الدروز

(هيئة التحرير)

هم فرقة من الباطنية لهم عقائد سرية وهم متفرقون بين جبال لبنان وحوران والجبل الأعلى من أعمال حلب، ويطلق عليهم جماعة حمزة.

وقد ظهر مذهب الدروز في القرن الحادي عشر الميلادي في مصر على عهد الحاكم بأمر الله الخليفة الفاطمي، حيث ظهر بها رجل اسمه محمد بن إسماعيل الدرزي قدم مصر من بلاد فارس، فوافق القائلين بألوهية الحاكم بأمر الله، ودعا الناس للإيمان بها، وأضاف إلى هذا الدين طائفة من العقائد القديمة وعقائد غلاة الشيعة، فلم تصادف هذه الدعوة قبولًا في مصر، ففر صاحبها إلى الشام فوجد هنالك آذانًا مصغية.

ولكن الدروز يلعنون هذا الرجل ولا يحترمونه وينتسبون إلى حمزة بن على الأعجمي الملقب بالهادي، وكان من خاصة الحاكم بأمر الله.

بعض معتقدات الدروز:

إن شريعة الدروز تتلخص في إسقاط الفرائض الدينية التكليفية وعدم إقامة الفرائض الدينية الإسلامية، والاعتراف بالخصال التوحيدية، فمن اعترف بها فهو من الموحدين.

وهم في ذلك يتفقون إلى حد كبير مع المبادئ التي نادى بها الحسن بن محمد زعيم الإسماعيلية الشرقية في آلموت (سنة 588 هـ) الذي طلب من أتباعه طرح جميع التكاليف الدينية.

غير أن الدروز يصومون في أيام خاصة، وهي التسعة أيام الأولى من شهر ذي الحجة، وصيامهم يقترب من صيام عامة المسلمين من حيث الامتناع عن الطعام والشراب وأي عمل يبطل صيام المسلم، ويحتفلون بعيد الأضحى ويسمونه العيد الأكبر ومنهم من يجاهد نفسه فيصوم عدة أشهر متوالية.

ومن الدروز من يقلع عن الزواج إمعانًا في التصوف، ومنهم من لا يأكل لحمًا طوال حياته على نحو ما يفعله براهمة الهند.

ومن معتقداتهم أن كلمة الشهادة عندهم: (ليس في السماء إله موجود ولا على الأرض رب معبود إلا الحاكم بأمره) فمن معتقداتهم أن الحاكم بأمر الله هو الله تعالى نفسه، وقد ظهر على الأرض عشر مرات أولاها في العلى ثم في الباز إلى أن ظهر عاشر مرة في الحاكم بأمر الله، وأن الحاكم لم يمت بل اختفي حتى إذا خرج يأجوج ومأجوج- ويسمونهم القوم الكرام- يخرج الحاكم وينجلي على الركن اليماني من البيت بمكة ويدفع إلى حمزة سيفه المذهّب فيقتل به إبليس ثم يهدمون الكعبة ويفتكون بالنصارى والمسلمين ويملكون الأرض كلها إلى الأبد.

ويعتقدون أن عدد الأرواح محدود، فالروح التي تخرج من جسد الميت تعود إلى الدنيا في جسد طفل جديد.

وهم يعتقدون بالإنجيل والقرآن ويختارون منهما ما يستطيعون تأويله ويتركون ما عداه، ويقولون إن القرآن أوحى إلى سلمان الفارسي فأخذه محمد، ونسبه لنفسه، ويسمونه في كتبهم المسطور المبين.

والدروز ينقسمون إلى عقّال أو أجاويد أي الذين يعرفون الأمور الدينية، وجهَّال أي الذين يجهلونها، والعقال درجات بحسب التقوى والمعرفة والإدراك، ويشترك النساء في العقل الديني مع الرجال، ولا يقبل بانتظام جاهل في سلك العقال إلا بعد تكرار الطلب، وتأكد شيخ العقل في القرية أو الناحية أنه مستحق، فإذا كان ذا أهلية يرتقى من درجة إلى درجة ويقال إن أعلاها مطالعة كتاب ذي شأن من كتبهم ويجتمعون في الليل من كل يوم جمعة في خلواتهم ليسمعوا قراءة كتبهم الدينية، فمنهم من ينصرف باكرا ومنهم في وسط السهرة ومنهم في آخرها حسب الدرجة، وقد يقع هذا التفاضل في كل اجتماع أو في بعض الاجتماعات، ويمنع الجهال الذين لا يعرفون أصول الدين ونصوصه من الاشتراك في الاجتماعات الدينية إلا في عيدهم، وهو عيد واحد عيد الضحية.

ومن عاداتهم أنهم يجتمعون رجالًا ونساء ليتحدثوا في الشئون السياسية والدينية، ولهم رموز وإشارات في التعارف تشبه رموز البناء الحر الماهر عند الماسونية، وينقسم الدروز في لبنان مدنيًا إلى أمراء، ومشايخ، وعامة فالأمراء هم آل أرسلان، وأشهر المشايخ هم آل جنبلاط وعبد الملك وتلجون، أما العامة فهم شديدو الانقياد يحافظون على العادات المعروفة في الجبل بطريقة الأمراء والمشايخ، وهؤلاء المشايخ ينقسمون إلى قسمين سياسيين كان جميع أهالي جنوبي لبنان منهما وهما جنبلاطي ويزبكي، ولهم رؤساء دينيون أولون في كل مكان، فلهم في لبنان رئيسًا عقل أولان: أحدهما جنبلاطي والآخر يزبكي يقضيان في الأمور الدينية الحظيرة ويعرفان بشيخي العصر.

ويقول ابن القيم في كتابه القيم إغاثة اللهفان، بعد أن تحدث عن المجوس وفرقهم وأديانهم ... ومنهم الخرمية- أصحاب بابك الخرمي- وهم شرّ طوائفهم لا يقرون بصانع، ولا معاد، ولا نبوة، ولا حلال، ولا حرام وعلى مذهبهم طوائف القرامطة والإسماعيلية والنصيرية والبشكية، والدرزية، والحاكمية وسائر العبيدية، الذين يسمون أنفسهم الفاطمية وهم أكفر الكفار"، وبذلك يكون ابن القيم قد جمع الدروز مع كل هؤلاء الذين حكم بكفرهم.