شروط حجاب المرأة المسلمة
الحجاب في الإسلام:
يقصد بالحجاب الستر، وحجب نساء المسلمين عن عيون الرجال الذين ليسوا من محارمها أي الأجانب، أمّا الخمار فكما جاء في خبر ابن عثيمين -رحمه الله- عن الخمار فهو الذي تخمر به النساء رأسهن، فإن كان الأمر بأن يضرب النساء بخمارهن على جيبوهن إذن فالأمر هو تغطية الوجه، وقد جاء ذكر حجاب المرأة المسلمة في مواضع عديدة في القرآن الكريم منها قوله تعالى في سورة النور: {وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ۖ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ}، فالحجاب والستر هو فرض على المرأة المسلمة، وسيكون هذا المقال عن شروط حجاب المرأة المسلمة.
حكم الحجاب في الإسلام:
قبل الحديث عن شروط حجاب المرأة المسلمة، لا بدّ من معرفة حكم الحجاب في الإسلام، وحكمه أنّه واجب على المرأة أمام الرجال الأجانب أي غير محارمها، وقد فرضه التشريع الإسلامي على المرأة المسلمة لمصالح كثيرة، منها عدم التعرض لها بالأذى وتجنُّب الفتنة، وقد قال الله تعالى في سورة الأحزاب: {ذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ ۚ ذَٰلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ}،[٣]ويكون الحجاب بالجلباب، أو بغيره من الملابس التي تستر كامل البدن، ويعدّ بعض العلماء أنّ الوجه من البدن ويجب تغطيته فهو من أعظم الزينة، ويجب ستره، فالحاصل أنّ الحجاب واجب على المرأة بالنسبة للرجال من غير محارمها، والمتمثل بالجلباب الذي تلقيه المرأة على بدنها ورأسها زيادة في التستر، والمقصود به كل ما يستر جسد المرأة، وقد جاء في السنة النبوية الشريفة أنّ النقاب جائز، فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حق المرأة المُحرِمة: "ولَا تَنْتَقِبِ المَرْأَةُ المُحْرِمَةُ، ولَا تَلْبَسِ القُفَّازَيْنِ"،[٤]وهذا دليل على جواز النقاب، والله أعلم.
متى ترتدي الفتاة المسلمة الحجاب:
قبل الحديث عن شروط حجاب المرأة المسلمة، لا بدّ من معرفة الوقت الذي يكون من المفروض على الفتاة أن ترتدي الحجاب فيه، ويكون ذلك ببلوغ هذه الفتاة، فقد جاء في حديث النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: "رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلاثَةٍ: عَنْ الصَّبِيِّ حَتَّى يَبْلُغَ، وَعَنْ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنْ الْمَعْتُوهِ حَتَّى يَبْرَأَ"، ومن علامات البلوغ التي يشترك بها الذكر والأنثى هي الاحتلام، وظهور الشعر حول منطقة العانة، بالإضافة لبلوغ سن الخامسة عشرة من العمر، وتزيد الأنثى على الذكر بعلامات البلوغ بالحيض، فإذا حصل مع الأنثى فهو من علامات بلوغها وفرض الحجاب عليها أمام الرجال الأجانب، مثله كمثل باقي الواجبات، واجتناب ارتكاب المعاصي وما حرم الله تعالى، فلذلك يجب على الوالدين أن يربّوا أبناءهم على اجتناب المعاصي والعمل بالواجبات قبل سن البلوغ، حتى يعتاد الأولاد على ذلك، فلا يصبح الأمر شاقًا عليهم بعد بلوغهم، والله تعالى أعلم.
شروط حجاب المرأة المسلمة:
في الحديث عن شروط حجاب المرأة المسلمة أمام الرجال الأجانب أو إن أرادت الخروج إلى الأماكن العامة، فقد استنبط العلماء هذه الشروط مما ورد من أدلة في كتاب الله تعالى، وسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، والتزام المرأة بهذه الشروط يعني أنها ترتدي حجابًا إسلاميًا، وهذه الشروط هي كالآتي:
من شروط حجاب المرأة المسلمة أن يكون الحجاب ساترًا لجميع البدن، إلا ما اختلف في وجوب ستره كالوجه والكفين، وقد جاء ذلك في قوله تعالى في سورة الأحزاب: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا}.
من شروط حجاب المرأة المسلمة ألا يكون هذا في نفسه زينة إلا ما لا يمكن إخفاؤه، لقوله تعالى في سورة النور: {وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا}.
من شروط حجاب المرأة المسلمة أن يكون ثخينًا غير شفاف فلا يصف ما تحته، فالثوب الشفاف يزيد المرأة فتنةً، وقد جاء في حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "سيكونُ في آخِرِ أُمَّتي نساءٌ كاسياتٌ عارياتٌ على رُؤوسِهنَّ كأسنِمةِ البُخْتِ العَنوهنَّ فإنَّهنَّ مَلعوناتٌ".
من شروط حجاب المرأة المسلمة ألا يكون ضيقًا بل فضفاضًا بحيث أنّه لا يصفُ ما تحته، وأمّا الضيق من الثياب فهو لا يستر إلا لون البشرة، ويصف حجم جسد المرأة وشكلها، وقد قال الصحابي أسامة بن زيد -رضي الله عنه-: "كَساني رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ قبطيَّةً كَثيفةً ممَّا أَهْداها لهُ دِحيةُ الكلبيُّ، فَكَسوتُها امرأتي فقالَ: ما لَكَ لم تَلبسِ القبطيَّةَ قلتُ: كسوتُها امرَأَتي. فقالَ: مُرها فلتَجعَل تحتَها غلالةً، فإنِّي أخافُ أن تَصفَ حَجم عظامَها".
من شروط حجاب المرأة المسلمة ألا يكون مطيّبًا، وذلك لما ورد من أحاديث في النهيّ عن تطيّب النّساء في حال خرجن من بيوتهن، ومن هذه الأحاديث الشريفة، حديث أبي موسى الأشعري عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنّه قال: "أيما امرأةٍ استعطرتْ فمرتْ على قومٍ ليجدوا من ريحِها فهي زانيةٌ"، وفي حديث آخر لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إذا خرجتْ إحْداكنَّ إلى المسجدِ فلا تقْرَبنَّ طِيبًا".
من شروط حجاب المرأة المسلمة ألا تكون متشبهة فيه بالرجال، فقد وردت الكثير من الأحاديث في لعن المرأة إذا ما تشبهت بالرجال، إن كان في لباس أو في غيره، ومن هذه الأحاديث ما ورد في قوله -صلى الله عليه وسلم-: "ثلاثٌ لا يدخلون الجنةَ ولا ينظرُ اللهُ إليهم يومَ القيامةِ العاقُّ والدَيه والمرأةُ المترجلةُ المتشبهةُ بالرجالِ والديوثُ".
من شروط حجاب المرأة المسلمة ألا يكون في لباسها ما فيه تشبه بلباس النساء الكافرات؛ فقد حرّم التشريع الإسلاميّ على الرجال والنساء أن يكون في أعيادهم أو لباسهم ما فيه تشبه بالكفار. من شروط حجاب المرأة المسلمة ألا يكون فيه لباس شهرة، وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من لبس ثوبَ شُهرةٍ في الدُّنيا ألبسه اللهُ ثوبَ مَذلَّةٍ يومَ القيامةِ ثمَّ ألهب فيه نارًا".
عقوبة المرأة التي لا تلبس الحجاب بعد الحديث عن شروط حجاب المرأة المسلمة من الضروري ذكر عقوبة عدم ارتداء المرأة المسلمة للحجاب، فالحجاب عند المسلمين هو رمز الحياء والطهارة والعفة، وهو من الفرائض التي فرضها الله تعالى على النساء من عباده، ومن واجبها أن تلتزم بها، كما جاء في قوله تعالى في سورة النساء: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا}، كما جاء أمر الله تعالى لنبيه بأن يأمر بناته وأزواجه ونساء الصحابة والمؤمنين بارتداء الحجاب، وكان ذلك في قوله تعالى في سورة الأحزاب: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا}، ومن لم يمتثل لأوامر الله تعالى وعصاه -جلّ وعلا- فسوف يكون جزاؤه العقاب الشديد، فمن عقاب الله تعالى لمن تخلع الحجاب أن تكون محطّ احتقار كل الناس وكل من وقع نظره عليها من المسلمين، فيطمع فيها مرضى القلوب وضعاف النفوس، فقد أصبحت رخيصة باستخفافها بأوامر الله عزّ وجلّ.
حكم ارتداء المرأة للحجاب عند قراءة القرآن بعد التفصيل في شروط حجاب المرأة المسلمة، من الجيد الاجابة عن سؤال يراود الكثيرات وهو عن حكم ارتداء المرأة لحجابها في أثناء قراءتها للقرآن الكريم، والجواب أنّه لا حرج عليها في عدم ارتدائها للحجاب وهي تقرأ في كتاب الله تعالى، أو تتلو ما تحفظ من الآيات الكريمة، وذلك في حال كانت تقرأ في كتاب الله تعالى وهي في منزلها بعيد عن عيون الرجال الأجانب، أمّا إن كانت المرأة تقرأ القرآن بوجود رجال أجانب فهي مطالبة بارتداء حجابها الشرعي الكامل، وأمّا عن شأن استقبال القبلة في أثناء تلاوة القرآن الكريم فهو أمرٌ مستحب عند بعض العلماء، وهو أمر واجب عند قراءة القرآن في الصلاة، والله أعلم.
آيات قرآنية عن الحجاب لا بدّ من ذكر بعض الآيات الكريمة التي ورد فيها ذكر الحجاب في القرآن الكريم، بعد التفصيل في شروط حجاب المرأة المسلمة، فهناك في كتاب الله آيات كثيرة تحدثت عن الحجاب، وتحدثت أيضًا عن شروط حجاب المرأة المسلمة، وجاء فيها تفصيل لكيفية هذا الحجاب، والتأكيد على أهميته كأمر واجب من أوامر الله تعالى التي أمر بها النساء، ومن هذه الآيات:
قوله تعالى في سورة النور: {وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ۖ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ ۖ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَىٰ عَوْرَاتِ النِّسَاءِ ۖ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ ۚ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}.
قوله تعالى في سورة النور أيضًا: {وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ ۖ وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَّهُنَّ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}.
قوله تعالى في سورة الأحزاب: {يَأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً}.
قوله تعالى في سورة الأحزاب أيضًا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيماً}.
أحاديث نبوية عن الحجاب:
وبعد ذكر شروط حجاب المرأة المسلمة، وآيات قرآنية ورد فيها ذكر الحجاب، يمكن التعريج على الأحاديث النبوية التي جاء فيها الحجاب، وهي كثيرة، ورواها بعضها أمهات المؤمنين؛ كعائشة بنت أبي بكر-رضي الله عنها-، ومن هذه الأحاديث:
حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه-: "أنَا أعْلَمُ النَّاسِ بالحِجَابِ، كانَ أُبَيُّ بنُ كَعْبٍ يَسْأَلُنِي عنْه أصْبَحَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عَرُوسًا بزَيْنَبَ بنْتِ جَحْشٍ، وكانَ تَزَوَّجَهَا بالمَدِينَةِ، فَدَعَا النَّاسَ لِلطَّعَامِ بَعْدَ ارْتِفَاعِ النَّهَارِ، فَجَلَسَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وجَلَسَ معهُ رِجَالٌ بَعْدَ ما قَامَ القَوْمُ، حتَّى قَامَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَمَشَى ومَشيتُ معهُ، حتَّى بَلَغَ بَابَ حُجْرَةِ عَائِشَةَ، ثُمَّ ظَنَّ أنَّهُمْ خَرَجُوا فَرَجَعْتُ معهُ، فَإِذَا هُمْ جُلُوسٌ مَكَانَهُمْ، فَرَجَعَ ورَجَعْتُ معهُ الثَّانِيَةَ، حتَّى بَلَغَ بَابَ حُجْرَةِ عَائِشَةَ، فَرَجَعَ ورَجَعْتُ معهُ فَإِذَا هُمْ قدْ قَامُوا، فَضَرَبَ بَيْنِي وبيْنَهُ سِتْرًا، وأُنْزِلَ الحِجَابُ".
حديث عائشة -رضي الله عنها-: "أنَّ أزْوَاجَ النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كُنَّ يَخْرُجْنَ باللَّيْلِ إذَا تَبَرَّزْنَ إلى المَنَاصِعِ وهو صَعِيدٌ أفْيَحُ فَكانَ عُمَرُ يقولُ للنبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: احْجُبْ نِسَاءَكَ، فَلَمْ يَكُنْ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَفْعَلُ، فَخَرَجَتْ سَوْدَةُ بنْتُ زَمْعَةَ، زَوْجُ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، لَيْلَةً مِنَ اللَّيَالِي عِشَاءً، وكَانَتِ امْرَأَةً طَوِيلَةً، فَنَادَاهَا عُمَرُ: ألَا قدْ عَرَفْنَاكِ يا سَوْدَةُ، حِرْصًا علَى أنْ يَنْزِلَ الحِجَابُ، فأنْزَلَ اللَّهُ آيَةَ الحِجَابِ".
حديث عائشة -رضي الله عنها-: "لقَدْ كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُصَلِّي الفَجْرَ، فَيَشْهَدُ معهُ نِسَاءٌ مِنَ المُؤْمِنَاتِ مُتَلَفِّعَاتٍ في مُرُوطِهِنَّ، ثُمَّ يَرْجِعْنَ إلى بُيُوتِهِنَّ ما يَعْرِفُهُنَّ أحَدٌ".
حكم الخمار في الإسلام:
بعد التفصيل في شروط حجاب المرأة المسلمة، من الجيد الحديث عن حكم الخمار أو النقاب في الإسلام، والخمار هو تغطية المرأة لوجهها مع رأسها وجسدها، وفي إجماع أهل العلم أنّه من الواجب على المرأة أن تغطي رأسها وجسدها كاملًا بثوب فضفاض لا يعلم منه مفاتن جسدها، وألا يكون شفافًا أو ضيقًا، ولكن الخلاف بين العلماء كان على وجوب تغطية المرأة لوجهها وكفيها، أي ارتدائها الخمار أو النقاب الذي يستر وجهها، فكان رأي الجمهور من أهل العلم أّنه لا حرج على المرأة من عدم تغطية وجهها بالخمار فالوجه ليس بعورة، أمّا رأي بعض علماء المذهب الحنبلي فكان رأيهم أنّ الوجه هو أعظم زينة النساء، ومن الواجب ستره، والرأي الراجح هو رأي الحنابلة فقد قال الله تعالى: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا}، وقوله تعالى: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ ۚ ذَٰلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ}، ولا يكون الكلام مع المرأة من وراء حجاب إلا إذا غطت وجهها وجسدها كاملًا، والله أعلم.
شبهة حول الحجاب:
بعد الحديث عن شروط حجاب المرأة المسلمة، لا بدّ من معالجة بعض الشبهات التي حيكت حول الحجاب، فيجب الردّ عليها، واثبات بطلانها، فقد حاول أعداء الدين الطعن في تعاليمه الأساسية ومنها قضية حجاب المرأة، ومن هذه الشبهات، أنّ الحجاب أمر فيه تزمّت ودين الإسلام دين يُسر، وقد جاء الجواب والردّ على هذه الشبهة واضحًا في كتاب الحجاب شريعة الله في الإسلام واليهودية والنصرانية وهي كالآتي:
أنّ المرأة المسلمة في اتدائها للحجاب فإنّها تفعل ذلك عن قناعة تامة، وإيمان خالص بالله، وتنفذ ما أمرها به دينها، من حشمة في لباسها وابتعادها عن أماكن اللهو والفساد، وعدم مخالطتها للرجال، وفي الوقت ذاته فهي تفعل ما تشاء من الحلال في بيتها وتتجمل لزوجها وفي محافل النساء. لم يمنعها الإسلام من ارتداء الملابس الفاضحة إلا لأنها تثير غرائز الرجال وتسبب الفتنة، فلا تشدّد في التزامها بحجابها وحشمتها، وكل الاعتراضات والشبهات التي حيكت حول ثياب المرأة المسلمة هي من الإسقاطات الغربية على اسقطت على مجتمعاتنا العربية.
وفي الوقت ذاته فتلك المجتمعات الغربية لا تنظر للنساء النصرانيات اللواتي يرتدين الحجاب في الأديرة، تنفيذَا لتعاليم دينها، ولا يهاجمها ويعتبر ما تقوم به هو حرية شخصية وقناعات لا يحق لأحد التدخل بها، بينما يهاجم حجاب المسلمات وينعته بالمتشدد والمتكلف.
الحجاب في النهاية هو فريضة من فروض الإسلام، وقد نزل فيها نص من نصوص الوحي، ولا يستطيع أي مسلم ردّها أو الارتياب فيها، فارتداء الحجاب هو أمر الله تعالى، والذي لا تضييق فيه في أمر فيه سعة.
المصدر: موقع سطور