logo

من الذي يقنت في النازلة؟


بتاريخ : الأربعاء ، 25 جمادى الأول ، 1446 الموافق 27 نوفمبر 2024
بقلم : الشيخ أحمد الزومان
من الذي يقنت في النازلة؟

اختلف القائلون بقنوت النازلة في الفرض في مَن يشرع له القنوت على أربعة أقوال: 

القول الأول: يقنت الإمام الأعظم: وهو مذهب الحنابلة (1). 

الدليل الأول: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول حين يفرغ من صلاة الفجر من القراءة، ويكبر ويرفع رأسه: «سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد، ثم يقول وهو قائم: اللهم أنجِ الوليد بن الوليد، وسلمة بن هشام، وعياش بن أبي ربيعة والمستضعفين من المؤمنين، اللهم اشدد وطأتك على مضرَ، واجعلها عليهم كسني يوسف، اللهم العن لحيان، ورعلًا، وذكوان، وعصية عصت الله ورسوله»، ثم بلغنا أنه ترك ذلك لما أنزل: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ} [آل عمران: 128] (2).

الدليل الثاني: عن ابن عمر: أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رفع رأسه من الركوع في الركعة الآخرة من الفجر، يقول: «اللهم العن فلانًا وفلانًا وفلانًا»، بعدما يقول: «سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد»، فأنزل الله: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} إلى قوله: {فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ} [آل عمران: 128] (3). 

الدليل الثالث: عن خفاف بن إيماء الغفاري رضي الله عنه قال: ركع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم رفع رأسه، فقال: «غفار غفر الله لها، وأسلم سالمها الله، وعصية عصت الله ورسوله، اللهم العن بني لحيان، والعن رعلًا، وذكوان» (4).

وجه الاستدلال: قنت النبي صلى الله عليه وسلم وهو الذي يحكم المسلمين فيعدى الحكم إلى من يقوم مقامه (5). 

الرد: الأصل الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم، وجعلُ قنوت النازلة من خصائصه أو من يقوم مقامه يحتاج إلى دليل خاص، يخرج المسألة من عموم أدلة الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم.

القول الثاني: يقنت الإمام الأعظم ونائبه: رواية للحنابلة (6):

الأدلة: السابقة.

وجه الاستدلال: قنت النبي صلى الله عليه وسلم للنازلة وهو الإمام الأعظم، فيلحق بالإمام الأعظم نائبه كقائد الجيش.

الرد: تقدم.

القول الثالث: يقنت الإمام دون المنفرد: وهو مذهب الأحناف (7)، ورواية للحنابلة (8). 

الأدلة: السابقة.

وجه الاستدلال: قنت النبي صلى الله عليه وسلم للنازلة وهو إمام، فيختص القنوت بالإمام دون المنفرد. 

الرد: تقدم.

القول الرابع: يقنت كل مصلٍّ: وهو مذهب الشافعية (9)، ورواية للحنابلة (10)، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية (11)، وشيخنا محمد العثيمين (12).

الأدلة: السابقة. 

الدليل الرابع: قوله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ} [الأحزاب: 21]. 

الدليل الخامس: عن مالك بن الحويرث رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «صلوا كما رأيتموني أصلي» (13). 

وجه الاستدلال: قنت النبي صلى الله عليه وسلم بأصحابه رضي الله عنهم، وقد أمرنا بمتابعته في صلاته فيقنت كل مصلٍّ (14).

الترجيح: الذي يترجح لي استحباب القنوت في الفرض للنازلة لكل مصلٍّ من الرجال والنساء؛ لعموم أمر الله عز وجل لنا بمتابعة نبيه صلى الله عليه وسلم، ولخصوص أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن نصلي كما كان يصلي، ومن ذلك القنوت في الفرض عند النازلة، والله أعلم.

 

(1) انظر: المغني (1/ 788)، والممتع شرح المقنع (2/ 516)، والمحرر (1/ 154)، والفروع (1/ 543)، والإنصاف (2/ 175).

(2) رواه البخاري (4560) ومسلم (675)، مخرج في أحاديث وآثار القنوت للنازلة.

(3) رواه البخاري (4559).

(4) رواه مسلم (679).

(5) انظر: الممتع شرح المقنع (2/ 516).

(6) انظر: الممتع شرح المقنع (2/ 516)، والمحرر (1/ 154)، والفروع (1/ 543)، والإنصاف (2/ 175)، وكشاف القناع (1/ 421).

(7) انظر: مراقي الفلاح شرح نور الإيضاح ص: (140)، وحاشية ابن عابدين (2/ 449)، وإعلاء السنن (6/ 121).

(8) انظر: المحرر (1/ 154)، والفروع (1/ 543)، والإنصاف (2/ 175).

(9) انظر: مغني المحتاج (1/ 242)، ونهاية المحتاج (1/ 509)، وتحفة الحبيب (2/ 206)، وبشرى الكريم بشرح مسائل التعليم (ص: 233).

(10) انظر: المحرر (1/ 154)، والفروع (1/ 543)، والإنصاف (2/ 175).

(11) انظر: الاختيارات (ص: 64).

(12) انظر: مجموع فتاوى ورسائل العثيمين (14/ 174).

(13) رواه البخاري (631).

(14) انظر: مجموع فتاوى ورسائل العثيمين (14/ 174).

المصدر: موقع الألوكة