عشر نصائح لتجديد الحياة
أولًا: حدد ما تريد:
إن قانون الحياة وسنة الكون ثابتة بأن الدنيا لا تستحوذ فيها على كل شيء، وكذلك فإن من المستحيل أن تجد كل شيء عند شخص واحد، ولهذا خلقت التضحية.
فعلى كل إنسان أن يحدد ما يريده في حياته، أيًا كان هذا الذي يريده، فمن يريد المال سيسعى طوال حياته وراء المال، ومن يريد العلم فسيقضي عمره في طلبه، ومن يريد الملك والسلطان فسوف يبذل أقصى ما يستطيع ليحصل على تلك السلطة، وهكذا على كل إنسان أن يحدد ما الذي يريده، ويكون على يقين أنه إن لم يكن مستحيلًا فإنه، بالطبع، من الصعب والعسير جدًا أن تحصل على كل شيء، فعلى قدر شغفك واهتمامك وإيمانك ستكون لك أهداف محددة في حياتك، فقم بتحديدها من الآن حتى تسير في ضوئها.
ثانيًا: توقف عن الشكوى والتذمر:
نعم، لا وقت للبكاء، قم وشمر عن ساعد الجد واجتهد، ابذل أقصى ما في طاقتك حتى تحقق أهدافك، وتوقف في الحال عن الشكوى، فكما يقولون في المثل الصيني: "لا تلعن الظلام ولكن أوقد شمعة فيه" فبدلًا من أن تهدر طاقتك في تعديد مثالب المجتمع من حولك، أو التذمر من الأحوال التي تحيط بك، افعل أنت شيئًا إيجابيًا، وكن أنت الإضافة لهذا الواقع الذي ترفضه.
ثالثًا: اقبل نفسك:
نعم، اقبل نفسك وكن ممتنًا لها ولخالقها، فأنت عالَم فريد وحدك، وأنت مهما قل حجمك أو صغرت مكانتك فإنك تملك الكثير والكثير مما قد لا يملكه غيرك، فكل إنسان منا لديه من القدرات والطاقات والمواهب ما لا توجد عند غيره من البشر، وعليك أن تبحث في ذاتك، وتتأمل بها وستجد العجب العجاب، ولهذا وجهنا الخالق عز وجل فقال، وهو أصدق القائلين: {وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ} [الذاريات:21]، لقد أمرنا أن نتأمل في الخلق والملكوت من حولنا، ولكن قبل ذلك علينا أن ندرك نعمة الله في خلقه لنا، وكيف أننا مكرمين على كثير ممن خلق، ومفضّلين عليهم تفضيلًا.
فمهما كنت ضعيفًا، فقيرًا، وحيدًا، يتيمًا أو أيًا كان وضعك فستجد عندك ما يقويك بعد إيمانك بالله عز وجل.
رابعًا: قدم خدماتك للآخرين:
لا تكن منغلقًا على ذاتك حتى لا يقودك ذلك للأنانية المقيتة، فالرسول صلى الله عليه وسلم نبهنا لهذا وقال: «خير الناس أنفعهم للناس» [المعجم الأوسط، للطبراني (5787)]، فأين أنت من النفع لغيرك.
لا تبخل على أحد بما عندك، أيًا كان الذي عندك، مالًا، علمًا، صحة وقوة، فاعتبرها صدقة، أخي الحبيب، تتصدق بها وتزكي عن نعم الله التي أنعم الله بها عليك، وهدفك هو خدمة من حولك، وشكر النعمة، وتأكد أنك ببذلك لما عندك فإنه سيزيد، وهذا مصداقًا لقول الله عز وجل: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ} [إبراهيم:7]، وما أفضل من بذل النعمة وتقديمها للآخرين شكرًا لها.
فالمجتمع لن يستفيد شيئًا إن ظللت تشكر الله بلسانك ليل نهار، ولكن عندما تتصدق بما مَنَّ الله به عليك، هذا هو أفضل الشكر، فلا تبخل على أحد بما عندك، وأكرر، أخي الحبيب، ليس المقصود ما عندك من المال فقط، لكن كل ما تملكه أو وهبه الله إياك هو رأس مال لديك.
خامسًا: اعتن بنفسك:
ألم يقل لك رسولك الكريم: «فإن لجسدك عليك حقًا» [صحيح البخاري (1975)].
يجب أن تكون متوازنًا في حياتك، وتعطي كل ذي حق حقه، فلا ترهق نفسك في العمل أو الدراسة أو أي عمل أيًا كان، فكما أن هناك وقت للعمل، يجب أن يكون لك وقت للراحة، وحبذا لو كان هذا الوقت مُجَدْوَلًا في خطتك الأسبوعية واليومية، فأَخْذُ قسط من الراحة، والاهتمام بساعات النوم، دون إفراط ولا تفريط، وكذلك الغذاء المناسب والمتنوع الذي يضمن لجسمك كل المكونات المغذية المطلوبة، والابتعاد عن كل ما يضر صحتك، هذا أمر حيوي، فضلًا عن عدم الإسراف في أي شيء، حتى لو كان من المباحات.
ولا تنسَ ممارسة أي نوع من أنواع الرياضة، ولو على الأقل المشي.
إن كل ما نقوله هذا هو باختصار التاج الذي نحرص أن يكون مزينًا لك، ولا يراه إلا إخواننا المرضى، شفاهم الله وعافاهم، ومتعنا وإياكم بالصحة والعافية.
سادسًا: تأمل:
لتكن لك لحظات استرخاء بشكل يومي، أيًا كان المكان وأيًا كان الزمان، وإن كنا نفضل أن تكون تلك اللحظات إما في ساعات الغروب أو الشروق أو في ظلمة الليل، فهذه الأوقات أدعى لسكينة النفس، ولإثارة كل المشاعر الإنسانية الرقيقة داخل الإنسان.
ولقد كان رسولنا الكريم، قبل بعثته، يذهب ليقضي أيامًا طوالًا متأملًا في ملكوت السموات والأرض في غار حراء.
سابعًا: ابحث عن الإلهام:
أنت لست وحدك في هذا الكون، ولست وحدك الذي يريد هذا الهدف، أيًا كان الهدف، فهناك من يشاركك، وهناك من سبقك وحقق هذا الهدف، ونجح فعلًا في إنجازه، فلِمَ لا تحاول أن تحيط نفسك بهؤلاء الناجحين، أو حتى الذين يريدون ذات الهدف، وها هو الله عز وجل يوصي نبيه عليه الصلاة والسلام فيقول: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} [الكهف:28].
علينا أن نحيط أنفسنا بالناجحين في مجالات تخصصنا وتحقيق أهدافنا، أو نسعى لإيجاد من يلهمنا في طريقنا، ويشد من أزرنا، ويقوي من عزيمتنا، ويقوينا على المضي قدمًا في طريقنا.
ثامنًا: ضع خطة:
صحيح أننا نقول للشخص: اعمل، قم بأي عمل، ولكننا لا نريد عملًا عشوائيًا؛ بل النجاح مرتبط دائمًا بالتخطيط، فأي عمل مهما صغر، طالما ابتغي به وجه الله عز وجل فهو بإذن الله مقبول، ولكن حتى نأخذ بالأسباب فعلينا أن نخطط لعملنا، ونعطيه من الاهتمام والعناية ما يستحق.
لا بد أن تعرف الهدف من أي عمل تقوم به، وما هي الوسائل لتحقيقه، وما المتاح لك من تلك الوسائل، وما هو غير المتاح، وما العقبات التي ستواجهك في سبيل تحقيقه، وما هي الفرص المتاحة أمامك لتحقيقه.
يجب أن تحدد قدراتك، ونقاط القوة والضعف لديك، يجب أن تتعرف على البيئة التي ستعمل بها، وعليك وضع خطة زمنية لأي عمل تقوم به، فما يتم إنجازه في أيام ليس من المعقول أن تشحذ له ذات الهمم والأدوات، التي نستعد بها لعمل يأخذ سنوات أو شهور.
وأفضل طرق التخطيط، لكي تبدأ بها، هو التخطيط الأسبوعي، فمن يعتاد أن يخطط عمله خلال أسبوع بإمكانه إن يخطط لشهر أو لسنة.
تاسعًا: تعلم أن تتعامل مع المال:
المال وسيلة وليس غاية في حد ذاته، ولأنه وسيلة أو أداة لتحقيق أهدافنا، وتغيير حياتنا فعلينا أن نتعامل معه التعامل اللائق به، فلا نعطيه أكثر من حقه فيصبح هو المسيطر علينا والمسير لنا، ولا أن نبخسه حقه وقدره فنهدره أو نسرف في إنفاقه فيضيع منا سدى، مهما كان مقدار المال الذي تحصل عليه كدخل لك، عليك أن تنفق منه وتدخر منه ولو القليل، وأن تفكر في استثمار جزء آخر منه، وهذا الاستثمار له صور عديدة، ليس هذا مجالها الآن، ولكن بما أن المال هو عصب الحياة المادية المعاصرة، فعلينا أن نحاول أن نمتلك تلك الوسيلة، بطرقها المشروعة التي يرضى عنها ربنا؛ حتى يبارك لنا فيه، وحتى نعيش سعداء، نذكر أنفسنا بأن هذا المال خضرة حلوة، من أخذه بطيب نفس بورك له فيه، ومن أخذه باستشراف نفس كانت عليه وبالًا والعياذ بالله.
عاشرًا: استمتع:
رسولنا الكريم لم يُر إلا هاشًا باشًا، وكان مبتسمًا في وجه الجميع، فلِمَ العبوس إذن، ولما القسوة في قسمات وجوهنا.
علينا أن نستمتع بحياتنا، ونضحك ونبتسم، وتكون روح الدعابة والمرح جزءًا من حياتنا، فالرسول صلى الله عليه وسلم، مع كل ما لديه من مشاغل الدعوة والرسالة وهموم الدولة والقيادة والحروب والغزوات، كان يداعب أصحابه ونسائه، وحتى الأطفال من أبناء الصحابة، وكلنا يذكر ملاطفته للغلام إذ سأله: «يا أبا عمير، ما فعل النغير» [صحيح البخاري (6129)].
فالحياة حتى تسير تريد منا شيئًا من المرح والمزاح الحلال المباح، فمن الذي قال أن التدين هو الشدة والعبوس، ومن الذي قال أن الشخص حتى ينجح لا بد وأن يكون صارم الوجه، شديد الكلمات، لا يضحك أبدًا، من قال ذلك؟ ولكننا نُذَكِّر بأننا أمة وسط، فساعة وساعة.
هذه كانت عشر نقاط، حاولت فيها إجمال بعض النقاط التي نحتاجها جميعًا لكي تتغير حياتنا مما هي فيه، وأوضاعنا مما هي عليه.
فليجتهد كل منا أن يجلس مع نفسه، ويفكر في حياته؛ لأن حياته هي رأس ماله، فيومنا الذي يمر لن يعود أبدًا أبدًا، وإن مر دون استثمار فقد خسرناه، فلا بد وأن يكون هدفنا أن هذا اليوم لا بد وأن يقربنا من الله أولًا، وأن يقربنا من تحقيق أهدافنا ثانيًا.
________________
المصدر: موقع: نافذة مصر.