logo

حلاوة الإيمان كيف نحصلها؟


بتاريخ : الاثنين ، 13 جمادى الأول ، 1442 الموافق 28 ديسمبر 2020
بقلم : تيار الاصلاح
حلاوة الإيمان كيف نحصلها؟

يقول ابن تيمية رحمه الله: فإن المخلص لله ذاق من حلاوة عبوديته لله ما يمنعه من عبوديته لغيره، إذ ليس في القلب السليم أحلى ولا أطيب ولا ألذ ولا أسر ولا أنعم من حلاوة الإيمان المتضمن عبوديته لله ومحبته له وإخلاص الدين له، وذلك يقتضي انجذاب القلب إلى الله فيصير القلب منيبًا إلى الله خائفًا منه راغبًا راهبًا (1).

ولقد أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن للإيمان طعمًا وحلاوة لا يحسها ولا يتذوقها إلا من رضي بالله ربًا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيًا ورسولًا، عن العباس بن عبد المطلب، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: «ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربًا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد رسولًا» (2).

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار» (3).

قال العلماء رحمهم الله معنى حلاوة الإيمان استلذاذ الطاعات وتحمل المشقات في رضي الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم، وإيثار ذلك على عرض الدنيا، ومحبة العبد ربه سبحانه وتعالى بفعل طاعته وترك مخالفته، وكذلك محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم (4).

إن للإيمان حلاوة ولليقين لذة، وحلاوة الإيمان هي الثمرة اليانعة التي يجنيها المؤمن من تمسكه بدينه، وطاعة ربه، وعلى هذا فحلاوة الإيمان يجب أن تحل في قلب كل مسلم، ليتذوق طعم السعادة الروحية، وليشعر بنعمة القناعة والرضا، ولتظهر آثار الإيمان على جوارحه وأعماله.

ولحلاوة الإيمان تأثير قوي في حياة الإنسان، فهي التي تبعث في نفسه روح الشجاعة والإقدام، والجرأة الأدبية في قول الحق، وتربي فيه ملكة التقوى، وتنير له سبيل الحق والهدى.

وحلاوة الإيمان تجعل المسلم راضيًا عن ربه غير ساخط، مستسلمًا لحكمه غير معترض، قانعًا برزقه غير شره ولا حريص؛ ذلك أن من وجد حلاوة الإيمان، وتذوق طعم اليقين، ولذة الطاعة يرى أن جميع ما يصيبه صادر عن الله عز وجل، فهو يتقبله بقبول حسن، ويصبر عليه الصبر الجميل، فإذا مات ولده، أو فقد عزيزًا عليه، علم أن الله هو واهب الحياة وقابضها، وهو الذي أعطى ثم أخذ.

وإذا افتقر بعد غنى أو مرض بعد صحة، علم أن الله عز وجل هو الرزاق، وبيده مفاتيح الخزائن وعنه صدر الداء والدواء، ومنه أتى المرض والشفاء، فهو في حالاته كلها صابر محتسب، راض بقضاء الله وقدره، فلا يتبرم بالحياة، ولا يستاء من تصرفات الأقدار، ولا يجزع لمصيبة تنزل به، بل يتلقى ابتلاء ربه بصدر رحب وأناة وحلم، وتصبر وحكمة واتزان.

فحلاوة الإيمان تظهر عند الابتلاء، فكلما اشتد البلاء على المؤمن زاد إيمانه وقوة تسليمه، وصبر وتجلد، إذ الابتلاء محك الإيمان، وقد قال الحسن البصري رحمه الله: استوى الناس في العافية، فإذا نزل البلاء تباينوا (5).

ولا خير في إيمان لا يجد الإنسان له حلاوة في قلبه، وتأثرًا في نفسه، ولا يشعر ببرده وسلامه عند المصيبة والبلاء.

والإيمان المجرد عن هذا، إيمان أجوف لا يقام له عند الله وزن؛ فترى صاحبه إذا ما اعترضته فتنة في ماله أو جسمه أو أهله، أصابه الهلع والجزع، وتسرب إليه اليأس والقنوط، وشك في عدالة ربه، وكره الحياة وتمنى الموت؛ فيكون بهذا قد دلل على ضعف إيمانه، قال الله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ} [الحج: 11].

إن حلاوة الإيمان مطلب عزيز، ولا يجدها المرء إلا بأمور ذكرتها السنة العطرة من أحاديث النبي الكريم صلى الله عليه وسلم:

أولها: أن يكون الله ورسوله أحب إلى العبد مما سواهما، ومحبة الله عز وجل تقوم على الطاعة والعبادة، وامتثال الأمر، واجتناب النهي، ومحبة النبي صلى الله عليه وسلم تكون باتباع سنته، ونصرة دعوته، وهي طريق موصلة إلى محبة الله عز وجل، قال الله تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} [آل عمران: 31]، فمن أطاع الله واتبع دينه، فقد أحبه، ومن أحب الله بادله الله حبا بحب، وكان في مقام الآمنين يوم القيامة.

وحلاوة الإيمان لا يحسها ولا يعايشها أي أحد، كما أنها لا تباع ولا تستجدى، يقول أحدهم من شدة سروره بتلك النعمة: لو يعلم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه –يعني من النعيم– لجالدونا عليه بالسيوف.

وقال بعض العارفين: مساكين أهل الدنيا، خرجوا منها وما ذاقوا أطيب ما فيها، قيل: وما أطيب ما فيها؟ قال: محبَّة الله تعالى ومعرفته وذكره (6).

وقد يقول قائل: كلنا نحب الله ورسوله.

فنقول: ليست المحبة قولا بلا عمل، وادعاء من غير دليل، وإذا كانت المحبة في القلب، فيجب أن تظهر آثارها على الجوارح وفي الأعمال، وإلا فكيف تعصي الإله يا من تزعم حبه؟

إن زعمك باطل، فلو كنت صادقا في محبته لأطعته، أما علمت أن المحب مطيع لمن يحب، فبالتقوى الحقيقية تكون المحبة الصادقة لله ورسوله.

تعصي الإله وأنت تظهر حبه       هذا محال في القيـاس بديع

لو كان حبك صـادقا لأطعتـــه      إن المحب لمن يحب مطيع

وثاني الأمور الموجبة لحلاوة الإيمان، أن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وهذا يوجب أن تكون المحبة بين المؤمنين قائمة على الصدق والإخلاص، والتعاون والإيثار، وأن يقصد بها وجه الله تعالى، بمعنى أن تكون المحبة منزهة عن المطامع المادية، والأغراض الشخصية والأنانية، والتعاون على الإثم والعدوان، وقد جاء في حديث السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم القيامة: «ورجلان تحابا في الله، اجتمعا عليه، وتفرقا عليه» (7).

فالإيمان لا يكمل وحلاوته لا توجد إلا بمحبة الناس وإرادة الخير لهم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه» (8).

فيجب أن تسود بين المسلمين روح المحبة الأخوية الصادقة، إذ هي جزء من العقيدة والإيمان، وأساس الحياة الاجتماعية في الإسلام، وبها كان المسلمون مضرب المثل في التواد والحب والتراحم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا» (9).

والثالثة: كراهة العودة في الكفر، وهي آخر الأمور الموجدة لحلاوة الإيمان التي وردت في الحديث، والمعنى أن الذي يكره أن يلقى في النار ويقذف في الجحيم عليه أن يكره كراهة حقيقية، ويبتعد بعدًا كاملًا عن كل ما يؤدي إلى النار من ضلال وفسوق وعصيان، وعليه أن يكون كرهه وبغضه للكفر وأسبابه، كبغضه لأن يلقى به في النار، يتقلب على جمرها ويعذب بحرها، وهذا دليل الإيمان وعنوان التقوى (10).

والرابعة: ومن الأمور الموجبة لحلاوة الإيمان، تأدية المرأة حق زوجها، لقوله صلى الله عليه وسلم: «لو أمرت أحدًا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها من عظيم حقه عليها، ولا تجد امرأة حلاوة الإيمان حتى تؤدي حق زوجها ولو سألها نفسها وهي على ظهر قتب» (11).

خامسًا: ومن الأمور الموجبة لحلاوة الإيمان كذلك حسن الخلق، فعن قتادة أن ابن مسعود، قال: ثلاث من كن فيه يجد بهن حلاوة الإيمان: ترك المراء في الحق، والكذب في المزاحة، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وأن ما أخطأه لم يكن ليصيبه (12).

وعن عمار بن ياسر قال: ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: الإنفاق من الإقتار، وإنصاف الناس من نفسك، وبذل السلام للعالم (13).

وعن أبي الدرداء، أنه دخل المدينة فقال: ما لي لا أرى عليكم يا أهل المدينة حلاوة الإيمان؟ والذي نفسي به لو أن دب الغابة طعم الإيمان لرئي عليه حلاوة الإيمان (14).

وأنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لا يجد عبد حلاوة الإيمان حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه» (15).

قال سفيان الثوري يوصي علي بن الحسن السلمي: عليك بالصدق في المواطن كلها، وإياك والكذب والخيانة ومجالسة أصحابها، فإنها وزر كله، وإياك يا أخي والرياء في القول والعمل، فإنه شرك بعينه، وإياك والعجب، فإن العمل الصالح لا يرفع وفيه عجب، ولا تأخذن دينك إلا ممن هو مشفق على دينه، فإن مثل الذي هو غير مشفق على دينه كمثل طبيب به داء لا يستطيع أن يعالج داء نفسه وينصح لنفسه، كيف يعالج داء الناس وينصح لهم؟ فهذا الذي لا يشفق على دينه كيف يشفق على دينك؟

ويا أخي، إنما دينك لحمك ودمك، ابك على نفسك وارحمها، فإن أنت لم ترحمها لم ترحم، وليكن جليسك من يزهدك في الدنيا، ويرغبك في الآخرة، وإياك ومجالسة أهل الدنيا الذين يخوضون في حديث الدنيا، فإنهم يفسدون عليك دينك وقلبك، وأكثر ذكر الموت، وأكثر الاستغفار مما قد سلف من ذنوبك، وسل الله السلامة لما بقي من عمرك....

واجتنب المحارم كلها تجد حلاوة الإيمان، جالس أهل الورع وأهل التقى يصلح الله أمر دينك، وشاور في أمر دينك الذين يخشون الله، وسارع في الخيرات يحول الله بينك وبين معصيتك، وعليك بكثرة ذكر الله يزهدك الله في الدنيا، وعليك بذكر الموت يهون الله عليك أمر الدنيا، واشتق إلى الجنة يوفق الله لك الطاعة، وأشفق من النار يهون الله عليك المصائب، أحب أهل الجنة تكن معهم يوم القيامة، وابغض أهل المعاصي يحبك الله، والمؤمنون شهود الله في الأرض، ولا تسبن أحدًا من المؤمنين، ولا تحقرن شيئا من المعروف، ولا تنازع أهل الدنيا في دنياهم، وانظر يا أخي أن يكون أول أمرك تقوى الله في السر والعلانية، واخش الله خشية من قد علم أنه ميت ومبعوث، ثم الحشر، ثم الوقوف بين يدي الجبار عز وجل، وتحاسب بعملك، ثم المصير إلى إحدى الدارين، إما جنة ناعمة خالدة، وإما نار فيها ألوان العذاب مع خلود لا موت فيه، وارج رجاء من علم أنه يعفو أو يعاقب، وبالله التوفيق، لا رب غيره (16).

كيفية تحصيل حلاوة الإيمان:

يستطيع الإنسان الحصول على حلاوة الإيمان بعدّة طُرق، ومنها ما يأتي: الإكثار من دُعاء الله تعالى بتحصيل هذه الحلاوة، ولذّة العبادة، مع السعي وراء أسبابها؛ كالتفقّه في الدين، والسعي في الطاعات (17).

- الإكثار من طاعة الله تعالى وعبادته، وامتثال أوامره، واجتناب نواهيه؛ وبكون ذلك بتقديم محبة الله تعالى ورسوله على ما سواهما، ومحبّة النبي عليه الصلاة والسلام تكون باتّباع سنّته، ونُصرة دعوته، لقوله تعالى: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} [آل عمران: 31]، وكذلك محبّة الناس لأجل الله تعالى بعيدًا عن الأنانيّة والمصالح الشخصيّة، ومن كمال الإيمان وحصول حلاوته تمنّي الخير للمُسلمين ومحبّتهم، قال النبي عليه الصلاة والسلام: «لَا يُؤْمِنُ أحَدُكُمْ، حتَّى يُحِبَّ لأخِيهِ ما يُحِبُّ لِنَفْسِهِ» (18).

وهذا عبد الله بن الزبير رضي الله تعالى عنهما وأرضاهما كان إذا قام في الصلاة كأنه عود من شدة الخشوع، وكان يسجد فتنزل العصافير على ظهره لا تحسبه إلا جذع حائط.

روي عن السري بن مغلس السقطي أن لصًا دخل بيت مالك بن دينار فما وجد شيئاً فجاء ليخرج فناداه مالك: سلام عليكم، فقال: وعليك السلام، قال: ما حصل لكم شيء من الدنيا فترغب في شيء من الآخرة - قال: نعم، قال: توضأ من هذا المركن وصل ركعتين، ففعل ثم قال: يا سيدي أجلس إلى الصبح، قال: فلما خرج مالك إلى المسجد قال أصحابه: من هذا معك - قال: جاء يسرقنا فسرقناه (19).

- كراهية العودة إلى الجحود كراهةً حقيقيّة، ككره الإنسان أن يُلقى في النار، وذلك بالابتعاد عن كُلّ ما يؤدي إليه من المعاصي؛ ليقذف الله تعالى بقلب المؤمن تلك الحلاوة؛ ثوابًا على طاعته وتقواه (20).

- مُجاهدة الإنسان لشهوات وملذّات نفسه، وتعويدها على طاعة الله تعالى، وقد حثّ تعالى على ذلك بقوله: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت: 69]، كما ويتحصّل الإنسان على هذه الحلاوة بتلاوته للقُرآن وتدبّر آياته، قال تعالى: {وَنُنَزِّلُ مِنَ القُرآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحمَةٌ لِلمُؤمِنينَ وَلا يَزيدُ الظّالِمينَ إِلّا خَسارًا} [الإسراء: 82]، لأنّ في تلاوته سعادة وأُنس بالله تعالى (21).

فالنفس نزاعة إلى الشهوات، تميل إلى الملذات، فيا سعده من جاهدها وزكاها، قال تعالى: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (10)} [الشمس: 7- 10].

قال ابن الجوزي: من تأمل ذل إخوة يوسف عليه السلام يوم قالوا: تصدق علينا، عرف شؤم الزلل، وذلك رغم توبتهم، لأنه ليس من رقع وخاط كمن ثوبه صحيح، فرب عظم هيَّنٍ لم ينجبر، فإن جبر فعلى وَهَنٍ (22).

- مُصاحبة الصالحين وأهل الطاعة والإيمان والاقتداء بهم، والانتفاع بكلامهم؛ الذي بدوره يؤثّر على أقوال الإنسان وأفعاله، وقد أمر الله تعالى نبيّه بذلك فقال: {وَاصبِر نَفسَكَ مَعَ الَّذينَ يَدعونَ رَبَّهُم بِالغَداةِ وَالعَشِيِّ يُريدونَ وَجهَهُ وَلا تَعدُ عَيناكَ عَنهُم تُريدُ زينَةَ الحَياةِ الدُّنيا وَلا تُطِع مَن أَغفَلنا قَلبَهُ عَن ذِكرِنا وَاتَّبَعَ هَواهُ وَكانَ أَمرُهُ فُرُطًا} [الكهف: 28] وكذلك الإحسان إلى الناس ومُساعدتهم؛ فهذه الحلاوة تتحصّل للإنسان عندما يقدّم الخير والعفو والصفح عن غيره (23).

فصحبة أهل الطاعة والإيمان أهل الصلاح والفلاح والنجاح تقتضي: الاقتداء بهم، والتأسي بحالهم، والانتفاع بكلامهم، والنظر إليهم، وفي ذلك كله حلاوة يجد المسلم أثرها في قلبه وفي سلوكه.

قال شقيق البلخي: قيل لابن المبارك: إذا أنت صليت لم لا تجلس معنا، قال: أجلس مع الصحابة والتابعين وأنظر في كتبهم وآثارهم فما أصنع معكم؟ أنتم تغتابون الناس.

قال العابد أحمد بن حرب: عبدت الله خمسين سنة فما وجدت حلاوة العبادة حتى تركت ثلاثة أشياء: تركت رضي الناس حتى قـدرت أن أتكلم بالحق، وتركت صحبة الفاسقين حتى وجدت صحبة الصالحين وتركت حلاوة الدنيا حتى وجدت حلاوة الآخرة (24).

- الإكثار من ذكر الموت وما بعده من أحداث وأهوال، وكذلك تعلّم العلم الشرعي وخاصةً علم العقيدة؛ لما يورثه في القلب من خشية ورهبة من الله تعالى (25).

- استشعار عظمة الله تعالى، وأنه خالق كل شيء، والمدبّر لما في الكون، من أكبر شيء فيه إلى أصغر شيء فيه؛ فلا يحصل شيء إلّا بعلمه وإرادته؛ فالمتحرّك يتحرك بإذنه، والساكن يسكن بإذنه، والمريض يمرض بإذنه، والصحيح يصحّ بإذنه، وأنّه سبحانه وتعالى يعلم السر والجهر، والباطن والظاهر، وأنه رب كل شيء، يقول للشيء كن فيكون، فإذا علم العبد ذلك واستشعره ثبت على دينه.

إن لذة الطاعة لا تعادلها لذة وحلاوة الإيمان لا تعادلها حلاوة وعز الطاعة لا يعادله عز، كما أن مرارة المعصية لا تعادلها مرارة وشؤم الذنب لا يعادله شؤم، وذل المعصية لا يعادله ذل.

______________

(1) العبودية (ص: 6).

(2) أخرجه مسلم (34).

(3) أخرجه البخاري (16)، ومسلم (43).

(4) شرح النووي على مسلم (2/ 13).

(5) حلاوة الإيمان/ موقع مقالات إسلام ويب.

(6) الوابل الصيب (ص:70).

(7) أخرجه البخاري (660).

(8) أخرجه البخاري (13).

(9) أخرجه أبو داود (5193).

(10) حلاوة الإيمان/ إسلام ويب.

(11) أخرجه الحاكم (7325).

(12) جامع معمر بن راشد (11/ 118).

(13) أخرجه معمر بن راشد (10/ 386).

(14) الزهد والرقائق لابن المبارك والزهد لنعيم بن حماد (1/ 541).

(15) أخرجه ابن أبي عاصم في السنة (247).

(16) حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (7/ 82).

(17) دروس للشيخ محمد المختار الشنقيطي (25/ 7).

(18) أخرجه البخاري (13).

(19) تاريخ الإسلام للذهبي (2/ 144).

(20) حلاوة الإيمان/ محمد نور المراغي.

(21) حلاوة الإيمان/ بدر عبد الحميد هميسه.

(22) صيد الخاطر (ص: 124).

(23) إنها حلاوة الإيمان/ بدر عبد الحميد هميسه.

(24) السير أعلام النبلاء (11/ 34).

(25) فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآداب (5/ 349- 350).