أسباب ضعف الثقة لدى أولادنا (1)
نلحظ في سيرة بني إسرائيل في القرآن أن نفسية العبيد تبدَّت في سلوكهم، وحرَمتْهم النصر؛ بسبب أثر التربية الفرعونية، حتى عوقبوا بالتيه، لينشأ جيل على معنى العبودية لله؛ لذلك نستطيع أن نقول: إن الأمم التي تستطيع أن تغرس في قلوب أبنائها معاني الثقة بالنفس هي الأمم الأجدر بالقيادة.
لكن المربي الفقير من وسائل التحفيز على العمل والأداء، يلجأ إلى الوسائل التربوية الخاطئة؛ ظنًّا منه أنه يحفز ويشجع، وهذه الأساليب تفقر الأولاد إلى تنمية مفهوم الثقة بالنفس، ومن هذه الأساليب التي تُضعف معنى الثقة بالنفس لدى أولادنا:
1- النقد والمقارنة:
يقول د. مصطفى أبو سعد: إن المقارنة بين طفل وغيره تنزع ثقة الطفل بنفسه وقدرته، وتقنعه بفشله وعدم قدرته على التميز، وتتم المقارنة تحت ستار المنافسة، لكن المفهوم التربوي السليم للمنافسة أن تتم مع الذات لا مع الغير؛ لاختلاف القدرات والإمكانيات: (التنافس مع الذات أفضل تنافس في العالم، وكلما تنافس الإنسان مع نفسه تطوَّر، بحيث لا يكون اليوم كما كان بالأمس، ولا يكون غدًا كما هو اليوم).
2- توبيخ وصراخ:
أجريت دراسة شملت 110 أُسَر، تضم أطفالًا من 3 - 5 سنوات، أعلن معهد العلوم النفسية عن وجود علاقة قطعية بين الطفل المشاغب كثير الحركة والأم العصبية، التي تصرخ دائمًا وتهدد بأعلى صوتها حينما تغضب، وتشير الدراسة إلى أن الأم التي تصرخ وتتلفظ بألفاظ بذيئة تدفع طفلها إلى التحول لطفل مشاغب متدنٍّ من تقدير الذات.
السؤال: متى تلجأ الأسرة إلى التوبيخ؟
عند التجارب الفاشلة التي يمر بها الطفل، لكن الصواب في هذا هو الدعم، والتذكير بكبوات العظماء، وتلمُّس أسباب الفشل، ووضع خطة للتجاوز.
3- اللقب السخيف:
الآثار السلبية للتنابز بالألقاب:
1- يُشْعِر الشخص المخاطَب بالنقص والعجز، وخصوصًا إذا كان اللقبُ ناجمًا عن صفة قصور فيه.
2- يولد في نفس المخاطب الحقد والعداء بشكل خاص.
3- ينقص من عزيمة المخاطب، ويضعف أمله في التفاعل مع المجتمع.
4- يحبط روح التواصل، ويولد الشحناء والبغضاء.
قد يصحب هذه الأخطاء حسنُ نية، لكن هذا لا يقلل من شأن الخطأ؛ كأن تريد الأم أن تنفر الطفل من التبول على نفسه، فتلجأ إلى هذا اللقب السخيف... وهكذا.
4- القولبة:
عندنا قناعة تقول: إن الطفل المتربي هو الذي يسمع الكلام ويطبقه، لكنه في الحقيقة خضوع ظاهر فقط، وليس المطلوب من الطفل أن يفعل ما يريده والده، أو أن يتبع الخط المرسوم له، ويتقبل القيم الظاهرة والضمنية نفسها بدون نقاش أو حوار، وهذا الخضوع المطلق يؤدي عادة إلى ردَّات فعل عكسية، وإلى تمرد مكشوف أو كامن للشخصية، والسبب أن القيم لا تُفرض وتحقن؛ وإنما تُتقبل وتُهضم.
5- غياب الاستقلالية:
أقصد النيابة عنه في كل عمل، وإنما الأصل أن تُعَوِّدَه الاعتماد على نفسه، فاترك له القيام بأموره وأعماله الخاصة به.
فمن القواعد البسيطة في علم النفس والتربية أن كل عمل يمكن للولد القيام به فالأصل أن نتركه ليقوم به بنفسه.
• أَشعِره بأنك تثق في إمكانياته وقدراته، وذلك بالفعل وليس القول فحسب، ويمكن أن تحقق هذا عن طريق فتح المجال للولد ليقوم ببعض الأعمال والأنشطة المناسبة لسنِّه، والقيام بتشجيعه، وعدم الانتقاص من معنوياته وقدراته على إنجاز هذا العمل.
6- رفض مساعدته:
• أَشرِكه في أعمال المنزل، فعلى كل فرد في الأسرة، وحتى الصغير منهم، أن يقوم بعملٍ ما داخل البيت، ويمكن لأفراد الأسرة أن يتوزعوا مهمَّات البيت والأسرة فيما بينهم، ولا بأس أن يكتبوا قائمة بالأعمال المطلوبة، واسم الفرد المسئول عن هذا العمل؛ إذ إنه من غير اللائق أن يعتاد الإنسان على استخدام المنزل كأنه في فندق أو مطعم.
إن العامل الأشد أهمية في حياة أولادنا، الذي أكده علماء النفس واعتبروه شرطًا أساسيًّا في بناء الشخصية الناضجة، هو (الثقة بالنفس)؛ لأن بناء الثقة عند الأطفال قد لا يحتاج إلى أموال طائلة، ولا إمكانيات معقدة، لكن يحتاج إلى ترك هذه الأساليب.
اللهم رَبِّ لنا أولادنا، ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين.
موقع: الألوكة