مطار بغداد يتحول إلى وكر لمليشيات إيران.. خطف وسرقة ومعبر للمرتزقة نحو سوريا
كشفت مصادر متطابقة من داخل مطار بغداد الدولي أن المطار تحول إلى "معقل تابع للمليشيات الموالية لإيران، تتم خلاله عمليات ذات طابع استخباري وأخرى تتعلق بفساد إداري ومالي مختلفة".
وقال ضابط برتبة مقدم يعمل في المطار: إن "مليشيات بدر وحزب الله العراقي والعصائب تسيطر على غالبية مفاصل المطار"، مضيفًا أنه "منذ الأشهر الأولى للثورة السورية تحول مطار بغداد من منشأة مدنية إلى مليشياوية"؛ حيث تسيطر "فصائل مسلحة تابعة لإيران على المطار، وفي العادة تعرف هذه الجهات كيف تديره، ولا يمكن الاصطدام بها على الإطلاق".
وأوضح الضابط الذي طلب عدم الكشف عن اسمه لحساسية المعلومات، لـ"العربي الجديد": "ما إن يختم الضحية المراد اعتقاله أو تصفيته جوازه، ويعد مغادراً للأراضي العراقية، يتم اختطافه في المسافة المحصورة بين كابينة ختم الجوازات وبوابة الطائرة. وهناك حالات يختطف فيها بعد خروجه من المطار، في المسافة المحصورة بين بوابة المطار وساحة عباس ابن فرناس".
وحول هوية الضحايا المختطفين، قال المصدر إن "الضحايا مهمون بكل تأكيد، لكن هوياتهم مختلفة، ويمكن القول إنهم رجال أعمال وضباط في الجيش العراقي السابق أو رجال دين، وأخيراً ناشط إعلامي له صفحات على فيسبوك اختفى بعد ختم جوازه وتوجهه للطائرة، وجاء والده يسأل عنه فتم طرده".
وكشفت وثائق صادرة عن جهات برلمانية وأخرى أمنية عراقية عن مواطن عراقي تم اختطافه بعد ختم جوازه بمطار بغداد؛ إذ كان مسافراً إلى السعودية لأداء مناسك العمرة مع شركة محلية للسفريات، تعرف باسم شركة "الميسرة". وأكد موظف في المطار أن "المليشيات أخذوه".
ويثير مكان اختطاف الضحايا داخل المطار لوحده الكثير من المخاوف؛ فختم جوازات سفرهم من قبل ضابط الأمن بعد تسلمهم بطاقات الصعود إلى الطائرة وتسلم حقائبهم يعني أن الجهات المتورطة بالعملية نافذة للغاية؛ فالجزء الذي يتم فيه الاختطاف لا يبقى خلفه سوى الصعود إلى الطائرة، وهو أكثر الأماكن حساسية داخل أي مطار في العالم، كما أن الضحية يعتبر فعلياً غادر البلاد.
منسق المصالح الإيرانية في المطار:
وسلط تقرير "العربي الجديد" الضوء على شخص يدعى "سيد راضي"، وصفته بأنه شخص متنفذ في المطار لا يعرف له صفة رسمية سوى أنه تابع لمليشيا "حزب الله" العراقية، يتجول بالمطار ويراقب، حاملاً ثلاثة هواتف ومسدس تحت ملابسه المدنية.
ونقل التقرير عن موظف في المطار قوله: إن "سيد راضي هذا يمكن وصفه بأنه منسق المصالح الإيرانية وأخرى تابعة لحزب الله اللبناني، مثل تمرير المسلحين إلى البوابة C4 الخاصة بعبورهم إلى سورية من دون تفتيش، واستقبال جثث من يقتل هناك، وتمرير حقائب ومواد مختلفة من دون أن تخضع للتفتيش، ولا نعرف ماذا تحوي".
ومضى قائلاً: "الاختطاف من داخل المطار كان عبارة عن حالات فردية في السابق، وهي تحدث مرة أو مرتين كل شهر وقد لا تحدث، لكن الآن تحولت إلى ظاهرة".
وشهد الشهر الماضي، بحسب التقرير، اختطاف كل من العميد الركن في الجيش العراقي السابق، وليد هليل، داخل المطار بعد وصوله آتياً من الأردن لحضور حفل زفاف ولده، أعقبه اختفاء رجل الأعمال، موفق العبيدي، ومن ثم رجل الدين، الشيخ علي عبد الحسين.
ويقول نجل رجل الأعمال، موفق العبيدي، وهو واحد من تجار الجملة البارزين في توريد أحد المنتجات التي تصدرها إحدى دول الخليج إلى العراق: "لا توجد أي معلومات عن والدي، ونحن نتواصل مع مليشيات مختلفة من خلال وسطاء، فقوات الأمن لا تحل ولا تربط أي شيء".
ويضيف: "هناك من يقول لنا إنه خرج من المطار واختفى عند وقوفه قرب سيارات الجي أم سي المخصصة لنقل المسافرين القادمين إلى ساحة عباس بن فرناس. وهناك من يقول إنه اختفى داخل المطار، ولا نعرف مصيره حتى الآن. كما أننا لم نتلق أي اتصال هاتفي من الجهة الخاطفة حتى الآن".
ويتابع "لن أناشدهم باسم أي دين أو مقدس سوى أني أناشدهم باسم الإنسانية، وأقول لهم والدي مريض، ولديه سكري وضغط وعمره تجاوز الستين عاماً، وإذا رغبوا سنترك العراق ونترك كل شيء، لكن فقط أتركوه ولا تقتلوه".
مصيدة "الجيمسي":
ويرصد التقرير مصيدة أخرى للضحايا عند بوابة الخروج من المطار وحتى الوصول إلى ساحة عباس ابن فرناس، حيث مكان استقبال المسافرين القادمين، وذلك من خلال سيارات "الجمسي"، وهو الاسم الذي يطلق على الـ"GMC" الكبيرة المخصصة لنقل المسافرين.
وبحسب التقرير؛ فإن أسطولا من هذه السيارات (81 سيارة) يقف عند بوابات الخروج من المطار، ويقوم بإيصال المسافرين القادمين إلى ساحة عباس بن فرناس، الواقعة على بعد ثلاثة كيلومترات من بوابة المطار، وهو إجراء أمني اتخذ بعد الاحتلال لمنع وصول المهاجمين بسياراتهم إلى مبنى المطار.
ويؤكد التقرير أنه لا مجال لأحد أن يعمل على هذا الخط الناقل إلا إذا كان من أفراد المليشيات، فعملية صيد الضحية المستهدفة إن لم تتم داخل المطار، فإنها تتم خارجه، من خلال سائقي تلك السيارات، الذين يبلغون ما تسمى بالمفارز، التي تتواجد على طريق المطار عند مفترق حي العامرية والحسين، لتتولى اللازم وتكمل المهمة مع الضحية.
وبحسب تقرير العربي الجديد؛ فإن أزمة مطار بغداد الدولي لا تتوقف عند الاختطاف داخل المطار أو تمرير المسلحين والحقائب من دون تفتيش إلى سوريا، إنما يتعدى الأمر إلى ظاهرة سرقة حقائب المسافرين الذين يصلون إلى المطار قادمين من دول عدة.
ويوضح التقرير أن "مسرح عملية السرقة يكون بين إنزال الحقائب من الطائرة وقبل وضعها على الحزام الناقل". مشيرًا إلى أن عمليات السرقة "تتفاوت بين سرقة محتويات معينة من تلك الحقائب، أو سرقتها بشكل كامل. وسجلت عشرات الحالات منذ مطلع العام الحالي، ما دفع ببعض البعثات الدبلوماسية في العراق إلى اعتماد مطار أربيل الدولي كونه أكثر أمناً من هذه الناحية".