تضارب مصالح دول الجوار يربك الاستقرار في الصومال
تعيش الصومال الأيام الجارية حالة من ضبابية الرؤية السياسية بسبب عدم استقرار المنظومة الأمنية ومواصلة حركة الشباب الصومالية هجماتها بعد تخلي عناصر من الجيش عن مهامهم بسبب توقف الحكومة عن تسديد مرتباتهم.
بالإضافة إلى تضخم الصراعات القائمة بين الحكومة المركزية وقادة الأقاليم، إلى جانب الأزمات المتفاقمة بين الحكومة والأحزاب، فضلًا عن تغييرات بقيادة الجيش والشرطة، وتطورات إقليمية.
يقول حسن شيخ، الخبير في السياسات الأمنية إن غياب رؤية سياسة أمنية تعزز فرص تدهور الوضع الأمني في البلاد، ما يعطي لحركة الشباب فرصا لنقل هجماتها من القرى والبلدات إلى العاصمة.وأضاف حسن أن تزايد الهجمات في العاصمة يعكس مدى تراجع العمليات الأمنية الحكومية للضغط على حركة الشباب.
ويشير إلى أن حركة "الشباب" ظلت خلال السنوات الماضية في موقف الدفاع بينما انتقلت مؤخرًا إلى الهجوم وتنفيذ هجمات نوعية بمقديشو.
وكثفت حركة "الشباب" مؤخرًا هجماتها على المقار والمنشآت الحكومية في مقديشو، حيث نفذت نحو 10 هجمات بعضها استهدف فنادق ومقار حكومية خلال أسبوعين.وأثار ذلك تساؤلات جمة حول تزامن تلك الهجمات والفراغ الأمني الذي تشهدها العاصمة بسبب عدم سداد رواتب الجيش منذ أربعة أشهر.
من جهته، يقول عثمان إبراهيم، المحلل السياسي في مركز آفاق للإعلام، إن التهديدات الأمنية التي تزايدت وتيرتها تعكس مدى انشغال الحكومة بمواجهة الأحزاب المعارضة "وتعزيز سياسة تكميم أفواه منتقديها"، حسب قوله.
ويرى أن التغييرات المستمرة في قيادات الجيش والشرطة أسهمت كذلك في تدهور أمن البلاد بسبب عدم استقرار المؤسسة العسكرية.ويصف محمد مصطفى، المحلل السياسي في مركز سهن للدراسات والبحوث السياسية، إن التغيير الذي طرأ على قيادة قوات حفظ السلام "أميصوم" ورئاسة الاتحاد الأفريقي، بـ"الأزمة الكبيرة" للصومال.
ويوضح ذلك بالقول إن تسلم مصر رئاسة الاتحاد الأفريقي، وقبلها تعيين الجنرال الإثيوبي تجاي يلما رئيسا لقيادة قوات "أميصوم" ينذر بمخاوف أمنية بسبب "تضارب المصالح والصراعات العالقة بين البلدين".
ويرى أن الصومال "كان ولايزال يشكل حلبة الصراع بين إثيوبيا ومصر حيث تستخدم الأخيرة ملف الصومال كورقة ضغط على إثيوبيا التي تتواجد قوتها ميدانيا في البلاد تحت مظلة أميصوم".
ويعتبر أن ذلك التضارب قد "يضعف قوات حفظ السلام وهو ما يضعف انسجام ملف تفعيل عملياتها ضد حركة الشباب".وتحدثت وسائل إعلام صومالية عن رفض الدول التي تعمل قواتها تحت مظلة "أميصوم" تسليم إثيوبيا ملف القيادة، كما تتهم تلك الدول أديس أبابا بنشر قوات "غير عاملة" تحت مظلة أميصوم في أقاليم جنوب الصومال، وهو ما ترفضه أثيوبيا.
ويتفق المحلل عثمان إبراهيم، مع الرأي السابق بشأن انعكاسات عدم تطابق الرؤى في العمليات الأمنية لقوات "أميصوم" والاتحاد الافريقي الذي يدير تلك العمليات.
وينصح الحكومة الصومالية بأن "تعزف لحن الاعتدال" بين مصر وإثيوبيا حفاظا على إنجازاتها الأمنية والسياسية إلى جانب إطلاق حملات أمنية تستهدف مناطق نفوذ "الشباب" في الأقاليم القريبة من مقديشو.
يقول الخبير العسكري شريف روبو إن تراجع العمليات البرية العسكرية في الأقاليم الجنوبية التي تنشط فيها حركة الشباب قد يعطي "ضوءًا أخضر" لعناصر الحركة في استعادة قواها بمعظم الأقاليم.
ويرى أن الهجمات الأخيرة بمقديشو "تحمل رسالة مفادها أن حركة الشباب مازلت قوية وقادرة على الوصول إلى مناطق حساسة"، رغم تراجعها وما تعانيه من انشقاقات.
ويحذر شريف من أن الانسحابات الميدانية التي تقوم بها القوات الحكومية في بعض الأقاليم قد تصب لصالح "الشباب" إذا تمكن الحركة من استعادة مصادر التمويل بجمعها بالقوة من السكان.
ويقول حسن شيخ، إن الاعتماد على الغارات الجوية وحدها لاستهداف معاقل "الشباب" لن يسهم في دحر نفوذ الحركة، ما لم تكن مدعومة بقوات برية.ويوضح أن الحركة تنشط في قرى وبلدات جنوب ووسط الصومال، حيث لجأت إلى سياسة هجمات الكر والفر على المركزا العسكرية والمقار الحكومية.
وضاعفت الولايات المتحدة ضرباتها الجوية في الصومال ثلاث مرات منذ تولي دونالد ترامب الرئاسة في نهاية 2017، متفوقة على اليمن وليبيا معا، وفق تقرير أمريكي.
وأضاف التقرير أن القوات الأمريكية نفذت 34 غارة في الصومال في الأشهر التسعة الأخيرة من 2017 أكثر مما كانت عليه في السنوات الخمس بأكملها من 2012 إلى 2016.
كما ارتفعت الغارات مرة أخرى في عام 2018 إلى 47 غارة، بينما هناك بالفعل 24 غارة في أول شهرين من العام الجاري.
وكالة الأناضول