًا: يساعدنا أن لا تحتكر أنفسنا كل اهتمامنا؛ بل أن نخرج قليلًا لننصت لغيرنا.
سادسًا: يساعدنا على التكلم بعفوية مع الآخر، وستخرج من أفواهنا أقوال رائعة وذكية ومناسبة.
سابعًا: يساعدنا على التقرب من الآخرين، ومعرفتهم بشكل أعمق.
طرق ممارسة الإنصات:
أولًا: النظر في عين الشخص المتحدث، وتجنب النظر إلى شعره أو حذائه.
ثانيًا: إظهار الاهتمام بما يقوله المتحدث، بقول: نعم، يالله، أووه...إلخ، أو بإيماء الرأس.
ثالثًا: الميل باتجاه المتحدث إذا كان الطرفان متقابلان.
رابعًا: طرح الأسئلة على المتحدث، في إطار الموضوع.
خامسًا: عدم مقاطعة المتحدث، قدر الاستطاعة.
سادسًا: عدم الابتعاد عن الحديث الذي يطرحه المتحدث حتى ينتهي من حديثه.
سابعًا: استخدام الكلمات التي استخدمها المتحدث والأسئلة التي طرحها أثناء حديثه.
ثامنًا: وإن ضحك، فشاركه الضحك.
الوصايا العشر التي وضعها خبراء الإتكيت للإنصات الجيد:
1. توقف عن الكلام.
2. اجعل المتحدث يشعر بالارتياح.
3. اجعل المتحدث يحس أنك تريد الإصغاء.
4. تخلص مما يشتت الانتباه.
5. تعاطف مع المتحدث.
6. كن صبورًا.
7. حافظ على مزاجك.
8. لا تتوقف عند النقاط التي تثير الجدل أو الانتقاد.
9. اسأل بعض الأسئلة في نهاية الحديث.
10.توقف عن الكلام مرة أخرى.
تمارين لممارسة الإنصات للآخرين:
قم بوضع كرسيين متقابلين، واطلب من صديقك أو أي شخص بالجلوس والتحدث معك في أمر ما، وقم بتطبيق الخطوات أثناء حديثه.
1. استمع استمع استمع، نعم عليك أن تستمع وبإخلاص لمن يحدثك، تستمع له حتى تفهمه، لا أن تخدعه أو تلقط منه عثرات وزلات من بين ثنايا كلماته، استمع وأنت ترغب في فهمه.
2. لا تجهز الرد في نفسك وأنت تستمع له، ولا تستعجل ردك على من يحدثك، وتستطيع حتى تأجيل الرد لمدة معينة حتى تجمع أفكارك وتصيغها بشكل جيد، ومن الخطأ الاستعجال في الرد، لأنه يؤدي بدوره لسوء الفهم.
3. اتجه بجسمك كله لمن يتحدث إليك، فإن لم يكن، فبوجهك على الأقل، لأن المتحدث يتضايق ويحس بأنك تهمله إن لم تنظر إليه أو تتجه له، وفي حادثة طريفة تؤكد هذا المعنى، كان طفل يحدث أباه المشغول في قراءة الجريدة، فذهب الطفل وأمسك رأس أبيه وأداره تجاهه وكلمه.
4. بين للمتحدث أنك تستمع، أنا أقول بين لا تتظاهر، لأنك إن تظاهرت بأنك تستمع لمن يحدثك فسيكتشف ذلك إن آجلًا أو عاجلًا، بين له أنك تستمع لحديثه، بأن تقول: نعم، صحيح، أو تهمهم، أو تومئ برأسك، المهم بين له بالحركات والكلمات أنك تستمع له.
5. لا تقاطع أبدًا، ولو طال الحديث لساعات، وهذه نصيحة مجربة كثيرًا ولطالما حلت مشاكل بالاستماع فقط، لذلك لا تقاطع أبدًا واستمع حتى النهاية، وهذه النصيحة مهمة بين الأزواج، وبين الوالدين، وأبنائهم، وبين الإخوان، وبين كل الناس.
6. بعد أن ينتهي المتكلم من حديثه لخص كلامه بقولك: أنت تقصد كذا وكذا، صحيح؟ فإن أجاب بنعم، فتحدث أنت، وإن أجاب بلا، فاسأله أن يوضح أكثر، وهذا خير من أن تستعجل الرد فيحدث سوء تفاهم.
7. لا تفسر كلام المتحدث من وجهة نظرك أنت، بل حاول أن تتقمص شخصيته وأن تنظر إلى الأمور من منظوره هو لا أنت، وإن طبقت هذه النصيحة فستجد أنك سريع التفاهم مع الغير.
8. حاول أن تتوافق مع حالة المتحدث النفسية، فإن كان غاضبًا فلا تطلب منه أن يهدئ من روعه، بل كن جادًا واستمع له بكل هدوء، وإن وجدت إنسان حزينًا فاسأله ما يحزنه ثم استمع له؛ لأنه يريد الحديث لمن سيستمع له.
9. عندما يتكلم أحدنا عن مشكلة أو أحزان فإنه يعبر عن مشاعر، لذلك عليك أن تلخص كلامه وتعكسها على شكل مشاعر يحس بها هو.
أخذت مثالًا من كتاب »ستيفن كوفي«»العادات السبع لأكثر الناس إنتاجية«:
الابن: أبي لقد اكتفيت، المدرسة لصغار العقول فقط.
الأب: يبدو أنك محبط فعلًا.
الابن: أنا كذلك بكل تأكيد.
في هذا الحوار الصغير لم يغضب الأب، ولم ينهر ابنه ويتهمه بالكسل والتقصير، بل عكس شعور الابن فقط، وفي الكتاب تكملة للحوار على هذا المنوال حتى وصل الابن إلى قناعة إلى أن الدراسة مهمة، وإلى اتخاذ خطوات عملية لتحسين مستواه في الدراسة.
أنقل لكم بعض المقترحات التي سطرها »ستيفن كوفي« في كتابه، وهو الكتاب الذي اعتمدت عليه في موضوعي هذا، طبقها خلال أسبوع، وانظر إلى النتائج بعد هذا الأسبوع.
1. حيث تسنح لك الفرصة مراقبة أشخاص يتحدثون، أغلق أذنيك لبضع دقائق وراقب فقط أي انفعالات، والتي قد لا تظهرها الكلمات وحدها.
2. راقب نفسك كلما كنت في حوار مع أي شخص، واضبط نفسك إن حاولت أن تقيم أو تفسر حديث الشخص بشكل خاطئ، واعتذر له، واطلب منه أن يعيد الحوار مرة أخرى، جربت هذه الطريقة من قبل، وكان لها مفعولًا عجيبًا على الطرف الآخر.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: موقع كنانة أونلاين.