يديعوت: هجرة متزايدة وانهيار اقتصادي يهددان بقاء المشروع الصهيوني
كشفت صحيفة (يديعوت أحرنوت) العبرية عن ارتفاع عدد المستوطنين الذين يغادرون الكيان إلى الخارج وذلك في ضوء زيادة التهديدات واستمرار الحرب على غزة وانخفاض مستوى المعيشة وتفاقم حدة الانقسام الداخليّ، ووفق معلوماتٍ لم تؤكّدها السلطات في تل أبيب فإنّ عدد الهاربين من الكيان وصلب إلى مليون شخص منذ بدء العدوان على غزّة في أكتوبر الفائت.
وقالت الصحيفة إنّ "هذه الأسباب دفعت بالكثير من الإسرائيليين للتفكير مجددًا في بقائهم في إسرائيل والخشية على مستقبلهم". ونقلت عن مركز الإحصاء المركزي معطيات تدل على أنّ هناك زيادة بنسبة 20 بالمائة على عدد المهاجرين مقارنة بالعام الماضي، عدا عن انتشار ظاهرة إقامة تجمعات للصهاينة في الخارج خلال العامين الماضيين.
وفيما أشارت التقارير الإحصائية إلى تفاقم الهجرة العكسية من الدولةا لعبرية بعد اندلاع الحرب على غزة، لوحظ الإعلان عن تأسيس حركات وجمعيات شعارها (لنغادر معًا)، والتي استقطبت عشرات آلاف المستوطنين الصهاينة.
وفي وقت سابق، دعا رئيس الوزراء الصهيوني السابق نفتالي بينت، المستوطنين إلى عدم مغادرة الدولة العبرية. وعبّر عن قمة المخاوف الصهيونية من تبعات هذه الهجرة، مؤكدًا أنّ الدولة العبرية تمرّ بأصعب فترة منذ تأسيسها، حيث إرباك الحرب، والمقاطعة الدولية، وتضرّر الردع، وبقاء 120 صهيونياً في الأسر، وآلاف العائلات الثكلى، وآلاف المهجرين، وفقدان السيطرة على الاقتصاد والعجز. وقال بينت: "كل هذا صحيح بالكامل، لكن شيئًا واحد يقلقني، وهو الحديث عن مغادرة البلاد".
وبحسب وسائل الإعلام العبريّة، فإنّ نصف مليون شخص غادروا دولة الاحتلال الصهيوني في الأشهر الستة الأولى من الحرب، في وقتٍ أصبحت فيه الهجرة نحوها أقل بكثير مما كانت عليه قبل الحرب، وتبلغ نحو 2,500 مهاجر شهريًا.
وفي (فبراير)، غادر نحو 20,000 شخص الكيان، وفي (مارس) غادر نحو 7,000، وبإضافة الوافدين والخارجين في (أبريل) إلى العدد العام، فإنّ الفجوة لصالح عدد الخارجين وصلت إلى نحو 550,000 ألف شخص، وفق الإعلام العبريّ، الذي اعتمد بطبيعة الحال على بياناتٍ رسميّةٍ من الوزارات المختلفة في الحكومة الصهيونية.
وأظهرت بيانات سلطة الهجرة انخفاضًا حادًا في رحلات الصهاينة للسفر والأعمال التجارية في الخارج منذ اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر.علاوة على ما جاء أعلاه، كشفت نتائج استطلاع للرأي بين الصهاينة، أنّ 40 بالمائة منهم يفكرون في الهجرة المعاكسة، أيْ مغادرة فلسطين والعودة من حيث أتوا، وطرحوا لذلك تفسيرات عديدة، كالتدهور الحاصل في الدولة العبرية لأسبابٍ كثيرةٍ ومتنوعةٍ، كالوضع الاقتصادي، وعدم المساواة، وخيبة الأمل بسبب تعثر التسوية مع الفلسطينيين.
وفي السياق عينه، وحسب دراسة صادرة عن مركز تراث (بيغن)، فإنّ 59 بالمائة من اليهود في الدولة العبرية توجهوا أوْ يفكرون بالتوجه إلى سفاراتٍ أجنبيّةٍ للاستفسار وتقديم طلبات للحصول على جنسياتٍ أجنبيّةٍ، بينما أبدت 78 بالمائة من العائلات اليهودية دعم أبنائها الشباب للسفر إلى الخارج.
على صلةٍ بما سلف، وعلى وقع تنامي القلق لدى الصهاينة من الهجرة الجماعيّة، قال كالمان ليبسكيند الكاتب اليمينيّ في مقال بصحيفة (معاريف) العبريّة إننّا "أمام ظاهرة متزايدة في المجتمع الصهيوني تتمثل في نشوء طبقة متنامية من اليسار الصهيوني، تبتعد عن الصهيونية والدولة العبرية، ويتراجع اهتمامها أقل فأقل بالدولة اليهودية، بل إنها نفسها تدير خطابًا نشطًا يقظًا ضد المشروع الصهيوني بأكمله، يدعون لإعادة قراءة أحداث النكبة، والدولة الفلسطينية، وحقيقة حدود 48 و67″، على حدّ تعبيره.
وأضاف أنّ "هؤلاء النشطاء في معظمهم ينخرطون في منظمات مدنية إسرائيلية يحصلون على تبرعات من دول أجنبية، بهدف تشويه سمعة الجيش الإسرائيلي وجنوده، والآن بات يدرك هؤلاء أنّ الجماعة الإسرائيلية والصهيونية التي ينتمون إليها أمر خاطئ من الأساس، وباتوا يتبنون شعارات من قبيل أنّ الخط الأخضر الفاصل بين اليهود والفلسطينيين، يعتبر رمزًا للفصل بين ما هو شرعي وغير شرعي، وباتوا يضعون فروقات بين مستوطنة كريات أربع في الخليل، ومدينة رمات أفيف في تل أبيب، ويعتقدون أنّ مساعي الدولة للحفاظ على أغلبية يهودية فيها سلوك غير ديمقراطيّ"، كما أكّد الكاتب اليمينيّ.
وفي دراسة أعدّتها ونشرتْها وزارة الاستيعاب الإسرائيلية، تَبيَّن أنّ ثلث اليهود في إسرائيل باتوا يؤيّدون فكرة الهجرة، وخصوصًا بعد معركة (سيف القدس)، في أيار (مايو) 2021، وهو تاريخ كان المتوقّع في الإحصاءات الفلسطينية، كما الإسرائيلية، أنْ يكون عدد اليهود في فلسطين التاريخية قد وصل، قبل سنة منه، إلى 6.9 ملايين نسمة، في مقابل 7.2 ملايين عربي.
ووفقًا لأرقام وزارة الاستيعاب، غادر الدولة العبرية واستقرّ في الخارج، منذ مطلع 2021، ما مجموعه 720 ألف مستوطن يهودي، في حين سَجّل العام نفسه تفوّقاً في ميزان الهجرة المعاكسة لمهاجرين يهود هم في الأساس قادمون من الخارج.
صحف