بتاريخ : الأربعاء ، 8 ذو الحجة ، 1438 الموافق 30 أغسطس 2017
خلق الله تعالى الإنسان سويًا في أحسن شكل وصورة: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} [التين:4]، متناسق البنية، معتدل القوام، جميل المنظر، سليم الأعضاء، صحيح البدن...
هذا هو الأصل في خلق الإنسان؛ أنه قد خلق مبرأً من كل عيب يشين جسده، لكن اقتضت حكمة الله تعالى وإرادته أن يَرِد على هذا الأصل استثناءات، له فيها حكمة، فنجد من يولد بشَفَة مقسومة نصفين، أو بستة أصابع في كفه بدلًا من خمس، أو بأذن خارجية مقسومة...، فكل هذه وغيرها استثناءات من الأصل الذي فطر الله الناس عليه.
وأكثر الناس يسلم من هذه الاستثناءات، فيولد سويًا لا عيب في جسده، لكن منهم من يتعرض لحادثٍ أو يصيبه مرض ينتج عنه تشوه في جسده.
فثارت عند ذلك الحاجة إلى إصلاح تلك العيوب التي وُلد الإنسان بها، أو التي طرأت عليه، ومع تقدم العلوم التجريبية عامة، وعلم الطب خاصة، ظهرت عمليات التجميل التي تصل الشفة أو الأذن المقسومة، وتبتر الأصبع الزائد، وتزيل آثار الحوادث من تشوهات...
وسؤالنا: هل يجوز لهذا ولذاك شرعًا مثل هذه العمليات التجميلية؟
والسؤال الأهم: هل يجوز لمن لا حاجة لديه إلى مثل تلك العمليات التجميلية؛ ممن وُلدوا أسوياء ولم يعتريهم حادث ولا سواه، أن يجروا لأنفسهم عمليات تجميلية طلبًا لمزيد من الحسن والبهاء؟!
هذا ما سوف نحاول في الصفحات التالية، إن شاء الله، تجليته وإلقاء الضوء عليه، من خلال النقاط الآتية:
ـ تعريف جراحة التجميل في اللغة والاصطلاح.
ـ أنواع الجراحات التجميلية.
ـ النوع الأول: جراحة التجميل الضرورية، وأقسامه، وبيان اختلاف العلماء في حكمه، وأدلة كل فريق، وبيان الراجح.
ـ النوع الثاني: جراحة التجميل التحسينية، وأقسامه، وبيان اختلاف العلماء في حكمه، وأدلة كل فريق، وبيان الراجح.
***
تعريف جراحة التجميل:
أولًا: في اللغة:
التجميل بمعنى التزيين والتحسين، جمَّله؛ أي: حسنه(1)،وجمله تجميلًا: زينه(2)، والتجمُّل: تكلف الجميل(3)، وجمل الرجل بالضم والكسر جمالًا فهو جميل وامرأة جميلة، قال سيبويه: الجمال رقة الحسن، والأصل: جمالة بالهاء، مثل: صبح صباحة لكنهم حذفوا الهاء تخفيفًا لكثرة الاستعمال، وتجمل تجملًا بمعنى: تزين وتحسن، إذا اجتلب البهاء والإضاءة(4).
وفي معجم لغة الفقهاء: التجميل هو عمل كل ما من شأنه تحسين الشيء في مظهره الخارجي بالزيادة عليه أو الانقاص منه(5).
ثانيًا: في الاصطلاح:
عُرفت جراحة التجميل بأنها: جراحة تُجرى لتحسين منظر جزء من أجزاء الجسم الظاهرة، أو وظيفته إذا ما طرأ عليه نقص أو تلف أو تشوه، نتيجة عيوب طبيعية أو مكتسبة، أو لاستعادة مظهر الشباب.
أنواع الجراحات التجميلية:
الجراحات التجميلية نوعان:
النوع الأول: جراحة التجميل الضرورية:
لعلاج العيوب التي توجد في جسد الإنسان، أو تطرأ عليه بسبب حادث، أو مرض، وينتج عن ذلك تشوهات في الخلقة، وهذه العيوب على قسمين:
القسم الأول: عيوب خلقية:
وهي عيوب ناشئة في الجسم من سبب فيه لا من سبب خارج عنه، وهما ضربان:
الضرب الأول: العيوب الخلقية التي ولد بها الإنسان؛ مثل: الشق في الشفة العليا "الشفة المفلوجة"، وكالتصاق أصابع اليدين والرجلين، وكانسداد فتحة الشرج.
الضرب الثاني: العيوب الناشئة من الآفات المرضية التي تصيب الجسم؛ مثل: انحسار اللثة بسبب الالتهابات المختلفة، وكأورام الحويضة والحالب السليمة.
القسم الثاني: عيوب مكتسبة:
وهي العيوب الناشئة بسبب من خارج الجسم؛ كما في العيوب والتشوهات الناشئة من الحوادث والحروق، ومن أمثلتها: كسور الوجه الشديدة التي تقع بسبب حوادث السير، وتشوه الجلد بسبب الحروق، وتشوه الجلد بسبب الآلات القاطعة، والتصاق أصابع الكف بسبب الحروق(6).
مذاهب الفقهاء في هذا النوع:
الرأي الأول: يجوز إجراء الجراحات التجميلية الضرورية.
من القائلين به:
جمهور الفقهاء المعاصرين، ومنهم: الشيخ ابن باز(7)، والشيخ محمد بن صالح العثيمين(8)، والدكتور حسام الدين بن موسى عفانة(9)، والدكتور محمد بن محمد المختار الشنقيطي(10)، والدكتور علي الصوا(11)، والشيخ جمال قطب(12)، وقد أفتت دار الإفتاء المصرية بما يقتضي ذلك(13)، وهي فتوى مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي(14).
الرأي الثاني: لا يجوز إجراء العمليات التجميلية حتى إن كانت ضرورية(15).
الأدلة:
أولًا: دليل المانعين:
قول الله تعالى: {إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا (117) لَعَنَهُ اللَّهُمـ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا (118) وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ} [النساء:117-119].
وجه الاستدلال:
حيث بيَّن الله عز وجل أن الشيطان هو من يأمر بتغيير خلق الله تعالى، وهذا تأكيد على حرمة تغيير خلقه عز وجل.
وفي إجراء مثل هذه الجراحات، ببتر الأصبع الزائد، أو وصل الشفة المقسومة... تغيير لخلق الله تعالى، وهو محرم.
نوقش:
من عدة وجوه:
أولًا: إن هذا النوع من الجراحة وجدت فيها الحاجة الموجبة للتغيير، فأوجبت استثناءه من النصوص الموجبة للتحريم، فهو جائز من باب الضرورة أو الحاجة.
قال الإمام النووي: «قوله: (المتفلجات للحسن) فمعناه: يفعلن ذلك طلبًا للحسن، وفيه إشارة إلى أن الحرام هو المفعول لطلب الحسن، أما لو احتاجت إليه لعلاج أو عيب في السن ونحوه فلا بأس»(16).
وفي فتح الباري لابن حجر، وبعد تحريم الطبري الكامل لتغيير خلق الله تعالى، قال: «ويستثنى من ذلك ما يحصل به الضرر والأذية؛ كمن يكون لها سن زائدة أو طويلة تعيقها في الأكل، أو إصبع زائدة تؤذيها أو تؤلمها، فيجوز ذلك والرجل في هذا الأخير كالمرأة.
وقال النووي: يستثنى من النماص ما إذا نبت للمرأة لحية، أو شارب، أو عنفقة، فلا يحرم عليها إزالتها؛ بل يستحب»(17).
ثانيًا: إن هذا النوع لا يشتمل على تغيير الخلقة قصدًا؛ لأن الأصل فيه أنه يقصد منه إزالة الضرر، والتجميل والحسن جاء تبعًا(18).
ثالثًا: المقصود من هذه الجراحة هو العودة بالعضو إلى أصل خلقته، وإلى حالته الطبيعية التي خلقه الله عليها، فهو عودة إلى خلقة الله لا تغييرًا لها.
رابعًا: الجراحة لإزالة تشوهات الحروق وآثار الحوادث ليست من باب تغيير خلق الله؛ بل من باب التداوي المأمور به.
ثانيًا: أدلة المجيزين:
الدليل الأول:
قول الله تعالى: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} [التين:4].
وجه الاستدلال:
قرر الله تعالى أن الأصل في الخلقة أن تكون سوية جميلة متناسقة؛ وعليه، فإذا اختل من هذا شيء فإنه ليس من أصل الخلقة؛ بل دخيل عليها، فتجب العودة به إلى الأصل، وهو التناسق والجمال، وقد يتم ذلك عن طريق جراحات التجميل الضرورية.
الدليل الثاني:
عن عرفجة بن أسعد قال: أصيب أنفي يوم الكُلَاب في الجاهلية، فاتخذت أنفًا من ورق، فأنتن علي، فأمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أتخذ أنفًا من ذهب(19).
وعن عبد الله بن عمر أن أباه سقطت ثنيته، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يشدها بذهب(20).
وجه الاستدلال:
حيث أجاز النبي صلى الله عليه وسلم لمن أصيب في أنفه، أو في أسنانه، أن يستعيض عنها أو يزينها أو يعالجها بالذهب، والأصل في الذهب أنه محرم على الرجال، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم أجازه لضرورة التداوي، وإعادة العضو إلى أصل خلقته، وهذا لا يختلف عن عمليات التجميل التي تُجرى لضرورة.
الدليل الثالث:
عن حبيب بن فديك قال: إن أباه خرج به إلى النبي صلى الله عليه وسلم وعيناه مبيضتان، لا يبصر بهما شيئًا، فسأله: «ما أصابك؟»، قال: كنت أمرن جملي فوقعت رجلي على بيض حية فأصابت بصري، فنفث النبي صلى الله عليه وسلم في عينيه فأبصر، قال: فرأيته يدخل الخيط في الإبرة, وإنه ابن ثمانين سنة، وإن عينيه لمبيضتان، وفي رواية: وإن عينيه لمضيئتان(21).
وعن محمد بن عمر الواقدي قال: قتادة بن النعمان كان من الرماة المذكورين، شهدوا بدرًا وأحدًا، ورميت عينه يوم أحد فسالت حدقته على وجنته، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إن عندي امرأة أحبها، وإن هي رأت عيني خشيت أن تقذرني، فردها رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستوت ورجعت، وكانت أقوى عينيه وأصحهما بعد أن كبر(22).
وجه الاستدلال:
حيث أجرى النبي صلى الله عليه وسلم بنفسه عملية تجميل لمن فقد عينه في حادث مرة، وفي حرب مرة أخرى، فدل ذلك على جواز جراحات التجميل الضرورية.
نوقش:
هذه معجزة وأمر خارق للعادة فلا يقاس عليه.
الدليل الرابع:
عن أسامة بن شريك قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه كأنما على رءوسهم الطير، فسلمت ثم قعدت، فجاء الأعراب من ها هنا وها هنا، فقالوا: يا رسول الله، أنتداوى؟ فقال: «تداووا؛ فإن الله عز وجل لم يضع داءً إلا وضع له دواءً، غير داء واحد: الهرم»(23).
وجه الاستدلال:
هذا النوع من الجراحة التجميلية يعد نوعًا من أنواع التداوي، فيجوز إجراؤه، وربما يستحب أو يجب؛ بناءً على اختلاف الفقهاء في حكم التداوي.
الدليل الخامس:
عن جابر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لكل داء دواء، فإذا أصيب دواء الداء برأ بإذن الله عز وجل»(24).
وجه الاستدلال:
أن العيب الخِلْقي، أو الناتج عن حادث، داء، ولا يَقِل عن أي مرض ضررًا؛ بل قد يكون هو نفسه نوعًا من أنواع المرض أو مسببًا له؛ وعليه، ينطبق عليه توجيه النبي صلى الله عليه وسلم بالتداوي منه.
و«الأطباء يقولون: المرض هو خروج الجسم عن المجرى الطبيعي، والمداواة: رده إليه»(25).
وعليه أيضًا: فإذا خرج الجسم عن مظهره الطبيعي، سواء كان بعيب خلقي أو بحادث، وجب رده إلى حالته الطبيعية، ولو عن طريق عمليات التجميل إن تعينت.
الدليل السادس:
إن هذه العيوب تشتمل على ضرر حسي، ومعنوي، وهو موجب للترخيص بفعل الجراحة؛ لأنه يعتبر حاجة، فتنزل منزلة الضرورة ويرخص بفعلها، إعمالًا للقاعدة الشرعية التي تقول: (الحاجة تنزل منزلة الضرورة، عامة كانت أو خاصة)(26).
الدليل السابع:
قياسًا على الجراحة العلاجية: فإنه يجوز فعل هذا النوع من الجراحة كما يجوز فعل غيره من أنواع الجراحة المشروعة؛ فالجراحة العلاجية وجدت فيها الحاجة المشتملة على ضرر الألم، وهو ضرر حسي، وهذا النوع من الجراحة في كثير من صوره يشتمل على الضرر الحسي والمعنوي(27).
ونوقشت هذه الأدلة بأنها معارضة للنهي عن تغيير خلق الله، وأجيب بما نوقش به دليل المانعين.
الراجح:
نرى أن الترجيح هنا ليس عسيرًا؛ لما يظهر من الأدلة العديدة المتعاضدة، والشواهد الكثيرة الدالة على جواز هذا النوع من الجراحات التجميلية، لكن ينبغي تقييد هذا الجواز بالقيود والضوابط الآتية:
أولًا: أن تتعين الجراحة سبيلًا وحيدًا لإزالة ذلك العيب الخلقي أو الناتج عن حادث.
ثانيًا: ألا يترتب على فعلها ضرر أكبر؛ فإن (الضرر لا يُزال بضرر مثله).
ثالثًا: أن تراعى فيها الضوابط الشرعية والطبية؛ مثل: أن يغلب على الظن نجاحها، وأن يأذن بها المريض بعد إِطْلاعه على مضاعفاتها المحتملة، وأن يكون الطبيب مؤهلًا، وأن تراعى أحكام كشف العورة، والالتزام بعدم الخلوة.
رابعًا: أن تحقق الجراحة مصلحة معتبرة شرعًا، كإعادة الوظيفة، وإصلاح العيب، وإعادة الخلقة إلى أصلها(28).
النوع الثاني: عمليات التجميل التحسينية:
وهي التي يقصد بها تحسين المظهر، وتحقيق الشكل الأفضل والصورة الأجمل، دون وجود دوافع ضرورية أو حاجية تستلزم الجراحة.
وينقسم هذا النوع من جراحات التجميل إلى قسمين:
القسم الأول: عمليات الشكل:
ومن أشهر صوره ما يلي: تجميل الأنف بتصغيره، وتغيير شكله من حيث العرض والارتفاع، وتجميل الذقن، وذلك بتصغير عظمها إن كان كبيرًا، أو تكبيره بوضع ذقن صناعية تلحم بعضلات وأنسجة الحنك، وتجميل الثديين بتصغيرهما إذا كانا كبيرين، أو تكبيرهما بحقن مادة السلكون مباشرة في تجويف الثديين، أو بحقن الهرمونات الجنسية، أو بإدخال النهد الصناعي داخل جوف الثدي بواسطة فتحة في الطية الموجودة تحت الثدي، وتجميل الأذن بردها إلى الوراء إن كانت متقدمة، وتجميل البطن بشد جلدتها وإزالة القسم الزائد بسحبه من تحت الجلد جراحيًا.
القسم الثاني: إزالة آثار الكِبَر والشيخوخة:
وهو يجرى لكبار السن، ومن أشهر صوره: تجميل الوجه بشد تجاعيده، تجميل الأرداف، تجميل الساعد، وذلك بإزالة القسم الأدنى من الجلد والشحم، وتجميل اليدين، ويسمى في عرف الأطباء "بتجديد شباب اليدين" وذلك بشد التجاعيد الموجودة في أيدي المسنين والتي تشوه جمالها، وتجميل الحواجب، وذلك بسحب المادة الموجبة لانتفاخها، نظرًا لكبر السن وتقدم العمر(29).
مذاهب الفقهاء في هذا النوع (عمليات التجميل التحسينية):
المذهب الأول: يحرم إجراء هذا النوع التحسيني من جراحات التجميل.
من القائلين به:
الشيخ ابن باز(30)، والشيخ محمد بن صالح العثيمين(31)، والدكتور حسام الدين بن موسى عفانة(32)، والشيخ جمال قطب(33)، والشيخ عبد الباري الزمزمي(34)، مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي.
المذهب الثاني: يجوز إجراء الجراحات التجميلية التحسينية بضوابط معينة.
وتلك الضوابط هي:
1- أن يقوم بإجرائها طبيب (أو طبيبة) مختص ومؤهل.
2- أن يلتزم الطبيب المختص بالتبصير الواعي لمن سيُجرَى له العملية بالأخطار والمضاعفات المتوقعة والمحتملة من جراء القيام بها.
3- أن تراعى فيها قواعد التداوي من حيث الالتزام بعدم الخلوة الشرعية، وأحكام كشف العورات إلا لضرورة أو حاجة داعية(35).
من القائلين به:
د. إلهام بنت عبد الله باجنيد(36)، وأجاز د. محمد عثمان شبير عملية سحب الدهون من الجسم(37)، وأجاز العلامة القرضاوي الكثير من عمليات التجميل، شرط ألا تنطوي على غش أو تدليس على الآخرين، ومنها عمليات شفط الدهون، وشد الوجه، وتقويم الأسنان، وإزالة الشعر الزائد بالليزر(38)، وممن أصَّل لهذا الاتجاه: د. هاني الجبير، ود. أيمن علي(39).
الأدلة:
أولًا: أدلة المانعين:
الدليل الأول:
قول الله تعالى: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} [التين:4] .
وجه الاستدلال:
الله عز وجل خلق الإنسان في خير صورة وأحسن هيئة، لكن شاءت إرادة الله أن يظهر طلاقة قدرته فيخلق أشكالًا وألوانًا، وكاملًا وناقصًا؛ كي لا يقول جاهل أن الله لا يستطيع أن يخلق إلا نموذجًا واحدًا، عياذًا بالله، ولكي يتذكر السوي الصحيح نعمة الله عليه.
ومن هذه الاستثناءات من كمال الهيئة وحسن الصورة خلق الله من بيده إصبع زائد، أو له شفة مقسومة...، ولهؤلاء أن يطلبوا التدخل الجراحي، إن تحتم طريقًا، لإصلاح وإعادة تلك الاستثناءات إلى الأصل في الخلقة.
أما من لم تصبه تلك الاستثناءات؛ فجاء على أصل الخلقة سويًا سليمًا، فليس له مطلقًا أن يحاول التغيير في أصل خلقته، والسبب: أنه مخلوق في أحسن تقويم.
الدليل الثاني:
قوله تعالى على لسان إبليس: {وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ} [النساء:119] .
وجه الاستدلال:
أن هذه الآية الكريمة واردة في سياق الذم، وبيان المحرمات التي يسول الشيطان فعلها للعصاة من بني آدم، ومنها تغيير خلقة الله، وجراحة التجميل التحسينية تشتمل على تغيير خلقة الله والعبث فيها حسب الأهواء والرغبات، فهي داخلة في المذموم شرعًا، وتعتبر من جنس المحرمات التي يسول الشيطان فعلها للعصاة من بني آدم(40).
قال الطبري: «لا يجوز للمرأة تغيير شيء من خلقتها التي خلقها الله عليها، بزيادة أو نقص، التماس الحسن، لا للزوج ولا لغيره»(41).
نوقش:
أن العلماء قد اختلفوا في التغيير المراد بالآية، فقال ابن عباس: «يعني بذلك خصاء الدواب»...، وقال الحسن ابن أبي الحسن البصري: «يعني بذلك الوشم»...، وقال ابن عباس في رواية عنه، ومجاهد، وعكرمة...: «يعني: دين الله عز وجل»(42).
وقال القرطبي: «واختلف العلماء في هذا التغيير إلى ماذا يرجع، فقالت طائفة: هو الخصاء وفقء الأعين وقطع الآذان، قال معناه ابن عباس وأنس وعكرمة وأبو صالح، وذلك كله تعذيب للحيوان، وتحريم وتحليل بالطغيان، وقول بغير حجة ولا برهان، والآذان في الأنعام جمال ومنفعة، وكذلك غيرها من الأعضاء، فلذلك رأى الشيطان أن يغير بها خلق الله تعالى»(43).
قال القرافي: «وما في الحديث من تغيير خلق الله لم أفهم معناه؛ فإن التغيير للجمال غير منكر في الشرع؛ كالختان، وقص الظفر والشعر، وصبغ الحناء، وصبغ الشعر، وغير ذلك»(44).
"ويلاحظ أن أقوال المفسرين في: (تغيير خلق الله) سارت في اتجاهين:
الاتجاه الأول: تفسير تغيير الخلق بالتغيير المعنوي (الباطن)، ومن أشهر الأقوال في هذا الاتجاه:
1ـ تغيير دين الله. 2ـ تغيير فطرة الله. 3ـ تغيير أمر الله.
وهذه الأقوال تئول إلى قول واحد في المعنى وإن اختلفت ألفاظها.
الاتجاه الثاني: تفسير تغيير الخلق بالتغيير الحسي (الظاهر)، ومن أشهر الأقوال في هذا الاتجاه:
1ـ الخِصَاء.
2ـ الوشم وما يُلحق به من تصنُّع للحسن؛ كالنمص، والتفلج، والوصل.
3ـ قطع الآذان وفقء الأعين بالنسبة للدواب.
4ـ خضاب الشَّيْب بالسواد"(45).
ونحن نرجح أن معنى الآية: {فليغيرن خلق الله} أي: تغيير الفطرة الحنيفية التي خلق الله الناس عليها إلى الشرك والكفر وعبادة غير الله تعالى، وليس المراد تغيير الخلقة الظاهرة.
فهي إذن بمعنى قوله تعالى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} [الروم:30]، وحديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من مولود إلا يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه، وينصرانه، أو يمجسانه»(46).
وعليه: فلا دليل في الآية على ما ادعيتم.
الدليل الثالث:
عن عبد الله بن مسعود قال: «لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الواشمات، والمستوشمات، والمتنمصات، والمتفلجات للحسن، المغيرات لخلق الله»، فبلغ ذلك امرأة من بني أسد، يقال لها أم يعقوب، فجاءت إليه، فقالت: بلغني عنك أنك قلت: كيت وكيت، قال: «وما لي لا ألعن من لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو في كتاب الله؟»، قالت: إني لأقرأ ما بين لوحيه فما وجدته، قال: إن كنت قرأته فقد وجدته، أما قرأتِ: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر:7]، قالت: بلى، قال: فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نهى عنه، قالت: فإني لأظن أهلك يفعلون، قال: اذهبي فانظري، فذهبت فنظرت فلم تر من حاجتها شيئًا، قالت: ما رأيتُ شيئًا، قال عبد الله: لو كانت كما تقولين ما جامعتنا(47).
وجه الاستدلال:
إن الحديث دل على لعن مَن فعل هذه الأشياء، وعلل ذلك بتغيير الخلقة وطلب الحسن، وهذان المعنيان موجودان في الجراحة التجميلية التحسينية؛ لأنها تغيير للخلقة بقصد الزيادة في الحسن، فتعتبر داخلة في هذا الوعيد الشديد، ولا يجوز فعلها(48).
نوقش:
الحديث علل النهي عن الوشم، والنمص، والتفليج بعلتين: الحسن، وتغيير خلق الله.
فأما التعليل بالحسن: فإنه أمر يحتاج إلى تأمل ودقيق نظر؛ إذ إن تحسين المسلم لمظهره وطلبه للحسن ليس مما ينافي الشريعة الإسلامية؛ بل في نصوصها ما يدل على استحبابه، وفي حق المرأة آكد.
فمن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: «إن الله جميل يحب الجمال»(49).
ومنه حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من كان له شعر فليكرمه»(50)، مما يدل على أن طلب الحسن في ذاته لم يكن من الأمور التي تستهجنه الشريعة أو تأباه؛ بل تطلبه وتحث عليه.
وأما التعليل بتغيير خلق الله: فهو أيضًا يحتاج إلى إعادة نظر، فقد روي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكره أن يرى المرأة ليس بيدها أثر الحناء والخضاب»(51).
عن ابن ضمرة بن سعيد، عن جدته، عن امرأة من نسائهم... قالت: دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي: «اختضبي، تترك إحداكن الخضاب حتى تكون يدها كيد الرجل»، قالت: فما تركت الخضاب حتى لقيت الله عز وجل، وإن كانت لتختضب وإنها لابنة ثمانين(52).
عن أم عاصم عن السوداء قالت: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم لأبايعه، فقال: «انطلقي فاختضبي، ثم تعالي حتى أبايعك»(53).
والشاهد: أن الخضاب يغير من منظر اليد، وكذلك الكحل وغيره من المساحيق التي تتزين بها المرأة يغير من شكلها، حتى إن كثيرًا من أنواع المساحيق اليوم تعمل على توسيع العين الضيقة، وعلى استقامة الأنف المدبب، لدرجة لا تُعرف المرأة بعدها إلا بالشبه، وما تلون به المرأة شعرها كذلك؛ وعليه، فليس كل تغييرٍ منهيًا عنه.
يقول الإمام النفراوي يرحمه الله: «ولا مانع من تأويل المحتمل عند وجوب العارض، ولا يقال فيه تغيير لخلق الله؛ لأنا نقول: ليس كل تغيير منهيًا عنه، ألا ترى أن خصال الفطرة؛ كالختان، وقص الأظفار، والشعر، وغيرها من خصاء مباح الأكل من الحيوان وغير ذلك: جائزة»(54).
فإذًا، لِمَ اختص هذا النوع من التغيير الذي يحدثه التحسين بالنهي؟ لا بد له من علة تبرره.
ففي الفروع يبين علة النهي في هذه الأحاديث ونحوها، مما هو في معناها، على لسان ابن الجوزي قائلًا: «وأباح ابن الجوزي النمص وحده، وحمل النهي على التدليس، أو أنه كان شعار الفاجرات»(55).
ويقول ابن عاشور: «وأما ما ورد في السنة من لعن الواصلات، والمتنمصات، والمتفلجات للحسن فمما أشكل تأويله، وأحسب تأويله أن الغرض منه النهي عن سمات كانت تعد من سمات العواهر في ذلك العهد، أو من سمات المشركات، وإلا فلو فرضنا هذه منهيًا عنها لما بلغ النهي إلى حد لعن فاعلات ذلك»(56).
فالعلة إذًا من تحريم الأمور المنهي عنها في الحديث، إما لكونها مما تطلبه الفاجرات ترويجًا لفجورهن، فهو خير معين لهن على ذلك، أو من أجل التدليس المنهي عنه بالاتفاق.
وهنا علة أخرى نبه إليها الإمام ابن الجوزي يرحمه الله، وهي كون التغيير يؤدي إلى الحسن في الحال، ثم يتأذى به الجسم في المآل، وذلك كالوشم الذي يؤذي الجلد ويؤلمه، وربما آذاه نتيجة كبس الدم بالكحل، وغيره.
وانطلاقًا مما سبق يمكن القول بأن التحسين المغيِّر للخلقة المحرم يتلخص في الآتي:
1- ما كان مسهلًا وموصلًا إلى الفجور والحرام، كما هو ملاحظ في إنكباب الكثير من فنانات الطرب والتمثيل على عمليات التجميل؛ لعرض أجسادهن في قالب يخلب الأنظار، أو في لجوء غيرهن إليها ليكن أكثر فتنة وإغواءً، أو في تشبه النساء بالرجال أو العكس، أو التشبه بأهل الكفر والفجور والمعاصي.
2- ما كان أحبولة للغش والخداع، كالذي تفعله أو يفعله من يقصد التدليس في حق من لو عرف به لما ارتضاه.
3- ما كان يترتب عليه ضررٌ يربو على المصلحة المرتجاة منه، مما يجعل ذلك التغيير ما هو إلا تحسين في الحال أذى في المآل، وهذا يقرره أهل الاختصاص الثقات.
ويندرج تحت هذا الضابط الإسراف في اللجوء إلى العمليات التجميلية؛ مما يخرج بها إلى دائرة العبث والتلاعب حسب الأهواء.
وعليه فإن هذه العمليات متى خلت من أحد هذه الأمور لا تحرم، عملًا بالقاعدة الشرعية التي تقول: (الحكم يدور مع العلة وجودًا وعدمًا، فإذا انتفت العلة انتفى المعلول)(57).
أجيب:
أولًا: حديث: «إن الله جميل يحب الجمال»: عام، قد خصصه حديث ابن مسعود وغيره.
ثانيًا: ما استدللتم به من أحاديث أمره صلى الله عليه وسلم النساء بالخضاب ضعيفة؛ بل ورد معها ما يناقضها:
عن كريمة بنت همام الطائية قالت: كنا في مسجد الحرام وعائشة فيه، فجلسنا إليها، فقالت لها امرأة: يا أم المؤمنين، ما تقولين في الحناء والخضاب؟ قالت: «كان خليلي لا يحب ريحه»(58).
مع العلم أنه ليس بمحرم؛ لما جاء في رواية أحمد: «كان حبيبي صلى الله عليه وسلم يعجبه لونه، ويكره ريحه، وليس بمحرم، عليكن بين كل حيضتين، أو عند كل حيضة»، لكن الشاهد أنه صلى الله عليه وسلم لم يأمر به.
ثالثًا: على فرض صحة هذه الأحاديث: فما ذكرتم من ألوان الزينة التي تغير، فإنه تغيير لا يستمر أثره ولا يدوم، وليس فيه إيلام، بعكس الجراحات التجميلية، فهو قياس مع الفارق.
رابعًا: قد حصرتم العلة في تحريم التحسين المغيِّر للخلقة في ثلاث: كونه من شعار الفاجرات، أو متضمن لغش، أو ينضوي على ضرر أعظم.
وهذا منقوض بعدة وجوه:
الأول: قد نص النبي صلى الله عليه وسلم على علة التحريم بقوله: «والمتفلجات للحسن، المغيرات لخلق الله»، ولو كانت العلة ما قلتم لنص عليها النبي صلى الله عليه وسلم كما نص على غيره.
الثاني: قررتم أنه إذا وجدت علة من هذه الثلاث كان التغيير محرمًا، ونحن نقول: أن علة الغش والتدليس، التي ذكرتم، من اللوازم التي لا تنفك غالبًا عن التفلج، كمثال، يقول الإمام النووي: «وأما المتفلجات...، والمراد مفلجات الأسنان؛ بأن تبرد ما بين أسنانها الثنايا والرباعيات...، وتفعل ذلك العجوز ومن قاربتها في السن إظهارًا للصغر وحسن الأسنان؛ لأن هذه الفرجة اللطيفة بين الأسنان تكون للبنات الصغار، فإذا عجزت المرأة كبرت سنها وتوحشت، فتبردها بالمبرد؛ لتصير لطيفة حسنة المنظر، وتوهم كونها صغيرة، ويقال له أيضًا (الوشر)، ومنه لعن الواشرة والمستوشرة.
وهذا الفعل حرام على الفاعلة والمفعول بها لهذه الأحاديث، ولأنه تغيير لخلق الله تعالى، ولأنه تزوير، ولأنه تدليس»(59).
الثالث: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما لعن فاعلات ذلك استثنى ما كان لضرورة، والجراحات التحسينية لا ضرورة فيها، ففي رواية أحمد: يقول ابن مسعود: فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن النامصة، والواشرة، والواصلة، والواشمة إلا من داء».
الرابع: عللكم الثلاثة منقوضة بالحديث التالي في الصحيحين: عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما أن امرأة جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: إني أنكحت ابنتي، ثم أصابها شكوى، فتمرق رأسها، وزوجها يستحثني بها، أفأصل رأسها؟ فسبَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم الواصلة والمستوصلة(60).
وفي لفظ لمسلم: «لعن الله الواصلة والمستوصلة».
الشاهد: حيث حرم النبي صلى الله عليه وسلم مجرد وصل الشعر، رغم انتفاء عللكم الثلاث؛ فأما قولكم: (شعار الفاجرات، ويتوصل به إلى فسوق): فهذه فتاة عفيفة، أمها هي التي تريد فعله لها، وتتوصل به إلى زواج حلال.
وأما علتكم الثانية: (الغش والتدليس): فإنه بعلم الزوج؛ بل بطلبه، بدليل ما جاء في رواية للبخاري أن الأم قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: إن زوجها أمرني أن أصل في شعرها، فقال صلى الله عليه وسلم: «لا، إنه قد لُعِنَ المُوصِلاَت»(61)، ولهذا بوَّب عليه البخاري قائلًا: (باب لا تطيع المرأة زوجها في معصية)، وسيأتي بيان وجه الاستدلال من هذا الحديث في الدليل القادم، إن شاء الله.
وأما علتكم الثالثة: (ترتب ضرر أكبر): فإن وصل الشعر لا ضرر فيه مطلقًا.
فقد وُجد التحريم مع انتفاء عللكم، مما يسقط مناقشتكم، ويثبت أن العلة التي يدور معها التحريم هي ما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم من تغيير خلق الله تعالى.
الدليل الرابع:
عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما: أن امرأة جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: إني أنكحت ابنتي، ثم أصابها شكوى، فتمرق رأسها، وزوجها يستحثني بها، أفأصل رأسها؟ فسب رسول الله صلى الله عليه وسلم الواصلة والمستوصلة(62).
وفي لفظ لمسلم أنه صلى الله عليه وسلم قال: «لعن الله الواصلة والمستوصلة».
وجه الاستدلال:
حيث حرم النبي صلى الله عليه وسلم مجرد وصل الشعر؛ لأن فيه تدليس، ولم يجزه وهناك ضرورة قائمة، وهي سقوط الشعر الذي هو زينة المرأة، فما الحال والجراحات التحسينية لا ضرورة لها!
الدليل الخامس:
عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن تحلق المرأة رأسها، قال الترمذي: «والعمل على هذا عند أهل العلم؛ لا يرون على المرأة حلقًا، ويرون أن عليها التقصير»(63).
وجه الاستدلال:
في عبادة الحج، وفي نسك يقصد به التقرب إلى الله، نُهيت المرأة عن تغيير خلق الله بالحلق، فَلأن يُحرَّم عليها ذلك في غير نسك ولا عبادة أولى.
نوقش:
أولًا: الحديث ضعيف؛ قال الترمذي: «حديث علي فيه اضطراب»(64)، والاضطراب المذكور إنما هو من همام، فكان تارة يجعله من مسند علي، وتارة من مسند عائشة(65).
ثانيًا: إنما نُهي عنه للمثلة، ولأنه زينة المرأة، وليس لكونه تغيير لخلق الله، بخلاف الجراحات التجميلية التحسينية، فإنما يقصد بها زيادة الزينة والحسن.
أجيب:
أولًا: إن كان السند ضعيفًا فإن العمل عليه عند أهل العلم، كما قال الترمذي.
وهناك من الصحيح ما يغني عنه، وهو حديث ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليس على النساء حلق، إنما على النساء التقصير»(66).
ثانيًا: كون النهي للمثلة لا ينفي كونه تغييرًا لخلق الله تعالى، فإن الرجل مأمور بالحلق ولم يقل أحد أنه له مثلة، والفرق أن الحلق للرجل ليس تغييرًا لخلقته، بخلاف المرأة.
الدليل السادس:
عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن القَزَع، قال: قلت لنافع: وما القزع قال: «يحلق بعض رأس الصبي ويترك بعض»(67).
وعنه أيضًا أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى صبيًا قد حُلِق بعضُ شعره وتُرِك بعضُه، فنهاهم عن ذلك وقال: «احلقوه كله، أو اتركوه كله»(68).
وجه الاستدلال:
هذا صبي صغير لم يبلغ الحلم، ولم يجر عليه القلم، ومع ذلك حرَّم النبي صلى الله عليه وسلم عليه القزع، مع أنه يتزين به؛ لما فيه من المثلة التي تعافها الأنفس والقلوب، فهو يؤدي إلى تشويه جمال الخلقة التي أبدعها الله تعالى، وهذا ينطبق على بعض الجراحات التحسينية التي يُقصد بها التحسين فيكون منها التشويه، وقد قال الشاعر:
إن الجمال من المصور صنعة إن شذ حرف فيه لم يك صائبًا
الدليل السابع:
عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تنتفوا الشيب فإنه نور المسلم، ما من مسلم يشيب شيبة في الإسلام إلا كتب له بها حسنة، ورفع بها درجة، أو حط عنه بها خطيئة»(69).
وفي لفظ للترمذي: «أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن نتف الشيب، وقال: «إنه نور المسلم»(70).
وجه الاستدلال:
إن كان مجرد صبغ الشعر بالسواد مكروه أو محرم؛ لأنه من باب الغش والتدليس بتغيير خلق الله، فما الحال بإجراء جراحة فيها إيلام وخوف ضرر...؟!
نوقش:
هذا ورد فيه نص بالنهي عنه، أما موضوعنا فلم يرد فيه نص بتحريمه، فهو باق على أصل الإباحة.
أجيب: قد أوردنا نصوصًا في تحريم نظائر ذلك وقسنا عليه؛ بل تحقق علة التحريم في الجراحات التجميلية التحسينية أقوى من تحققها في النظائر التي قسنا عليها، والقياس أصل عظيم من أصول الشرع، قال تعالى: {فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَار} [الحشر:2] .
وقال ابن العربي عند كلامه عن علم الفرائض: «ولو لم يكن من فضل الفرائض والكلام عليها إلا أنها تبهت منكري القياس، وتخزي مبطلي النظر في إلحاق النظير بالنظير، فإن عامة مسائلها إنما هي مبنية على ذلك؛ إذ النصوص لم تستوف فيها، ولا أحاطت بنوازلها»(71).
وقال بعدها: «وهذا كله ليتبين به العلماء أن القياس مشروع، والنص قليل»(72).
ثم قال أيضًا: «الله تعالى قال في ميراث الأخوات: {فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ} [النساء:176]؛ فحمل العلماء البنتين على الأختين في الاشتراك في الثلثين، وحملوا الأخوات على البنات في الاشتراك في الثلثين، وكان هذا نظرًا دقيقًا وأصلًا عظيمًا في الاعتبار، وعليه المعول، وأراد الباري بذلك أن يبين لنا دخول القياس في الأحكام»(73).
الدليل الثامن:
أن هذه الجراحة لا تخلو من الأضرار والمضاعفات التي تنشأ عنها؛ ففي جراحة تجميل الثديين بتكبيرهما عن طريق حقن مادة السلكون، أو الهرمونات الجنسية، يؤدي ذلك إلى حدوث أخطار كثيرة، إضافة إلى قلة نجاحها.
ونظرًا لخطورتها يقول بعض الأطباء المختصين: هناك اتجاه علمي بأن مضاعفات إجراء هذه العملية كثيرة، لدرجة أن إجراءها لا ينصح به(74).
ففيها تحمل ضرر دون وجود منفعة راجحة، وهو ما يمنعه العقل والشرع.
الدليل التاسع:
سذاجة الدوافع، وأنه لا ضرورة لإجرائها، ولْنَدَع من جربوا تلك الجراحات التحسينية يتحدثون عن أنفسهم:
تقول (ياولا يندسكو) وهي ممثلة إيطالية: لقد أقدمت على عملية تجميل الأنف بوصفي ممثلة، وليس بوصفي امرأة، وقد انقضى الآن شهران على ذلك...، كان الجميع قبل ذلك يقولون: إن عيبي الوحيد هو ذلك التقوس البسيط الذي يظهر في أنفي، فما أن لاحت لي فرصة إجراء العملية حتى أقبلت عليها بنفس مطمئنة، وخاصة أن الطبيب أكد لي أنه ليس هناك أي خطر منها، على أن الشيء الذي أود أن أسر به إلى سائر النساء هو أنه لو لم تكن مهنتي هي التمثيل في السينما لما جرؤت على هذه العملية، خاصة أن فيها بعض المتاعب...، ومن ذلك: أني أمضيت أسبوعين أتنفس ليلًا ونهارًا من فمي، ولا أستطيع أن أنقلب على الوسادة عند النوم يمينًا أو يسارًا، وإلا ضاع أثر العملية.
وتقول (شبيلا جابل): كنت في بداية العمل في السينما، وكان ذلك حوالي عام 1960م، ولم أكن أسمع من المخرجين الذين قدموني إلا العبارة التالية: "لن تمهري في السينما ولك هذا الأنف"، إذن، كان أنفي هو الذي يحد من انطلاقي، ويمنعني من الظهور أمام الجمهور! وفكرت طويلًا في الأمر، ثم عزمت على الإطاحة بهذا الأنف، وأسلمت نفسي لجراح مشهور، وأجريت لي الجراحة.
وعن الدوافع التي تحمل النساء على طلب تدخل العلم الحديث لتغيير هيئة الأعضاء الظاهرة يقول البورفسور (جان فرانكو كوريجا) وهو متخصص في جراحات التجميل: إنها أساسًا رغبة المرأة في إشباع نزعة غرور تعتريها، أو تطلعها إلى فترة ثانية من الشباب بعد تقدمها في العمر...
وأذكر قصة الفتاة الأمريكية (كاثي ليوك) التي نشرتها جريدة الأخبار القاهرية: إن هذه الفتاة استبدلت بوجهها وجهًا آخر ياباني حتى تستطيع أن تتزوج من الشاب الياباني الذي أحبته...، وكانت (كاثي) قد تقابلت مع هذا الشاب في مدينة (يوكوهاما) حيث كانت ترافق والدها في رحلة عمل، وأحبته إلى حد العبادة، إلا أن أسرته كانت من الأسر اليابانية المحافظة، فرفضت أن تزوجه إلا من إحدى الفتيات اليابانيات، وإزاء ذلك، وحتى تستطيع أن تتزوجه ذهبت إلى أحد جراحي التجميل، وطلبت منه أن يغير ملامح وجهها حتى تبدو كاليابانيات، فقام الطبيب بتعريض أنفها وتغيير شكل حاجبيها حتى تصبح عيونها ضيقة، وبعد كل هذا رفضت الأسرة الزواج.
أما عن حبيبها فلم يعجبه وجهها الجديد، وتركها وتزوج من فتاة يابانية، وهكذا تلقت (كاثي) صفعة قوية في حبها، ولجأت مرة أخرى لجراحة التجميل لاستعادة وجهها الأمريكي!
يلاحظ مما سبق عرضه أن دوافع عمليات تغيير هيئة الأعضاء هي:
1ـ إشباع نزعة غرور عند المرأة؛ فتتطلع إلى تحسن مبالغ فيه بتغيير خلق الله تعالى.
2ـ التدليس؛ بأن تتطلع الكبيرة في السن إلى فترة ثانية من الشباب.
فإذا كانت هذه هي دوافع التعديل فلا يجوز إجراء تلك العملية، ويكون الطبيب الذي أجراها والمرأة التي فعل بها ذلك آثمين؛ لأنه تغيير لخلق الله تعالى، وتدليس؛ كما في تفليج الأسنان، والله أعلم(75).
وفي هذا المقام ما أنسب قول الشاعر:
قل للجميلة التي أرسلت أظفـارها إني لخـوفي كدت أمضي هاربا
إن المخــالب للوحـوش نخالها فمتى رأينـا للظبـاء مخـالبا؟!
بالأمس أنت قصصت شعرك غيلة ونقلت عن وضع الطبيعة حاجبا
وغــدًا نراك نقلت ثغرك للقفا وأزحت أنفـك رغـم أنفك جانبا
إن الجمال من المصور صنعـة إن شـذ خـط فيه لم يك صائبا
الدليل العاشر:
إجراء هذه العمليات يدخل في باب الإسراف المحرم شرعًا؛ نظرًا للتكاليف المالية العالية التي تترتب عليها، كما هو الواقع المشاهد، مع أنها قد لا تنجح في بعض الحالات، وقد يتطلب الأمر إعادتها، وهي مما لا تدعو إليه الضرورة ولا الحاجة؛ لأن التجاعيد في هذه الحالة أمر معتاد(76).
الدليل الحادي عشر:
أن هذه الجراحة لا تخلو من محظورات، ومنها قيام الرجال بمهمة الجراحة للنساء الأجنبيات، وكشف العورة بلا حاجة، ومنها تخدير المريض وهو محرم إلا عند الحاجة، ولا حاجة هنا، وقد يترتب عليها ترك الطهارة لفترةٍ من الزمن؛ بسبب تغطية العضو الذي أجريت له العملية(77).
نوقش:
هذه المحظورات واردة في أي جراحة أيًا كان نوعها.
أجيب:
إنما تحتمل هذه المحظورات في الجراحات الضرورية، من باب الضرورات تبيح المحظورات، أما في الجراحات التحسينية فلا ضرورة لنبيح بها المحظور!
ثانيًا: أدلة المجيزين:
الدليل الأول:
عن ابن عباس رضي الله عنهما سأله رجل: شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العيد، أضحى أو فطرًا؟ قال: نعم، ولولا مكاني منه ما شهدته، يعني من صغره، قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى ثم خطب، ولم يذكر أذانًا ولا إقامة، ثم أتى النساء فوعظهن وذكرهن وأمرهن بالصدقة، فرأيتهن يهوين إلى آذانهن وحلوقهن، يدفعن إلى بلال، ثم ارتفع هو وبلال إلى بيته(78).
وفي حديث أم زرع الطويل قالت: «قالت الحادية عشرة: زوجي أبو زرع، وما أبو زرع، أناس من حلي أذني(79)، وملأ من شحم عضدي»(80).
عن ابن عباس قال: «سبعة من السنة في الصبي يوم السابع: يسمى، ويختن، ويماط عنه الأذى، وتثقب أذنه، ويعق عنه، ويحلق رأسه، ويلطخ بدم عقيقته، ويتصدق بوزن شعره في رأسه ذهبًا أو فضة»(81).
وجه الاستدلال:
حيث أجاز الإسلام ثقب أذن المرأة، وهي نوع من الجراحة البسيطة، رغم ما فيه من إيلام لها، ولم يكن لذلك ضرورة؛ بل هي من قبل الجراحات التحسينية؛ لأنه لا يقصد بها إلا زيادة الحسن والجمال.
نوقش:
أولًا: هذا قياس مع الفارق؛ فثقب الأذن يسير بسيط بحيث لا يسمى جراحة أصلًا، أما الجراحات التجميلية منها ما هو خطير في إجرائه، وله مضاعفات لا تخفى، ففي الأولى لا ضرر يُخشى، بخلاف الثانية.
وحتى لو فرضنا المشابهة بين الفرعين، فإن ثقب الأذن مستثنى من التحريم بالنص، والمستثنى لا يقاس عليه.
ثانيًا: الأحاديث حجة عليكم؛ فقد بينت أن المرأة تحتاج إليه في التجمل والتزين، قال تعالى: {أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ} [الزخرف:18]، قال ابن كثير: «أي: المرأة ناقصة، يكمل نقصها بلبس الحلي منذ تكون طفلة...، فالأنثى ناقصة الظاهر والباطن، في الصورة والمعنى، فيكمل نقص ظاهرها وصورتها بلبس الحلي وما في معناه، ليجبر ما فيها من نقص، كما قال بعض شعراء العرب:
وما الحلي إلا زينة من نقيصة يتمـم من حسن إذا الحسن قصرا
وأما إذا كان الجمـال موفرًا كحسنك، لم يحتج إلى أن يزورا»(82).
وقال ابن القيم: «أما أذن البنت فيجوز ثقبها للزينة، نص عليه الإمام أحمد، ونص على كراهته في حق الصبي، والفرق بينهما: أن الأنثى محتاجة للحلية، فثقب الأذن مصلحة في حقها، بخلاف الصبي»(83).
فهذه، إذن، حاجة من حاجاتها الأساسية الضرورية لا التحسينية.
ثالثًا: من الفقهاء من منعه: فذهب بعض الشافعية إلى عدم جواز ثقب الأذن، فقال الغزالي: «ولا أرى رخصة في تثقيب أذن الصبية لأجل تعليق حلق الذهب فيها؛ فإن هذا جرح مؤلم، ومثله موجب للقصاص، فلا يجوز إلا لحاجة مهمة؛ كالفصد والحجامة والختان، والتزين بالحلق غير مهم؛ بل في التقريط بتعليقه على الأذن، وفي المخانق والأَسورة كفاية عنه.
فهذا وإن كان معتادًا فهو حرام، والمنع منه واجب، والاستئجار عليه غير صحيح، والأجرة المأخوذة عليه حرام، إلا أن يثبت من جهة النقل فيه رخصة، ولم يبلغنا إلى الآن فيه رخصة»(84).
وقال في مختصر منهاج القاصدين: «ولا رخصة في تثقيب آذان الصبية لأجل تعليق حلق الذهب، فإن ذلك جرح مؤلم لا يجوز»(85).
رابعًا: حديث ابن عباس ضعيف؛ فيه رواد بن الجراح وهو ضعيف؛ لاختلاطه واختلاف العلماء فيه(86).
خامسًا: لا يتعين ثقب الأذن طريقة وحيدة لتعليق القرط؛ فهناك أنواع عديدة من الأقراط تُعلق دون حاجة لثقب الأذن، كالإمساك بالضغط أو بسلسة لطيفة تتدلى من فوق الرأس حتى تحاذي الأذن.
سادسًا: عدم إنكار النبي صلى الله عليه وسلم على ثقب الأذن لا يدل على الجواز؛ بل يحتمل أنهن ثقبن آذانهن قبل الشرع، فيغتفر في الدوام ما لا يغتفر في الابتداء.
وقد نبه على هذين الوجهين الحافظ ابن حجر حين قال: «واستدل به على جواز ثقب أذن المرأة لتجعل فيها القرط وغيره مما يجوز لهن التزين به.
وفيه نظر؛ لأنه لم يتعين وضع القرط في ثقبة الأذن؛ بل يجوز أن يشبك في الرأس بسلسلة لطيفة حتى تحاذي الأذن وتنزل عنها.
سلمنا: لكن إنما يؤخذ من ترك إنكاره عليهن، ويجوز أن تكون آذانهن ثقبت قبل مجيء الشرع فيغتفر في الدوام ما لا يغتفر في الابتداء»(87).
وأجيب عن كلامه بما يلي:
أولًا: عادة النساء في الحلق تعليقه في ثقب الأذن لا شبكه في سلسلة، وترده رواية: «فجعلت المرأة تلقي خرصها، وتلقي سخابها»(88)، وقد قال ابن حجر نفسه: «والخرص:... الحلقة التي تجعل في الأذن»(89).
وكذلك يرده ما جاء في حديث أم زرع: «أناس من حلي أذني»، قال النووي: «والنوس...: الحركة من كل شيء متدل، يقال منه: ناس ينوس نوسًا، وأناسه غيره أناسة ومعناه: حلاني قرطة وشنوفًا فهي تنوس؛ أي: تتحرك لكثرتها»(90).
وقال ابن حجر: «قوله: (أناس من حلي أذني) أي: ملأهما حليًا ينوس أي يتحرك»(91)، فلو علقت الأقراط في سلسلة ما تحركت الأذنان من ثقلها.
ثانيًا: عادة ثقب الأذن مستحكمة بين النساء في القديم والحديث، فلو كانت ممنوعة لنبه النبي صلى الله عليه وسلم على منعها، أو نزل فيها قرآن(92)، والقاعدة أنه: (لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة).
الدليل الثاني:
عن عرفجة بن أسعد قال: أصيب أنفي يوم الكُلاب في الجاهلية، فاتخذت أنفًا من ورق، فأنتن علي، فأمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أتخذ أنفًا من ذهب(93).
وجه الاستدلال:
إن عرفجة لم يتخذ أنفًا من ذهب لحاجته للشم أو التنفس؛ لأنهما حاصلان بدون وجود البروز، وإنما اتخذه لتحسين المنظر، وهذه صورة من صور العمليات التجميليّة التحسينية(94).
نوقش:
لا نسلم لكم أن هذا من قِِبل الجراحات التحسينية؛ بل هو من الجراحات التجميلية الضرورية التي عرفناها بقولنا: (جراحة تجرى لتحسين منظر جزء من أجزاء الجسم الظاهرة، أو وظيفته إذا ما طرأ عليه نقص أو تلف أو تشوه، نتيجة عيوب طبيعيّة أو مكتسبة)، فعرفجة قد أصيب أنفه في حرب إصابة شوهت أنفه، لذا رخص له النبي في ذلك.
ولو لم يكن ذلك من قبيل الضروري، لا التحسيني، لما رخص له النبي صلى الله عليه وسلم في استعمال الذهب المحظور والمحرم على الرجال! فهذا دليل أنه كان من الضرورات.
الدليل الثالث:
عن عبد الله بن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كِبْر» ، قال رجل: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنًا ونعله حسنة، قال: «إن الله جميل يحب الجمال، الكبر بطر الحق، وغمط الناس»(95).
وجه الاستدلال:
أن الإسلام دين الجمال والحسن، يُعنى بالجمال ويهتم به ويحث عليه؛ بل ويلفت الانتباه إلى الجمال المبثوث في جنبات الكون، فعن السماء قال الله تعالى: {وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ} [الحجر:16]، {وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ} [الملك:5]، {أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ} [ق:6].
وعن الأرض قال تعالى: {وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ} [الحج:5]، {فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ} [النمل:60].
وفي كل مخلوقات الله ترى الجمال باديًا، ليلفت الله به أنظارنا أنه عز وجل: «جميل يحب الجمال»، في كل شيء، بما في ذلك جسد الإنسان، فإذا وجدت فيه شائبة قبح، فينبغي أن تزال ولو من خلال جراحات التجميل التحسينية، ليتناغم مظهر الإنسان مع جمال الكون كله.
نوقش:
كلامكم حق أُريد به باطل؛ نعم إننا نرى الجمال في كل ما خلقه الله تعالى، والإنسان من ضمن ما خلقه الله.
ونسألكم: ما دام ليس هناك تشوه ولا شذوذ في خلقة إنسان ما، وأردتم إجراء عملية تجميلية له لمجرد تقوس في أنفه أو ضيق في عينه... بحجة أنه ليس جميلًا، فأجيبوني: ما هو مقياس الجمال والقبح؟ ومن الذي يحدده؟ أم أنه أمر نسبي يختلف من إنسان لآخر، ومن مجتمع لآخر، ومن زمان لآخر؟ فما تراه أنت قبيحًا قد أراه أنا غاية في الجمال، وما أراه أنا عيبًا وشينًا قد تراه أنت مزية وتميزًا.
دليل من قال بجواز عمليات سحب الدهون:
أولًا: القياس على ما أجازه الفقهاء من التسمن للزوج عن طريق الأكل بقصد السِّمن، والتداوي بقصد السمن، ومن نصوص الفقهاء في هذا الشأن:
يقول الإمام السبكي: «رأيت في فتاوى قاضي خان من الحنفية، في المجلد الأخير منه، ما نصه: امرأة تأكل الفتيت وأشباه ذلك لأجل السمن، قال أبو مطيع البلخي رحمه الله: لا بأس به ما لم تأكل فوق الشبع»(96).
وفي الفتاوى الهندية: «وسئل أبو مطيع عن امرأة تأكل القبقبة وأشباه ذلك تلتمس السمن؟ قال: لا بأس به ما لم تأكل فوق الشبع، وإذا أكلت فوق الشبع لا يحل لها، كذا في الحاوي للفتاوى.
والمرأة إذا كانت تسمن نفسها لزوجها لا بأس به، ويكره للرجل ذلك»(97).
يلاحظ من نصوص الفقهاء السابقة أن تعديل قوام الجسم بتناول الأطعمة أو بالامتناع عنها أو بالتداوي جائز، ما لم يؤد إلى ضرر، وبناء عليه، فإن عملية سحب الدهون من الجسم بقصد التداوي والعلاج جائزة ما لم تؤد إلى ضرر أكبر.
أما سحب الدهون بقصد تخفيف الوزن وتعديل قوام الجسم فيجوز بشرطين:
1ـ أن تتعين عملية سحب الدهون، بحيث لا توجد وسيلة أخرى تقوم مقامها.
2ـ أن لا يترتب عليها ضرر أكبر(98).
ثانيًا: أن المراد من هذه الجراحات أن يعود الإنسان إلى الخلقة الطبيعية، فلا مانع من هذا؛ لأن الأصل أن الله لم يخلق الإنسان "بكرش"، فإذا أصبح هناك "كرش" سواء من كثرة الأكل أو بسبب الغدد، وهذه السمنة تؤذيه من ناحية، ومنظرها سيئ من ناحية أخرى، وتعوقه عن كثير من الأعمال، فإذا استطاع أن يجري عملية بحيث يعود إلى الجسم الطبيعي، كما خلق الله الناس، فلا مانع من ذلك، ما دام ليس فيه جور على شيء آخر.
نوقش:
أننا نعتبر السمنة مرضًا من الأمراض، والإسلام عدَّ ظهور السِّمن من علامات الساعة.
وعليه: فإن أصيب إنسان بالسمن، وجرب العلاجات فلم تفلح، حتى تعين إجراء جراحة له، فإننا نعتبرها من قِبل الجراحات التجميلية الضرورية لا التحسينية.
الراجح:
من خلال استعراضنا لأدلة الفريقين، المانعين والمجيزين، يترجح عندنا رأي المانعين من الجراحات التجميلية التحسينية، وذلك للأسباب التالية:
أولًا: قوة أدلة المانعين، وردهم على ما وجِّه إليها من مناقشات، ومناقشتهم لأغلب أدلة المجيزين.
ثانيًا: تداعي أدلة المجيزين؛ ككونها نصوصًا عامة مخصَّصة بغيرها، أو كونها قياسات مع الفارق، أو لا تتوافر فيها العلة المشتركة اللازمة لنقل الحكم، أو كونها وجوهًا منقوضة من المعقول يخالفها الواقع...
ثالثًا: الناظر الفاحص يكتشف أن تلك الجراحات التجميلية التحسينية لا تعدو إلا أن تكون جريًا وراء موضات و(تقاليع) وابتداعات الغرب والشرق، وذلك الذي أنذر منه النبي صلى الله عليه وسلم وحذر عندما قال: «لتتبعن سنن الذين من قبلكم، شبرًا بشبر، وذراعًا بذراع، حتى لو دخلوا في جحر ضب لاتبعتموهم» قلنا: يا رسول الله، آليهود والنصارى؟ قال: «فمن؟»(99).
رابعًا: أن في إجازتها فتح لباب عظيم من الشر؛ فقليل من الناس هو من يرضى عن مظهره وشكله، فكثيرون سيلجئون إلى تغيير أشكالهم، ولا يخفى ما في ذلك من فوضى واستهانة بآدمية الإنسان، وتجرؤ على تغيير خلق الخلاق العليم {الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ} [السجدة:7]، و{الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى (2) وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى} [الأعلى:2-3].
خامسًا: أنه لا توجد عملية جراحية لا مضاعفات لها؛ بل أغلب المواد الكيميائية المستخدمة فيها تؤثر على جزء من أجزاء الجسم، ولذلك فإن العقل، قبل الشرع، يقول: أنه لا ينبغي اللجوء إليها إلا لضرورة.
سادسًا: أن الأصل في التغطية على عقل الإنسان وتغيبه عن وعيه التحريم، وهذا لا بد منه في العمليات بالتخدير بواسطة (البنج)، فكذلك يجب ألا يستحل إلا لضرورة.
والله عز وجل أعلم.
قرار المجمع الفقهي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي:
أصدر مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي، المنعقد في دورته الثامنة عشرة في بوتراجايا (ماليزيا)، من 24 إلى 29 جمادى الآخرة 1428هـ، الموافق 9 إلى 14 يوليه 2007م، قرارًا حول الجراحة التجميلية وأحكامها، وهذا بعض ما جاء فيه:
أولًا: يجوز شرعًا إجراء الجراحة التجميلية الضرورية والحاجية التي يقصد منها:
(أ) إعادة شكل أعضاء الجسم إلى الحالة التي خُلق الإنسان عليها؛ لقوله سبحانه: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} [التين:4].
(ب) إعادة الوظيفة المعهودة لأعضاء الجسم.
(ج) إصلاح العيوب الخِلقية؛ مثل: الشفة المشقوقة الأرنبية، واعوجاج الأنف الشديد، والوحمات، والزائد من الأصابع والأسنان، والتصاق الأصابع إذا أدى وجودها إلى أذى مادي أو معنوي مؤثر.
(د) إصلاح العيوب الطارئة المكتسبة، من آثار الحروق والحوادث والأمراض وغيرها؛ مثل: زراعة الجلد وترقيعه، وإعادة تشكيل الثدي كليًا حالة استئصاله، أو جزئيًا إذا كان حجمه من الكبر أو الصغر بحيث يؤدي إلى حالة مرضية، وزراعة الشعر حالة سقوطه خاصة للمرأة.
(هـ) إزالة دَمامة تسبب للشخص أذى نفسيًا أو عضويًا.
ثانيًا: لا يجوز إجراء جراحة التجميل التحسينية التي لا تدخل في العلاج الطبي، ويقصد منها تغيير خلقة الإنسان السوية تبعًا للهوى والرغبات بالتقليد للآخرين؛ مثل عمليات تغيير شكل الوجه للظهور بمظهر معين، أو بقصد التدليس وتضليل العدالة، وتغيير شكل الأنف، وتكبير أو تصغير الشفاه، وتغيير شكل العينين، وتكبير الوجنات.
ثالثًا: يجوز تقليل الوزن، التنحيف، بالوسائل العلمية المعتمدة، ومنها الجراحة (شفط الدهون) إذا كان الوزن يشكل حالة مرضية، ولم تكن هناك وسيلة غير الجراحة، بشرط أمن الضرر.
رابعًا: لا يجوز إزالة التجاعيد بالجراحة أو الحقن ما لم تكن حالة مرضية، شريطة أمن الضرر.
خامسًا: يجوز رتق غشاء البكارة الذي تمزق بسبب حادث أو اغتصاب أو إكراه، ولا يجوز شرعًا رتق الغشاء المتمزق بسبب ارتكاب الفاحشة، سدًّا لذريعة الفساد والتدليس، والأولى أن يتولى ذلك الطبيبات.
سادسًا: على الطبيب المختص أن يلتزم بالقواعد الشرعية في أعماله الطبية، وأن ينصح لطالبي جراحة التجميل؛ فالدينُ النصيحة.
ويوصي بما يأتي:
1- على المستشفيات والعيادات الخاصة والأطباء الالتزام بتقوى الله تعالى، وعدم إجراء ما يحرم من هذه الجراحات.
2- على الأطباء والجراحين التفقه في أحكام الممارسة الطبية؛ خاصة ما يتعلق بجراحة التجميل، وألا ينساقوا لإجرائها لمجرد الكسب المادي دون التحقق من حكمها الشرعي، وألا يلجئوا إلى شيء من الدعايات التسويقية المخالفة للحقائق(100).
_________________
(1) شمس العلوم ودواء كلام العرب من الكلوم، نشوان الحميري (2/ 1174)، المحقق: د. حسين بن عبد الله العمري، مطهر بن علي الإرياني، د. يوسف محمد عبد الله، الناشر: دار الفكر المعاصر، بيروت لبنان، دار الفكر، دمشق سورية، الطبعة الأولى، 1420هـ/1999م.
(2) القاموس المحيط، للفيروزآبادي (1/ 980)، تحقيق: مكتب تحقيق التراث في مؤسسة الرسالة، بإشراف: محمد نعيم العرقسُوسي، الناشر: مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت لبنان، الطبعة الثامنة، 1426هـ/2005م.
(3) مختار الصحاح، للرازي (1/61)، المحقق: يوسف الشيخ محمد، الناشر: المكتبة العصرية، الدار النموذجية، بيروت - صيدا، الطبعة الخامسة، 1420هـ/1999م.
(4) المصباح المنير، للفيومي (1/ 110)، الناشر: المكتبة العلمية، بيروت.
(5) معجم لغة الفقهاء، لمحمد رواس قلعجي، حامد صادق قنيبي، الناشر: دار النفائس للطباعة والنشر والتوزيع، الطبعة الثانية، 1408هـ/1988م.
(6) من مقال بعنوان: حكم عمليات جراحة التجميل، عبد الله زقيل، موقع: صيد الفوائد.
(7) انظر فتوى فضيلته على موقعه الرسمي بعنوان: حكم عملية التجميل لمن في وجهها تشوه، وفتوى بعنوان: حكم عمليات التجميل.
(8) انظر فتوى فضيلته على موقع الإسلام سؤال وجواب، تحت عنوان: حكم عمليات التجميل.
(9) أستاذ الفقه وأصوله بجامعة القدس بفلسطين، انظر مقال: عمليات التجميل وشفط الدهون، نقلًا عن موقع: أون إسلام.
(10) في كتابه: أحكام الجراحة الطبية والآثار المترتبة عليها.
(11) أستاذ أصول الفقه، انظر مقال: جراحات التجميل بين العلم والإيمان، نقلًا عن موقع: المجلس الإسلامي للإفتاء، بيت المقدس.
(12) رئيس لجنة الفتوى السابق بالأزهر الشريف، انظر مقال: جراحات التجميل بين العلم والإيمان.
(13) حيث أفتت بجواز قطع الأصبع الزائدة، الموقع الرسمي لدار الإفتاء المصرية، تحت عنوان: قطع الأصبع الزائدة.
(14) المنعقد في دورته الثامنة عشرة في بوتراجايا (ماليزيا) من 24 إلى 29 جمادى الآخرة 1428هـ، الموافق 9 إلى 14 تموز (يوليو) 2007 م، انظر: الجراحة التجميلية وأحكامها، موقع: المسلم.
(15) أشار إلى هذا الرأي الأستاذ الدكتور عبد العزيز بن محمد بن عبد الله الحجيلان، الأستاذ بقسم الفقه بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة القصيم، في بحث بعنوان: عمليات تجميل الوجه، نقلًا عن موقع: جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
(16) المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج، للنووي (14/ 107)، الناشر: دار إحياء التراث العربي، بيروت، الطبعة: الثانية، 1392هـ.
(17) فتح الباري، لابن حجر (10/ 377-378)، دار المعرفة، بيروت، 1379هـ، رقم كتبه وأبوابه وأحاديثه: محمد فؤاد عبد الباقي، قام بإخراجه وصححه وأشرف على طبعه: محب الدين الخطيب، عليه تعليقات العلامة: عبد العزيز بن عبد الله بن باز.
(18) من مقال بعنوان: فقه النوازل: حكم جراحة التجميل، نقلًا عن موقع: فرسان الحق.
(19) رواه الترمذي، واللفظ له (أبواب اللباس، باب: ما جاء في شد الأسنان بالذهب)، وأبو داود (كتاب: الخاتم، باب: ما جاء في ربط الأسنان بالذهب)، وحسنه الألباني في صحيح وضعيف سنن الترمذي (1770).
(20) رواه الطبراني في الأوسط (باب: الميم، مِن بقية مَن أول اسمه ميم)، والفوائد المنتقاة عن الشيوخ العوالي، للحربي (يشدها بالذهب).
(21) دلائل النبوة، لأبي نعيم الأصبهاني (الفصل الثلاثون في ذكر موازاة الأنبياء في فضائلهم بفضائل نبينا، القول فيما أوتي عيسى)، والطبراني في الكبير (باب: الحاء، حبيب بن فريك)، ومصنف ابن أبي شيبة (كتاب: الطب، من رخص في النفث في الرقى).
(22) رواه الحاكم في المستدرك (كتاب: معرفة الصحابة، ذكر مناقب قتادة بن النعمان)، والبيهقي في دلائل النبوة (جماع أبواب مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب: ما ذكر في المغازي من وقوع عين قتادة بن النعمان على وجنته)، وقال الألباني: صحيح بتعدد طرقه، انظر: تحقيق بداية السول، ص41.
(23) رواه أبو داود، واللفظ له (كتاب: الطب، باب: في الرجل يتداوى)، وابن ماجه (كتاب: الطب، باب: ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء)، وصححه الألباني في صحيح وضعيف سنن أبي داود (3855).
(24) رواه مسلم (كتاب: السلام، باب: لكل داء دواء واستحباب التداوي).
(25) المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (14/ 192).
(26) من كتاب (أحكام الجراحة الطبية والآثار المترتبة عليها)، نقلًا عن موقع: الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة.
(27) المصدر السابق.
(28) انظر: الجراحة التجميلية وأحكامها، موقع المسلم.
(29) حكم عمليات جراحة التجميل، عبد الله زقيل.
(30) انظر فتوى فضيلته على موقعه الرسمي بعنوان: حكم عملية التجميل لمن في وجهها تشوه، وفتوى بعنوان: حكم عمليات التجميل.
(31) انظر فتوى فضيلته على موقع: الإسلام سؤال وجواب، تحت عنوان: حكم عمليات التجميل.
(32) انظر: عمليات التجميل وشفط الدهون.
(33) انظر مقال: جراحات التجميل بين العلم والإيمان، د. محمد أحمد الروبي.
(34) المصدر السابق.
(35) من مقال بعنوان: (حكم عمليات التجميل التحسينية)، د. إلهام بنت عبد الله باجنيد، نقلًا عن: الملتقى الفقهي لموقع رسالة الإسلام.
(36) المصدر السابق.
(37) انظر بحث فضيلته بعنوان: أحكام جراحة التجميل في الفقه الإسلامي، موقع: المسلم.
(38) من مقال كتبه: مصطفى عبد الجواد، بعنوان: (القرضاوي: المشكلة ليست بعمليات التجميل ولكن في الغلو والمبالغة)، وأشار أن ذلك قد جاء في إطار حلقة الاثنين 31 أغسطس من برنامج "فقه الحياة" الذي يذاع يوميًا على قناة "أنا" الفضائية، ويقدمه أكرم كساب، نقلًا عن موقع فضيلة الدكتور يوسف القرضاوي.
(39) دراسة نقدية للأبحاث الفقهية في موضوع (أحكام الجراحة التجميلية)، إعداد: عبد الله منكابو، نقلًا عن موقع: جامعة أم القرى.
(40) من فتوى بعنوان: (حكم جراحات (عمليات) التجميل)، نقلًا عن المجلس الإسلامي للإفتاء، بيت المقدس.
(41) فتح الباري، لابن حجر العسقلاني (10/ 377).
(42) تفسير ابن كثير (النساء: 119).
(43) تفسير القرطبي (النساء: 119).
(44) الذخيرة، للقرافي (13/ 315)، المحقق: محمد حجي، سعيد أعراب، محمد بو خبزة، الناشر: دار الغرب الإسلامي، بيروت، الطبعة الأولى، 1994م.
(45) دراسة نقدية للأبحاث الفقهية في موضوع: (أحكام الجراحة التجميلية)، إعداد: عبد الله منكابو، موقع: جامعة أم القرى.
(46) رواه البخاري (كتاب: الجنائز، باب: إذا أسلم الصبي فمات، هل يصلى عليه؟)، ومسلم (كتاب: القدر، باب: معنى كل مولود يولد على الفطرة).
(47) رواه ابن ماجه (كتاب: النكاح، باب: الواصلة والواشمة)، وأصل الحديث متفق عليه: البخاري (كتاب: اللباس، باب: المستوشمة)، ومسلم (كتاب: اللباس والزينة، باب: تحريم فعل الواصلة والمستوصلة).
(48) حكم جراحات (عمليات) التجميل.
(49) رواه مسلم (كتاب: الإيمان، باب: تحريم الكبر).
(50) رواه أبو داود (كتاب: الترجل، باب: في إصلاح الشعر)، والبيهقي في شعب الإيمان (الملابس والزي والأواني، فصل في الأخذ من اللحية والشارب)، وصححه الألباني في السلسة الصحيحة (500).
(51) رواه البيهقي في السنن الكبرى (كتاب: القسم والنشوز، باب: ما جاء في خضاب النساء)، وفي الآداب (باب: من خضاب النساء)، وحديث الزهري (1/ 659)، دراسة وتحقيق: الدكتور حسن بن محمد بن علي شبالة البلوط، الناشر: أضواء السلف، الرياض، الطبعة الأولى، 1418هـ/1998م، وضعفه الألباني في السلسلة الضعيفة (2274).
(52) رواه أحمد (مسند المدنيين، حديث امرأة)، وضعفه محقق المسند (شعيب الأرنئوط، عادل مرشد، وآخرون).
(53) رواه الطبراني في الكبير (باب السين، السوداء بنت عاصم)، والآحاد والمثاني، لابن أبي عاصم (النساء، السوداء)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (5/ 172): «رواه الطبراني في الأوسط والكبير، وفيه مَن لم أعرفه»، مكتبة القدسي، القاهرة، 1414هـ/1994م).
(54) الفواكه الدواني، للنفراوي (2/ 314)، الناشر: دار الفكر، تاريخ النشر: 1415هـ/1995م.
(55) الفروع، لابن مفلح، ومعه تصحيح الفروع، لعلاء الدين علي بن سليمان المرداوي (1/160)، المحقق: عبد الله بن عبد المحسن التركي، مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى، 1424هـ/2003م.
(56) التحرير والتنوير، لابن عاشور (5/ 206)، الناشر: الدار التونسية للنشر، تونس، 1984م.
(57) انظر: حكم عمليات التجميل التحسينية، د. إلهام بنت عبد الله باجنيد.
(58) رواه البيهقي في السنن الكبرى (جماع أبواب ما يجتنبه المحرم، باب: الحناء ليس بطيب)، ومسند أبي داود الطيالسي (مسند عائشة أم المؤمنين، أم كلثوم عن عائشة)، وضعفه الألباني في صحيح وضعيف سنن أبي داود (4164).
(59) من فتوى على موقع الإسلام سؤال وجواب، تحت عنوان: حكم عمليات التجميل.
(60) رواه البخاري (كتاب: اللباس، باب: الوصل في الشعر)، ومسلم (كتاب: اللباس والزينة، باب: تحريم فعل الواصلة والمستوصلة).
(61) رواه البخاري (كتاب: النكاح، باب: لا تطيع المرأة زوجها في معصية).
(62) رواه البخاري (كتاب: اللباس، باب: الوصل في الشعر)، ومسلم (كتاب: اللباس والزينة، باب: تحريم فعل الواصلة والمستوصلة).
(63) رواه الترمذي (أبواب الحج، باب: ما جاء في كراهية الحلق للنساء)، والنسائي في الكبرى (كتاب: الزينة، النهي عن حلق المرأة رأسها)، وضعفه الألباني في السلسلة الضعيفة (678).
(64) سنن الترمذي (2/ 249)، المحقق: بشار عواد معروف، الناشر: دار الغرب الإسلامي، بيروت، سنة النشر: 1998م.
(65) السلسلة الضعيفة للألباني (2/ 124)، دار النشر: دار المعارف، الرياض، المملكة العربية السعودية، الطبعة الأولى، 1412هـ/1992م.
(66) رواه أبو داود (كتاب: المناسك، باب: الحلق والتقصير)، والطبراني في الكبير (باب من اسمه عمر، أم عثمان، عن ابن عباس)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (605).
(67) رواه البخاري (كتاب: اللباس، باب: القزع)، ومسلم، واللفظ له (كتاب: اللباس والزينة، باب: كراهة القزع).
(68) رواه أبو داود (كتاب: الترجل، باب: في الذؤابة)، والنسائي في الكبرى (كتاب: الزينة، الرخصة في حلق الرأس)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (1123).
(69) رواه أحمد، واللفظ له (مسند المكثرين من الصحابة، مسند عبد الله بن عمرو بن العاص)، وأبو داود (كتاب: الترجل، باب: في نتف الشيب)، وحسنه الألباني في صحيح وضعيف سنن أبي داود (4202).
(70) رواه الترمذي (أبواب الأدب، باب: ما جاء في النهي عن نتف الشيب)، وصححه الألباني في صحيح وضعيف سنن الترمذي (2821).
(71) أحكام القرآن، لابن العربي (1/340)، راجع أصوله وخرج أحاديثه وعلَّق عليه: محمد عبد القادر عطا، الناشر: دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، الطبعة الثالثة، 1424هـ/2003م.
(72) المصدر السابق (1/ 437).
(73) المصدر السابق (1/ 442).
(74) من كتاب (أحكام الجراحة الطبية والآثار المترتبة عليها)، نقلًا عن موقع: الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة.
(75) أحكام جراحة التجميل في الفقه الإسلامي، د. محمد عثمان شبير.
(76) من بحث بعنوان: (عمليات تجميل الوجه)، للحجيلان.
(77) من كتاب (بحوث لبعض النوازل الفقهية المعاصرة، رفع أجهزة الإنعاش).
(78) رواه البخاري (كتاب: النكاح، باب: {والذين لم يبلغوا الحلم منكم} [النور:58])، ومسلم (كتاب: صلاة العيدين، باب: ترك الصلاة قبل العيد وبعدها في المصلى).
(79) حركهما بما ملأهما من ذهب ولؤلؤ.
(80) رواه البخاري (كتاب: النكاح، باب: حسن المعاشرة مع الأهل)، ومسلم (كتاب: فضائل الصحابة، باب: ذكر حديث أم زرع).
(81) رواه الطبراني في الأوسط (باب الألف، مَن اسمه أحمد)، وقال الألباني في السلسلة الضعيفة (5432): «منكر بهذا التمام».
(82) تفسير ابن كثير (الزخرف: 18).
(83) تحفة المودود بأحكام المولود، لابن القيم، ص209، المحقق: عبد القادر الأرنئوط، الناشر: مكتبة دار البيان، دمشق، الطبعة الأولى، 1391هـ/1971م.
(84) إحياء علوم الدين، لأبي حامد الغزالي (2/ 341)، الناشر: دار المعرفة، بيروت.
(85) مختصر منهاج القاصدين، لأحمد بن عبد الرحمن بن قدامة، ص133، الناشر: مكتبة دار البيان، دمشق، عام النشر: 1398هـ/1978م.
(86) انظر: سلسلة الأحاديث الضعيفة، للألباني (11/ 717).
(87) فتح الباري، لابن حجر (10/ 331).
(88) رواه البخاري (كتاب: الزكاة، باب: العرض في الزكاة)، ومسلم، واللفظ له (كتاب: صلاة العيدين، باب: ترك الصلاة قبل العيد وبعدها في المصلى).
(89) فتح الباري (3/ 313).
(90) المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (15/ 217).
(91) فتح الباري، لابن حجر (7/ 403).
(92) انظر: أحكام جراحة التجميل في الفقه الإسلامي.
(93) رواه الترمذي، واللفظ له (أبواب اللباس، باب: ما جاء في شد الأسنان بالذهب)، وأبو داود (كتاب: الخاتم، باب: ما جاء في ربط الأسنان بالذهب)، وحسنه الألباني في صحيح وضعيف سنن الترمذي (1770).
(94) من مقال بعنوان: العمليات التجميلية، د. هاني بن عبد الله الجبير، موقع: الإسلام اليوم.
(95) رواه مسلم (كتاب: الإيمان، باب: تحريم الكبر).
(96) فتاوى السبكي (1/ 291)، الناشر: دار المعارف.
(97) الفتاوى الهندية، للجنة علماء برئاسة نظام الدين البلخي، (5/ 356)، الناشر: دار الفكر، الطبعة الثانية، 1310هـ.
(98) انظر: أحكام جراحة التجميل في الفقه الإسلامي.
(99) رواه البخاري (كتاب: الاعتصام بالكتاب والسنة، باب: قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لتتبعن سنن من كان قبلكم»)، ومسلم، واللفظ له (كتاب: العلم، باب: اتباع سنن اليهود والنصارى).
(100) الجراحة التجميلية وأحكامها، موقع: المسلم.