الحديث المؤثر
كل محاضر أو متحدث أو خطيب يود أن يكون حديثه له تأثير في نفوس السامعين، قد وعوه ولاقى القبول منهم، وحتى يتحقق هذا الهدف فلا بد من توفر الشروط التالية:
1- الإخلاص والاقتناع الداخلي بالموضوع الذي يلقيه المتحدث أو الخطيب، فكيف يقنع الآخرين إذا لم يكن هو قد أحاط بالموضوع، واقتنع به أنه ضروري ومفيد، وإذا كانت المعلومات غير كافية فهذا يسبب له المتاعب، والإخلاص أهم نقطة للتأثير في الجماهير؛ لأن الناس بحاستهم السادسة يدركون ويفرقون بين الكلام الذي يدل عليه علامات الإخلاص والصدق، وبين الكلام المتصنع المزخرف الذي لم يخرج من القلب.
إن الإخلاص وإن كان شيئًا داخليًا إلا أن له دلائل تدل عليه في لهجة المتحدث أو وجهه، وغير ذلك من الأمور التي لا تبدو للظاهر، ولكن المستمع يدركها، ألم يقل الصحابي عبد الله بن سلام حين رأى الرسول صلى الله عليه وسلم لأول مرة: «إن هذا الوجه ليس بوجه كذاب»، وكان هذا سبب إسلامه.
الإخلاص يوجد نوعًا من الاستجابة الإيجابية لدى المستمعين أو المشاهدين.
2- على المتحدث أن يحتفظ بشخصيته ولا يقلد أحدًا، وخاصة المشاهير، وهذا التفرد في شخصية كل إنسان شيء يجب أن نعتز به، فكل فعل له طريقته وطبيعته الخاصة، فإذا كان منسجمًا مع طبيعته غير متكلف فهذا أقرب للناس، ويجعله يشعر بشعور أفضل، والذي يتكلف التقليد فإنه في الغالب لا يتقنه، والناس يعلمون أنه يقلد فلانًا أو فلانًا، وهذا مدعاة للاستغراب؛ بل للاستنكار.
وعندما نطالب المتحدث بتجنب التقليد، فإننا في الوقت نفسه نحثه على التحسين المستمر، والإعداد الجيد للمادة التي يريد التحدث بها، والمراجعة بين كل فترة وأخرى، فهذا مما يجعله واثقًا من نفسه، مطمئنًا إلى موضوعه.
3- لكل حديث أو محاضرة وقت محدد، أو شيء قريب من هذا، وخطبة الجمعة وإن كانت غير محددة ولكن من الأفضل عدم الإطالة، والالتزام بالوقت المناسب، فإذا كان المتحدث ملزمًا بوقت معين فيجب أن يتنبه لهذا، وإذا وصل إلى نهاية المدة ولم يُنْه حديثه فهذا دليل على ضعف الإعداد.
4- على المتحدث أن يتجنب القول في بداية الحديث: إنه موضوع جاف، ولكن سأجعله شيقًا بقدر الإمكان، أو يقول: إنه موضوع صعب، ولكن سأحاول أن أجعله سهلًا واضحًا، فكأنه بهذا القول يعطي إشارة سلبية إلى المستمع، ولكن من المفيد أن يبسط الفكرة التي يريد إيصالها، ويدعمها بالأمثلة في الواقع.
كما أنه من المستحسن أن يتجنب الإعلان في البداية عن موضوعه؛ كأن يقول: سوف أتحدث اليوم عن...، فالإعلان عن الدرس أو المحاضرة في الخارج يغني عن هذا، ولكن الاستهلال الجيد هو الذي يشد المستمعين، ويجعلهم يفكرون في الموضوع وينسجمون معه.
5- قد يسرع المتحدث اعتمادًا على أن الحضور يفهمونه، ولكن من الأفضل مراعاة الوسط؛ فلا يسرع ولا يبطئ فيأتي بالملل؛ لأن البطء في الحديث مما يثير الأذكياء ويزعجهم، والإسراع فيه يفوت الفرصة على أصحاب الحالة الوسط.
وكذلك يجب عليه مراعاة الصوت وانخفاضه، ولا يستمر على وتيرة واحدة، وأن يكون الختام بجمل قوية، تلخص الفكرة التي يريدها.
6- من الأفضل لخطيب الجمعة عدم القراءة من ورقة، ولكن لا مانع من ورقة فيها الخطوط العريضة للموضوع، أو فيها بعض الاقتباسات المهمة والتي يصعب حفظها.
7- على المتحدث أو الخطيب تجنب الأخطاء النحوية أو اللغوية، وربما لا يدرك أنه يخطئ في بعض الكلمات، ولكن إذا أخبره أحد بذلك فإنه سيتنبه لذلك ويصحح الأخطاء.
وعليه أن يتجنب الكلمات المبتذلة، حتى لو أنه يظن أنها ترضي السامعين أو تضحكهم، لكن من المؤكد أن هناك أناسًا لا يعجبهم هذا الأسلوب، ولا بأس بالمظهر الحسن، وخاصة لخطيب الجمعة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: موقع المسلم