حكم خروج الرجل إلى الشرفة عاري الصدر
في العمارات السكنية يخرج بعض الشباب إلى الشرفات وهو عاري الصدر، فإذا أنكر عليه الجيران ذلك لوجود نساء في العمارات المقابلة؛ قال: إن عورة الرجل من السرة إلى الركبة، وما أكشِفُه ليس بعورة، فما هو توجيهكم في مثل هذه الحالات؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتوجيهنا أن نقول: في هذا المقام ينبغي أن يعلم المسلم عدة أمور:
أولًا: أن الله عز وجل قد شرع اللباس ليس لستر العورة عن النظر إليها فحسب، وإنما شرعه لحكم عديدة، منها: موافقة الفطرة، وطلب الزينة، ودفع الأذى عن الناس، والوقاية من الحر والبرد، ونحو ذلك.
ثانيًا: أن كون عورة الرجل من السرة إلى الركبة لا يعني جواز إظهار الرجل صدره أمام الرجال فضلًا عن إظهاره أمام النساء؛ بل من أهل العلم من ذكر أن كشفه من خوارم المروءة، ومن فعل الفساق؛ فالمسألة إذن ليست في حلال وحرام، وعورة وغيرها؛ بل هنالك مراعاة الآداب العامة والذوق وأعراف الناس وخوارم المروءة، وهكذا.
ثالثًا: أن الشيء المباح إذا كان يترتب على فعله مفسدة فإنه يمنع من أجل تلك المفسدة، ومن هنا جاءت قاعدة سد الذرائع، وهي منع الشيء المباح إذا كان يترتب عليه الوقوع في الحرام، ويكون وسيلة إليه.
وعلى ذلك، فإذا وجد من الشباب من يكشف صدره في الشرفات أو في الطرقات، فإنه يوجه إلى قبح تلك الفعلة، وينهى عن ذلك من ولي أمره أو ممن له خلطة به، كصديق أو ناصح، ويبين له أنه ربما يكون سببًا للفتنة، أو يفتح بابًا من أبواب الشر، وأن الحياء خير له وأعظم أجرًا.
قال الماوردي: واعلم أن الحياء في الإنسان قد يكون من ثلاثة أوجه:
أحدها: حياؤه من الله تعالى؛ فيكون بامتثال أوامره والكف عن زواجره.
والثاني: حياؤه من الناس؛ فيكون بكف الأذى وترك المجاهرة بالقبيح.
والثالث: حياؤه من نفسه؛ فيكون بالعفة وصيانة الخلوات.اهـ. والله أعلم.