logo

طفل ذو شخصية متميزة


بتاريخ : الخميس ، 10 شوّال ، 1440 الموافق 13 يونيو 2019
بقلم : أمل علي الغامدي
طفل ذو شخصية متميزة

نسعى جميعًا أن يكون أطفالنا بشخصيات متميزة وناجحة ومستقلة، بأن يكونوا مؤثرين ومنتجين وقادرين على العطاء، شغوفين بالتعلم، يتحملون المسئولية، يظهرون الاحترام للفكرة والرأي والقانون.

حين نربي أطفالنا فإننا نقوم بتربية أنفسنا من الداخل، ونعيد تشكيل سلوكنا معهم، إن ما يحتاجه الطفل بأن نكون قدوة حقيقية له، فحين نطلب منهم أن يبتعدوا عن الألفاظ النابية فهل نحن نقوم بذلك فعلًا؟

إن هذا مبدأ أساس يجب أن ننطلق منه في تربية أطفالنا، بأن نكون قدوة لهم؛ لأن الطفل يتأثر بسلوك الوالدين أكثر مما تؤثر به الكلمات والخطب المتواصلة في الليل والنهار.

هناك بعض الممارسات اليومية، التي إن حرص الوالدان على أن يشاركا الطفل بها ستكون جزءًا من شخصيته وطبيعة حياته، ولو رجعنا لأصل تلك العادات نجد أنها مستمدة من ديننا الإسلامي، ولكن التركيز عليها ووضعها كأهداف يومية له أثر كبير في شخصية الطفل؛ بل في الأسرة بالكامل، ومن أبرز تلك العادات اليومية:

1- القراءة:

الطفل الذي ينشأ في أسرة تكون القراءة جزءًا مهمًا في يومها هي أسرة تهيئ ابنها لمستقبل واعد، فكم صفة إيجابية يتمتع بها الطفل القارئ؟ إن سعة الاطلاع وحب المعرفة والتعلم سيشكلان صفات أساسية به، بالإضافة إلى أنه سيكون متحدثًا جيدًا، وربما يصبح كاتبًا في المستقبل؛ لأن القراءة المستمرة تحرض على الكتابة الإبداعية.

2- تقبل الاختلاف:

نسعى دائمًا أن نكون محاورين جيدين، وما أن نرصد محاولة للاختلاف بالرأي والفكرة إلا وينقلب ذلك الحوار إما إلى منافسة، لإثبات الرأي، أو قطيعة مع من اختلفنا معه؛ لأن تقبل الاختلاف لم نمارسه منذ طفولتنا بالشكل الصحيح, وبطبيعة الحال لا نرغب بأن يكون أطفالنا بهذا الشكل في حواراتهم؛ لذا لا بد أن نتقبل أفكارهم، وإن كانت غريبة نستمع لها دون مقاطعة، ونشرح لهم ما غاب عن فهمهم، ونؤيد صحة ما يقولون، ونبتعد نهائيًا عن رفض الفكرة؛ لأنها لا تعجبنا أو لأنه يظهر لنا بأنها خاطئة، كما أن أطفالنا يتعلمون منا كيف نحترم الآخرين بتعاملنا معهم، وكيف نتعامل مع الأقل والأضعف منا، والمختلف عنا باللون والجنس والدين, كما أن التنوع سنة كونية أقرها الله تعالى، فنحن مختلفون لنتعارف ونستفيد ونحيا مع بعضنا.

3- العمل التطوعي:

حين نقارن شابًا نشأ على أن يكون العطاء جزءًا من يومه مع شاب لم يمارس من قبل أي عمل تطوعي، فإن النتيجة ستكون لصالح من يبذل ما يستطيع في سبيل الغير.

حين نتكلم عن العمل التطوعي بشكل عام فأنا لا أقصد أن ينخرط الطفل بأعمال تطوعية يومية منظمة، فإن ذلك بطبيعة الحال سيؤثر على دراسته ومهامه الأخرى، ولكن أن يقدم الطفل في يومه أي عمل يسير، يُحدث فيه أثرًا لمن هم حوله، وهي أعمال كثيرة؛ مثل: إبعاد حجر مؤذٍ في طريقه للمدرسة, أو مساعدة صديق أو معلم بحمل حقيبة أو غرض ما, تقديم أفكار لحل مشكلة بالمدرسة, مساعدة من هم أصغر منه بالمدرسة, سقيا الزرع، وغيرها الكثير من الأفكار التي تجعل من أطفالنا شخصيات معطاءة، تذوب الفردية في أنفسهم، ويكونون مستشعرين لاحتياجات الآخرين, ولديهم القدرة على الرصد والتخطيط والتنفيذ، هذا إلى جانب أن التطوع يهذب الكثير في النفس البشرية.

4- احترام القوانين:

كلنا يحث أبناءه على احترام القوانين، ولكن ماذا عن بعض الأهالي الذين يقومون بفتح حسابات لأطفالهم بوسائل التواصل الاجتماعي بأعمار السبع والثماني سنوات، وهم على معرفة بأن القوانين تمنع ذلك، ومن باب التحايل تلجأ الأم أو الأب إلى تغيير تاريخ الميلاد لابنها، وهنا ستكون الرسالة للابن بأنه لا بأس من التحايل والكذب وكسر بعض القوانين للوصول إلى هدفك.

في ظل الانتشار السريع لبعض السلوكيات يجب ألا ننجرف بارتكابها لأن الكل يفعلها؛ بل لا بد أن نَثبُت عند كل ما هو صحيح، وأن نزرع بأطفالنا تلك القيمة العظيمة، وهي احترام القانون، والثبات على الحق، حتى وإن عم الخطأ، إن مثل هؤلاء الأطفال سيكونون ذوي شخصية قوية وأثر واضح فيمن حولهم.

5- حب التعلم:

حين يسألنا أطفالنا ونكون صادقين معهم بإجابتهم (لا أعرف)، ثم نرد عليهم بعبارة مثرية (لنبحث عن الإجابة)، وهنا تقوم رحلة علمية جميلة بين الأم وأطفالها، إما أن تكون في كتاب أو محرك بحث أو مجلة علمية، أو سؤال شخص خبير.

فاغرس بطفلك قيمة هامة، وهي أنه ليس من العيب ألا أعرف، وأقر بذلك، وبناءً عليه لا بد أن أتعلم وأبحث بنفسي عن المعلومة.

بناءً على ذلك سيكون ابني شغوفًا بالتعلم، محبًا للسؤال، وواثقًا من نفسه، حين يخطئ يعترف بخطئه، وحين لا يعرف سيسأل، وسينتفي أهم مانع لديه الذي يمنع الكثيرين من التعلم، وهو الخوف من الخطأ والخجل من السؤال، والنتيجة ستكون مزيدًا من العلم والمعرفة والفكر النير.

6- كيف يعبر عن رأيه؟

حين نعبر عن مشاعرنا تجاه شخص أو موضوع كيف هي آراؤنا؟ كيف نتحدث بها؟ هل نفرضها أم هل نعرضها فقط، هل نتجاوز الأدب أم نلتزم اللباقة؟ حين يكون ابننا مستاءً وغاضًبا، هل يمتلك القدرة على ترجمة أفكاره ومشاعره لنا، دون خوف ودون تردد، دون توجس من إيقاع العقوبة عليه.

إن ما نسعى له أن يكون طفلنا قادرًا على التعبير عن رأيه بشجاعة وتهذيب، وأن يمتلك المهارات التي تعينه على قول ما يريد وبالطريقة المناسبة، ألا يتعمد إيذاء مشاعر الآخرين بدعوى الصراحة، وألا يخفي الحقائق للمجاراة، وألا يكذب وأن يكون هادئ الحوار، وصوته واضحًا ومسموعًا, وهذه المهارات لا تترسخ بالطفل إلا بالحوار الإيجابي معه، والسماح له بالتعبير عن مشاعره، وعدم رفضه ومشاورته بالموضوعات التي تمس الشأن اليومي، والاستعانة به في وضع الحلول وعدم تجاهل رأيه.

إن الجلسات اليومية، ولو لمدة 20 دقيقة يوميًا، بحوار إيجابي وعميق، ستكسب الطفل الكثير من المهارات، بالإضافة إلى الثناء عليه أمام العائلة.

وأخيرًا، تلك هي أبرز الجوانب التي تساهم في تنمية شخصية متميزة بالطفل، وقد يرد في ذهن البعض ممارسات يومية يرى أنها أكثر أهمية، وبالطبع فإن ذلك يتبع رؤية الوالدين بالكيفية التي يطمحوا من خلالها تربية أبنائهم.

بقي أن ننوه بأنه كي تغرس سلوكًا في طفل فإن الأمر يحتاج إلى أن عدد من الأمور الهامة:

- أن تكون قدوة له.

- أن تستمر عليه بشكل يومي.

- أن تجد الطريقة المناسبة لطفلك كي تغرس به تلك العادة، فالأطفال مختلفون بطبيعتهم، كما أن الظروف في كل بيت مختلفة.

 

المصدر: لها أون لاين