logo

محاكمات قضائية تستهدف رؤوس الفساد في الجزائر


بتاريخ : الخميس ، 10 شوّال ، 1440 الموافق 13 يونيو 2019
محاكمات قضائية تستهدف رؤوس الفساد في الجزائر

أمر قاض في المحكمة العليا بالجزائر بإيداع رئيس الوزراء السابق أحمد اويحيى الحبس الموقت بعد التحقيق معه في قضايا فساد اتُهم فيها رجال اعمال نافذون كانوا من المقربين من الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة.

وشغل أحمد اويحيى (66 سنة) منصب رئيس الحكومة أربع مرات منذ 1996 بينها ثلاث مرات في عهد بوتفليقة الذي استقال في 2 أبريل تحت ضغط الجيش والحركة الاحتجاجية غير المسبوقة. كما يشغل منصب الأمين العام لحزب التجمع الوطني الديموقراطي حليف حزب جبهة التحرير الحاكم.

وسبق لأويحيى الذي أقيل في مارس، بهدف تهدئة الحركة الاحتجاجية، أن مثُل أمام المحكمة "العادية" في قضايا فساد لرجلي أعمال موجودين في السجن، قبل أن يتم تحويل ملفه للمحكمة العليا المخولة بالتحقيق مع أعضاء الحكومة.

وذكر التلفزيون الحكومي أن قاضي المحكمة العليا أمر بـ "إيداع الوزير الأول السابق أحمد أويحيى الحبس المؤقت في سجن الحراش" في الضاحية الغربية للعاصمة الجزائرية.

ومنذ استقالة بوتفليقة، أودع عدد من كبار الأثرياء ورجال الأعمال الجزائريين النافذين، الحبس المؤقت بتهم الاستفادة من قربهم من عائلة بوتفليقة للحصول على امتيازات.

 

وكان أول المسجونين علي حدّاد رئيس نقابة رجال الأعمال سابقا وصاحب أكبر مجموعة خاصة لأشغال الطرق، الذي أوقف قبل ثلاثة أيام من استقالة بوتفليقة وهو يحاول مغادرة الجزائر ليلا عبر الحدود التونسية.

وفي 24 ابريل أمرت المحكمة بسجن الاخوة رضا ونوح وكريم كونيناف أصحاب مجموعة "كو جي سي" المختصة في الهندسة المدنية والموارد المائية والبناء والأشغال العامة بتهم "عدم احترام التزامات عقود موقعة مع الدولة واستعمال النفوذ مع موظفين حكوميين من أجل الحصول على امتيازات".

وشمل الحبس أيضا في الفترة نفسها المدير التنفيذي لشركة "سيفيتال"، أكبر مجموعة خاصة في الجزائر، يسعد ربراب صاحب أكبر ثروة في البلاد، والذي كان على خلاف منذ سنوات مع السلطات الجزائرية التي اتهمها بعرقلة استثماراته في قطاع الأغذية الزراعية لصالح الأخوة كونيناف.

وكان آخر المحبوسين، الثلاثاء، رجل الأعمال محيي الدين طحكوت وابنه وأخواه المالكون لمجموعة "سيما موتورز"التي تبيع بشكل خاص ماركات هيونداي وأوبل وشفروليه وسوزوكي وفيات وجيب وألفا روميو.

ومنذ عام 2016، باتت شركة تابعة للمجموعة، باسم "شركة طحكوت للتصنيع"، تجمّع عدة أنواع من ماركة هيونداي في مصنع يقع في ولاية تيارت (200 كيلومتر جنوب غرب العاصمة الجزائرية).

وتم استجواب احمد اويحيى لأول مرة في 30 أبريل في قضايا "تبديد المال العام وامتيازات غير مشروعة" برفقة محمد لوكال، وزير المالية الحالي والحاكم السابق للمصرف المركزي.ومنتصف مايو استُدعي للمرة الثانية مع مسؤولين آخرين في قضية "فساد"، المتّهم الرئيسي فيها علي حداد.

وفي 26 مايو قدّم النائب العام لدى مجلس قضاء الجزائر للمحكمة العليا ملف أويحيى وأعضاء حكومة سابقين "بسبب أفعال يعاقب عليها القانون تتعلّق بإبرام صفقات وعقود مخالفة للتنظيم والتشريع المعمول به"، بحسب بيان رسمي.

وأعيد استدعاء رئيس الوزراء السابق الاثنين مجدّدا في إطار التحقيق في قضية محيي الدين طحكوت، مع مسؤولين من الوكالة الوطنية لترقية الاستثمار في قضية "فساد" تتعلق بمنح امتيازات لشركة "سيما موتورز".

والثلاثاء قرر القاضي بعدما استمع لأقوال 56 شخصا توجيه الاتهام إلى 45 وحبس 19 منهم أبرزهم طحكوت وابنه وأخواه، بينما تم تحويل ملفات 11 شخصاً آخرين هم رئيس وزراء سابق ووزيران سابقان ووزير حالي وخمسة ولاة سابقون وواليان حاليان، على المحكمة العليا.

وتتصل التهم الموجهة للمتهمين الخمسة والأربعين ب"تبييض الأموال وتحويل الممتلكات الناتجة من عائدات إجرامية لجرائم الفساد بغرض إخفاء وتمويه مصدرها غير المشروع في إطار جماعة إجرامية وتحريض موظفين عموميين على استغلال نفوذهم الفعلي والمفترض بهدف الحصول على مزية غير مستحقة وكذا الاستفادة من سلطة وتأثير أعوان الدولة والجماعات المحلية والمؤسسات والهيئات العمومية الخاضعة للقانون العام والمؤسسات العمومية والاقتصادية".

وأفاد التلفزيون الحكومي الجزائري مساء الاربعاء أن وزير النقل والاشغال العمومية السابق عبد الغني زعلان وُضع تحت رقابة قضائية بناء على قرار قاضي التحقيق الذي مثل أمامه، بعدما كان أعلن في وقت سابق أنه تم ايداعه الحبس الموقت.

وسحبت القناة الجزائرية الثالثة خبرا عاجلا كانت اعلنت فيه وضع زعلان قيد الحبس المؤقت ثم أعلنت في نشرتها الاخبارية المسائية أن الوزير السابق أفرج عنه تحت رقابة قضائية.

وكان زعلان الذي شغل منصب وال عدة مرات قبل أن يصبح وزيرا، مدير حملة الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، وكان هو من وضع ملف ترشحه لولاية خامسة، قبل أن تدفعه الحركة الاحتجاجية للتراجع عن الترشح ثم للاستقالة.

كما اعلنت وكالة الانباء الجزائرية أن العديد من المسؤولين الحكوميين السابقين الذي يستفيدون من مبدأ "الامتياز القضائي" المنصوص عليه في القانون سيمثلون للتحقيق أمام المحكمة العليا.

 

والأربعاء أعلن أيضا مجلس الأمة، الغرفة الثانية في البرلمان، أن اثنين من أعضائه، جمال ولد عباس وسعيد بركات وكلاهما شغل مناصب وزارية قبل أن يعينهما بوتفليقة في مجلس الأمة، قرّرا التنازل عن حصانتهما تمهيدا لمحاكمتهما.

وبذلك تم إلغاء جلسة للتصويت برفع الحصانة عنهما، بطلب من وزير العدل، كانت مقررة في 19 يوليو، بحسب بيان للمجلس نشره على موقعه الالكتروني.

ولم يوضح البيان سبب طلب وزير العدل، واكتفى بالاشارة إلى القانون الداخلي للمجلس الذي يربط طلب رفع الحصانة بوجود متابعة قضائية. وبحسب الصحف فإن التحقيقات القضائية تخص "قضية فساد في وزارة التضامن الوطني التي تولى إدارتها ولد عباس وبركات" بين 1999 و2012.

ويتمع نواب غرفتي البرلمان، المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة، وفقا للدستور، بالحصانة التي تمنع توقيفهم من قبل قوات الأمن أو متابعتهم بجرم أو جنحة، حتى يتم رفع الحصانة عنهم.

كما شغل ولد عباس منصب الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني الحاكم، وكان من أكبر المساندين لترشيح بوتفليقة لولاية خامسة، قبل أن يتنحى.

ويخشى مراقبون ان يكون الهدف من حملة المحاكمات والاعتقالات تقديم "قرابين" للحركة الاحتجاجية التي رفعت شعار "أكلتم البلد أيها اللصوص" ووصفت بوتفليقة والمقربين منه بـ"العصابة"، وفي الوقت نفسه "اجتثاث" رموز النظام السابق في إطار "صراع بين العُصب" داخل السلطة

فرانس برس