logo

كلمة الحق لا تخذل صاحبها أبدًا "الشيخ محمد شاكر والسلطان حسين"


بتاريخ : الأحد ، 25 رمضان ، 1436 الموافق 12 يوليو 2015
بقلم : محمد وفيق زين العابدين
كلمة الحق لا تخذل صاحبها أبدًا "الشيخ محمد شاكر والسلطان حسين"

لما عاد طه حسين من بعثته إلى أوروبا أراد السلطان حسين أن يُكرمه فاستقبلهفي قصره استقبالًا حافلًا ، وكان خطيب المسجد الذي كان السلطان حسينمواظبًا على صلاة الجمعة فيه هو "محمد المهدي" أحد أشهر خطباء وزارةالأوقاف آنذاك ، فأراد أن يمدح السلطان وأن ينوه بما أكرم به طه حسين ،ولكن خانته فصاحته ، وغلبه حبّ التغالي في المدح فقال في خطبته ؛ ( جاءهالأعمى ، فما عبس في وجهه وما تولَّى ) !!


وكان من شهود هذه الصلاة الشيخ "محمد شاكر" - وكيل الأزهر ووالد العلامتينأحمد ومحمود شاكر رحمهم الله - الذي لم يتمالك نفسه مما عَرَض به "المهدي"جناب النبي صلى الله عليه وسلم ، فقام بعد الصلاة مباشرةً ونادى في الناسَفي المسجد ؛ أن صلاتهم باطلة وخطيبهم قد كفر بما عَرَض به الجناب النبوي فيتملقه السلطان بإظهار منقبة له فاتت النبي صلى الله عليه وسلم ، وأمرهم أنيعيدوا الصلاة فأَعادوها ..


فما كان إلا أن انقلبت الدنيا على "الشيخ شاكر" رأسًا على عقب ، وكثُراللغط ، ونال منه كل من أراد أن يتقرب للسلطان ، وقرر "المهدي" أن يُقيمضده دعوى بما نال به منه ، فاحتكم "شاكر" إلى مستشرقين أجانب لهم خبرةبدلالات الألفاظ على المعاني ليستدل على التعريض بالمقام النبوي مُؤثرًاعدم إقحام الأزهر في القضية .. وأصر على موقفه غير عابئٍ بـ "المهدي" ولابمن وراءه من الصحفيين وكبار المسئولين .. فيشاء الله أن تتدخل الحكومة فيالقضية خوفًا من الفتنة فتطوي بساطها قبل أن يفصل فيها القضاء ..

 

لكن .. أين صار أمرهما .. ؛ أمر "شاكر" .. و "المهدي" ؟!!

 

*أما "شاكر" فاُختير لعضوية "هيئة كبار العلماء" ، بعد أن ولي منصب "قاضيالقضاة" في السودان كأول مصري يتولى هذا المنصب ، كما اختير كعضو في "الجمعية التشريعية" التي شكلتها الحكومة المصرية سنة 1913 م ..

 

* وأما "المهدي" فالله عز وجل لم يكن ليدعه وجرمه في الدنيا قبل أن يجزيهجزاءه في الأُخرى ، يقول "القاضي العلامة أحمد شاكر" ؛ ( فأُقسم بالله لقدرأيته بعيني رأسي بعد بضع سنين ، وبعد أن كان مُتعاليًا منتفخًا ، مُستعزًابمن لاذ بهم من العظماء والكبراء ، رأيته مهينًا ذليلًا ، خادمًا على بابمسجد يتلقى نعال المصلين في ذلةٍ وصغَار ، حتى لقد خجلت أن يراني وأناأعرفه وهو يعرفني ، لا شفقةً عليه فما كان موضعًا للشفقة ، ولا شماتةً فيهفالرجل النبيل يسمو على الشماتة ، ولكن لما رأيت من عبرة وموعظة ) ..

 

فاعتبر بمن قبلك وانظر لما بين يديك .. فكلمة الحق تنصر صاحبها ولو بعد حين ، وكلمة الباطل تخذل صاحبها ولو بعد حين !!

 

المصدر: جريدة الأمة الإلكترونية