الطفل القائد
تعريف القيادة: هي القدرة على تحريك الناس نحو الهدف.
والطفل ليس لديه الأهداف بشكل واضح، ولكن لديه الأمنيات والأحلام، والدور هنا هو مساعدته لتحديد أهدافه فيما بعد، فالموهوبون بالفطرة نسبتهم لا تتجاوز 2%، بل حتى في حديث رسول الله ﷺ لا تتعدّى 1%: «الناس كإبل مئة لا تكاد تجد بينها راحلة»، وهناك بالمقابل أناس لا يصلحون للقيادة 2%، كما في حديث النبي ﷺ لأبي ذر: «يا أبا ذر إنك امرؤ ضعيف، فلا تولين على اثنين»، 96% من الناس درجات بين هؤلاء الطرفين.
وهؤلاء الذين هم في الوسط: يمكن العمل على صناعتهم ليصبحوا قادة، كما أن الموهوبين بالفطرة يحتاجون للرعاية والتعلم لزيادة موهبتهم، وهكذا الطفل إذا كانت لديه الموهبة فإنها تزداد بصقلها.
كيف يرى الأطفال القائد؟
أقيم بحث عام 1996م في نيويورك، شمل 80 طفلًا أعمارهم بحدود 7 إلى 8 سنوات، عنوانه كيف يرى الأطفال القائد؟
أعطوا كل طفل على حدة ورقة وألوان، وطلبوا منه أن يرسم قائدًا، ثم أخذوا هذا الرسم وحللوه، وبدأوا يسألون الطفل بناء عليه، ويستخلصون النتائج.
نتائج رؤية الأطفال للقائد
الأطفال في هذا العمر يستطيعون تعريف القائد، ويفرّقون بينه وبين التابع، ويركزون ليس على التعريف وإنما على الصفات، والصفات التي ركّزوا عليها هي السيطرة والتأثير.
استنتجوا من الرسومات أن الأطفال يعبرون عن القادة بشكل مختلف عن الآخرين، فجعلوهم ضخام والآخرين صغار، أو رسموهم في مكان عال والآخرين دونهم: وهذا خطأ عند الكبار انعكس عند الصغار لذلك يجب تعديله.
من النادر أن يتحدث أولياء الأمور أو المدرسون مع الأطفال عن القيادة: وهذا خطأ من هؤلاء فهم يظنون أن الأطفال لا تناسبهم هذه المواضع ولكن على العكس تمامًا.
لم يرسم الأطفال قادة سيّئون: لا يعتبر الأطفال رموز الشرّ أنّهم قادة، فهم يعتبرون القيادة صفة خير يتحّلى بها الأبطال، وهذا الفهم عندهم يحتاج لتصحيح، فكما أنّ هناك قادة خيّرون فهناك قادة للشر أيضًا.
الأطفال والقيادة أسئلة وإجابات
أعط نصائح للقادة؛ سئل الأطفال هذا السؤال فأجابوا :
خفف من السيطرة وأعط صلاحيات: وهذا يوجّه للأبوين أيضًا، ولكن هناك نقطتين يجب التشدد بهما فقط وهما: الأخطار الصحية، والأصحاب السيئين، وغير ذلك أعطوا الأطفال حرية ووجهوهم.
استمع أكثر: وهي صفة مشتركة بين القادة الناجحين حسب الدراسات.
انتبه أكثر لحاجات أتباعك.
كن لطيفًا.
احترم الآخرين.
كن خلوقًا.
هل القيادة ضرورة أم ترف وزيادة خير؟
أجمع الأطفال على ضرورة القيادة، وأنَّ هناك كارثة في حال عدم وجود قائد، فمن الناحية العلمية أثبتت الدراسات ضرورة القيادة، ومن الناحية الشرعية يقول النبي ﷺ: «من لا أمير لهم فالشيطان أميرهم»، «ولا يحل لثلاثة يكون في فلاة إلا أمّروا أحدهم».
ما هي أدوار القائد؟
شبه الإجماع عند الأطفال أنّ دور القائد هو حل المشاكل: ولكن للقائد 6 أدوار لا يستطيع تفويضها وهي: (التخطيط، فتح آفاق جديدة للعمل، تنمية نفسه وتنمية من حوله، بناء علاقات رئيسية، حل المشاكل المزمنة، التقدير)، لذلك يجب توعية الأطفال على بقية الأدوار.
هل أنتم قادة؟
كانت إجابات نصفهم: نعم أنا قائد أو سأصبح قائد، والنصف الآخر: لا لست قائدًا، هنا يجب أن نتدخل مع منْ يرون أنفسهم أنهم ليسوا بقادة، ونثبت لهم أنهم قادة، أو نحفزهم على أنْ يكونوا قادة.
ما هي الأمور التي تساعد على القيادة؟ وما هي الأمور التي تعيق القيادة؟
استطاع الأطفال أن يصفوا العوائق، ولكنهم لم يستطيعوا أن يصفوا الأمور المساعدة.
هل يمكن أنْ نعلمك القيادة؟
معظم الأطفال أجابوا: نعم ممكن أن أتعلم القيادة.
اذكروا أسماء قادة:
فكانت النتيجة على الشكل الآتي:
في الدرجة الأولى كانت أسماء القادة السياسيّون، ثم المدرّسون، ثم الرياضييون وخاصة المدرّبون، ثم الآباء والأمّهات، وهذا يجعل المسؤولية كبيرة على هؤلاء.
هل يمكن أنْ تكون المرأة قيادية ؟
معظمهم أجابوا: نعم، ثم طلب منهم تسمية نساء، 42% لم يستطيعوا تسمية امرأة واحدة، والذين سموا ذكروا امرأة من التاريخ وليس من الواقع، كما أن الأطفال الذكور جميعهم لم يرسموا امرأة، أما الإناث بعضم رسم امرأة.
نصائح للآباء والمربين:
استخلص الباحثون من هذا البحث مجموعة من النصائح:
- إدخال موضوع القيادة إلى المناهج وفتح الأحاديث حوله.
- ربط موضوع القيادة في حل المشاكل مع توسيع مفهوم القيادة لديهم.
- إعطاء الأطفال الفرصة في اتخاذ القرار في البيت والمدرسة: في المدارس الغربية في أول المحاضرات، يجلس المربون مع الطلاب ويتحدثون معهم لكسر الحواجز، ومن ضمن حديثهم الاتفاق على القوانين والقواعد، ثم تعلّق في مكان بارز.
- تعريف الأطفال بقادة خارج سياق السياسة والرياضة والمنزل.
- تعويد الأطفال على المشاركة الإيجابية وليس على التقليد والتبعية.
- مناقشة الطفل في قدراته وفرصه القيادية.
- تحدثوا أكثر مع الأطفال عن النساء القائدات.
- التركيز على مهارات الاتصال وفن التعامل مع الناس.
كيف أربي الطفل على القيادة ؟
الرؤية المرشدة: ماذا تريد أن تكون عندما تكبر؟ وهنا يقع الكثير من الآباء في أخطاء، فبعضهم يريد أن يحدد لهم (طبيب – مهندس)، والبعض يريدونهم أن يكونوا مثلهم، والصحيح أنْ نوجههم ونشرح لهم عن كل مجال ولكن لا نقرر عنهم.
الثقة بالنفس: فإذا وجد المربون مشكلات (خجل – انطواء) فعليهم الاستعانة واللجوء إلى المتخصصين في علم النفس.
الثقة بالآخرين: فلا نزرع الشك بكل الناس وإنما نعلم الحذر.
الفضول وحب التعلم: هذا شيء إيجابي مع التنبيه إلى عدم التدخل في الخصوصيات.
الجرأة: لا يوجد قائد غير جريء.
الاستقامة: الأخلاق الحسنة.
الاستماع.
التوازن: بين جوانب الحياة الأربعة: عقل وروح وعاطفة وجسد، العقل ينمّى بالقراءة، العاطفة تنمى بالعلاقات، الجسد ينمى بالرياضة والتغذية، والروج تنمى بالعبادة والصلاة.
الشجاعة في العلاقات: يقبل النصيحة، وأنْ يقوم بنصيحة الآخرين.
المرح.
سعة أفق التفكير: التحليل، والتفكير غير التقليدي، وقبول رأي الآخر.
مصادر القيادة للطفل:
الفطرة: يقول سيدنا عمر عن عمرو بن العاص لا ينبغي لعمرو أن يسير على الأرض إلا أميرًا.
الطفولة المبكرة.
التجارب المبكرة: فيتعلموا أنهم قد ينجحوا وقد يفشلوا، والفشل من طبيعة الحياة وعليهم التعلم منه فهو خطوة نحو النجاح، كما أنّ التشجيع والنقد هو الذي يصنع منهم قادة، ثم تقبل النقد وتجاوزه.
الاستكشاف: العلمي والمشاركة.
القراءة في العلوم الإنسانية: تعطي شخصية حكيمة، نعلمهم علوم القيادة، وتحليل نقاط قوتهم وضعفهم، ومعنى الصبر والإصرار.
نصائح تربوية لمربي الأطفال:
- لا تقل ما لا تعمل.
- تجنب الضرب والامتناع عنه: لأن فيه إهانة وكسر للنفس وإضعاف للشخصية، والأفضل في العقاب هو الحرمان من شيء يحبونه.
- دع الطفل يقرر الأمور التي في مستواه: الأكل واللعب.
- التصرف السليم عندما يخطئ الطفل من خلال 6 خطوات: أوقفه فورًا وامنعه من الاستمرار – أصدر قرار لعقاب ملائم – تنفيذ العقاب – إظهار عدم الرضى – إذا اعتذر إقبل منه – أكد حبك فلا تجعله مشروطًا.
- لا تتوعد بعقاب لا يمكن تنفيذه.
- إذا أخطأت معهم اعترف بالخطأ أمامهم.
- اعهد لهم بالمسؤوليات.
- لا تستهزئ بهم.
- لا تمل من المدح الصادق.
- من المهم أن لا يختلف الأبوان أمام الأطفال.
- عوّدهم على القراءة وهم صغار.
- أحبهم بلا شروط وأظهر حبك لهم.
- استعن بالله سبحانه وتعالى على تربيتهم.
ذكر الله تعالى مفهوم القيادة فقال: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ}
علموهم الإيمان وازرعوا فيهم العقيدة والفهم العميق، علموهم منهج الإسلام في فهم الحياة والتعاطي معها، بهذا ستصنعوا منهم قادة بإذن الله ترتفع بها حياتهم ويرتفع بها شأنكم أنتم في الدنيا والآخرة ويقودونكم إلى الدرجات العلى في الجنة.
المصدر: موقع د. طارق السويدان