وكالات إغاثة تحذر من محاولات لإعادة اللاجئين السوريين قسرًا لجحيم الحرب
حذّرت وكالات إغاثة من أن تعديلات على تعليمات المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة قد تسهم في تعجيل عودة اللاجئين السوريين قسرا إلى جحيم الحرب في بلادهم.
ورصد تقرير لصحيفة واشنطن بوست جانبا من أحوال اللاجئين والمخاطر المحدقة بهم نتيجة التغييرات المرتقبة في إرشادات الأمم المتحدة بشأن اللاجئين السوريين المستحقين للحماية.
وقال التقرير: إن أكثر من خمسة ملايين سوري فروا من بلادهم خلال سنوات الحرب الست إلى تركيا والأردن ولبنان، مشيرًا إلى أن المفوضية الأممية قدمت الدعم لهم لما رأته من خطر العنف والاعتقال الذي يتهددهم في سوريا.
وأضاف التقرير أن ما شكله تدفق اللاجئين من متاعب اقتصادية وتصاعد للتوترات السياسية دفعت الحكومات المستضيفة إلى ثني اللاجئين عن الإقامة الدائمة.
ولفتت واشنطن بوست إلى أن لبنان، قام خلال العام الجاري بطرد لاجئين سوريين من مخيمات النزوح المؤقتة، فيما يتعرض مئات اللاجئين السوريين في الأردن، للترحيل عبر الحدود شهرياً دون تحذير مسبق ودون خيارات أخرى متاحة.
وأبدت وكالات الإغاثة والمدافعون عن اللاجئين قلقهم الشديد من احتمال إساءة استخدام الحكومات المستضيفة التعديلات المقترحة على تعليمات الأمم المتحدة -التي تحدد من يحظى من السوريين بالحماية- وتطرد اللاجئين عبر الحدود.
ونقلت واشنطن بوست عن الرئيس السابق لقسم تطوير السياسات في المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، جيف كريسب، قوله: إن سياسة المفوضية الواضحة حتى وقت قريب كانت تعتبر أزمة اللاجئين السوريين طويلة الأمد وأنها بحاجة إلى حلول دائمة، ولكن هذه السياسة تغيرت الآن.
وأشار التقرير إلى وجود مؤشرات قليلة على قرب حدوث حالات مما اسماه "العودة الجماعية" إلى سوريا، ما دفع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين إلى التأهب لمساعدة الذين عادوا إلى البلاد، من خلال تعيين المزيد من الموظفين الجدد والعمل على جمع ما لا يقل عن 150 مليون دولار لتحسين ظروف العائدين.
وأعلنت المفوضية بعض التفاصيل العامة، وأخطرت عشرات من مجموعات الإغاثة بالتغيير المقترح لاعتباراتها المتعلقة باستحقاق السوريين الفارّين من النزاع للحماية الدولية.
ولكن في اجتماع قريب جرى في العاصمة الأردنية عمان، تعرض ممثل المفوضية السامية لشؤون اللاجئين للهجوم اللاذع بشأن إمكانية استخدام الحكومات المستضيفة هذا التغيير كذريعة لإعادة السوريين قسرًا إلى سوريا مرة أخرى.
وأعرب العديد من اللاجئين في تصريحات للصحيفة عن خشيتهم الشديدة من الاعتقال أو التجنيد الإجباري حال عودتهم إلى المناطق التي تسيطر عليها قوات نظام الأسد.
وأوردت الصحيفة شهادة الطالب السوري "عماد"، القادم من حلب ويعيش في مدينة طرابلس اللبنانية، بشأن اعتقاله خلال رحلة قصيرة قام بها إلى سوريا في 2014 للحصول على بعض الأوراق اللازمة من أجل الحصول على تصريح الإقامة في لبنان.
وروى عماد كيف تم اعتقاله خلال ساعات من وصوله إلى العاصمة دمشق، وتعذيبه لما يزيد على عام في أكثر مراكز الاعتقال التابعة للأسد وحشية.
ووجد اللاجئون السوريون أنفسهم بين سندان اليأس والإرهاق والفقر المدقع في مناطق لجوئهم، وخطورة العودة إلى مناطق سيطرة الأسد وما ينتظرهم من جحيم الحرب في بلادهم.
وتنقل الصحيفة عن "مايك بروس" المسئول في المجلس النرويجي للاجئين في بيروت قوله، إن تكاليف وتعقيدات الإقامة التي تواجه اللاجئين السوريين في لبنان تجبر العائلات السورية على الكفاح من أجل تلبية حاجاتهم الأساسية.
ويشدّد بروس على أن اللاجئين إذا ما قرروا العودة إلى سوريا نتيجة لغياب الأمن أو الحماية أو طبيعة الحياة التي يعيشونها أو نتيجة للحالة الاقتصادية الصعبة، أو عمليات الإخلاء أو غيرها من الظروف القسرية "فإننا لا نعتبر هذه العودة طوعية".
ويشير تقرير واشنطن بوست نقلا عن العديد من المجموعات المراقبة للوضع الحالي أن المئات من اللاجئين السوريين في الأردن تتم إعادتهم عبر معبر نصيب الحدودي كل شهر.
وانتشرت في الأسابيع الأخيرة، الشائعات في أوساط اللاجئين، بأنه على العائلات المغادَرة بحلول 1 سبتمبر 2017، بينما ادعت شائعة أخرى أن المفوضية السامية لشؤون اللاجئين ستغلق مكاتبها في الأردن.
وقال أحد عمال الإغاثة: "يقترب الأمر من حدود الهيستيريا أحياناً. نحاول القيام بالكثير من العمل لتهدئة الناس، إلا أن إقناعهم بأنهم آمنون يزداد صعوبة".