logo

الإدارة فن أم علم؟


بتاريخ : الأحد ، 9 رمضان ، 1435 الموافق 06 يوليو 2014
بقلم : مصطفى كريم
الإدارة فن أم علم؟

من سمات الحياة البشرية، في سهولتها وفي تعقدها وفي بدائيتها وفي تقدمها، تكوين الجماعات المختلفة للسيطرة على البيئة التي يعيش فيها الإنسان؛ نظرًا لطاقاته وإمكانياته المحدودة، فكان الإنسان يعيش حياته البدائية اليسيرة بين أفراد قبيلته التي يعتمد عليها في حماية نفسه ضد هجمات الأعداء.

 

 

فالإنسان منذ القدم يعيش مع المجتمع؛ لأنه اجتماعي بطبعه، لا يحب أن يعيش منعزلًا عن الناس، فالإدارة وسيلة مهمة لتسيير أمر المجتمع والفرد نحو أهدافها، وكذلك مهمة لتسيير أمور المؤسسة نحو تحقيق أهدافها، فتطبيق الإدارة داخل المؤسسة، سواء كانت كبيرة أو صغيرة، تجارية أو صناعية، رياضية أو عسكرية.

 

وعلى الرغم من وجود قليل من المؤسسات التي حققت نجاحًا بدون إدارة فعالة، إلا أن هذا لا يعني أن التقدم الحضاري يقوم بدون جهود الإدارة.

 

أهمية الإدارة في المجتمع:

 

يعود تقدم الأمم إلى الإدارة الموجودة فيها، فالإدارة هي المسئولة عن نجاح المنظمات داخل المجتمع؛ لأنها قادرة على استغلال الموارد البشرية والمادية بكفاءة عالية وفاعلية.

 

فهناك العديد من الدول التي تملك الموارد المالية والبشرية، ولكن لنقص الخبرة الإدارية بقيت في موقع متخلف، كما يمكن أن يقال: إن نجاح خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتحقيقها لأهدافها، لا يمكن أن تتم إلا بحسن استخدام الموارد المتاحة، المادية والبشرية.

 

وكذلك نجاح المشروعات المختلفة في جميع الأنشطة، الاقتصادية والزراعية والصناعية والخدمية، ولا شك بأن استخدام الموارد المتاحة، دون إسراف أو تقصير، يتوقف أساسًا على كفاية الإدارة في مجالات النشاط المختلفة.

 

كما أن نجاح المشروعات، وتحقيقها لأهدافها الموضحة في خطة عملها، يتوقف على كفاية إدارتها، ومن هنا نجد أن نجاح خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية مرتبط بمستوى الكفاية الإدارية في المشروعات المختلفة داخل الدول، وخلال الحديث عن التنمية والإدارة فإن البلدان النامية تواجه كثيرًا من المشكلات الإدارية، التي تحتاج إلى قدرة وكفاءة إدارية لمواجهتها والتصدي لها وحلها؛ حتى يمكن أن تحقق أهداف التنمية المرغوبة.

 

تعريف الإدارة:

 

يقول فريدريك تايلور في كتابه "إدارة الورشة" الصادر عام 1930م: «إن فن الإدارة هو المعرفة الدقيقة لما تريد من الرجال عمله، ثم التأكد من أنهم يقومون بعمله بأحسن طريقة وأرخصها».

 

أما هنري فايول يعرفها في كتابه (الإدارة العامة والصناعية) بقوله: «يُقصد بالإدارة: التنبؤ والتخطيط والتنظيم والتنسيق وإصدار الأوامر والرقابة».

 

وأما تعريف كونتز وأودانول: «فإن الإدارة هي وظيفة تنفيذ الأشياء عن طريق الآخرين».

 

وبالنسبة لتشيستر برنارد فعرفها في كتابه "المدير" بأنها: «ما يقوم به المدير من أعمال أثناء تأدية الوظيفة».

 

أما جلوفر فيقول بأنها: «القوة المفكرة التي تملك، وتصف، وتخطط، وتحفز، وتقيم، وتراقب الاستخدام الأمثل للموارد البشرية والمادية، اللازمة لهدف محدد ومعروف».

 

من كل ما سبق يمكننا تعريف الإدارة على أنها: "عملية اجتماعية مستمرة بقصد استغلال الموارد استغلالًا أمثل، عن طريق التخطيط والتوجيه والتنظيم والرقابة؛ للوصول إلى الهدف بكفاية وفعالية".

 

وإذا أردنا التوضيح أكثر لعناصر تعريف الإدارة فإن:

 

- الإدارة عملية: أي تعبير عن تفاعل النظام الإداري، ويعني البيئة الخارجية والداخلية والموارد البشرية والمادية، ألا وهي التخطيط والتنظيم والتوجيه والرقابة.

 

- الإدارة عملية مستمرة: تأتي صفة الاستمرار؛ لأن الإدارة تعمل على إشباع حاجات الأفراد من السلع والخدمات، ولأن هذه الحاجات في تغير مستمر؛ فلذلك يصبح عمل الإدارة مستمرًا طوال حياة المؤسسة، فلا يقوم المدير بالتخطيط في بداية حياة المؤسسة ثم يتوقف بعد ذلك، ولكن يقوم بكل أعمال الإدارة مدى حياة المؤسسة.

 

- الإدارة عملية اجتماعية: أي مجموعة من الناس يعملون معًا لتحقيق هدف واحد مشترك.

 

- الموارد التي تتعامل معها الإدارة: الموارد البشرية والمادية؛ مثل: المواد الخام، والآلات، والأموال.

 

- التخطيط: التنبؤ بالمستقبل، والاستعداد له.

 

- التنظيم: كيفية توزيع المسئوليات والمهمات على الأفراد العاملين في المؤسسة.

 

- التوجيه: إرشاد أنشطة الأفراد في الاتجاهات المناسبة لتحقيق الأهداف المطلوبة.

 

- الرقابة: التأكد من أن التنفيذ يسير على أساس الخطة الموضوعة، وإذا وجد انحراف فيجب تعديله.

 

- الهدف: الغاية المطلوب الوصول إليها.

 

- الكفاية: الوصول إلى الهدف بأقل جهد، وأقل تكلفة، وأسرع وقت.

 

- الفاعلية: الوصول إلى أفضل نوعية من المنتج، سواء كانت سلعة أو خدمة.

 

الإدارة فن أم علم؟

 

يدور جدل كبير بين رجال الفكر الإداري حول طبيعة الإدارة، أهي علم، أم فن، أم علم وفن معًا؟

 

الإدارة علم:

 

يعني أنها تعتمد على الأسلوب العلمي عند ملاحظة المشكلات الإدارية وتحليلها وتفسيرها، والتوصل إلى نتائج يمكن تعميمها، أي لها مبادئ وقواعد ومدارس ونظريات تحكم العمل الإداري، كما أن تطبيق هذه المبادئ والنظريات يؤدي إلى نتائج محددة.

 

الإدارة فن:

 

أي أن المدير يحتاج إلى خبرة ومهارة وذكاء في ممارسة عمله، وتعامله مع العنصر البشرى لتحفيزه على الأهداف التنظيمية؛ لأن ليس كل من درس علم الإدارة قادرًا على تطبيقه؛ ففن الإدارة هو القدرة على تطبيق الإدارة في المجالات المختلفة.

 

الإدارة فن وعلم معًا:

 

من كل ما سبق يمكننا القول بأن الإدارة فن وعلم معًا؛ فالإداري يجب أن يعتمد على الكتب والنظريات الإدارية، بالإضافة إلى الخبرة العملية التي لا غنى عنها.

 

الصفات الإدارية التي يجب أن يتمتع بها الإداري:

 

- الأمانة والعدل والإخلاص في العمل.

 

- صفات عقلية وفكرية؛ أي أن يكون على قدر من الذكاء.

 

- صفات جسمانية حتى يتحمل عبء العمل.

 

- صفات فنية؛ أي أن يكون ملمًا بالتخصص الذي يعمل به.

 

- صفات ثقافية، بحيث يكون مطلعًا على العلوم الأخرى.

 

- صفات إنسانية، يستطيع من خلالها التعامل مع العنصر البشري.

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

 أهم المراجع:

1- مبادئ الإدارة، أحمد عبد العزيز النعيم.

2- أساسيات الإدارة، علي السلمي وآخرون.

3- الإدارة فن أم علم، أحمد الشميمري.

4- مبادئ الإدارة العامة، النظرية والتطبيق، عبد المعطي عساف.

 

 

المصدر: موقع: مفكرة الإسلام.