logo

كيف تصنع هدفاً نبيلاً ؟


بتاريخ : الجمعة ، 20 ربيع الأول ، 1439 الموافق 08 ديسمبر 2017
بقلم : سحر شعير
كيف تصنع هدفاً نبيلاً ؟

عزيزي القاريء

تمثل الأهداف في حياة المرء سلسلة لا تنتهي من الانجازات التي يريد تحقيقها مادام حياً؛ فالأهداف مثل مكعبات البناء الذي ينتهي إلى بناء متكامل قوى، وكل هدف يوفر قوة واتجاه ذهني لازم لمساعدتك في تحقيق هدف آخر مقبل، وفي كل مرة تقوم فيها بالوصول إلى هدف تكتسب قوه الشخصية واحترام الذات. مما يزيدك ثقةً  في نفسك و قدراتك وينمي لديك الإيجابية التي تقربك بشغف أكثر للتحدي المقبل أو الفرصة القادمة، من خلال إجبار نفسك على المثابرة حتى تصل إلى هدفك.

 

ما أهمية أن يكون لك هدف ؟

إنّ عملية تحديد الأهداف من أهم العمليات التي ينبني عليها نجاح حياة الإنسان فبدونها يتيه الإنسان و يضيع وسط الاتجاهات الممكنة. يقول رسول الله صلى الله عليه و سلم: "كل الناس يغدو فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها" أي أن كل شخص في هذه الحياة يسير ويمضي؛ فهناك من يمضي إلى طريق واضح المعالم يفيد نفسه في هذه الدنيا وفي الآخرة أيضاً، وهناك من يتخبط يمينًا و يسارًا و ليس في جعبته من أسهم الخير والرؤى المستقبلية أي شيء.

وتحقيق الهدف يساعدك على تحديد ما هو المهم بالنسبة لك لتنجزه في حياتك, ويجعلك تطرح الأشياء الغير هامة جانباً ..تلك الأشياء التي لا علاقة لها بنجاحك و ما تريد تحقيقه.

إنّ رسم الأهداف نوعٌ من مدِّ النظر في جوف المستقبل، وإنّ الله ــ جل وعلا ــ يحثنا على أن نتفكر في الزمن الآتي، ونعمل له : "يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون" - الحشر: 18- ؛ ولذلك فالمسلم الحق لا يكون إلا مستقبليًا، ولكننا بحاجة إلى أن نعمم روح الالتزام نحو الآخرة على مسلكنا العام تجاه كل ما يعنينا من شؤون وأحوال. (د.عبد الكريم بكار:من أجل إنتاجية أفضل أهمية رسم الأهداف)

ويقول تشارلز في كتابه "الذات العليا": (بدون أهداف ستعيش حياتك منتقلا من مشكلة لأخرى بدلا من التنقل من فرصة إلى أخرى..! )

يقول الكاتب الأمريكي د.روبرت شولر في كتابه القوة الإيجابية: (الأهداف ليست فقط ضرورية لتحفيزنا ولكنها أيضًا شيء أساسي يبقينا أحياء) إنّ تحديدك لأهدافك وسعيك إلى تحقيقها، سوف يعطيك الشعور بأنك تسيطر على اتجاه حياتك بإذن الله، فأنت الذي تقرر ماذا تريد وأي طريق تسلك، ولا تترك ذلك للظروف وللآخرين يختارون لك حياتك، مما يعطيك إحساسا كبيرا بالثقة بالنفس والإحساس بالقوة التي أنعم الله بها عليك، يقول سيسل بي. دي ميل: (الشخص الذي يصنع نجاحًا في الحياة هو الشخص الذي يرى هدفه بثبات، ويسعى إليه مباشرة، هذا هو معنى التفاني).

لابد أن يكون هدفك محدداً

لا يكفي – عزيزي القاريء - أن تعرف هدفك، وترتبط به نفسياً وذهنياً، ولكن لابد أن يكون هذا الهدف محددا وواضحاً، ومقسماً إلى مراحل وخطوات يلي بعضها بعضاً وصولاً إلى النتيجة النهائية المرجوة لكل هدف.

إن الإنسان الناجح هو الذي يسير ويتحرك ويتصرف ويتكلم وفق أهداف مرسومة مسبقا ويعمل على تحقيقها أما الإنسان الذي ليس له أهداف فإنه سيبقى في مكانه.

وأهمية تحديد الهدف تتضح أكثر إذا علمنا أن هذه العملية تؤثر على عقل الإنسان ويصبح بالتالي يسير نحو الهدف تلقائيا، وتزداد هذه الثقة عندما يلوح لك بصيص الفوز و ترى نفسك وقد اقتربت يومًا بعد يوم من تحقيق أهدافك، وعندها لن يمنعك شيء من بلوغ آمالك، وستجد في نفسك القوة على مواجهة أي عقبة تحول بينك وبينها.  

 

كيفية تحديد الهدف

أول خطوة لوضع الأهداف الشخصية هي أن تضع في الاعتبار ما الذي تريد تحقيقه في حياتك؟  أو على الأقل خلال خمس سنوات مقبلة، ثم تتبع الخطوات التالية:

1 – توفير المعلومات اللازمة لتحقيق الهدف - الخارطة الذهنية والواقع الخارجي - الخبرات السابقة – المعتـقـدات والـقـيم المعوقة – خداع ومحدودية الحواس .

2 – الإيمان بالهدف وقيمته وأهميته وأولويته على غيره، وأنه يضيف للحياة جديداً، والقناعة الجازمة بذلك وعلى قدر إيمانك بأهمية هدفك وضرورته لك، وشغفك به يكون مقدار إبداعك ودأبك وسعيك وتجنيد جميع طاقاتك للوصول إليه .

3 – دراسة العواقب والآثار المترتبة على تحقق هذا الهدف بالنسبة لك وبالنسبة للآخرين والتأكد من صلاحيتها وإمكان تحملها .

4 – أن تتصور الهدف وقد تحقق تصوراً واضحاً إيجابياً بجميع حواسك وأن تتخيل نفسك وأنت تعيش مرحلة تحقق الهدف بكل تفاصيلها وتستمتع بذلك لأن ذلك يحفز طاقاتك ويوجه تفكيرك نحو الإبداع في كيفية الوصول للهدف .

5 – أن يكون الهدف ممكناً أي أن يكون واقعياً لا خيالياً وهمياً لأن الكثير من الناس يعيشون حياتهم في سماء الأوهام والخيالات كما أن آخرين يعيشون أسرى الواقع الحاضر لا يتجاوزونه فيكون مناسباً لك، وأن تمتلك أو تقدر على امتلاك ما تحتاجه من موارد لتحقيقه .

6 – أن يكون الهدف مجدياً؛ إذ لا يكفي أن يكون ممكناً بل لابد أن يكون الهدف عند تحققه أعظم نفعاً وفائدة وأهم وأعلى قيمة من الثمن الذي يقدم للوصول إليه.

 7 – أن يكون الهدف مشروعاً .

8 – أن تعلم أنك المسئول الأول عن تحقيق هدفك وأن جهود الآخرين في سبيل ذلك لا تتجاوز المساعدة التي لابد من تحديدها ومعرفتها والتأكد من إمكانية حصولها والسعي لتوفيرها .

9 – أن تحدد في خطتك موعداً زمنياً للوصول لهدفك وأن تصوغه بطريقة تمكنك من قياس قربك من تحقق الهدف وكم نسبة ما أنجز منه في أي مرحلة من مراحل سيرك إلى الهدف .

10 – أن تتعرف بالتفصيل على العوائق التي تتوقع أن تعترض طريقك وكيف يمكن تجاوزها.

11 – تجزئة الهدف الكبير لأهداف أصغر كلما حققت واحداً منها كلما اقتربت أكثر من إنجاز الهدف الأكبر في صورته النهائية .

12 – ألا تطلع على هدفك من لا حاجة لمعرفته به "استعينوا على إنجاح حوائجكم بالكتمان".

 

ولأنه ليست كل الأهداف قابلة للتحقيق، فإليك عزيزي القاريء

خصائص الهدف الفعال:

1- أن يكون في حدود قدراتك و مهاراتك: يجب أن تعرف مواطن القوة و الضعف في شخصيتك حتى تتمكن من وضع أهداف واقعية قابلة للتنفيذ.

2- واقعياً: كتابة مقال في اليوم شيء واقعي، فمثلاً مذاكرة ثلاثة فصول من مادة دراسية شيء ممكن،  بينما مذاكرة مقرر المادة كله في ساعتين أمر غير واقعي، مذاكرة أربع مقررات في اليوم شيء مستحيل .. اختر الهدف الواقعي.

3- يمكن تحقيقه: لا تعتمد على الآخرين في تحديد الأهداف أو في تحقيقها فهم لا يعرفون مدى قدراتك التي تساعد على تحقيق هذه الأهداف.

4- مرناً: أحيانا قد لا تسير الأمور كما تتمنى أو في الطريق الذي كنت تتوقعه. لا تتجمد في مكانك. عدل هدفك واجعله قابلا لإعادة التشكيل.

5- قابلًا للقياس: من المهم أن تستطيع قياس مدى تقدمك نحو الهدف، و أن تعرف الفترة الزمنية التي أخذتها في الإنجاز.

6- تحت سيطرتك: أنت الوحيد الذي يمكنك التحكم في سير الأمور لتحقيق الهدف و ماذا يجب عمله و في أي وقت، لا تعتمد على أحد غيرك أنت فقط الذي يعرف حقيقة قدرتك على الإنجاز.

 

وأخيراً عزيزي القاريء

تذكر أنّ هؤلاء الذين ليس لديهم أهدافاً ، محكوم عليهم للأبد أن يعملوا لمن لديهم أهداف، فكن صاحب هدف نبيل واضح..ولا ترض لنفسك أبداً أن تكون جزءاً من أهداف الآخرين.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المراجع:

  • من أجل إنتاجية أفضل أهمية رسم الأهداف:د.عبد الكريم بكار

-   صناعة الهدف: مبارك عامر بقنه

  • د.نبيهة جابر:أهمية الأهداف في صناعة النجاح
  • امرأة من طراز خاص:كريم الشاذلي