فن التعامل مع المراهقين
إن المشكلات التي تطرأ على المراهقين سببها الرئيس هو عدم فهم طبيعة واحتياجات المرحلة من قِبَل الآباء والمربين، وأيضًا عدم تهيئة الطفل أو الطفلة لهذه المرحلة قبل وصولها؛ ولهذا يحتاج المراهقون في هذه الفترة الحساسة من حياتهم إلى التوجيه والإرشاد بعد فهمٍ ووعي لهذه السلوكيات، وذلك من أجل ضبط عواطفهم الحساسة، وتعديل سلوكهم، وتهذيب أنفسهم؛ حتى نحافظ عليهم من الانسياق المتطرف وراء رغباتهم ونزواتهم، وأيضًا نحتاج إلى برنامج يتسم بالهدوء والشفافية واللطافة، بعيدًا عن القسوة في التعامل، الذي لا ينتج عنه سوى المزيد من العناد، والمزيد من الإصرار على الخطأ.
تعريف المراهقة:
ترجع كلمة "المراهقة" إلى الفعل العربي "راهق" الذي يعني: الاقتراب من الشيء، فراهق الغلام فهو مراهق؛ أي: قارب الاحتلام، ورهقت الشيء رهقًا؛ أي: قربت منه، والمعنى هنا يشير إلى الاقتراب من النضج والرشد؛ قال ابن فارس: «الراء والهاء والقاف أصلان متقاربان، فأحدهما: غشيان الشيء الشيء، والآخر العجلة والتأخير؛ فأما الأول، فقولهم رهقه الأمر: غشيه...، قال جل ثناؤه: {وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ} [يونس:26].
والمراهق: الغلام الذي دانى الحُلُم...، وأرهق القوم الصلاة: أخروها حتى يدنو وقت الصلاة الأخرى، والرهق: عجلة في كذبٍ وعيبٍ"، والأصلان اللذان تدور حولهما هذه المعاني لهما صلة بهذا المصطلح.
وذكر في لسان العرب معاني عدة للرهق؛ منها: الكذب، والخفة، والحدة، والسفه، والتهمة، وغشيان المحارم وما لا خير فيه، والعجلة، والهلاك، ومعظم هذه المعاني موجودة لدى المراهق.
أما المراهقة في علم النفس، فتعني: "الاقتراب من النضج الجسمي والعقلي، والنفسي والاجتماعي"، ولكنه ليس النضج نفسه؛ لأن الفرد في هذه المرحلة يبدأ بالنضج العقلي والجسمي، والنفسي والاجتماعي، ولكنه لا يصل إلى اكتمال النضج إلا بعد سنوات عديدة، قد تصل إلى 10 سنوات.
مراحل المراهقة:
المدة الزمنية التي تسمى "مراهقة" لا تستمر مع الأفراد خلال هذه الفترة، فهي تختلف من شخصٍ إلى آخر، ومن مجتمع إلى آخر، فهي في المجتمع الريفي غيرها في المجتمع المدني أو المنفتح، وفي المجتمع المسلم غيرها في المجتمع الكافر، والمتزوج غيره في الأعزب؛ لوجود الأسباب المختلفة التي إما أن تساعد على تخطي المرحلة بسهولة ويسر، أو تتأخر معه أكثر من السنوات العشر المذكورة؛ ولذلك فقد قسمها العلماء إلى ثلاث مراحل، هي:
1- مرحلة المراهقة الأولى "11 - 14 عامًا"، وتتميز بتغيرات بيولوجية سريعة، "الصف الخامس إلى الثامن".
2- مرحلة المراهقة الوسطي "14 - 18 عامًا"، وهي مرحلة اكتمال التغيرات البيولوجية، "الصف التاسع إلى الثالث ثانوي".
3- مرحلة المراهقة المتأخرة "18 - 21"؛ حيث يصبح الشاب أو الفتاة إنسانًا راشدًا بالمظهر والتصرفات، "ما بعد الثانوية".
ويتضح من هذا التقسيم أن مرحلة المراهقة تمتد لتشمل أكثر من عشرة أعوام من عمر الفرد.
خصائص النمو لمرحلة المراهقة:
هناك فرق بين المراهقة والبلوغ، فالبلوغ يعني: "بلوغ المراهق القدرة على الإنسال؛ أي: اكتمال الوظائف الجنسية عنده، وذلك بنمو الغدد الجنسية، وقدرتها على أداء وظيفتها"، أما المراهقة فتشير إلى "التدرج نحو النضج الجسمي والعقلي، والنفسي والاجتماعي"، وعلى ذلك فالبلوغ ما هو إلا جانب واحد من جوانب المراهقة، وهو أيضًا يسبقها من الناحية الزمنية، فهو أول دلائل دخول الطفل مرحلة المراهقة.
ويشير ذلك إلى حقيقة مهمة، وهي أن النمو لا ينتقل من مرحلة إلى أخرى فجأة، ولكنه تدريجي ومستمر ومتصل، فالمراهق لا يترك عالم الطفولة ويصبح مراهقًا بين عشية وضحاها، ولكنه ينتقل انتقالًا تدريجيًا، ويتخذ هذا الانتقال شكل نمو وتغير في جسمه وعقله ووجدانه؛ مما يمكن أن نلخصه بأنه نوعٌ من النمو البركاني؛ حيث ينمو الجسم من الداخل فسيولوجيًا وهرمونيًا وكيماويًا، وذهنيًا وانفعاليًا، ومن الخارج والداخل معًا عضويًا.
والنمو يتركز في أربعة اتجاهات:
1- النمو الجسمي.
2- النمو الاجتماعي.
3- النمو الانفعالي.
4- النمو العقلي.
أولًا: النمو الجسمي:
وهو يشمل مظهرين: النمو الداخلي "الفسيولوجي"، والنمو العضوي.
أما النمو الداخلي الفسيولوجي فهو النمو في الأجهزة الداخلية غير الظاهرة للعيان، ويشمل ذلك بوجه خاص النمو في الغدد الجنسية.
وأما النمو العضوي، فيتمثل في الأبعاد الخارجية للمراهق، حيث تبدو العلامات التي تميز الشاب، ومن أبرز علامات هذا النمو عند الفتيان: "نمو جسمي سريع بزيادة الطول بشكلٍ واضح، وكبر المنكبين، واتساع الصدر، وبروز العضلات، كذلك ظهور شعر الشارب والذقن والعانة، وتغير الصوت بخشونته، ونمو تفاحة آدم "الحنجرة"، وكبر حلمة الثدي، وزيادة إفراز العرق، ونمو الأعضاء التناسلية، وجبينٌ عالٍ وكبير، وفمٌ كبير، وأنفٌ متضخم، وظهور حب الشباب... إلخ".
وكثير من هذه العلامات تسبب له الإحراج والانفعال، وخصوصًا إذا لم يتفهم من حوله ما يمر به من تغيرات ويعينوه على تجاوزها.
ثانيًا: النمو الاجتماعي:
1- المسايرة: يساير أصدقاءه مسايرة عمياء.
2- الرغبة في تأكيد الذات، وإثبات الشخصية، وأبرز مظاهرها في الآتي:
• شعوره بأنه ليس طفلًا.
• يفضل أن يقوم بأعمال لافتة للنظر؛ كاللبس، وإطالة الشعر.
• يقحم نفسه في مناقشات فوق مستواه.
• يحب المغامرة وخوض التجارب، ولو كانت فيها خطورة عليه.
• كسر القيود الروتينية التي حوله.
• يبدأ في الاستقلال عن المنزل، ويحب العزلة.
ثالثًا: النمو الانفعالي:
نتيجة للتغيرات الجسمية والنفسية التي تحدث له تظهر فيه السمات الآتية:
1- عدم الثبوت الانفعالي: يتميز المراهق بثنائية المشاعر والتقلب الشديد في العواطف بسبب الحساسية المفرطة، فتجده يحب بشدة، ثم لا يلبث أن يكره بشدة.
2- الغضب والانفعال الشديد بسهولة، ويمكن أن يضرب عن الطعام، ويخرج من المنزل.
3- الحب: يحب نفسه، ويميل لراحة نفسه، ويحب أصدقاءه.
4- الخوف: يخشى المواقف الاجتماعية؛ لأن خبرته قليلة وضعيفة في الحياة، ولضعف ثقته في نفسه.
5- أحلام اليقظة، وأبرز مظاهرها في الآتي:
• ذاته: يحلم بأنه إنسان له مكانة في المجتمع، وقوي، ويحصل على ما يريد، ويحصل على تقدير الآخرين له، وشكله جميل وأنيق.
• يحلم بمهنته: يتخيل دومًا أنه منتهٍ من دراسته، وقد وجد المكان الوظيفي المناسب.
• يحلم بالحب: تكوين الأسرة والبيت، والأطفال والسيارة.
6- الصراع، وأبرز مظاهره في الآتي:
• بين الحاجة إلى تهذيب الذات، وبين الحاجة إلى التحرر والاستقلال.
• بين الدوافع الجنسية والحاجة إلى الإشباع الجنسي، وبين التقاليد الدينية والاجتماعية.
• بين التحرر والاستقلال من الأسرة والخضوع لها، والاعتماد عليها؛ لأنه لم ينضج اقتصاديًا.
• بين تكوين الأسرة والعقبات التي تحول بينه وبين تحقيقها.
• بين ما تعلمه في الطفولة وآمن به من مبادئ وقيم، وبين ما يمارسه الكبار من حوله بما يناقض هذه المبادئ والقيم.
• بين ما يريد أن يكون عليه في المستقبل من جهة الدراسة والعمل، وبين كيفية الوصول إلى ذلك.
7- عدم الأمن، فهو دومًا يشعر بذلك.
8- السأم والضجر من سمات المراهق.
9- العناد والمخالفة، ومقاومة سلطة الراشدين والمربين.
10- الاهتمام بالجنس والميل إلى الجنس الآخر.
11- الملل والنفور من العمل مع كثرة النوم.
12- يحب التسلية والمرح، ويضحك بصوت عالٍ.
13- التمركز حول الذات، والانشغال بشكل الجسم، فيقف لساعات طويلة أمام المرآة.
14- الاكتئاب واليأس والقنوط، وهو نتاج عجز المراهق عن التعبير عن نفسه، والميل إلى كتمان الانفعالات.
هذه المظاهر تربك المراهق، وتجعله في أغلب حالاته متوترًا ومتقلبًا، ولكن بالحب والتقبل من الوالدين يتحول المراهق إلى مرحلة اتزانٍ انفعالي، ومن ثم النجاح في الحياة العلمية والمهنية.
رابعًا: النمو العقلي:
1- الذكاء:
• الذكاء للبنات أكثر من الأولاد من الناحية اللغوية.
• الأولاد أكثر ذكاءً من البنات من الناحية الميكانيكية.
2- الإدراك: إدراك المراهق للأمور يختلف عن فترة الطفولة؛ مثلًا: الحرب تعني للطفل "موت - حرب - دم"، وتعني للمراهق: "دمارًا للأسرة، والمجتمع، والبلد..."، تفكيره العميق يتأثر.
3- التذكر: يتذكر المراهق أشياء قديمة جدًا جدًا، وبأعداد هائلة.
4- التخيل: واعي الخيال، ويعيشه بكل مشاعره.
5- النمو الفكري: حيث يصبح المراهق يفسر الأمور على هواه، وبغض النظر هل هو صحيح أو خطأ.
حاجات المراهق النفسية:
1- الحاجة إلى الجانب الإيماني والروحي، من خلال تربيته إيمانيًا ودينيًا.
2- الحاجة إلى الحب والانتماء والأمان، من خلال إبداء المشاعر الإيجابية، ومن خلال الألفاظ والسلوكيات والهدايا... إلخ، وكذا تعريفه بطبيعة المرحلة التي يمر بها.
3- الحاجة إلى الاحترام والتقدير، وذلك بتعزيز الإيجابيات وتركيز الإنجازات.
4- الحاجة إلى إثبات الذات، من خلال الحرية، وإعطاء فرصة للحوار، والأمر يعرض عليه ولا يفرض، والخطأ مقبول وليس خطيئة.
5- الحاجة إلى المكانة الاجتماعية، من خلال إشراكه في أعمال الراشدين.
6- الحاجة إلى التوجيه الإيجابي، من خلال الحوار الهادف في تعديل السلوك.
7- الحاجة إلى الترويح والترفيه، ومشاركته ذلك، وتخفيف ضغوط الحياة عليه.
على ضوء ما سبق من خصائص وحاجات، يمكننا أن نتعامل مع المراهقين.
فن التعامل مع المراهقين:
للتعامل مع المراهقين أساليب وطرق وقواعد ينبغي العمل بها؛ لكي نوصل الطفل إلى المراهقة الناضجة السليمة:
أولًا: في جانب العلاقة والتعامل معه:
1- اكتشف الإيجابيات الصغيرة:
الغالب أن يهتم الآباء والمربون بعيوب الطفل الصغيرة أكثر من محاسنه وإنجازاته، أو ينتبهوا إلى بعض الإيجابيات الجيدة نسبيًا؛ مثل: اجتهاده في الدراسة، ولا ينتبهون إلى أهم من ذلك وهو الصلاة.
2- عبِّر له عن حبك:
بلِّغه أنك تحبه، وعبر له عن حبك بالهدية والسلام، واحترامك وإكرامك لأصدقائه، والدعاء للابن في ظهر الغيب، أو حتى في وجوده، والثناء عليه في غيابه، وإعطائه كنية يحبها، وإخبارك بحبه له مباشرة.
فاكتشافك لإيجابيات ابنك وتعبيرك لحبه سيجعل لحديثك مكانًا في نفسه، بشرط أن تتحدث إليه كصديق.
3- انته عن محاضراتك:
أشد مرحلة يكره فيها الإنسان النصائح المباشرة هي مرحلة المراهقة، وخصوصًا من والديه، وكثير من جلسات الآباء فيها محاضرات كثيرة، فالأب الحكيم هو الذي يجعل كلامه مختصرًا ومحدد الهدف، وإن أردت أن تعطيه بعض التوجيهات، فلتكن قبل وقوعه في الخطأ.
4- اختصر إجاباتك:
في الحقيقة يميل كثيرٌ من الآباء إلى الإطالة عند الإجابة عن أسئلة الأبناء، والابن بطبيعته كَبَشَر يَمَلُّ، وقد كان هديه عليه الصلاة والسلام أنه يختصر الكلام؛ خشية أن يمل أصحابه، فاختصار الإجابة تجعله يسأل مرات أخرى، والعكس بالعكس.
5- قلل واختر أسئلتك:
مثلًا عند سؤالك عن صديق ولدك الجديد، لا ينبغي أن تلبس ملابس الشرطة وتسأل: ماذا تعملون مع بعض؟ من والده؟ كيف لونه؟
تستطيع أخذ هذه المعلومات بطريقة أخرى؛ مثلًا: كلمني عن صديقك...، فهذا سؤال يعطي المعلومة ويمنح الثقة في آنٍ واحد؛ يقول الدكتور عبد الكريم بكار في كتابه (دليل التربية الأسرية): «علينا أن نحذر من الاستقصاء والتحقق من كل صغيرة وكبيرة في حياته؛ إذ ليس هناك أي مصلحة».
ويقول الحسن البصري: «ما استقصى كريمٌ قط».
ويقول الدكتور مأمون المبيض في كتابه (من الطفولة إلى الشباب): «من غير المعقول أن تتوقع أن يخبرك المراهق بكل شيءٍ في حياته، فهو يهوى أن تكون له أسراره التي تشعره باستقلاليته وحريته».
6- تكلم لمجرد الحديث:
انظر ما هي اهتماماته، السيارات مثلًا، تكلم، أيها الأب، عن السيارات، وهذه ميزة الكلام بين الأصدقاء، وهي الحديث عن موضوعات تهم المراهق فعلًا، فصديقه لا يتعالم عليه، فإجاباته مختصرة، وأسئلته قليلة، وأحاديثه مختارة؛ لذلك كسبه، وأنت أيها الأب أولى بذلك.
7- صارح ابنك:
إنه كلما صارح أحد الصديقين الآخر تشجع الآخر؛ فتقوى العلاقة بينهما، يقول محمد الثويني في سلسلة (نصائح دموع الفرح): «علم الأبناء المصارحة بالمحادثة والكتابة والتوسط عن طريق شخصٍ آخر».
ونصارحهم نحن بهمومنا أولًا، ثم بعد ذلك سيبادلوننا الشعور.
8- شاركه المتعة:
مشاركة المربي في نشاط معين يعد عاملًا إيجابيًا في تميز الابن وبناء شخصيته، وكذا علاجه من بعض المتاعب والأمراض النفسية.
9- شاركه العبادة:
المراهقون والمراهقات مهيئون تمامًا للتدين والاستقامة على الدين بطبيعتهم؛ يقول الدكتور معروف زريق في كتابه (خفايا المراهقة): «ويحقق الدين بالنسبة للمراهق ارتياحًا نفسيًا واطمئنانًا داخليًا، بعد أزمات عنيفة مرت به، وأحدثت هزات في كيانه، فهو ملاذٌ أمين يلجأ إليه المراهق كلما عصفت به مشكلة، وكما أن الله عز وجل فجر العاطفة الجنسية عند المراهق، فجر العاطفة الروحية للتعلق به».
وأما الفئة غير المتدينة من المراهقين فإنك ستجد حتمًا صارفًا صرفهم عن طبيعتهم؛ إما أصدقاء السوء، أو أجهزة فساد تحارب الثقوب في قلوبهم.
10- أعطه الفرصة ليفصح عن آرائه:
فهذا يساعده على تكوين وإثبات ذاته، ويساعده على النضوج العقلي المبني على التفاهم والأخذ والرد.
11- ابتعد عما يضايقه:
وذلك لفرط حساسيته، فينبغي عدم نصحه وتوجيهه أمام الآخرين، أو إهانته أو انتقاصه بذكر عيوبه وأخطائه.
12- عدم التسرع في تصحيح الحقائق للمراهق:
فهو لعناده لا يقبل من أي شخصٍ إذا تعامل معه بأسلوب فيه أمرٌ ونهي وفرض، فلا بد من الحوار معه بحب.
13- احترم خصوصياته:
ولا تتدخل مباشرة في حياته، وكن مراقبًا له من بعيد دون أن تتجسس عليه.
14- ابتعد عن وصفه وتصنيفه:
وبالذات أمام الآخرين أو بمفرده، وخصوصًا وصفه بما كان يفعله وهو صغير، فهو يؤذيه إيذاءً شديدًا، ولا يساعد في تحسن سلوكه؛ كاستخدام البعض لعبارات: "أنت فاشل، لا مستقبل لك، لا تنفع في شيء، سارق، كذاب... إلخ".
15- ساعده على إيجاد ثقته في نفسه:
بتحميله بعض المسئوليات، وتكليفه ببعض أعمال الراشدين، وإياك أن تعالج أخطاءه حالًا ومباشرة، بسبب ما أسندت إليه من مهام.
16- ساعده على اكتساب الخبرات:
وذلك عن طريق تجاربه ومواقفه الشخصية، وذلك بالتشجيع الإيجابي، فمن الظلم إنكار أنه يدرك الأشياء، أو أن تهاجم خبرته.
17- مساعدته على تحقيق أهداف بعيدة:
كأن يطمح أن يكون شيئًا ما في المستقبل، فعلينا أن نأخذ بيده ونساعده، وندربه على التخطيط والسير على خطوات.
18- تجنب الإيحاءات العكسية واستخدم ضدها:
فمثلًا عندما يحدث خطأٌ منه، أو يعجز عن فعل شيءٍ لا نقول له: "لا تستطيع"، ولكن نقول له: "لو تأملت أكثر لاستطعت".
19- لا تضعه في مواقف متناقضة:
فتسمح له بفعلٍ ما، ثم تقول له: "ما أمرتك بكذا، وإنما كان قصدي كذا"، فلتكن واضحًا فيما تريد منه من البداية قبل أن يبدأ في العمل.
20- ساعده على الفطام النفسي:
بإشعاره أنه أصبح رجلًا، وأنه أصبح مسئولًا أمام الله والمجتمع عن تصرفاته، وأعطه شيئًا من الاستقلالية والاعتماد على الذات.
21- عالج صراعاته النفسية:
بالقرب منه، وتوضيح ما يعاني منه، وكيف يتعامل مع تلك الصراعات النفسية.
ثانيًا: التعامل مع مشكلاته:
يقول الدكتور عبد الرحمن العيسوي: «إن المراهقة تختلف من فردٍ إلى آخر، ومن بيئة جغرافية إلى أخرى، ومن سلالة إلى أخرى، كذلك تختلف باختلاف الأنماط الحضارية التي يتربى في وسطها المراهق، فهي في المجتمع البدائي تختلف عنها في المجتمع المتحضر، وكذلك تختلف في مجتمع المدينة عنها في المجتمع الريفي، كما تختلف من المجتمع المتزمت، الذي يفرض كثيرًا من القيود والأغلال على نشاط المراهق، عنها في المجتمع الحر الذي يتيح للمراهق فرص العمل والنشاط، وفرص إشباع الحاجات والدوافع المختلفة.
كذلك فإن مرحلة المراهقة ليست مستقلة بذاتها استقلالًا تامًا، وإنما هي تتأثر بما مر به الطفل من خبرات في المرحلة السابقة، والنمو عملية مستمرة ومتصلة".
ولأن النمو الجنسي، الذي يحدث في المراهقة، ليس من شأنه أن يؤدي بالضرورة إلى حدوث أزمات للمراهقين، فقد دلت التجارب على أن النظم الاجتماعية الحديثة، التي يعيش فيها المراهق، هي المسئولة عن حدوث أزمة المراهقة، فمشكلات المراهقة في المجتمعات الغربية أكثر بكثيرٍ من نظيرتها في المجتمعات العربية والإسلامية.
وهناك أشكال مختلفة للمراهقة؛ منها:
1- مراهقة "توافقية" سوية، خالية من المشكلات والصعوبات.
2- مراهقة انسحابية؛ حيث ينسحب المراهق من مجتمع الأسرة، ومن مجتمع الأقران، ويفضل الانعزال والانفراد بنفسه؛ حيث يتأمل ذاته ومشكلاته.
3- مراهقة عدوانية؛ حيث يتسم سلوك المراهق فيها بالعدوان على نفسه، وعلى غيره من الناس والأشياء.
4- مراهقة متقلبة؛ حيث تتسم بالتقلب، وعدم الاستقرار على حال بحسب الظروف المحيطة.
ولعلاج هذه المشكلات ينبغي السير على القواعد الآتية:
1- تخلق بالصبر:
الابن عندما يصبح مراهقًا تحدث عنده اضطرابات كما علمنا، فالأب يقابلها بالضعف؛ حيث يشعر أن الابن قد يأخذ بعض اختصاصاته، فلا بد من الصبر على تلك الأخطاء التي ستنتهي، إن شاء الله، بانتهاء مرحلة المراهقة.
2- اقبله بعيوبه:
لا بد أن نرضى بما قسم الله لنا في أبنائنا كآباءٍ، ولا بد أن نكون واقعيين في معاملة المراهقين كمربين، فهم بَشرٌ وعندهم عيوب.
قال الشاعر:
ومن ذا الذي ترضى سجاياه كلها كفى المرء نبلًا أن تعد معايبه
3- الخطوات الخمس لحل مشكلة المراهق:
أ- أن تشعره بأنك متفهم لمشاعره وأحاسيسه.
ب- ما هي الحلول الممكنة لحل المشكلة؟
ج- اختيار أفضل الحلول لحل المشكلة.
د- السؤال والمتابعة.
هـ- الدعاء له بالتوفيق والنجاح.
يقول د. مهدي عبيد في كتابه (سؤال وجواب ونصائح في تربية المراهقين): «وأكثر النصائح تقبلًا هي التي تقوم للمراهق بناءً على طلبه، والعكس بالعكس».
4- أسلوب "أنا" لحل مشكلتك:
هذا الأسلوب يعتمد على وصف مشاعر المتكلم باستخدام لفظة "أنا" مثلًا:
أنا يتعبني كذا.
أنا أتأسف من كذا.
أنا أحب كذا.
ومن التأثير بهذا الأسلوب أنه يركز على آثار السلوك وليس على السلوك نفسه؛ مثلًا: "الابن تأخر، فالأب يقول: «ابني يزعجني تأخرك»، عبارة قصيرة وصفت المشاعر دون مشكلات وإزعاج؛ يقول الله تعالى: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [المؤمنون:96].
5- الاعتراف برأيه:
يجب على المربين تدريب المراهقين على الحوار والنقاش وتبادل الآراء، وأول خطوة في النقاش مع المراهقين هي الاعتراف بأن آراءه ومواقفه تستحق الاستماع، وعندما نرفض آراء المراهقين تزيد المشكلات، وعندما نقبل رأيه ونعترف به يعطينا فرصة للحوار، وهذا الحوار الذي نستخدمه معه حتى في المواقف الحازمة.
6- الحزم اللطيف:
لا بد أن يكون هناك قانون في ارتكاب المخالفة، وأنجح القوانين هي التي يشترك في وضعها الوالدان والأبناء، والكلام العاطفي من أهم الأساليب في وضع الاتفاقات.
ختامًا:
يجب على الأهل والمربين استثمار هذه المرحلة إيجابيًا؛ وذلك بتوظيف وتوجيه طاقات المراهق لصالحه شخصيًا، ولصالح أهله وبلده والمجتمع ككل، وهذا لن يتأتى دون منح المراهق الدعم العاطفي، والحرية ضمن ضوابط الدين والمجتمع، والثقة، وتنمية تفكيره الإبداعي، وتشجيعه على القراءة والاطلاع، وممارسة الرياضة والهوايات المفيدة، وتدريبه على مواجهة التحديات وتحمل المسئوليات، واستثمار وقت فراغه بما يعود عليه بالنفع.
ولعل قدوتنا في ذلك هم الصحابة رضوان الله عليهم، فمن يطلع على سيرهم يشعر بعظمة أخلاقهم، وهيبة مواقفهم، وحسن صنيعهم، حتى في هذه المرحلة التي تعد من أصعب المراحل التي يمر بها الإنسان، أخلاقيًا وعضويًا وتربويًا أيضًا.
فبحكم صحبتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم، خير قائد وخير قدوة وخير مرب، واحتكامهم إلى المنهج الإسلامي القويم الذي يوجه الإنسان للصواب دومًا، ويعنى بجميع الأمور التي تخصه وتوجه غرائزه توجيهًا سليمًا، تخرج منهم خير الخلق بعد الرسل صلوات الله وسلامه عليهم، فكان منهم من حفظ القرآن الكريم عن ظهر قلبٍ في أولى سنوات العمر، وكان منهم الذين نبغوا في علوم القرآن والسنة والفقه، والكثير من العلوم الإنسانية الأخرى، وكان منهم الدعاة الذين فتحوا القلوب وأسروا العقول؛ كسيدنا مصعب بن عمير، الذي انتدبه رسول الله صلى الله عليه وسلم داعية إلى المدينة، ولم يبلغ الثامنة عشرة من عمره، وكان منهم الفتيان الذين قادوا الجيوش وخاضوا المعارك وهم بين يدي سن الحلم؛ كسيدنا أسامة بن زيد رضي الله عنهم جميعًا، وما ذاك إلا لترعرعهم تحت ظل الإسلام، وتخرجهم من المدرسة المحمدية الجليلة.
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه وسلم.
المصادر:
1- كتاب: بلوغ بلا خجل، للدكتور: أكرم رضا.
2- كتاب: مراهقة بلا أزمة، للدكتور: أكرم رضا.
3- شريط: أساليب عملية للتعامل مع المراهقين، للأستاذ: هاني العبد القادر.
4- تربية الشباب، للشيخ محمد الدويش.
5- أساليب عملية في التعامل مع المراهقين، للدكتور مصطفى أبو سعد.